بمناسبة انعقاد الدورة العشرين للجنة القدس
بمناسبة انعقاد الدورة العشرين للجنة القدس
مبارك أباعزي
لا أعتقد أن أحدا من المتكلمين باسم القضية الفلسطينية أو ضدها يعرف فعلا ما يحدث في فلسطين من مشاحنات بين طرفين يعتقد كل واحد منهما أن الآخر سالب أرض ومغير على الحدود. فالقنوات الإخبارية ووسائل الإعلام المكتوبة التي تدافع عن الفلسطينيين وتتكلم باسمهم تظل تركز على الأحداث التي يكون فيها الفلسطيني متضررا، ولم يحدث يوما أن أوردت خبرا يفيد إقدام الفلسطيني على مهاجمة الإسرائيلي. وإن حدث ذلك، فتستعمل فيه عبارات المدح والتشجيع، مثلا: "قتل جنديين إسرائليين بأيدي شباب فلسطيني يدافع عن أرضه".
كما أن الإعلام الغربي، الإسرائيلي منه على وجه الخصوص، يوظف الأسلوب نفسه حين يمرر لجمهور الغرب ما يفيد أن الاعتداءات الفلسطينية عادت من جديد، لكن القوات الفلسطينية استطاعت أن تخمدها بفضل الله. والواقع أن تفاصيل الحدث وخلفياته لا يعرفها أحد، ويظل ما يحصل عليه القارئ/ المشاهد من معلومات تخص الحدث مجرد تأويلات وقراءات مخصوصة مبنية على المصالح والإديولوجيات.
فضلا عن ذلك، كثير من الناس لا يعرف الأصول التاريخية لهذه المسألة؛ فالمعلوم أن اليهود كانوا مستقرين في "أورشليم" منذ فجر التاريخ، أو على الأقل منذ بدأ الإنسان يوثق ما يحدث في محيطه. وفي مرحلة مقاومتهم للسيطرة الرومانية، أمر القائد الروماني المسمى بـ"تيطس" بتهجيرهم ودمر بيت المقدس ومعبد اليهود، فنزحت كل جماعة إلى بلد من بلدان العالم، لهذا نجدهم قد استقروا في أمريكا وروسيا وفرنسا والمغرب والحبل على الجرار. لكنه بعد ذلك سمح لهم بزيارة بيت المقدس والوقوف على الجدار الوحيد المتبقي من المعبد والذي يسمى اليوم بـ"حائط المبكى" بعد أن كانت عقوبة القيام بذلك الإعدام. وقبل عقود قليلة عاودهم الحنين إلى وطنهم الأم ووجدوا العرب الذين كانوا جيرانهم قد نزحوا إلى أرضهم. ما الحل إذن؟
لقد نوقشت هذه المسألة بين كبار المفكرين والسياسيين، وأتذكر أنني قرأت قبل سنوات كتابا لمهدي عامل انتقد فيه موقف مشيل شيحا الذي يدعو فيه إلى توزيع الفلسطينيين في الدول العربية. وأشار بعض السياسيين إلى أن الحل يتمثل في حل الدولتين أو الدولة الواحدة. ورغم ما في عبارة "إسراطين" التي جاء بها معمر القذافي من طرافة وانتقاص وسخرية، إلا أنها فعلا جزء من الحل المقترح الآن لتسوية الوضعية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. ولا شك أن القضية ما زالت تسيل مدادا كثيرا من خلال ما نقرأه ونسمعه يوميا في الإعلام، آخرهما مناهضة التطبيع الذي أثير مؤخرا في البرلمان المغربي.