عالمية المجتمع الإسلامي

حيدر قفه

تتناقل وسائل الإعلام في أيامنا هذه تعبيرات ومصطلحات من مثل "النظام العالمي الجديد" أو "عالم أحادي القطب" فماذا يعنون بهذين المصطلحين؟!

النظام العالمي الجديد أو عالم أحادي القطب مصطلحان لشيء واحد، وهم يعنون بهذين المصطلحين تفرد قيادة العالم بيد أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على مطاولة أمريكا.

فالنظام العالمي الجديد يعني نظام يقوم على تسلط القوي على الضعيف، وتفرد الظالم بالمظلوم، وإكراه الناس على رؤية واحدة، وهي رؤية  الغرب الصليبي أو العلماني الملحد مع التدخل في شؤون الآخرين تحت ألف ذريعة وذريعة، ومعظمها ذرائع براقة المظهر كالحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وأما بطائن هذه الذرائع فهو حب التسلط وفرض السيطرة، والإحساس بالتميز العرقي، وإكراه الناس على الدوران في فلك واحد.

وهذا النظام الجديد ما هو إلا نتاج ومخاض حروب متواصلة تمت في هذا القرن العشرين، فحسبنا أن نعلم أن حربين عالميتين اندلعتا في قرن واحد، غير الحروب الأخرى التي تقع بين المتجاورين أحياناً، وفي أحيان أخرى بين متباعدين كما حدث من بريطانيا في حربها مع الأرجنتين حول جزيرة فوكلاند في الثمانينات. ناهيك عن الحروب الباردة والتي لا تقل ضراوة عن الساخنة حيث صراع أجهزة المخابرات، والشركات التجارية، والمصانع الكبرى، والأسواق وما يدور عليها من صراع خفي.

وهذه الحروب أودت بحياة ملايين من البشر، في قسوة ضارية تصم الإنسان بكل صفة تترفع عنها حيوانات الغاب. وتعود أسباب هذه الحروب إلى عوامل ثلاثة:

‌أ-      الإحساس بالتميز العرقي، كما حدث من ألمانيا (وكان شعارها ألمانيا فوق الجميع). ويقابل ذلك نفس الإحساس عند الآخرين، كالسكسونية والفرانكفونية.

‌ب-      الرغبة في السيطرة وبسط النفوذ لأكثر من سبب.

‌ج-        عدم قبول الآخر في المجتمع، وهو ما عرف بالنقاء العرقي، وما أدى إليه من حروب وقتل ودمار أطلقوا عليه "التطهير العرقي" كما حدث من صرب البوسنة مثلاً.

واليوم وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي المروع، وتفكك المعسكر الاشتراكي، خلت الساحة من عدو قوي كان يشاغل الغرب الصليبي الرأسمالي بزعامة أمريكا، وتلفت العالم الرأسمالي فلم يجد كتلة ذات تاريخ عريق ودين متغلغل في النفوس عميق الجذور إلا العالم الإسلامي، فاتجهوا بطاقاتهم كلها لحرب العالم الإسلامي ومحاولة القضاء عليه، وعلى ما يمثل من تهديد حضاري لهم، فبدأوا في إلصاق التهم بالإسلام  وبالمجتمعات الإسلامية من مثل: التخلف، الإرهاب، ضيق الصدر بالآخر، عدم قبول التعددية، رفض الحوار الديمقراطي... إلخ هذه الاتهامات الباطلة. وكلها أكاذيب تدحضها نصوص القرآن والسنة المطهرة من جانب، وتطبيق الرعيل الأول من جانب ثان، وواقع الحال في أيامنا هذه من جانب ثالث.

وحتى لا نلقي الكلام على عواهنه، نسوق الأدلة على عالمية وإنسانية المجتمعات الإسلامية، بما يدحض كل هذه الافتراءات والأكاذيب.

*         *         *

يقوم المجتمع الإسلامي على عدة ركائز أساسية، وأهمها ثلاثة:

1-    الركيزة الأولى: وحدة الأصل.

