بيان الإعلاميين الأميركيين نصر مبين للحقيقة والحق في فلسطين
عقب الحرب الإسرائيلية العدوانية الأخيرة على غزة ، تلاحقت المواقف الإيجابية الجريئة في الغرب نُصرةً للحقيقة والحق في فلسطين ؛ الأمر الذي يبشر بتحولات عميقة في القضية الفلسطينية إنصافا للشعب الفلسطيني ، واقتصاصا من إسرائيل المغتصبة المارقة . ومن هذه المواقفِ البيانُ الذي وقعه 514 إعلاميا أميركيا ، بعضهم من كبريات الصحف وأبعدها عراقة مثل " واشنطون بوست " ، و " وول ستريت جورنال " ، و " لوس أنجلوس تايمز " ، وليس بينها " نيويورك تايمز " . وظهر البيان بعنوان " رسالة مفتوحة حول تعامل وسائل الإعلام الأميركية مع فلسطين " ، حثوا فها على " إنهاء إخفاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي وقمعه الممنهج للفلسطينيين " في الأخبار الموجهه للمواطن الأميركي الذي اعترف هؤلاء الإعلاميون في رسالتهم الجريئة النبيلة أنهم خذلوه " برواية حجبت الجوانب الأساسية للقصة : الاحتلال العسكري الإسرائيلي ، ونظام الفصل العنصري " اللذان تمارسهما إسرائيل ضد 8 ملايين فلسطيني بين النهر والبحر . البيان نصر مبين للحقيقة والحق في فلسطين ؛ الحقيقة التي شرع الصهاينة في قتلها منذ بداية مشروعهم حين زعموا أنهم إنما يقيمون دولتهم في أرض لا شعب فيها له مدنه الحاضرة التي صدر قانون بلدياتها في 1859 ، وقراه العامرة ، وحقوله الزاهرة . وتابعت الدولة التي أقاموها في 1948 في التراب الفلسطيني العمل لتوسيع قتل الحقيقة في كل مكان وصلت إليه ، وفي ذات الوقت قتل وجرح وسجن كل من وصلت إليه يدها الشريرة في الوطن الفلسطيني أو خارجه إسرافا عمليا وحشيا لقتل حقيقة الجريمة التاريخية الكبرى التي اقترفتها ضد الشعب الفلسطيني . ومنذ احتلالها للضفة وغزة في يونيو 1967 اعتقلت لفترات متعددة أكثر من مليون فلسطيني من الطفل حتى الشيخ ، ومن الطفلة حتى المرأة ، وما بينهما ، ومنحت نفسها الحق المطلق في فعل ما تشاء بالفلسطينيين وما بقي في يدهم من أرضهم في الضفة وغزة مصممة وطامعة في محو ما يسمى فلسطين وفلسطينيين لتحل محلهم دولة عنصرية مجرمة لا يمس شعورها لمسة ندم لفتكها بضحاياها في ابتعاد مرير شاذ عن كل ما هو إنساني ومألوف . وأبدا لا يحيق المكر السيء إلا بأهله . هذا شرع الله _ جل قدره _ الصارم النافذ في ملكوته ، لا فرق في نفاذه بين مؤمن وكافر . الله _ تبارك اسمه _ بنى الكون على الاستقامة ، وحرم الاعوجاج ، وأي اعوجاج عمره قصير . وهذا ما آلت إليه الرواية الصهيونية الإسرائيلية الكاذبة التي تقترب الآن من لفظ أنفاسها النهائية في تجليات قوية تكاثرت قبل العدوان الأخير على غزة ، ونمت كثرةً بعده . ومنها بيان الإعلاميين الأميركيين ال514 الذي ننتظر أن يلقى ترحيبا وتحبيذا واسعين في أميركا وأوروبا وسائر أرجاء العالم ، وسيرا في طريقه العادل القويم من مؤسسات إعلامية وبحثية وأكاديمية عديدة ومؤثرة في الرأي العام وفي صنع السياسات الرسمية . وحتما مسلما به سيلقى محاربة ضارية من مؤسسات وقوى أخرى تساند باطل إسرائيل وتسوغه بفاسد المسوغات . وقبل بيان الإعلاميين الأميركيين الجريء المنصف أسس نواب بريطانيون محافظون ومحامون ونشطاء وخبراء إعلام في لندن " المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين " لتنظيم إطار قانوني فعال للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ، والتصدي لمحاولات إسكات الأصوات التي تذود عن