إلى السيّد ماكرون 4-8
إلى السيّد ماكرون (4):
كيف رمت الشرطة الفرنسية بالمتظاهرين الجزائريين في نهر السين مربوطي الأيدي؟ - مذبحة 17 أكتوبر 1961 ضد الجالية الجزائرية بفرنسا: 300 شهيد جزائري و 400 في عداد المفقودين وما يقارب من 9260 معتقل
(من شهداء مذبحة 17 أكتوبر 1961)
هدفت الجمهورية الفرنسية الخامسة إلى القضاء على الثورة، ليس داخليا فقط، بل عن طريق مخطط ” موريس بابون” للقضاء على تنظيم جبهة التحرير، وتطهير فرنسا من إرهاب جبهة التحرير، حيث منحه الجنرال “ديغول” الضوء الأخضر في التصرف إزاء تلك الشريحة الجزائرية المهاجرة، الأمر الذي جعل المسئولين الفرنسيين ينشغلون بالطريقة التي تمكّنهم من وضع حد لهؤلاء الجزائريين الذين تمرّدوا على فرنسا في الجزائر وفي عقر دارها أيضا، وكان “موريس بابون” في رأي ديغول وحكومته، القائد المناسب للمرحلة، على كسر شوكة جبهة التحرير في العاصمة الفرنسية ” باريس” .
(هكذا بدأ الجزائريون مظاهرتهم السلمية في باريس)
300 شهيد جزائري و 400 في عداد المفقودين وما يقارب من 9260 معتقل
وقعت هذه المجزرة الجماعية ضد المهاجرين الجزائريين بفرنسا، وتعود وقائعها إلى يوم 5 أكتوبر 1961 حينما اصدر محافظ الشرطة بباريس ” موريس بابون ” الذي اشتهر بجرائمه العنصرية ، مرسوماً يحمل رقم 13/61 وبنص على فرض حظر التجوال على الجزائريين فقط دون باقي الأقليات من الساعة الثامنة والنصف مساءً إلى الخامسة والنصف صباحا ويحدّد شروط تنقلهم.
وهو ما دفع بفدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا إلى دعوة الجالية الجزائرية إلى تنظيم مظاهرات سلمية يوم 17 أكتوبر 1961 للتنديد بهذا المرسوم العنصري. وتمكّن في حدود الساعة الثامنة في نفس اليوم عشرات الآلاف (أكثر من 50 ألف) من الجزائريين انطلقوا من أكثر من 20 ضاحية باريسية وتمكنوا من الوصول إلى ساحة الأوبرا في قلب العاصمة باريس رافعين شعارات مؤيّدة لجبهة التحرير الوطني واستقلال الجزائر. ونظرا لسلمية الدعوة على التظاهر، فقد شارك في تلك المظاهرات الاحتجاجية عدد كبير من الأطفال والنساء إلى جانب الرجال، قدموا جميعهم من الضواحي الباريسية مثل “كليشي لاغارين“، “نانتير“، “ارجونتاي“، أوبرفيلييه“، “أنيير“، “جانفيلييه” و“كولومب” وكذا الأحياء الفقيرة في العاصمة الفرنسية.
الشرطة الفرنسية وبناء على أوامر محافظ الشرطة موريس بابون قامت بإغلاق منافذ محطات الميترو وخاصة في ساحة “الأوبرا” حيث كان من المقرر أن يلتقي المتظاهرون ويواصلون مسيرتهم الاحتجاجية في شوارع العاصمة باريس.
(ولأنها سلمية شارك فيها النساء والأطفال)
# رموا بعض المعتقلين من الطائرات في البحر
وللتغطية عن فظاعة الجريمة ووحشيتها، لجأ بوليس القمع الفرنسي إلى الإلقاء بالمهاجرين الجزائريين أحياء في نهر "السين" وأعلنت السلطات الفرنسية آنذاك عن سقوط 200 ضحية، في حين أن عدد الضحايا فاق الـ500 بين قتيل ومفقود، وامتدت حصيلة الاعتقالات لتشمل 7500 شخص من مختلف الشرائح زُج بالعديد منهم بالسجون.
وقد أوردت شهادات حية أن عشرات الجثث ظلت تطفو فوق نهر السين أياما عديدة بعد تلك الليلة السوداء، وعشرات أخرى اكتشفت في غابتي بولون وفانسون، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الجزائريين تم التخلص منهم رمياً من على متن الطائرات ليبتلعهم البحر.
وتحدثت بعض المصادر – حسب بوابة المعرفة - عن أن عدد القتلى الجزائريين تجاوز 1500 قتيل مع اختفاء 800 شخص ألقي بهم في قنوات المياه القذرة وفي نهر السين والبحر بعد أن قيدتهم الشرطة وثبتت أرجلهم في كتل إسمنتية، كما جرح نحو 7 آلاف متظاهر ما زالوا حتى اليوم يعاني الأحياء منهم من مضاعفات.
وقد استمرت الشرطة الباريسية في التنكيل والقتل لمدة 15 يوما. ثم تمّ ترحيل نحو عشرين ألفا من الجزائريين إلى الجزائر، حيث وُضعوا هناك في المعتقلات.
(السفّاح قائد شرطة باريس موريس بابون لم يحاسبه القضاء أبداً)
# لجنة تحقيقية فرنسية: اختفى 210 من المعتقلين
وحتى السلطات الفرنسية أكدت على الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين وحدّدت عدد القتلى بـ 210 ضحية، وأثبتت عدم تعرّض أي شرطي أو مبنى عبر شوارع العاصمة إلى التخريب من طرف المتظاهرين، وهو ما يؤكد الطبيعة السلمية للمظاهرة، فقد جاء في لجنة القوانين بالجمعية الوطنية الفرنسية التي كلفت بالتحقيق في حيثيات الأحداث برئاسة النائب ”سينار ساماريل” يوم 09 نوفمبر 1961 وللتحقيق في الحقائق التي أوردتها بعض الصحف الفرنسية حول الأساليب غير الإنسانية التي مارسها رجال الشرطة على المقبوض عليهم في المظاهرات، وهذا مما جاء في بعض الصحف: "أثناء زيارتنا لمقر الشرطة ” بفانسان ” يوم 06 نوفمبر وجدنا تناقضاً بين السجلات الخاصة بتحديد هوية المقبوض عليهم في المظاهرات ، بوجود 1710 شخص فرنسي من المسلمين (إشارة إلى الجزائريين)، وبين العدد الذي قدمه رؤساء المصلحة وهو ما يدفعنا إلى طرح استفهام حول مصير 210 منهم.
