هذه غَدرةُ فلان !
عن عبدالله بن مسعود ، عن النبيّ ، أنه قال : لكلّ غادر لواء ، يوم القيامة ، يقال : هذه غدرة فلان !
وقال النووي : لكلّ غادر لواء ، أيْ علامة يشتهر بها في الناس ؛ لأن موضوع اللواء، الشهرة ! وكانت العرب تنصب الألوية ، في الأسواق ، لغدرة الغادر، لتشهيره بذلك !
وفي هذا الحديث دليل ، على أن الغدر من كبائر الذنوب ؛ لأن فيه هذا الوعيد الشديد ! وعن عبدالله بن عمرو ، قال ، قال رسول الله : أربعٌ مَن كنّ فيه ، كان منافقا خالصاً ، ومَن كانت فيه خصلة منهنّ ، كانت فيه خصلة من النفاق ، حتى يدعها : إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصَم فجَر!
فماذا يرى الناظر ، في تعامل الناس ، فيما بينهم ، اليوم ؟
لقد صار الغدر، هو السمة البارزة ، في تعامل الناس فيما بينهم ، اليوم ! والأمثلة كثيرة لاتكاد تحصى ، منها ، على سبيل المثال :
عسكري في موقع مرموق ، يثق به زملاؤه ، فيقوم بانقلاب عسكري ، يطيح فيه بزملائه ورفاق دربه ، الذين وثقوا به .. ثمّ ينفرد ، وحده ، بالسلطة ، ويقضي على زملائه : إمّا بالاعتقال أو بالقتل ، أو بالنفي ، أو بالملاحقة والمطاردة ! وقد يعتقل أناساً من أهليهم وذويهم ؛ كي يسلم الهارب منهم نفسه ، لسيّده الجديد ، ليبطش به .. أو يعتقل أهل المطلوب نكاية به ، وحقداً عليه !
شخص يدّعي أنه معارض لحكام بلاده ، يصفّ مع المعارضة ، فترة من الزمن ، فيثق به باقي المعارضين ، ويطلعونه على أسرارهم ومخططاتهم .. ثمّ يشي بهم للحكّام ! وقد يوصف بعض هؤلاء الغادرين ، بأنه : عائد إلى حضن الوطن !
رجل وثق به شخص متوار عن السلطة ، فدلّ عليه أجهزة الأمن ، مقابل حظوة لدى الحاكم ، أو دراهم يقبضها منه ! وكثيرا مايُقتل الغادر، على أيدي أنصار المغدور به ، أو أيدي بعض أهله !
رجل وثق به رجل آخر، واتّخذه صديقاً ، ثمّ فوجئ بأن الصديق، يأكل عرضه في غيابه، ويخوض في غيبته مع الخائضين !
وسوم: العدد 921