حقوقهم . والغريب المنكر المهول في غرابته ونكره أن نلقى في العالم العربي نقيضا فاجرا مستقبحا للأصوات الغربية الأميركية والأوروبية المتجهة لنصرة الحق الفلسطيني ، فيتفطر قلب وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد ، ويلوم الدول الغربية لعدم تصنيفها حماس حركة إرهابية ! موقف غريب منكر في ذاته بصفته رذلا لا أخلاقية فيه ، لكنه ليس غريبا من هذا الصنف من الحكام المنسوبين للعرب في حدود الاسم ، وكفى . أما قلوبهم ومالهم ، وسلاحهم الذي يقاتل به مرتزقة فمع إسرائيل وسائر أعداء العرب والمسلمين . وليؤتيَ البيان الإعلامي الأميركي وسواه من المناصرات للحقيقة والحق في فلسطين نتائجه المرتجاة يتحتم انطلاق جهد فلسطيني في ذات الاتجاه لمؤازرة أصحاب هذه المواقف بالمعلومات الموثقة ، والمصورات الشاهدة الموضحة للحقائق ، والمال ، فلا شيء يُنجَز لبيان الحقيقة ونصرة الحق دون معلومات ومصورات وتخطيط ومال ومثابرة ومصابرة . المعركة هنا رهيبة متعددة الجوانب والوسائل والساحات والجنود ، وتكون أحيانا أقسى وأضنى من معركة النار والدماء ، وأبعد تأثيرا في نتائجها . المؤسي للروح والكاسر للقلب أنه ما من جهة فلسطينية تعد لهذه المعركة عتادها في غيبة قيادة فلسطينية موحدة تقود طاقات الشعب الفلسطيني في هذه المعركة ، معركة البقاء أو الزوال . ماذا نتوقع من "القيادة " الفلسطينية القائمة التي منعت تليفزيون فلسطين من بث مشاهد وأخبار فرح المواطنين في الضفة بانتصار غزة ، ولم يفعل سفراؤها في العالم ،وهم في عدد سفراء دولة عظمى ، أي شيء في هذا الاتجاه ؟! واليقين أنهم فعلوا خلافه مثل قيادتهم . إنما المؤكد أن الريح في العالم شرعت تأتي بما لا تشتهيه سفينة قرصنة إسرائيل ، وستوالي هبوبها في اتجاه مضاد حتى تعجز هذه السفينة عن الحركة وتغرق . وهذا هو المآل المرسوم المحتوم قدريا لكل ما أنشىء على أسس الكذب والجريمة والظلم ، وهي الأسس التي أنشئت عليها إسرائيل ،وسيكون الإسرائيليون في طليعة من يحطمون هذه الأسس تصديقا لقوله _ سبحانه _ : " يخربون بيوتهم بأيديهم ... " ، وانطلقت طلائع هذا الإخراب عندهم فعلا ، وهي آخذة في التمدد والتعمق مسنودة بضربات من صنف بيان الإعلاميين الأميركيين ال514، وما سيليه من مواقف تنصر الحقيقة والحق في فلسطين . لن يكون قصيا اليوم الذي سيحمل فيه المستوطنون المتسرئلون الأشلاء المتفسخة لجثة روايتهم المزورة ، ويغادرون فلسطين ، وستكون دولتهم " كابوس ليلة شتاء " من شتاءات التاريخ العابرة .
***
ليس استرسالا جانبيا أن نضيف التالي : وصلت إلى غزة شاحنات من مصر تحمل كراتين أدوية كتب في بيان حمولتها أنها 5000 كرتونة ، وعند إنزالها كانت المفاجأة : الموجود 50 كرتونة ! وهذا ما عرضته الجهات المختصة في غزة بالصورة . كتبنا من لحظة سماعنا عن "تبرع " نظام السيسي ب 500 مليون دولار مساهمة في إعادة إعمار غزة أن المبلغ من الإمارات وإسرائيل ، وأنه جزء من الحرب والتآمر على غزة وفلسطين والأمة . وكل هذا بات الآن عاريا . الحرب بأدوات عربية مباشرة بعد انفضاح عجز إسرائيل وخيبتها في حربها الأخيرة . وجود إسرائيل قائم على دعائم عربية أكثر وأخطر من الدعائم الغربية والإسرائيلية ذاتها . ومحاربة الدعائم العربية يجب أن تتقدم على محاربة الدعائم الغربية والإسرائيلية . هذه هي السبيل الصحيحة لانتصار أمتنا . العدو في داخلنا . و " سوى الروم خلف ظهرك روم " .
وسوم: العدد 933