من يجرؤ ؟؟؟
في القصيدة المنسوبة إلى الفرزدق، المجهولة القائل على الحقيقة، ويؤسفنا أن قصيدة في مثل ذاك الجمال يضيع صاحبها، والتي قيلت في الرد على هشام بن عبد الملك الخليفة، عندما سأل عن زين العابدين بن علي ، من هذا ؟؟؟ وهو يرى الناس في صحن الطواف ينفرجون له، ولم يبالوا قبلا بموكب الخليفة ؛ شطر بيت ينحط عن المعنى الجميل والمقام السامي الذي يجب أن يكون عليه السيد النجيب، والمعلم والرشيد ...
يقول قائل تلك الأبيات :
إن قال قال بما يهوى جميعهمُ ..وإن تكلم يوما زانه الكلم ..
والأجمل والأصوب في المقام والمديح أن ينقلب المعنى في الشطر الأول إن قال قال بالقول جميعهم ..
بحيث يكون الجميع تابعا للسيد المسود وليس العكس ، على طريقة القيادات المحمولة على هدير سيل العامة والجماهير ..
ومن هنا اليوم عندي سؤال ما أزال مدى عمري أطرحه : من يقول للجماهير "لا " عندما تنساق وراء الهوى، وتجنح مع العاطفة، وتتبنى الرأي المرجوح أو الخاطئ أو الذي يقود ها إلى وادي نهلك ...
لقد كتب المفكر الفرنسي " غوستاف لوبون " في سيكولوجية الجماهير كتابا فقسا عليهم أيما قسوة . ولم يكن الأمر في مقولات تراثنا التاريخية أحسن حالا فبينما يقول البعض" لله در العوام يطفؤون الحريق ويرهبون الزنديق " يقول آخرون " العوام كالهوام " و" العوام يتبعون كل ناعق" ويكتب أبو حامد الغزالي" لجم العوام عن الكلام " ويقول في مواضع كثيرة من كتبه" لو نهي الناس عن فت البعر لفتوه وقالوا ما نهينا عن فته إلا وفيه شيء" !!
ومع أننا في هذا العصر نحتاج إلى إعادة تحرير من هم "العامة" ومن هم الخاصة، أو النخبة إلا أن هذا لا يعفينا من بحث جواب عن سوال ...
من المسئول عن تصحيح الأخطاء أو الخطايا التي يتبناها الجمهور من غير علم ولا معرفة ولا حسن تقدير ...
بعبارة جماهيرية سوقية سيرد علي بعضهم " البروليتاريا" لا تخطئ ..جواب طالما رددوه وهم يمتطون أكتاف هذه الجماهير ...
من يجرؤ أن يخرج على جمهور ساخط غاضب متوتر متألم تقوده جراحه، فيقف وقفة حازم ويتشح بالحكمة وبعد النظر فيعيد التصويب والتسديد ..
وإذا سألتنموني قلت : لا أكاد أجد أحدا ...
من يجرؤ أن يعيد تقديم الحق والصواب، ويقول للناس قولا ولا يخشى أنهم لا يتابعونه عليه...
كون عدوي على باطل لجلج قبيح لا يعني أن كل ما أنا عليه حق أبلج صريح.!!
وأقول وهذه هي الأمانة التي أخذها الله على أهل العلم ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ) ولكل علم أهل ذكره العالمين بغوره السابرين لطرقه ....أكتب هذا وأسمع في فضائنا تتطاير الأقاويل ...
وسوم: العدد 946