(شهيد جزائري كان طافياُ في نهر السين)
# شهادات فرنسية تؤكّد جرائم الشرطة الفرنسية ورميها 120 جزائرياً في نهر السين
ويكفي ان نسجل الشهادات الفرنسية التي تقرّ بفضاعة الجريمة التي اقترفتها الشرطة الفرنسية ومنها:
(1).أصدر حوالي 300 مثقفا بيانا يدين بشدة الجرائم البشعة التي ارتكبتها جمهورية ديغول الخامسة بقيادة موريس بابون، ومن بين الموقعين على هذا البيان الفيلسوف الفرنسي المعروف ” جان بول سارتر ” و ” سيمون دو بوفوار” الذي صدر بعد المذبحة مباشرة والذي جاء فيه: "عبّر الجزائريون بكل كرامة وشجاعة عن مواقفهم من خلال مظاهرة نظموها في 17 أكتوبر 1961 احتجاجا على أعمال القمع المتزايد ضدهم والمُسلط عليهم من طرف قوى الأمن الفرنسية…، هاهم الجزائريون يموتون من جديد لا لشيء إلا لأنهم يريدون أن يعيشوا أحرارا …"
"فإنّه ليس كافٍ علينا الاقتصار على الاحتجاجات المعنوية، بل علينا أن ندعو جميع الأحزاب والهيئات النقابية والمنظمات الديمقراطية – ليس فقط لالإلحاح على الالغاء الفوري للإجراءات غير المُشرّفة والعنصرية المُتخذة ضد الجزائريين والمعلقة بفرض حظر التجول- بل يجب علينا أن نبدي تضامنا مع العمال المهاجرين الجزائريين بصورة فعّالة. وقد لاقى هذا البيان ردّا واسعا في فرنسا من طرف الصحف الفرنسية وكذا المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي الذين ساندوا ووقفوا ضد الطبقة العاملة الجزائرية في فرنسا.
(شهداء جزائريون قتلتهم الشرطة الفرنسية ملقون في الشارع)
(2). ما أقرّه عدد من الشرطة المنتمين إلى التيار الجمهوري في شهادتهم التاريخية، التي تؤكد على الفعل الإجرامي الذي مارسته الشرطة الفرنسية بأمر من قيادتهم وبتوجيه من السلطات السياسية.
(3).ما أكده بعض الفرنسيين الذين شاهدوا الأحداث عن كثب ومنهم المخرج السينمائي الشهير ” جاك بانجيل- jak- panjel” الذي قال: " بالفعل ذهبتُ وشاهدت…مظاهرات سلمية، لا تكسير لزجاج النوافذ و المحلات ولا تحطيم للسيارات…غير أنها قوبلت بقمع وحشي تجاوز حتى الصلاحيات التي يخولها القانون في هذه الأحداث.
(4).ما جاء على لسان الصحف الفرنسية التي عبّرت عن استيائها من النتائج التي انتهت إليها المظاهرات وأكدت بعض الحالات التي تُورّط الشرطة الفرنسية في قتل وتعذيب الجزائريين، ومنها صحيفة “الليبيراسيون”- “liperation ” الصادرة بتاريخ 19 أكتوبر 1961 والتطرحت عدة تساؤلات حول حالات القتل التي تعرّض لها الجزائريون في هذه المظاهرات من خلال:
"هل صحيح بان 120 جزائرياً قد أُلقي عليهم القبض هذا الأسبوع وأُلـقي بهم في نهر الـسين ؟ هل صحـيح أنّ عددا مـن الجزائريين قد تمّ شنقهم مؤخرا في غابات الناحية الباريسية ؟ هل حقيقة أن كل ليلة يختفي جزائريون دون ان نجد لهم ولجثثهم أثرا في العيادات الصحية او مراكز الشرطة أو السجون ؟
(شهيد جزائري من المذبحة)
# صحف فرنسية تؤكد رمي الجزائريين في النهر وغرقهم وحرق جثثهم 30 جزائريا غرق منهم 15 !
وكتبت صحيفة ” فرانس لسوار ” – ” le soir-France ” الصادرة في 17 اكتوبر1961 تقول:” يوم الأربعاء 18 أكتوبر كانت الساعة 23:00 ليلا بالقرب من جسر النصر حوالي 30 جزائري تم جمعهم وضربهم ثم إلقاؤهم في نهر السين من أعلى الجسر من طرف أفراد الشرطة … غرق منهم 15 شخص.
وجاء في صحيفة “l’humanité ” الصادرة في 18 أكتوبر 1961 مقال مطوّل جاء فيها :” في ليلة واحدة في شارع ( شان ديني ) تمّ اغتيال 30 جزائريا برميهم في نهر السين بعد عمليات تعذيب بشعة. تمّ جرح العديد من الجزائريين وقذفهم في نهر السين أو تركهم جرحى …وفي غابات ” فانسان ” في الدائرة الباريسية الثامنة عشر قام أعضاء من الفرقة المتخصصة للشرطة بأعمال تعذيب وحشية ضد الجزائريين وإلقاء البنزين عليهم وإشعال النار فيهم"
(متظاهرون جزائريون مُحتجزون وأمامهم جثث رفاقهم على الأرض)
# شهادة مؤرخ فرنسي: جريمة ضد الإنسانية
وسبق للمؤرخ الفرنسي جون لوك اينودي أن أكد أنّ سجلات مصلحة الطب الشرعي لا تشير إلى وجود قتلى خلال مظاهرة 17 أكتوبر-تشرين الأول 1961، وهو ما أرادته الشرطة الفرنسية، لكنه أطلق وصف “الجريمة ضدّ الإنسانية” على ما حدث في ذلك اليوم. جون لوك إينودي تطرق إلى موضوع رمي جثث الجزائريين في نهر السين في العاصمة باريس سواء من الذين تمّ اعتقالهم في مقرّ الشرطة أو أولئك الذين كانوا يفرون من بطش البوليس الفرنسي خلال محاولتها تفريق المتظاهرين. كما أكد اينودي مؤلف كتاب “مشاهد حرب الجزائر في فرنسا” أن الشرطة لجأت إلى التعذيب على نطاق واسع في حق المتظاهرين الجزائريين.
(متظاهرون جزائريون بأيدي الشرطة الفرنسية)
# شهادة مؤرّخَين بريطانيين
وكان القمع غاية في الضراوة والوحشية، حسب المؤرخين البريطانيين، جيم هاوس ونيل ماكماستر، اللذين وصفا ما تعرض له الجزائريون يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول في كتابهما "الجزائريون، الجمهورية ورعب الدولة"، بأنه "أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر".
# الفرنسيون يخلّدون المجزرة بلوحة كبيرة على الجسر "من هنا رمت الشرطة الجزائريين في مهر السين"
كما أن الفرنسيين من جانبهم خلدوا مجازر 17 أكتوبر 1961 اذ وضعوا لوحة كبيرة على جسر في سان ميشال وكتب فيها “من هنا كانت ترمي الشرطة الجزائريين في نهر السين في 17 أكتوبر 1961” وقد تعرضت هذه اللوحة للتخريب من طرف غلاة الاستعمار، إلا أنه أعيد تثبيتها وهي اليوم قائمة وشاهدة على جرائم فرنسا ضد الجزائريين.
# ولم يحاسب القضاء الفرنسي السفّأح على قتل الجزائريين وسَجَنَه 10 سنوات لإرساله يهوداً فرنسيين إلى معسكرات النازية!
للتذكير لم يوجه القضاء الفرنسي أيّ إدانة لمحافظ شرطة باريس السابق موريس بابون حول مسؤوليته المباشرة في مقتل أكثر 300 جزائري خلال مظاهرات 17 أكتوبر-تشرين الثاني، وتوفي دون مثوله أمام القضاء، رغم أنه قضى عقوبة السجن لمدة عشر سنوات لضلوعه في نقل يهود فرنسيين إلى معسكرات نازية خلال الحرب العالمية الثانية عندما كان محافظا لشرطة مدينة بوردو.
(الطفلة الجزائرية فاطمة قتلتها الشرطة الفرنسية في مذبحة 17 أكتوبر)
# مجلس الشيوخ الفرنسي يعترف بالجريمة بعد 30 سنة !
وبعد حوالي ثلاثين سنة من الحادثة اعترف مجلس الشيوخ الفرنسي في نصّ تشريعي سنة 1998 بكون مظاهرات 17 أكتوبر 1961 انتهت بقمعها بوحشية وإدراجها في المقررات الدراسية. هذا ان دل على شيء فإنما يدل على أن فرنسا تعي جيدا مسؤوليتها اتجاه ما اقترفته من جرائم، وان تقادم بها الزمان لا يمكن أن تنساه ذاكرة الشعوب، كما أن اعتراف فرنسا بهذه الجريمة هو إدانة رَفَعَتها على نفسها بنفسها.
(اعتقال نساء جزائريات)
إلى السيّد ماكرون (5):
في عام 2005 فرنسا "المتحضّرة" تُصدر قانون تمجيد الاستعمار!!- إبادة الشعوب ليست شرّاً بل "تبادل ثقافات"!!- ويجب إدخال مدح الاستعمار في المناهج الدراسية
(من ضحايا الاستعمار الفرنسي الحضاري في الجزائر)
صدر عن الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) قانون تمجيد الاستعمار أو قانون العار رقم (158/2005) بتاريخ 23 شباط 2005 ، الذي ينص "في مادته الأولى على ما يلي: "تعبّر الأمة عن عرفانها للنساء والرجال الذين شاركوا في المهمة التي أنجزتها فرنسا في مقاطعاتها السابقة بالجزائر، المغرب وتونس والهند الصينية وفي كل البلدان التي كانت تحت السيادة الفرنسية.
وتعترف الأمة الفرنسية بالآلام التي كابدها والتضحيات التي بذلها المرحلون الأعضاء السابقون في التشكيلات الإضافية والمدمجون، المفقودون والضحايا المدنيون والعسكريون خلال الأحداث المتعلقة بمسار استقلال هذه المقاطعات والأقاليم السابقة وتعرب لهم ولعائلاتهم بصورة علنية عن عرفانها".
كما تنصّ فقرة في المادة الرابعة على أن (تتضمن البرامج المدرسية -وبالأخص في جانبها التاريخي- الإشادة بالدور الإيجابي الذي لعبه الحضور الفرنسي في ما وراء البحار وبخاصة في شمال أفريقيا).
ويستخدم هذا القانون مصطلح "وجود" بدل "استعمار"، معتبرا أن هذا الوجود "نقل الحضارة إلى تلك البلدان وأخرجها من التخلّف".
ومن الضروري أن نذكّر بأن السلطات الفرنسية بادرت بتاريخ 18 أكتوبر 2010 الى إنشاء مؤسسة "الذاكرة وحرب الجزائر والمغرب وتونس" والتي تعمل على تمجيد الاستعمار الفرنسي وتبرير الممارسات القمعية وجرائم الاستعمار الفرنسي. وليس من قبيل الصدف أيضا أن تقرّر السلطات الفرنسية إقامة نصب تذكاري بمقبرة «مارينيان» بجنوب فرنسا تخليدا وتمجيدا لأعضاء سابقين في منظمة الجيش الفرنسي السري التي اغتالت وقتلت عشرات الآلاف من الجزائريين.
وما يزيد المسألة خطورة ويعطيها منحى دراماتيكيا هي مجموعات كبيرة من السياسيين والمثقفين الفرنسيين يعلنون بلا تردّد عن إيمانهم برسالة الاستعمار التمدينية.