يركز الإسلام في نفوس أتباعه وحده الأصل، وأن أصل الإنسان واحد، ومردهم جميعاً إلى آدم وحواء، والتفاضل بينهم لا يتم على أساس العرق (حيث أن الأصل واحد، وما اختلاف الشكل إلا انعكاس للبيئة الجغرافية على امتداد أحقاب كثيرة) وإنما التفاضل في الإسلام يتم بناء على السلوك والأخلاق، وهما أمران مكتسبان بإمكان الأفراد والجماعات التنافس فيهما، بينما التمايز العرقي لا مجال للتنافس فيه، قال تعالى: ( ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭿ ﮊ)([1])  ، فتفرق الناس إلى شعوب وقبائل دافع للتعارف لا إلى التنافر ورفض الآخر ونفيه، ومِنْ ثَمَّ فالتفاضل بين الناس للتقوى والعمل الصالح. ويقول رسول الله (r): "كُلكم بنو آدمَ، وآدمُ خُلقَ من ترابٍ، وَلَيَنْتَهِيَنَّ قومٌ يفخرون بآبائهم، أو ليكونُنَّ أَهونَ على اللهِ تعالى من الجُعْلان"([2])، ويقول رسول الله (r):

"يا أيها الناسُ، ألا إنَّ ربَّكم واحدٌ، وإنَّ أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍ على أَعْجَمي، ولا لعجمي على عربيٍ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى"([3]).

هذه العقيدة التي رسخها الإسلام في نفوس المسلمين، جعلت المجتمعات الإسلامية مجتمعات إنسانية متراحمة مستقرة، فلا تميز عرقي، ولا تفاخر إلا بالتقوى، ومن هنا كان افتخار المسلمين بسادتنا الأوائل من أمثال بلال الحبشي الأسود، وأم أيمن الحبشية السوداء، وصُهيب الرومي الأحمر، وسلمان الفارسي الآري (رضي الله عنهم أجمعين) نفاخر بهم، ونَحِنُّ إليهم، وندعو لهم، ويشرفنا الانتساب إليهم أو الانتساب إلينا. ولم يسجل التاريخ أن المسلمين مارسوا الحقد العرقي على أحد.

بينما نجد عند الآخرين تميز عرقي بغيض، في القديم وفي الحديث، وما أكذوبة

"شعب الله المختار" عند اليهود عنا ببعيد، وما غيبت ذاكرة العالم بعد ما أحدثته محاكم التفتيش في أسبانيا والبرتغال وفرنسا بُعيد سقوط الأندلس، ولا ما تمارسه بعض شعوب العالم ضد بعضها (كما فعل البيض الأمريكان في الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين) وكما فعل صرب البوسنة في المسلمين في عقد التسعينات من هذا القرن!! وكل ذلك تحت سمع وبصر العالم المتمدن!!

2-    الركيزة الثانية: حرية الاعتقاد.

وإذا كان الله تعالى قد خلق الناس مختلفين شكلاً وعقلاً واكتساباً، فالإسلام لا يحجر عليهم ليصوغهم صياغة واحدة، ويصبهم في قالب واحد، لذا ترك لهم حرية الاعتقاد، لأنه لا يريد مسلماً إلا إذا كان مقتنعاً اقتناعاً يقينياً، فلا فائدة من مدعٍ للإسلام وهو يكرهه ويكيد له، بل كان هؤلاء – المتظاهرون بالإسلام – من أشد البلاء على المجتمعات الإسلامية، وما خبر المنافقين في المدينة، وعبد الله بن سبأ، ويهود الدونمة في تركيا عنا ببعيد. لذا كانت حرية الاعتقاد مبدأً ثابتاً من مبادئ الإسلام، وبالتالي التسامح مع أهل الملل الأخرى. قال تعالى: (ﯿ )([4])، وقال لنبيه محمدٍ (r) مرشداً له في محاورته للكافرين: (ﭑ ﭔﭕ ﭘ ﭙ ﭟﭠ ﭥﭦ ﭬﭭ ) ([5])  .

ولم يسجل التاريخ أن محمداً (r) قد أجبر أحداً أو أكرهه على الإسلام، إنما كان يأتيه الكافر فيسمعه كلام الله، ثم يُبلغه مأمنه، تاركاً له حرية الاختيار، وجاءه وفد نصارى نجران، فعرض عليهم الإسلام، وجاور اليهود في المدينة وزارهم وزاروه، وما كان يزيد على عرض الإسلام عليهم، دون مشقة أو إكراه.

وفي عهد أبي بكر الصديق (t) كذلك، ووصيته لأسامة بن زيد عندما أنفذ جيشه بعد موت النبي (r) لقتال الروم بعد معركة مؤتة التي استشهد فيها خلق كثير وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وزيد بن حارثة (رضي الله عنهم أجمعين) خير دليل على التسامح الديني وحرية الاعتقاد، قال أبو بكر في وصيته لأسامة: "وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له..."([6]).

وفي عهد عمر بن الخطاب (t) كذلك، وقد أَمَّنَ الناس على دينهم ومعتقدهم، ففي عهده لأهل إيلياء (بيت المقدس) نجد ما نصه: " هذا ما أعطى عبد الله (عمر بن الخطاب) أمير المؤمنين أهلَ إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولايُنتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يُـكرهون على دينهم، ولا يُضَارَّ أحد منهم... إلخ العهد([7]).

وفي العصور التالية إلى يومنا هذا لم يسجل التاريخ أن مجتمعات المسلمين أكرهت أحداً فيها على الإسلام، بل كان النصارى واليهود يعيشون في بحبوحة من العيش لهم معابدهم ومعايشهم محفوفون برعاية المسلمين لما لهم من ذمة الله وذمة رسوله (r). ولما كان اليهود يشعرون بالاضطهاد في مجتمعات أخرى كانوا يفرون إلى المجتمعات الإسلامية لما فيها من تسامح، وما خبر يهود الأندلس وهروبهم بعد سقوطها في أيدي النصارى وما نالهم من تعذيب على أيديهم – إلى تركيا المسلمة عنا ببعيد.

وفي زمننا الحاضر، ورغم ما فعله اليهود في أهل فلسطين، وطردهم من ديارهم، والتنكيل بهم، إلا أن اليهود العرب في كل قطر عربي ظلوا يتمتعون بمواطنتهم ولم يضيق عليهم، وأما الذين هاجروا منهم إلى أرض فلسطين بعد اغتصاب اليهود لها، فبفعل الوكالة اليهودية ترغيباً أو ترهيباً، حيث كانت تفتعل الحوادث لبث الرعب في نفوسهم ومن ثم يهربون إلى "إسرائيل"، وما زالت حتى الآن أعداد كبيرهم منهم تعيش في بلاد العرب المسلمين رافضين الهجرة إلى إسرائيل في المغرب وشمال أفريقيا، ومصر، والسودان، واليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان وغيرها من البلدان العربية الإسلامية، لهم معابدهم وممتلكاتهم وعاداتهم وتقاليدهم لا يكرهون على شيء.

بينما التضييق على المسلمين بسبب دينهم أو جنسهم أو لونهم في بلاد النصارى فحدث عنه ولا حرج، من التضييق الخفي إلى التضييق الجلي الذي بلغ حد القتل والإبادة بأبشع الوسائل من الحرق أحياء إلى القذف في الزيت المغلي، إلى السحل في الشوارع... إلخ هذه الأساليب التي يندى لها جبين الإنسانية، وحسب المرء أن يقرأ كتاباً عن محاكم التفتيش في أسبانيا والبرتغال وفرنسا بعد سقوط الأندلس ليرى كيف كانت تمارس عمليات التنصير والتطهير باسم المسيح مدعمة بفتاوى شرعية من البابا شخصياً ومن القساوسة والكهنة والملوك... كل ذلك باسم الدين([8]).

وفي الحرب الأخيرة في إقليم البوسنة والهرسك، وما فعله صرب البوسنة ضد المسلمين من وحشية تقشعر لها الأبدان، تحت سمع العالم وبصره، وبتواطئ بعض دوله وحماية البعض، وسكوت الآخرين وتغافلهم، حتى أوشكوا على إبادة شعب بأكمله، وما زالت الأخبار تحمل لنا كل فترة وأخرى عن اكتشاف مقبرة جماعية لمسلمي البوسنة والهرسك هنا أو هناك.

وما فعله اليهود في أهل فلسطين – لا سيما القرى المسلمة منها – قبية ودير ياسين وكفر قاسم... وغيرها من وحشية.

حتى في لبنان العربي، فعلت الكتائب المارونية النصرانية في المسلمين – لا سيما المخيمات الفلسطينية – ما يشيب له الولدان، وظهر الحقد الصليبي في تشويه جثث القتلى برسم الصليب عليها بالآلات الحادة.

كل هذه حقائق لا ينكرها أحد، والتستر عليها أو السكوت عنها لا يخدم الحياة، لأن الحاقد يتمادى في غيه إذا وجد تسامحاً وصفحاً، ونحن لا نقول بالانتقام – حاشا لله – فديننا لا يسمح بذلك، ولكن نقول بفضح هذه الممارسات وكشفها حتى يبطل زيف المتغنين بالتسامح والديمقراطية والتعددية والحرية، ويكفوا عن إلصاق مساويهم بديننا ومجتمعاتنا على طريقة "رمتني بدائها وانسلت".

3-    الركيزة الثالثة: عدم العُزلة أمام أهل الأديان الأخرى.

ولم يكتفِ الإسلام بمنح هؤلاء حرية الاعتقاد، والتسامح معهم فيما يؤمنون به ويعتقدون، بل راعاهم واعتنى بهم خير عناية، حيث أمر وسمح بمودتهم.

فقد نجد تسامحاً في مجتمع ما، ولكننا نجد بالمقابل عُزلة وعدم اختلاط، كما هو حادث مع اليهود، فقد يسمح لهم مجتمع ما يعيشون فيه بحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، لكنهم يعيشون منعزلين عن الناس في كنتونات أو حارات خاصة بهم، ولا تكاد تجد عاصمة أو مدينة لهم حضور فيها إلا وجدت لهم حارة خاصة بهم تعرف بـ (حارة اليهود) وهي شبه مغلقة على غيرهم، بينما الإسلام اتخذ خطوات عملية لاندماج أتباعه في الناس، وعدم العزلة عنهم، بحيث لا يشعر أهل الملل الأخرى أنهم منبوذون، فدعا المسلمين لمودة الآخرين، مودةً على جميع المستويات: عامة، وخاصة، وخاصة الخاصة.

فعلى مستوى العامة قال تعالى: ( ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭿ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ )([9])   ، وعن أنس (t) قال: كان غلام يهودي يخدم النبي (r) فمرض، فأتاه النبي (r) يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده([10]) فقال له: أطع أبا القاسم (r)، فأسلم، فخرج النبي (r) وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار"([11])، وكان عبد الله بن عمر يتفقد جيرانه اليهود، فقد ذُبِحَتْ له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي([12])؟ فهذه مودة عامة.

أما إذا ذهبت إلى بيته أو جاء إلى بيتك، فأكلت طعامه أو أكل طعامك، فهذه مودة خاصة، لأنه ليس كل من لاقيت في المجتمع وبينك وبينه مودة لقاء عابر قد طَوَّرَهُ إلى زيارة متبادلة أو مشاركة زاد (ممالحة طعام). فإن لهذه الخطوة الأخيرة أثر في القلب تزيد المودة والألفة، وقد سمح الإسلام بذلك أيضاً، فقد قال الله تعالى: ( ﯨ)([13])   .

فمما لا شك فيه أن التزاور وتناول الطعام درجة أعمق في المودة من مجرد لقاء عابر في الشارع أو معرفة في العمل.

أما المودة التي هي خاصة الخاصة فهي المصاهرة معهم، فقد تكون المودة بين شخصين على مستوى التزاور والطعام، لكنهما قد يرفضان امتزاج الدم بالدم في المصاهرة لسبب أو لآخر، لكنهما إذا رضيا بالزواج والمصاهرة فإنهما قبلا مودة أعمق ووشيجة أمتن، ولذا أباح الله تعالى للمسلمين التزوج من نساء أهل الكتاب. فقد قال تعالى: ( ﯨ ﯩ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ) ([14])  .

ولا بد من ملاحظة عدة أمور هنا، ففي مسألة الطعام يجب أن يكون الطعام حلالاً في ذاته، أما ما كان محرماً على المسلم لذاته كلحم الخنزير أو الخمر فلا يقبل من كتابي أو مسلم، فالحرمة هنا ليست بسبب دين من قدمها بل بسبب خبث الطعام ذاته.

وكذلك في الزواج، فما يُشترط في المسلمة من العفة والاستقامة والصداق يُشترط في الكتابية أيضاً، فلا تُقبل الزانية أو علاقة المخادنة، كما هو حاصل اليوم باسم الصداقة "بوي فرند" أو "جيرل فرند"، ومن هنا نقول أن الزواج الذي يتم بين مسلم وكتابية اليوم بعد المعاشرة معه ومع غيره سفاحاً زواج باطل، لأنه لا بد من إحصانها قبل الاقتران بها وواقع الحال لا يقول بذلك.

إذن، وبما تقدم يتبين لنا إنسانية المجتمعات الإسلامية وعالميتها بما لا يقبل مجالاً للشك، وبما ينفي عن المسلمين تهمة الإرهاب، أو عدم قبول التعددية أو كراهية الآخر وعزله.

أما مسألة الديمقراطية فواقع الحال يكذب هذه الفرية أيضاً. إن قوانين الديمقراطية وضعها الغرب، واستقدمتها الحكومات العربية والإسلامية جاهزة، وهي مرغوبة عند بعض الأنظمة مرفوضة عند آخرين، ومن رغب فيها رغب شريطة ألا توصل الإسلام إلى الحكم، فإذا وصل الإسلام إلى الحكم عن طريق الديمقراطية وفي ظل قوانين ودساتير الدول وتحت إشراف لجانها الانتخابية، وبإشراف أجهزتها المباشرة، قامت قيامتهم وألغوا الانتخابات أو سكتوا عليها لحين تدبير التفاف على القوانين بحيث تعدل تعديلاً يحول بين الإسلام ومن يمثله وبين الوصول إلى سدة الحكم، وإلا فالسجون والمعتقلا والكبت والتضييق، فإذا دافع المسلم عن نفسه وحقه، ورفض الظلم والتعذيب سموه إرهابياً، وقامت قيامة الإعلام وأجهزة الحكم ضدهم تشهيراً وتشويهاً. وما الجزائر ومصر وتركيا عنا ببعيد([15])، وما تهم التزوير وفوز أحزاب السلطة بخاف على أحد، وما الغرب المتباكي على الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بغافل عن ذلك ولكنه راضٍ ومتواطئ طالما أن الأمر في النهاية سَيُـقَـزِّمُ الإسلام والإسلاميين، ويعلي شأن العلمانية.

               

([1]) الحُجُرات: 13.

([2]) حديث صحيح. انظر صحيح  الجامع الصغير وزيادته 2/838 رقم 4568، وتفسير ابن كثير 6/388.

([3]) رواه أحمد من حديث أبي النضرة. المسند 5/411.

([4]) البقرة: 256.

([5]) سورة «الكافرون».

([6]) الصديق أبي بكر للدكتور محمد حسين هيكل، ص96.

([7]) تاريخ الطبري ج 4 ص 159 السنة الخامسة عشر (ذكر فتح بيت المقدس).

([8]) لمزيد من التفاصيل تراجع الكتب التي تحدثت عن سقوط الأندلس، وعلى سبيل المثال كتاب محاكم التفتيش للدكتور علي مظهر مطبعة أنصار السنة المحمدية 1366هـ - 1947م.

([9]) الممتحنة: 8- 9.

([10]) أي كالمستطلع لرأيه.

([11]) رواه البخاري، كتاب الجنائز 2/118.

([12]) رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب. انظر الترغيب والترهيب ج 3

ص 362 رقم 36.

([13]) المائدة: 5.

([14]) المائدة: 5.

([15]) هذا في القرن العشرين، فإن هذه المحاضرات أُلْقِيَتْ في ذلك الوقت.