لم يُدرك حذيفةَ بنَ اليمان ، فأيَّ جيل من أجيال الأمّة ، سيُدرك؟
ثمّة حديث ورد في الصحيحين ، عن حذيفة بن اليمان ، قال :
كان الناس ، يسألون رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، عن الخير، وكنت أسأله عن الشرّ، مخافة أن يدركني ! فقلت : يارسول الله ، إنّا كنّا في جاهلية وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بَعد هذا الخير من شرّ؟ قال : نعم .. قلت : وهل بعد ذلك الشرّ من خير ؟ قال : نعم ، وفيه دخن .. قلت وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر.. قلت : فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال : نعم ؛ دعاة على أبواب جهنّم ، مَن أجابَهم إليها ، قذفوه فيها .. قلت : يارسول الله ، صِفهم لنا .. فقال : هم من جلدتنا ، ويتكلّمون بألسنتنا .. قلت: فما تأمرني ، إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم .. قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلّها ، ولو أن تعضّ بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت ، وأنت على ذلك !
والأسئلة المنبثقة عن هذا الحديث ، في واقعنا ، اليوم ، هي كالتالي :
هل للمسلمين ، اليوم ، جماعة وإمام ؟ إذا كانت لهم جماعة ، فمَن هي ؟ وإذا كان لها إمام، فمن هو؟
ثمّة جماعات كثيرة ، في العالم الإسلامي ، اليوم ! وكلّ منها تدّعي أنها جماعة من المسلمين ، وليس بينها جماعة ، تدّعي أنها جماعة المسلمين ! فإلى أيّ تلك الجماعات ينتسب المسلم ، وأيّة جماعة منها يَلزم ؟ ومن أية زاوية يُنظر، إلى كلّ جماعة :
من زاوية تجذّرها في التاريخ ؟ من زاوية تمدّدها ، وانتشارها في العالم ؟ من زاوية الشعارات التي ترفعها ؟ من زاوية برامجها وأدبياتها المعروضة على الناس ؟ من زاوية الثقة بمؤسّسيها ؟ من زاوية وجود عدد من المستقيمين الثقات ، في صفوفها ؟ من زاوية كثرة العلماء والأدباء والمفكّرين ، بين المنتسبين إليها ؟ من زاوية قوّة بأسها ، في الدفاع عن معتقداتها وأفكارها ؟
وسوم: العدد 920