# مرشّح اليمين: الاستعمار الفرنسي ليس شرّاً بل "تبادل ثقافات"
فهذا مرشح اليمين الفرنسي للانتخابات الرئاسية، فرانسوا فيون، لا يتردّد في وصف فيون الاستعمار الفرنسي بأنه "تبادل للثقافات"، مندّدا باعتبار البعض أن "الاستعمار شرّ سقط على البلدان التي غزتها فرنسا". وأضاف أنه سيعمل على تغيير كتابة تاريخ فرنسا في مستعمراتها السابقة، ضمانا لـ "نظرة مغايرة للأجيال عن الاستعمار"، على حد تعبيره.
فيون، وهو أكثر المرشحين قربا من نظريات اليمين المتطرّف، بدا في أحد خطاباته، حينذاك، داعما لروح قانون "تمجيد الاستعمار"، الصادر في شباط/ فبراير 2005، حين قال إن فرنسا "غير مذنبة، وكل ما أرادته هو تقاسم ثقافتها مع شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية".
(من ضحايا الاستعمار الفرنسي الحضاري في الجزائر)
# ساركوزي.. استغلال وليس جرائم حرب
الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي (2007- 2012)، لم يشذّ عن ازدواجية التصريحات بشأن ملف الاستعمار.
ففي كانون الأول/ ديسمبر 2007، وصف ساركوزي، خلال زيارة صداقة للجزائر، النظام الاستعماري الفرنسي في البلد العربي بأنه "ظالم ويتناقض مع شعار الجمهورية: حرية- مساواة- أخوة".
ومضى قائلا إن "هذا النظام لا يمكن أن يكون سوى مؤسسة استغلال، وأخطاء وجرائم الماضي لا تغتفر"، رافضا في الوقت نفسه استخدام مصطلح "جرائم حرب" أو "جرائم ضد الإنسانية".
غير أنه بعد أربع سنوات، وتحديدا خلال حملته للانتخابات الرئاسية في 2012، تغير موقف ساركوزي تماما، إذ قال إنه لا يمكن لفرنسا "إعلان التوبة (الاعتذار) عن قيادتها لحرب الجزائر، وإنه يتحتّم عليها "تحمّل مسؤولية تاريخها".
ساركوزى تابع بقوله: "لكن أين تكمن مسؤولية فرنسا.. في أنها كانت قوة استعمارية أو أنها قبلت مسار إنهاء الاستعمار في الجزائر كما أجبرت على فعل ذلك جميع القوى الاستعمارية الأخرى؟"
وهكذا تراجع ساركوزى عن عباراته المنددة بالاستعمار، ليوظف ملف الاستعمار، وهو من المواضيع فائقة الحساسية لدى الرأي العام الفرنسي، في حملته الانتخابية سعيا إلى عودة لم تحدث إلى قصر الإليزيه.
# الأحزاب الجزائرية: قانون تمجيد الاستعمار إهانة وجريمة والردّ عليه يكون بإقرار قانون تجريم الاستعمار المُعطّل منذ سنوات
عقدت مجموعة الاحزاب السياسية الجزائرية والمنظمات الوطنية المنظوية تحت حماية الذاكرة الوطنية والسيادة اجتماعا والذي تزامن مع الذكرى السنوية لسنّ قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي حيث اصدرت بيانا جاء فيه: في لقاء جمع قادة مجموعة الأحزاب و المنظمات للدفاع عن الذاكرة والسيادة يوم الجمعة 22 فبراير 2013 بمقر حزب العدل والبيان ، بمناسبة الذكرى الثامنة المشؤومة لمصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية على قانون 23 فبراير 2005 الممجد للاستعمار ؛ وفي ظل السكوت المحير للسلطة عن الرد المناسب عليه ، وعرقلة البرلمان لمشروع قانون تجريم الاستعمار الذي بادر به النواب في العهدتين البرلمانيتين السابقتين للرد على هذه الإهانة الفرنسية فإننا نذكر الرأي العام الوطني و نسجل :
(1).أن هذا القانون الصادر قبل ثماني سنوات يعطي طابعا إيجابيا للاستعمار ويُعد في حد ذاته جريمة تكرس استمرارية جرائم 132 سنة في حق الشعب الجزائري .
(2).أن اعتراف الرئيس الفرنسي بأن الجمهورية الفرنسية تعترف بكل وعي بالمجازر التي تعرّض لها الجزائريون يوم 17 أكتوبر 1961 ، لا تعدو أن تكون مناورة معزولة ولا بديل عن الاعتراف والاعتذار والتعويض .
(3).أن الاحتفالات في باريس لمناهضة الاستعمار والعنصرية في الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية يبقى بلا جدوى إذا لم تتخل فرنسا عن سياسة الاستعلاء الاستعماري التي مازالت تتعامل بها مع جميع مستعمراتها القديمة.
(4).تعتبر المجموعة النضال المستمر لتمرير مشروع قانون تجريم الاستعمار للمصادقة في البرلمان أفضل رد على قانون تمجيد الاستعمار ، وعليه فإن المجموعة تدعو جميع النواب لتفعيل هذه المبادرة واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لإنجاحها كما تدعو الحكومة إلى التعاطي الإيجابي مع هذه القضية الوطنية .
(من ضحايا الاستعمار الفرنسي الحضاري في الجزائر)
# كيف تمجّد أمّة "متحضّرة" جرائم يخجل منها أيّ انسان في العالم؟
ويتساءل أحد الكتّأب الجزائريين: "كيف تصادق فرنسا على قانون يمجد الاستعمار والأعمال الوحشية في عصر العولمة ومجتمع المعرفة والمجتمع الرقمي، في عصر الحوار بين الثقافات والشعوب، في عصر التسامح والتفاهم؟ في عصر حقوق الإنسان والعدالة والمساواة والحوار بين الشعوب والأمم والحضارات والديانات.
قانون العار يتناقض جملة وتفصيلا مع التطور التاريخي المتميز بظهور وعي جديد يعمل من أجل القيم والعدالة وحقوق الإنسان ويحارب الهمجية والإرهاب والتطرف والاستعمار والاستغلال والعبودية والعنصرية.
يبدو أن بلد «الحرية ـ العدالة ـ المساواة» حنّ إلى القرنين الثامن والتاسع عشر ليعود من النافذة ويعود ويذكّر الإنسانية جمعاء بأعمال يخجل منها أي إنسان في العالم ينعم بعقل سليم وبقيم إنسانية.
قانون 23 فبراير 2005 يُعتبر بكل المقاييس قانون عنصري، يزّيف ويحرّف التاريخ والذاكرة الإنسانية كما يُعتبر تدخلاً سافراً في شؤون المستعمرات السابقة لفرنسا.
فمجرد الحديث عن فضائل الاستعمار يعني إضفاء الطابع الإيجابي على الاستعمار وأن هذا الأخير أمر إيجابي وحضاري ومفيد للشعوب التي ااستُبعدت وشُردت وعُذبت وتم تجهيلها وتجريدها من كل مقومات الحياة الكريمة والشريفة.
إلى السيّد ماكرون (6):
فرنسا الحرّية تدشّن نصبا تذكاريا يُمجد منظمة الجيش الفرنسي السري التي قتلت الآلاف من الجزائريين- وقانون فرنسي لتكريم الخونة والسفّاحين الذين تعاونوا مع المُحتل خلال الثورة الجزائرية
منظمة الجيش السرّي (بالفرنسية L'Organisation de l'Armée secrète (OAS) هي منظمة إرهابية فرنسية أُسّست في 11 فبراير 1961 بعد لقاء مدريد بين جون جاك سوسيني وبيير لاغيار. وهي تضم المواليين لأطروحة الجزائر الفرنسية بالاعتماد على العمل المسلح. أول ظهور لعلامة OAS كان على جدران الجزائر العاصمة مصحوبة بشعارات « الجزائر فرنسية وستبقى فرنسية ».
# النشأة
في 8 ماي 1958 طلب روني كوتي من الجنرال ديغول بعد حركة التمرد التي قادها دعاة وأنصار الجزائر الفرنسية والديغوليين المجموعتان لم تكن منسجمتان. يوم 4 جوان 1958 الجنرال ديغول في الجزائر العاصمة نطق مقولته الشهيرة. « لقد فهمتكم ». هذا الكلام كان موجه للجماهير التي حضرت التجمع والمتكونة من المعمرين الأوروبيين المعروفين باسم الأقدام السوداء والجزائريين أي السكان الأصليين. بعد يومين في 6 حزيران 1958 ديغول يصرخ من مدينة مستغانم في الغرب الجزائري «تحيا الجزائر الفرنسية !».
يوم 16 سبتمبر 1959 يفاجأ الأروروبيون من الأقدام السوداء الذين ذُهلوا وإستيقظوا علي خطاب ديغول المُقر بحق تقرير المصير للجزائريين. وكان نتاج هذا قيام جوزيف أورتيز بإنشاء الجبهة الوطنية الفرنسية (Front National Français) هذه الجبهة مكونة من حركيين ومتمردين ومجموعات مسلحة صغيرة من أجل الانقلاب على ديغول الذي خانهم حسب نظرتهم وخضع لمطالب الجزائريين المسلمين بالاستقلال. في إطار التنسيق المحفوف بالسرّية التقى "جون جاك سوزيني" و"بيار لغيار" يوم 10/02/1961 في مدريد لتأسيس تنظيم إرهابي جديد يحمل اسم منظمة الجيش السري.O. A. S كبديل لكل التنظيمات السياسية العاملة على ترجيح فكرة "الجزائر فرنسية"، ترأسها الجنرال المتقاعد" صالان" بمساعدة الجنرال" جوهو" و"غاردي" وسوزيني. وبعد فشل انقلاب الجنرالات الأربعة شال وجوهو وزيلر وصالان في 22/4/1961 ،شرعت الحكومة الفرنسية في عملية تفتيش وملاحقة واسعتين شملت العناصر المتطرفة ، غير أن تواطؤ بعض أجهزة الشرطة المشكلة أساسا من الأقدام السوداء حال دون نجاح العملية مما أتاح مجالا أوسع لعناصر منظمة الجيش السري وفي مقدمتهم " جوهو ","غاردي "، "سرجون"، "فرندي "، " بيريز" ،"غودار" وغيرهم لإعادة تنظيم صفوفهم من جديد بأن قادوا سلسلة من الاتصالات المحفوفة بالسرية انتهت بعقد اجتماعات تحضيرية في متيجة والعاصمة. وعلى إثر اجتماع سري بالعاصمة في 1 حزيران 1961 تمّ تبني الهيكل التنظيمي للمنظمة المعروض من قبل العقيد غودار، حيث ألح هذا الأخير على وجوب تعميمه في كل مدينة وقطاع. كما تعتبر المنظمة البوتقة التي انصهرت فيها مختلف التنظيمات الإجرامية مثلما تضمنه أول منشور لها والداعي إلى دمج كل الحركات السرية المقاومة في التنظيم المذكور. كما تم ضبط برنامج منظمة الجيش السري ليتضمن الأهداف والوسائل، واتخذ الصليب شعارا لها.
(اغتيال المواطنين الجزائريين من نشاطات الجيش الفرنسي السري الإرهابية)
(من الجرائم الإرهابية للجيش الفرنسي السري ضد المواطنين الجزائريين)
# جرائمها
- استهداف عدد كبير من الجزائريين من مختلف الشرائح.
- قتل المساجين في زنزانات مراكز الشرطة مثلما وقع في مركز شرطة حسين داي.
- تنفيذ سلسلة من التفجيرات قدرت بنحو2293 تفجير بالعبوات البلاستيكية خلال الفترة الممتدة ما بين سبتمبر 1961 ومارس 1962 أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 700 ضحية.
- تصعيد العمل الإجرامي للمنظمة بعد التوقيع على وقف إطلاق النار، من ذلك إطلاق عدة قذائف مدفعية على أحياء سكنية بالقصبة السفلى يوم 20 مارس 1962 أودت بحياة 24 شخصا و59 جريحا وتفجير سيارة ملغمة قرب ميناء الجزائر مما خلّف 62 قتيلا و110 جريحا في صفوف العمال (الحمالون).
- الحرق العمدي للمؤسسات منها ما أصاب مكتبة جامعة الجزائر في 7 حزيران 1962 حيث أتى على أزيد من 600 ألف كتاب.
- حرق مكاتب الضمان الاجتماعي، المدارس والمستشفيات
(حرق مكتبة جامعة الجزائر)
وقد أفاد، المؤرخ صادق بن قادة في دراسة علمية اشتغل عليها لمدة 10 سنوات بدون انقطاع، أن الجرائم البشعة التي ارتكبتها منظمة الجيش السري الفرنسية “ أو-آ-أس” خلّفت أزيد من 1100 ضحية من المدنيين الجزائريين بوهران بين 1961 و1962.
# تدشين نصب تذكاري يُمجد منظمة الجيش الفرنسي السري التي قتلت الآلاف من الجزائريين -
تمّ يوم 5 تموز عام 2014 بجنوب فرنسا تدشين نصب تذكاري يمجّد منظمة الجيش السري ويذكّر بالعمل الذي قامت به فرنسا في الجزائر خلال 132 سنة من الاستعمار مما أثار استنكار مناضلين مناهضين للاستعمار. وفي رسالة لنائب منطقة فار حيث سيُنصب النصب التذكاري، استنكر رئيس الجمعية الفرنسية لحماية ذاكرة ضحايا منظمة الجيش السري "جان فرانسوا قافوري" مظاهرة تهدف إلى “تثمين ارهاب منظمة الجيش السرّي“. و قال أن هذا النصب التذكاري قُدّم إلى الموقعين على انه تمجيد لعمل فرنسا في الجزائر ورد الاعتبار للماضي الاستعماري. وفي رسالة اعتبر رئيس الجمعية بأنّ النصّ المقرر كتابته على النصب التذكاري (تكريما لأولئك الذين سقطوا لتعيش فرنسا في الجزائر) "مُدان في حد ذاته” ، وأنّ اصحاب هذا المشروع يدركون الأخطار التي تعرضهم لها هذه المبادرة ازاء ضحايا هذه المنظمة. يوصي قافوري - الذي كان والده أول موظف ضحية لمنظمة الجيش السري في ماي 1961 - نائب رئيس بلدية فار بان يرفق ترخيصه بمنع وضع أيّ عنصر يمسّ بشكل مباشر أو غير مباشر بكرامة أو شرف ضحايا منظمة الجيش السرّي و تمجيد أشخاص جعلوا أنفسهم مذنبين أو متواطئين في عمليات اغتيال واعتداءات ارتُكبت باسم منظمة الجيش السري. ومن جهته تطرّق رئيس جمعية الخروج من الاستعمار "هنري بويو" إلى شكل آخر من “المراجعة التاريخية” تجسّدت من خلال الرغبة في اعتبار بأن الاستعمار كانت له جوانب إيجابية. وقال هذا المناضل المناهض للاستعمار أنّ “أهم و أخطر هذه الأشكال هي إرادة ردّ الاعتبار لمنظمة الجيش السري كحركة “شرعية” للدفاع عن وحدة التراب الفرنسي من خلال اعتبار الجزائر فرنسية و كذلك من خلال تكريم أولئك الذين أُدينوا لعمليات القتل التي ارتكبوها“. و يعتبر أن التدشين الرسمي للنصب التذكاري لمنطقة فار يوم 5 يوليو “يذكر بما قامت به فرنسا في الجزائر خلال 132 سنة" من مجازر ومآس.
# وقانون فرنسي لتكريم الخونة والسفّاحين الذين تعاونوا مع المُحتل خلال الثورة الجزائرية
قدّمت الجمعية الوطنية الفرنسية “البرلمان” مقترح قانون جديد يهدف من جهة إلى تمجيد خونة الثورة الجزائرية التحريرية من "الحركي" وعائلاتهم، ومن جهة أخرى لتمكينهم من التعويض المادي والمعنوي من طرف الأمة الفرنسية، التي وجب عليها الاعتراف بمسؤوليتها عن إهمالهم، وما تعرّضوا له عشية استقلال الجزائر.
و”الحركي” هو اسم يُطلق على جزائريين خدموا الجيش الاستعماري الفرنسي خلال ثورة التحرير الجزائرية بين عامي 1954 و1962.
ويؤكد مؤرخون أنه بعد استقلال الجزائر عام 1962 غادر إلى فرنسا نحو 60 ألف من “الحركي” وعائلاتهم مع الجيش الاستعماري.
(مواطنون جزائريون قبل إعدامهم من قبل المحتلين الفرنسيين المتحضرين)
وجاء في مقترح القانون الذي قدّمه ووقّع عليه 84 نائبا فرنسا من مختلف التشكيلات السياسية، مؤرخ في 5 أفريل 2016، وتمّت إحالته على لجنة الدفاع القوات المسلحة بالبرلمان الفرنسي، أن الأمة الفرنسية تعترف بمسؤولية الدولة الفرنسية في الإهمال، وما تعرّض له الحركي وعائلاتهم، وتلتزم بتعويض وإصلاح الضرر الذي تعرّضوا له، سواء كان ماديا أو معنويا، زاعما أن الحركي وعائلاتهم تعرضوا “لمجازر” عشية استقلال الجزائر، وتم فيما بعد تكديسهم في محتشدات بفرنسا.
ونصّت الوثيقة على أن التبعات المالية الناجمة عن مقترح القانون المقدم يتم تغطيتها من خلال إقرار ضريبة “رسوم” إضافية على بعض المواد في قانون الضرائب الفرنسي، وهي المواد “575 و575 أ” إضافة إلى المادة 403 من ذات القانون.
