الجريمة و الصَّدى
ما زالت تقع الجرائم على الإسلام والمسلمين منذ ضعفت شوكتهم ولم تبق لهم دولة تحمي ذمارهم. فمن جرائم تتكرر كل يوم حتى اعتادها المسلمون، وفقدوا شعورهم تجاهها، أو كادوا، إلى جرائم ناشزة ما تزال تهزّ مشاعرهم، أو مشاعر كثير منهم.
في أجواء الجيش السوري، وفي عدد من مؤسسات النظام (البعثي – النصيري) صار سبُّ الله تعالى وسبّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وسبّ دينه، أمراً مألوفاً لا يكاد يتصدّى له أحد.
وقضية الرسوم الفاجرة التي يريد أصحابها أن ينالوا من سيد البشرية محمّد صلّى الله عليه وسلّم، قد تكررت في الدانمارك وفي فرنسا... حتى راح رئيس دولة يعلن بفجور منقطع النظير، كراهيته للإسلام وحقده عليه.
(إنّ الذين يؤذون اللهَ ورسولَه لعَنَهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مُهيناً). {سورة الأحزاب: 57}.
وبين فينة وأخرى تنتفض مشاعر المسلمين، أو بعضهم، فيقومون بفعل يعبّرون به عن سخطهم من الجرائم التي تنصبّ على دينهم. ولن يُنتظر من هؤلاء الذين يغضبون لله ورسوله أن يكون فعلهم محسوباً بدقّة، ملحوظاً فيه موافقة الشرع الحنيف، ودواعي السياسة الشرعية، لا سيما ومعظم هؤلاء أفراد لم تتهيّأ لهم الظروف التي يتفقهون فيها بدين الله وأحكام شرعه، ويكون لديهم من الوعي وبُعد النظر ما يُحْسِنون به التخطيط، ويقدّرون عواقب الأمور عليهم وعلى جماهير المسلمين من بعدهم.
وهنا ينبري بعض الذين يتذرّعون بالحكمة ليصبّوا جام غضبهم على المسلم الذي دفعته غيرته على دين الله لأن يقوم بعمل غير موزون، وينسَون أن يُظهروا لنا عملهم الموزون الذي يتصدَّون به لأعداء الله. ولقد كان الأَولى بهم أن يعلنوا غضبهم على المجرم الذي تحدّى مشاعر المسلمين، وتخلّى عن أي لباقة وكياسة، بل تخلّى عن المبادئ الإنسانية التي توافقت عليها شرائع الأرض والسماء.
نعم، نقول لذلك المسلم الذي كانت ردّة فعله على جريمة المجرمين غير سليمة: نحنُ نتفهّم شعورك ونقدّره، ولكن كان عليك أن تستشير أهل العلم والحكمة حتى لا تقع في معصية وإساءة وأنت تريد الإحسان!.
وعندما نقول هذا الكلام بمناسبة ما جرى في فرنسا مؤخراً، فلنتذكر حادثة جرت منذ أكثر من أربعين سنة في الجيش السوري، حيث كان الشاب "علي الزير" يسمع السخريات من دينه على ألسنة الضباط الطائفيين، ثم كانت الحادثة التي أخرجته عن طوره. فبينما كان يصلّي في خيمته داخل القطعة العسكرية التي يرابط فيها إذ أقدم بعض هؤلاء الفجرة فعملوا على إنزال سرواله وكشف عورته، ففار الدم في رأسه وتناول الرشاش وقتل به هؤلاء المعتدين، وخلال دقائق شَكّلت قيادة القطعة العسكرية محكمةً ميدانية حكمت عليه بالإعدام فارتقى شهيداً بإذن الله تعالى.
ألا فليعلم أعداء الله أن حرية التعبير تختلف عن الوقاحة والطيش وتحدّي مشاعر المسلمين. وليعلم المسلمون أن من واجبهم التصدّي لمن يعتدي على مقدساتهم، وأن عليهم أن يتوخَّوا الحكمة والصواب في غضبهم الذي يغضبونه لله.
وحين نعود إلى الجريمة الحديثة التي قام بها معلّم في مدرسة فرنسية، وتبعها تبجّحات من رئيس فرنسا الماكر المأزوم، فإن أقلّ ما ينبغي أن يقوم به المسلمون هو المقاطعة الاقتصادية لكل منتوج فرنسي، زراعي أو صناعي أو خدمي، ليشعر المواطن الفرنسي أن حكومته قد جنت عليه، وأن الجريمة حين تقع فلا يمكن التنبّؤ بردّ فعل المجنيّ عليه.
(وَلَمَن انتصرَ بعدَ ظُلمِهِ فأولئك ما عليهم من سبيل. إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق. أولئك لهم عذاب أليم). {سورة الشورى: 41، 42}.
وسوم: العدد 900