في الشدّة يقاس الصبر، وفي النقاش يقاس العقل ، وفي الموقف يقاس البَشَر!
في الشدّة يقاس الصبر:
الصبر حالة خاصّة ، تناسب الشدائد ؛ فهذه تحتاج ، أول ماتحتاج إليه الصبر! والصبر مرّ، وقد قال ربّنا ، عزّ وجلّ : إنّ الإنسان خُلق هَلوعاً * إذا مسّه الشرّجَزوعاً* و إذا مسّه الخير منوعاً *). وقال سبحانه عن الصبر: (إنّما يُوفّى الصابرون أجرَهم بغير حساب ).
وأنواع الصبر كثيرة : الصبر في البأساء والضرّاء وحين البأس ..والصبرعن المحرّمات،
والصبر على أذى المقرّبين ، من أهل وولد وأقارب .. والصبرعلى الجاهلين من الناس ، قال تعالى : (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ).
وكلما كان الأذى ، الذي يصبر عليه الانسان ، شديداً ، كبرت قيمة الصبر، وعظمت قيمة الأجر! ويصعب تعداد أنواع الصبر؛ فهي متعدّدة ، بتعدّد الأصناف التي يتعرّض لها الإنسان في حياته ، من أنواع الأذى ، ومن أصناف المغريات المحرّمة ، التي يتجنّبها صبرا واحتساباً !
في النقاس يقاس العقل:
عند المحاورة والمناظرة ، والجدال والمناقشة .. تظهر قيمة العقل لدى الإنسان ! فالعقل والحكمة وحسن التبصّر.. تظهر كلها في المناقشة ! والبليد والأحمق ، والمتخلف عقلياً.. يعجزون عن الثبات في أيّة مناظرة ، بينهم وبين الحكماء ، وأرباب العقول الناضجة المتمرّسة ، في الحوار والمناقشة !
في الموقف يقاس البَشَر:
أمّا في المواقف ، فتظهر القيمة الحقيقية للبشر، وهي قيمة خلقية ، أساساً : تظهر في الحب والكره ، والمصالح الكبيرة ..! فربّما كان المرء يملك عقلاً جيّداً ، وينحاز، مع ذلك ، إلى ما يرى فيه مصلحة له .. أو ينحاز إلى قريب له ، في مسألة قضائية ..! وقد قال ربّنا ، عزّ وجلّ : (ولايجرمنّكم شنآنُ قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتّقوا الله ..).
وقد قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ، لقاتل أخيه زيد في حروب الردّة ، وقد هُدي القاتل إلى الإسلام : إني لا أحبّك ! فقال الرجل : أيمنعني ذلك شيئاً من حقّي ؟ فقال عمر: لا ! فقال الرجل : إداً، لاضير؛ إنّما تبكي على الحبّ النساء !
وسوم: العدد 937