خطورة تكريس الشعور بالعجز لدى المتعلمين من طرف المربين وأولياء الأمور
خطورة تكريس الشعور بالعجز لدى المتعلمين من طرف المربين وأولياء الأمور عن طريق عبارات جارحة يوجهونها إليهم لا يلقون لها بال وهي عليهم وبال
ليس من السهولة فهم نفسية الناشئة المتعلمة في كل مراحل التعليم وأسلاكه ، والتصرف معها على ضوء ذلك . وقد يكون المدرسون على درجة عالية من الخبرة والمعرفة بطرق وأساليب التدريس، لكنهم لا يلقون بالا إلى نفسية المتعلمين من خلال ما يتلفظون به من عبارات جارحة في حقهم لا يلقون لها بال وهي عليهم وبال . وقد يكون أولياء أمور هؤلاء المتعلمين على درجة عالية من المعرفة والثقافة لكنهم يقعون أيضا في خطأ الإساءة إلى نفسية أبنائهم وبناتهم من خلال عبارات محبطة دون الانتباه إلى آثارها الخطيرة المكرسة للشعور بالعجز لديهم ، وهو ما يتسبب في فشلهم في التحصيل مع رسوخ الاعتقاد لديهم بأن عجزهم دائم والتسليم بذلك طيلة حياتهم، الشيء الذي يفوت عليهم فرص استغلال ملكاتهم الحقيقية ، و فرص تبوء ما كان من المفروض استحقاقات حرموا منها بسبب آفة الشعور بعجز متوهم لديهم من سوء تقدير أولياء أمورهم أو مربيهم أو جميعهم وقد اعتمدوا في ذلك على انطباعات خاطئة وغير مبررة ولا دليل عليها .
ومما يوقع أولياء الأمور والمربين في تلك الانطباعات الخاطئة ما يواجه المتعلمين من صعوبات أثناء التعلم دون استحضار مسلمة أو بديهية مفادها أنهم متعلمون لا يمكن التسرع في الحكم على بطء استيعابهم لما يلقن لهم قبل التأكد من أنه يناسب قدراتهم الذهنية ، والتأكد من سلامة التلقين ونجاعته ، واعتماده الأنسب من طرق وأساليب التعليم ... إلى غير ذلك من العوامل المؤثرة في العملية التعليمية التعلمية ، وفضلا عن هذا لا بد من معرفة الظروف التي يعيشون فيها والتي من شأتها أن تكون مما يعوق مسارهم التعلمي الطبيعي .
ونسبة المربين وأولياء الأمور العجز للمتعلمين دون إلمام بكل ما يتحكم ويؤثر في تعلمهم انطلاقا من ملاحظات سطحية عابرة عبارة عن مغامرة غير محمودة العواقب . و في هذا الصدد أستحضر دائما حكاية إحدى المتعلمات التي وقع من قاموا بتوجيهها في سوء تقدير فوجهوها خطأ توجيها غير التوجيه الأنسب لها ، ودعت ظروف هجرة والدها إلى بلد أوروبي إلى إعادة توجيهها فوجهها البلد المستقبل توجيها يناسب مؤهلاتها من خلال اعتماد قياس علمي دقيق لم يعتمد في بلدها الأصلي مع الأسف، فصارت تلك التي حكم عليها بالعجز صيدلية بعدما كان ولي أمرها ينعتها بالبقرة ، وهو نعت قدحي في ثقافتنا المغربية يقصد به الغباء بناء على نتيجة توجيهها الخاطىء الذي أقنعته به الجهة الموجهة ، وكانت النتيجة أن متعلمة تنعت بالبقرة في بلدها صارت صيدلية في البلد الذي هاجر إليه ولي أمرها . والسؤال المطروح كم لدينا من متعلمين ينعتون بما نعتت به هذه المتعلمة أو بنعوت أقبح، وهم في الحقيقة عكس من ظن بهم من عجز أوغباء، وربما كان منهم عباقرة قد عطلت مواهبهم ظلما بسبب سوء تقدير أو سوء توجيه.
ولا زال موضوع إحباط المتعلمين من طرف المربين ومن طرف أولياء أمورهم عن طريق ما يوجهونه إليهم من عبارات مثبطة لا يلقى اهتماما لدى من يفترض فيهم الوعي به والمسؤولية المباشرة عن الناشئة المتعلمة بالرغم من خطورته عليها وعلى مستقبلها . وكل مرب أو ولي أمر ينعت المتعلم بالعجز يكون هو الأجدر بهذا النعت .
ونأمل أن تتغير عما قريب سيادة ذهنية إحباط الناشئة المتعلمة دون وعي بخطورة ذلك عليها ، وهي رأسمال الوطن الذي لا تقدر قيمته بثمن .
وسوم: العدد 918