قصتي مع قبة الجامع الأموي الكبير بدمشق
قصتي مع قبة الجامع الأموي الكبير بدمشق
محمد أبو هشام
بسبب قرب دارنا إلى الجامع الأموي الكبير في حي القيمرية بدمشق ...كنا و نحن صغار و يافعين نكاد لا نبرحه , ففيه الصلوات و فيه الأذكار و فيه الدروس الدينية , و فيه صلاة الجمعة , و فيه كنا ندرس مناهجنا الدراسية أيضاً , و نستعد بالدراسة للفحوص قبل حصولها بأسابيع , و لم تكن وقتها تغلق المساجد بعد الصلوات – كما الآن – فكان المسجد فسحتنا و رياضتنا و تثبيت إيماننا و لقاء أصدقائنا و مكتبة دراستنا...!
و لأن الوقت طويل و المسجد كبير و رائع , فقد حفظت جميع أبوابه و محاريبه , و أرضه و سقفه و أعمدته و جميع زواره و تفاصيل زخارفه , كما تمتعت برحابته و كامل روحانياته , و لكن الملل قد يتسرب أحياناً للطفل الصغير ...فقد كنا نتسلى بسلاسل القبة الكبيرة في المسجد , فهي سلاسل طويلة جداً و هي بالعادة ثابتة لا تتحرك بفعل ثقلها فهي من الحديد و متدلية باستمرار ...لكن ( شقاوة ) الصغير لن تتركها هكذا جامدة ...فكيف السبيل إلى ذلك ؟ و كيف الوصول إليها و هي عالية...؟
و تفتقت فكرة الصبي (محمد ) بالصعود على الحاجز الخشبي على السدة الوسطى المرتفعة عن بقية المسجد [و قد كانتا سدتان و لس سدة واحدة فقط كما الآن واحدة إلى اليمين و أخرى إلى الشمال ] و مـــــــط جســـمه و يـــــده لالتقاط طرف هذه السلسلة ثم هزها هزة واحدة قوية.
هزة واحدة قوية تصل موجتها إلى أطراف سقف القبة حيث تعود أدراجها إلى الأسفل ...ثم تتواصل الموجات صعوداً و هبوطاً ...و عند كل وصول للموجة إلى الأسفل تتصادم عرى السلسلة مع بعضها أسفل السلسلة لتحدث صوتاً و قرقعة يلفت السمع و البصر , و مع أن هذه الموجات كانت تخف بالتدريج إلا أن طول السلسلة يجعلها تستمر بالتحرك لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام ...و ينظر لها المصلون باستغراب فهي لا تقف عن الحركة مع أن أحدا لا يحركها ...! و لماذا تتحرك هذه السلسة فقط دون بقية السلاسل ...؟ أسئلة لم يكن أحد يصل لجواب عليها ...و طبعاً لتنفيذ الخطة كان علي أن أتخير الوقت الذي يخلو فيه المسجد تقريباً من المصلين , و أمارس هوايتي بالكمال و التمام...و التي أفضحها الآن بعد أكثر من (ستين) من الأعوام...سامحوني يا سادة يا كرام.