رسالة رفع علم الثورة السورية في الأقصى
كما كانت الثورة السورية كاشفة وفاضحة لكل الأنظمة التي تدعي حماية الحقوق والحريات، كانت كذلك وقفة الفلسطينيين في المسجد الأقصى حالها كحال الثورة السورية فاضحة وكاشفة كذب وادعاءات الممانعة والمقاومة، فلم نسمع صوتا لا لحزب اللات ولا لإيران الخمينية ولا للحوثية الروافض، ولا لفيلق القدس الذي ما صنع من أجل القدس ولا تنصيب مجرم الحرب بشار له علاقة بالممانعة والمقاومة، وقد توحد كل هؤلاء الذئاب تحت راية قتل الشعب السوري وذبحه وتدمير مدنه وبلداته وقراه وتهجير نصف أهله إلى المخيمات والشتات في كل أصقاع العالم، وكأنهم يرون أن تحرير الأقصى يبدأ من إبادة هذا الشعب والقضاء عليه، وهذه هي ورقة التوت الأخيرة التي كانت تخفي سوءاتهم وصلتهم بقضايا الأمة.
أما المرابطون من أجل الأقصى فأرسلوا لنا الكثير من الرسائل التي تحتاج إلى القراءة والوقوف أمامها ومطابقتها لمسيرة ثورتنا المباركة، فرسالتهم الأولى بسيطة ودقيقة وهي أن الحل بأيدينا، وأيدينا فقط؛ فلم يهتموا بالمجتمع الدولي وآلياته، ولم يبحثوا عن مواقف الدول، ولم ينتظروا تصريحا من دولة أو دعماً من أخرى، بل أخذوا زمام المبادرة وقالوا نحن المبتدأ والخبر، من هنا ننقش الحروف على جدران الزمن بأيدينا ولو كانت خالية وبصدورنا ولو كانت عارية.
ومن رسائلهم أنهم لم يقبلوا بالحلول الوسط فلقهر العدو والانتصار عليه طرق عدة ونتيجة واحدة، لا تختلف النتيجة باختلاف الطريق، فكل ما لا يؤدي لتحقيق المطالب كاملة فهو طريق خطأ والمسير فيه حرام، والوقت جزء من النجاح أو الفشل فالمسكنات لا تجلب شفاء وإنما تفضي إلى الموت بهدوء، لسان حالهم يسأل لماذا ننفض ونترك الأرض طالما لم نأخذ كل ما نريد؟ ما معنى أن نقبل بالحلول الوسط ونحن في أيدينا الحل وأدواته؟ ما قيمة الحياة إذا ضاع الأقصى؟ وما قيمة الحياة إذا لم نعش بحرية وكرامة؟
وعلى الرغم من تعدد الفصائل في الشارع الفلسطيني، لم نسمع عن فصيل يبحث عن مكسب على حساب فصيل آخر، فالأزمة وحدتهم، وحدت قلوبهم وفعلهم، وحدت حركتهم وسكونهم وأصبح الجميع يعزف على وتر واحد رغم حساسيته ومرجعيته، إلا أن الجميع يحافظ على هذا الوتر أن يظل مشدودا فلو قطع فلا قيمة لفصيل أو زعيم.
ونتمنى أن نرى مثيله في مسار الثورة السورية، فمع كل أزمة تمر بالثورة لا يخطر ببال أحد عدم توحد الفصائل في الفعل والقول، وأن يرفع الجميع مصلحة سورية أعلى من علم فصيله.
وعلى الرغم من أن ما يحصل في الأقصى يبدو وكأنه أزمة دينية بامتياز إذ تتعلق بغلق المسجد الأقصى في وجه المصلين من أهل فلسطين، إلا أننا وجدنا أنفسنا أمام كل الفلسطينيين، وكل واحد منهم يسأل نفسه ما الذي يجب عليَّ أن أفعله؟ ولا يهتم بما الذي يجب أن يفعله الآخرون، ولا يكرّس وقته وجهده للجلوس وانتقاد غيره سواء كان يعمل أو لا يعمل.
القائم بأعمال قاضي قضاة فلسطين بالقدس تلا بيان النصر، داعيا كل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى الدخول إليه بشكل جماعي وإلى ساحات المسجد المبارك، والجميع استجاب لدعوته ودخلوا إلى باحات المسجد الأقصى المبارك مهللين مكبرين.
في النهاية نجد أن كلمة السر الكاسرة لكل القيود والمحققة للنصر الأكيد هو الثقة بأنفسنا وأننا قادرون على تحقيق النصر الذي يحتاج إليه الشعب السوري ودفع ثمنه غاليا ولم يحصل عليه بعد.
أيها المرابطون العزل نشكركم فقد تعلمنا منكم الدرس وباقي علينا التطبيق والعمل، وما أبواب دمشق بعيدة على الفتح إن عزمنا على ذلك بعد فتح أبواب المسجد الأقصى.
المصدر
*سوريا-10/5/2021
*الجزيرة مباشر-6/8/2017
وسوم: العدد 928