حول أدب الثورة الفلسطينية

شاكر فريد حسن

[email protected]

أدب الثورة الفلسطينية هو أدب الأرصفة والشوارع ، أدب الرفض والمقاومة والاحتجاج المشروع على القهر والظلم والعسف والعدوان والاحتلال والهزيمة، ونشدان الحرية والديمقراطية والاستقلال الوطني.

وهو أدب واقعي، وطني وديمقراطي وتقدمي ويساري النزعه، ويرتكز على أيديولوجية طبقية ثورية تستند إلى المنهج الجدلي الشامل، ويحمل موقفاً نقدياً حاداً ضد الفكر القومي الرجعي ، ويرتبط جدلياً بقضيتي الشعب والوطن ، وينحاز إلى جموع الفقراء والجياع والمسحوقين .

والطابع المميز لهذا الأدب الذي جاء من رحم الثورة وعمق الجرح الفلسطيني النازف من جماهيريته وجماليته وبساطته ووضوحه وصدقه ودفئه الإنساني ، وحرارة التجربة ، وموسيقى الكلمة ووقعها الجميل ، عبر الرؤيا والمكان واللغة الحديثة والنفحات الثورية الصادقة الزاخرة بحب الوطن والتشبث بالأرض والتراب والتراث والهوية القومية والطبقية ، المليئة بالصور الشعرية الجميلة المعبرة عن قضايا الشعب اليومية ومشاعر العزة القومية والفخر الإنساني وآمال الحرية ، وعن الصمود والتحدي والحزن والألم والقهر والموت ، والإصرار المتفائل رغم القيد والطوق والحصار .

ازدهر أدب الثورة الفلسطينية بين الناس والقطاعات الشعبية الواسعة مع صعود ونمو حركات التحرر الوطني وقوى اليسار الثوري والنضال الوطني الفلسطيني ، واحتل مكانة مرموقة في خريطة الثقافة العالمية الإنسانية لأنه نابع من تفاعل حقيقي وتعاطٍ جاد مع الواقع الموضوعي ، وساهم في صياغة البديل الديمقراطي الإنساني ومقاومة الأيديولوجيات المعوقة وترسيخ أفكار التقدم والتحرر والإنسانية ، وشحن الجماهير بالوعي الثقافي والكفاحي وزادها قوة والتحاماً وتوقداً بجمر عشق الأرض .

وقد نجح أدب الثورة الفلسطينية عبر مراحله المختلفة في رصد الأحداث السياسية والوطنية وإدانة قوى الاستعمار والصهيونية والرجعية ، ونقل مشاعر الجماهير الوطنية والتعبير عن آمالها وجراحاتها وهمومها اليومية ، وطرح مشاكلها الاجتماعية الأساسية ، والتأكيد على انتمائها لجذور حضارية مشرقة ضاربة في عمق وأغوار التاريخ ، والتفاعل والتعاطف الإنساني الصادق مع آلام البشرية المعذبة جمعاء .

إن أدب الثورة الفلسطينية يعبق برائحة البرتقال والبحر والموج ، ومعبأ بالحنين والشوق واللوعة والغربة والحلم الثوري والانبعاث والإضاءة الإنسانية المضادة لبؤر البؤس والقهر والاستلاب ، وهو سجل أمين  للواقع الحياتي السياسي والاجتماعي والنضال والثورة ، وصرخة مدوية توقظ الوعي وتثير الإحساس وتلهب الحماس وتعلن الغضب على الحرمان والاضطهاد ، ومن اجل الحرية والاستقلال ورفاهية الشعب وإقامة مجتمع مدني تسوده الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .