بمناسبة العام الهجري، ماذا نريد من الأمة الإسلامية؟ وماذا نريد لها؟
[ باختصار من كتاب "حوارات ورؤى المستشار عبد الله العقيل". ص 163-164 ]
إنّ إطلالة العام الهجري الجديد على الأمة الإسلامية هي إطلالة خير وبركة، إن شاء الله تعالى، وهي فرصة للمراجعة مع النفس في استعراض ما انصرم من الأيام، وماذا فعل العبد فيها؟ فإن كان خيراً حَمِد الله تعالى، وإن كان غير ذلك ندم واستغفر وتاب وأناب وعزم على السير في طريق الحق والصواب، واستعان بالله عز وجل في تسديد الخُطا والسير قُدماً فيما يُرضي الله تعالى.
والأمم والشعوب كالأفراد، في فترات ضعفها وقوتها تحتاج إلى وقفات تأمل في واقعها، ومراجعة لمسيرتها، حتى تتجاوز العقبات، وتسلك الطريق القويم الذي يوصلها لتحقيق أهدافها في الحياة الكريمة وسط عالم يموج بالأحداث والصراعات والتسابق الحثيث لتحقيق الانتصارات في سائر الميادين ومختلف المجالات.
وإنّ الأمة الإسلامية التي هي خير أمة أُخرجت للناس، والتي بفضل الإسلام سادت الدنيا، وعمرت الحياة بحضارتها ومبادئها الفاضلة وأحكامها العادلة، حيث حرّرت المظلومين، وانتصبت للتصدي للطغاة والجبارين من الروم الأباطرة والفرس الأكاسرة الذين كانوا يتحكمون في البشر، ويسوقون الشعوب لخدمة أنظمتهم الباطلة، وشهواتهم العارمة، ونزواتهم الطائشة، حيث إنّ الإسلام دين لهداية البشرية وسعادتها، وليس لإذلالها وامتهان كرامتها.
إنّ الإسلام العظيم أطلق صيحات التحرير من العبودية لغير الله، ومن الخضوع لغير الواحد الأحد الفرد الصمد، وجعل الناس سواء، لا فرق بين أسود وأبيض، ولا بين عربي وعجمي، فالناس لآدم وآدم من تراب، وأكرم الناس عند الله أتقاهم، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم يدٌ على مَن سواهم، وأخوّة الإسلام والدين تسمو على ما عداها من أخوة النسب أو الطين. (إنما المؤمنون إخوةٌ). {سورة الحجرات: 10}.
هذه المعاني هي التي سادت العالم في ظل الإسلام، فكانت الحياة الوارفة، والحضارة السامقة، والأمجاد الرفيعة، ثم اعترى الأمة من عوامل الضعف ما أفقدها مكانتها، وسلب منها سيادتها وجعلها في ذيل القافلة تقاد من غيرها، وتستغل خيراتها، ويضطهد مواطنوها، وتهدر أموالها، وتنتقص أراضيها، وتنتهك حرماتها، وتسام أشد أنواع الخسف في الشرق والغرب على حد سواء، وليس لها من مخرج إلا أن تعود إلى إسلامها، وتتمسك بعقيدتها، وتأخذ بأسباب القوة ووسائل النصر، وتُحَكّم شرع الله في أفرادها وجماعاتها، وتنزل على أحكام الإسلام في كل أمورها صغيرها وكبيرها، وتنبذ التبعية للكافر المستعمر، وتلتقي على الإسلام وأخوّة الإسلام في وحدة صادقة وعمل بناء ومنهج سديد.
وسوم: العدد 941