وفي عرض الأسباب التي كانت وراء تقديم مقترح القانون ورد أن 70 ألف حركي يعانون الإهمال رفقة عائلاتهم، مشيرا إلى أن فرنسا اعترفت بفضل ودور الحركي إبان الثورة الجزائرية عبر قانون 1994 المتعلق بالمرحلين ضحايا الأسر، وقانون 23 شباط 2005 المُمجد للاستعمار، لكن فرنسا وجب عليها الاعتراف بمسؤوليتها تجاه الحركي، وما تعرضوا له عشية استقلال الجزائر.
ويضاف مقترح القانون هذا إلى قانون تمجيد الاستعمار لسنة 2005، الذي كان مستفزا لمشاعر الجزائريين، بحكم أن الدور الذي كان للاستعمار الفرنسي في الجزائر كان دورا للقتل والمجازر والجهل ومحاولة لطمس الهوية ونهب الخيرات ومصادرة الأراضي وتفقير السكان، كما أن هذا المقترح لا يقل استفزازا عن قانون 2005، بحكم الدور الذي لعبه الحركى في الثورة التحريرية، والذي كان مرادفا للقتل والتعذيب، وهو ما أكده تحقيق ميداني لصحفي فرنسي نشر مؤخرا، حين أكد على أن جل الحركى انخرطوا في عمليات التعذيب وبشكل واسع.
إلى السيّد ماكرون (7):
فرنسا المتحضرة تقيم مزاد علني لبيع أدوات إعدام وتعذيب مجاهدي الجزائر ضد الاستعمار- مزاد على بيع أدوات قَتَل بها الجلاد الفرنسي 198 جزائرياً
(فرناند ميسونييه ، آخر جلاد فرنسي ، مجموعة استثنائية من 350 قطعة من التعذيب. وفي غرفة معيشته كان لديه مقصلة مصغرة قتل بها 198 جزائريا بريئا)
# مزاد على بيع أدوات قَتَل بها الجلاد الفرنسي 198 جزائرياً
تعيش الجالية الجزائرية في فرنسا حالة من الاحتقان والغضب، بعدما قرّرت دار خاصة للمزاد العلني، عرض حوالي 350 أداة لتعذيب الجزائريين وإعدامهم إبّان الاحتلال الفرنسي للجزائر للبيع، علما أنها تُمثل تركة الرعب التي خلّفها بارون الإعدامات والمنفذ الأول لأحكام القتل وقطع رؤوس المجاهدين الجزائريين، المسمى "فيرناند ميسونييه"
وتشمل معروضات المزاد 350 أداة تعذيب وقتل، من بينها مقصلة أُعيد تصليحها لتكون صالحة للاستعمال، وحبال استخدمت كمشانق وأغلال وغيرها من أدوات التعذيب التي جمعها هذا الجلاد الفرنسي، وهي أدوات تؤرخ لتنفيذه أحكاما بالإعدام بحق نحو 198 جزائريا منذ 1957 وحتى استقلال الجزائر عام 1962.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة "الشروق الجزائرية"عن مصادر وصفتها بالمُطلعة، أن دار المبيعات والمزاد العلني المُسمّاة "كورنيت سان كير"، المتواجدة في المقاطعة الثامنة للعاصمة الفرنسية باريس، قرّرت فتح مزاد علني يوم الثالث من نيسان / أبريل المقبل، من أجل بيع تلك الأدوات التي كان يستعملها فيرناند ميسونييه لقطع رؤوس الجزائريين وتنفيذ أحكام الإعدام، وذلك بعد اختيارها لتاريخ الـ 31 آذار / مارس الجاري كيوم خاص لعرض ما مجموعه 350 منها أمام الرأي العام، بغية تشجيع الأفراد والشركات، وربما حتى سماسرة الدول، على الشراء.
وعلّقت الصحيفة: هل نعيش في زمن الرعب والتفاخر بالقتل، وكذا التباهي بإعدام الشعوب المُطالبة بالحرّية؟
# وقفة احتجاجاية لأبناء الجالية الجزائرية في فرنسا
وينظم أفراد الجالية الجزائرية في فرنسا وقفة احتجاجية على قرار المعرض، يوم الـ31 مارس الجاري أمام فندق "سالومو" التابع لمجموعة "روتشليد" "Salomon de Rothschild"، من أجل وقف بيع وعرض تركة الرعب والتقتيل.
يُذكر أن "فيرناند ميسونييه" المولود في الجزائر عام 1931، والذي توفي عام 2008، يعتبر واحدا من بين أبرز منفذي أحكام الإعدام ضد الجزائريين، إذ ورث مهنة القتل عن والده، وكان يتباهى بها، ويعتبرها مصدر دخل مهم لعائلته، حتى أنه غضب جدا لعدم تصويره عمليات القتل وقطع الرؤوس من أجل التفاخر بها، ناهيك على أنه بعد الاستقلال، قرّر الزواج والتحول إلى مهن أخرى على غرار فتح مطاعم بأموال القتل، لكنه وفي جميع أحاديثه الصحفية، كان يتباهى بإعدامه للمجاهدين، حتى أن البعض نقل عنه تصريحه بأنه لم ينفّذ شيئا جميلا في حياته مثل قطع رؤوس الجزائريين!
# فيرناند ميسونييه: نفّذ 198 حكم إعدام بحق المجاهدين خلال الاستعمار وأوصى ببيع أدواته في قتل الجزائريين بعد موته!
ونفّذ فيرناند، الذي تعرض دار كورنيت للمزاد العلني تركته للبيع، خلال الفترة الاستعمارية، وتحديدا بين 1947 و1958 أزيد من 198 حكم إعدام ضد الثوار والمجاهدين الجزائريين، وقد كوفئ من طرف الإدارة الاستعمارية على "جرأته وشجاعته في قتل الجزائريين بدم بارد"، إذ كان لا يرفّ له جفن أثناء قطع رؤوس المجاهدين، وواصل تفاخره بذلك، حتى وفاته عام 2008، ولا شك أن بيع أدواته للتعذيب والتنكيل وقطع الرؤوس في مزاد علني نهاية الشهر الجاري، تعدّ واحدة من أبرز وصاياه قبل الموت، وكأنه يريد التباهي بقتله وقطعه رؤوس المجاهدين بعد خمسين عاما من الاستقلال.
