رجل فقدناه
ومرت الأعوام و الأيام.. وفوجئنا أمس الجمعة بانتقال الأخ الأكبر العالم الداعية المجاهد المتحرك المتحرق لخدمة الإسلام و الدفاع عن حياضه إلى جوار ربه اللطيف المرحوم بإذن الله الشيخ أحمد الجمال الحموي ولا مرد لقضاء الله وقدره و( إنا لله وإنا إليه راجعون ) وهكذا يقبض علماء الإسلام في شتى بلاد الدنيا كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما كما في صحيح مسلم (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَماءِ، حتَّى إذا لَمْ يَتْرُكْ عالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّو ) كما نرى في زماننا اليوم أكثر من غيره فنسأله تعالى الإخلاص والثبات وأن لا يفتننا، فتزيغ قلوبنا بعد الهداية ، آمين . وقد أخبرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ’’ أن العالم إذا مات ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه ‘‘ نسأل الله أن يحقق ذلك و لعل في نجل الشيخ أحمد الفقيه النابه الدكتور أيمن أن يكون عوضا عن والده رحمه الله ونحن إذ نعزي بوفاة الفقيد السعيد بإذن الله إنما مثلنا ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله.
إني أعزيك لا أني على طمعٍ
من الخلود ولكن سنة الدينِ
فلا المعزي بباق بعد صاحبه
ولا المُعزى وإن عاشا إلى حين
ولقد كان أخونا الأثير الشيخ احمد مثالا عمليا للعطاء و البذل في خدمة المسلمين منذ شبابه وتلمذته و مصاحبته لعدد من علماء مدينة حماة كالعلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمه الله،و الأستاذ المربي الكبير الشيخ مصطفى الصيرفي الذي كان يحضر دروسه في جامع المسعود حيث الحضور بالآلاف، و الشيخ العالم الأصولي الفقيه علي العثمان رحمه الله ، إضافة إلى ملازمته وزياراته لعدد من العلماء العاملين في الشام وقد نهل من الجميع علما وافرا وأدبا جمّا عاد على تلاميذه الكثيرين بالنفع و الفائدة وخصوصا في جامع الشيخ إبراهيم حيث كان له درسان مهمان أسبوعيا. ولا ننسى مشاركته في جمعية العلماء في حماة حيث كان أمينا للسر ، وكان يحضر الإجتماعات التي تقوم بها الجمعية بحضور كبار علمائها أمثال الشيخ الفقيه محمد علي المراد و الشيخ الداعية الجليل عبد الله الحلاق، الذي قتله الطائفيون حرقا ، نسأل الله أن يتقبله شهيدا. وقد كان نائباً لرئيس الجمعية ولم يفوت الشيخ أحمد فرصة اللقاءات مع هؤلاء المسؤولين المعادين للحركة الإسلامية فكان جريئاً في الطرح و الدفاع، ثم قدر الله له بعد أن عانى الأمرّين مع الحكومة الظالمة في شتى المجالات أن يهاجر خارج سورية إلى أن استقر منذ سنين عديدة في بلد الأردن و بقي على نشاطه داخليا مع إخوانه و أحبابه في مذاكرة العلم و الأدب و العمل للدعوة الإسلامية إلى أن قضى فيها يوم الجمعة الأغر في ليلتها غريبا عن بلده و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الحسن : ( الغريب شهيد ) أي له أجر الشهيد في سبيل الله بإذنه سبحانه، وفي مسند أحمد باسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم (مَن ماتَ يومَ الجُمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ وُقِيَ فِتنةَ القبرِ) فهنيئاً لفقيدنا بذلك، فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم (لو نجا أحدٌ من ضمَّةِ القبرِ ، لنجا سعدُ بنُ معاذٍ ، ولقدْ ضُمَّ ضمةً ، ثُمَّ رُوخِيَ عنه) نسأل الله أن يرحمنا و يغفر زلاتنا ويسترعيوبنا ويكشف كروبنا و يعوض الأمة عن جميع العلماء العاملين الربانيين الذين لا يخشون في الله لومة لائم.
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران – 185.
أيا شيخ الشباب رحلت عنا
ولكن قد أقمت بخير معنى
صب الله عليك الرحمة وسقاك شآبيب الرضوان و أحسن ختامنا و ختام المسلمين إنه جواد كريم رحيم .
وسوم: العدد 898