إلى السيّد ماكرون (8):
اعترافات الضباط المجرمين الفرنسيين بألسنتهم وفي مذكراتهم- أحدهم أحرق 25 قرية جزائرية في عملية واحدة- جيش الحضارة يحرق ويغتصب ويسلب وينهب
يروي العقيد مونتانياك (Montagnac):
«أخبرني بعض الجنود أن ضباطهم يلحون عليهم ألا يتركوا أحدا حيا بين العرب.. كل العسكرين الذين تشرفت بقيادتهم يخافون إذا أحضروا عربيا حيا أن يُجلدوا»
. ويقول النائب البرلماني طوكوفيل (Tocqueville):
«إننا نقوم بحرب أكثر بربرية من العرب أنفسهم.. لم يستطع الفرنسيون هزم العرب حربيا فهزموهم بالتدمير والجوع»
ويقول مونتانياك:
«لقد محا الجنرال لاموريسيير (La Moricière) من الوجود خمسة وعشرين قرية في خرجة واحدة، إنه عمل أكثر انعداما للإنسانية»
ويروي:
«..فبمجرد أن حدّد موقع القبيلة انطلق سائر الجنود نحوه ووصلنا الخيام التي صحا سكانها على اقتراب الجنود فخرجوا هاربين نساء وأطفالا ورجالا مع قطعان ماشيتهم في سائر الاتجاهات، هذا جندي يقتل نعجة، بعض الجنود يدخلون الخيام ويخرجون منها حاملين زرابي على أكتافهم، بعضهم يحمل دجاجة، تضرم النار في كل شيء، يلاحق الناس والحيوانات وسط صراخ وغثاء وخوار، إنها ضجة تصم الآذان.(مدينة معسكر يوم 19 ديسمبر 1841)»
الرازيا كما يسميها الفرنسيون لا تهدف إلى معاقبة المُخطئين وإنما صارت مصدرا لتموين الجيش. كان كل ما يُنهب يباع ويُوزع ثمنه على الضباط والجنود، ربع الغنائم للضباط والنصف للجنود كما يذكر شارل أندري جوليان.[1]
يقول دوكرو (DUCROT):
«ما نُهب في رازيا واحدة كان حمولة 2000 بغل»
ويقول النقيب لافاي (LAFAYE):
«كان الضباط يخيّرون الفلاحين بين أن يقدّموا لهم الأكل أو الإبادة، كنا نخيم قرب القرية، يعطيهم الجنرال مهلة لإعداد الطعام أو الموت، كنا نوجه سلاحنا نحو القرية وننتظر، ثم نراهم يتوجهون لنا ببيضهم الطازج، وخرافهم السمينة، ودجاجاتهم الجميلة، وبعسلهم الحلو جدا للمذاق.(تلمسان 17 يوليو 1848)»
. يعلق شارل أندري جوليان:
«وتنتشر الرازيا فتصير أسلوبا للتدمير المنظم والمنهجي الذي لم يسلم منه لا الأشخاص ولا الأشياء. إن جنرالات جيش إفريقيا لا يحرقون البلاد خفية. إنهم يستعملون ذلك ويعتبرونه مجدا لهم سواء أكانوا ملكيين أم جمهوريين أو بونابارتيين»
. يقول مونتانياك:
«إن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء: نساء وأطفال ومواش. يخطف النساء، يحتفظ ببعضهن رهائن والبعض الآخر يستبدلهن بالخيول، والباقي تُباع في المزاد كالحيوانات، أما الجميلات منهن فمن نصيب الضباط.(معسكر 31 مارس 1843)»
ويروي الضابط المراسل تارنو:[1]
«إن بلاد بني مناصر رائعة، لقد أحرقنا كل شيء، ودمّرنا كل شيء..آه من الحرب ! ! ! كم من نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس وماتوا بالبرد والجوع (17 أفريل 1842)...إننا ندمر، نحرق، ننهب، نخرب البيوت، ونحرق الشجر المثمر 5 يونيو 1841...أنا على رأس جيشي أحرق الدواوير والأكواخ ونفرغ المطامير من الحبوب، ونرسل لمراكزنا في مليانة القمح والشعير 5 أكتوبر 1842»
(تذكر واحدة من أغاني الجنود الأمريكيين بعد احتلال العراق:
"الله يخلق .. ونحن نحرق"
ويروي الجنرال لاموريسيير:
«...في الغد انحدرت إلى حميدة، كنت أحرق كل شيء في طريقي. لقد دمّرتُ هذه القرية الجميلة.. أكداس من الجثث لاصقة الجثة مع الأخرى مات أصحابها مجمدين بالليل.. إنه شعب بني مناصر، إنهم هم الذين أحرقت قراهم وسقتهم أمامي 28 فبراير 1843»
و يقول مونتانياك:
«النساء ولأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة يسلمون أنفسهم لنا، نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات التي ترغي وتخور كل هذا آت من سائر الاتجاهات، إنه الجحيم بعينه وسط أكداس من الثلج (31 مارس 1842).. إنّ كلّ ذلك في هذه العمليات التي قمنا بها خلال أربعة أشهر تثير الشفقة حتى في الصخور إذا كان عندنا وقت للشفقة، وكنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان (معسكر 31 مارس 1842).»
ويقول الجنرال شانغارنييه (Changarnier):
«إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة لبوجو الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشرة امرأة عجوزا بلا دفاع في مدينة الجزائر (18 أكتوبر 1841)»
ويقول الجنرال كانروبير ِ(Canrobert):
«ينفّذ جنودنا هذا التدمير بحماس، إن التأثير الكارثي لهذا العمل البربري والتخريب العميق للأخلاق الذي يُبث في قلوب جنودنا جعلهم يذبحون ويغتصبون وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي، 18 يوليو 1845»
ويقول النقيب لافاي (Lafaye):
«لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس. لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال. إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يُقتلن بعد أن يُغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم (23 ديسمبر 1948).»
وسوم: العدد 901