مجلة "المربي"، عشر سنوات من الصدور
مجلة "المربي"، عشر سنوات من الصدور،
عشرات الآلاف من النسخ، وثمانية عشر عددا
عثمان أيت مهدي
المتردد على الأكشاك والمكتبات الجزائرية يلحظ جليا النقص الفادح في المجلات المتخصصة، وكثرة الجرائد اليومية المستنسخة مواضيعها عن بعضها البعض. وزارتنا للتربية بحجم بلد إفريقي من حيث عدد المتمدرسين تفتقد لمجلة متخصصة تهتم بقضايا التربية والتعليم، مشاكل المدرسة، الصعوبات التي يعانيها التلميذ والأستاذ معا في تحقيق الأهداف المتوخاة من منظومتنا التربوية. وما يقال عن وزارة التربية يقال أيضا عن باقي الوزارات، والمراكز والدواوين التربوية والعلمية والتاريخية.. جفاف فكري وأدبي، صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا شجر، أنت في السابق مخير بين "الشعب" و"المجاهد"، وفي الحاضر بين "الشروق" و"الخبر" وكأنّ الجزائر مختصرة بحجمها القاري في عنوانين لا ثالث لهما.
تعرفت على مجلة "المربي" الصادرة عن المركز الوطني للوثائق التربوية سنة 2008، كانت في عددها الحادي عشر، مجلة متخصصة يشرف عليها طاقم من أساتذة الثانوي والمتوسط من غير تخصص ولا قدرات على الكتابة والبحث والإبداع. صدر العدد الأوّل من المجلة شهر أفريل سنة 1994 قدّم لها الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد في صفحتها الأولى افتتاحية، تكلم فيها عن هذا الفضاء للتبادل الحر والمثمر في قطاعنا، وقناة مفضلة للتعبير عن معنى ووقع العمليات التي نقوم بها حاليا.
تعالج المجلة ملفا واحدا في كلّ عدد من زوايا متعددة، تمنح المواضيع للأساتذة في لقاء جماعي برئاسة مدير المركز ومدير التحرير، وبعد ذلك يباشر الجميع في البحث والكتابة. أصدر المركز الوطني للوثائق التربوية منذ ظهور العدد الأوّل سنة 1994 ثمانية عشر عددا، أي بمعدل عدد كلّ سبعة أشهر. تناولت فيها المجلة ملفات: التوجيه المدرسي، تدريس الفلسفة، تدريس الرياضيات، تدريس التاريخ والجغرافيا، التعليم ما قبل التمدرس، تدريس العلوم الطبيعية... الملاحظ عن المجلة التي تطبع طباعة فاخرة، وما لا يقل عن ثمان ألاف نسخة في العدد الواحد، أنها لا تباع في الأكشاك، ولا تسلم للمدارس مجانا بل عن طريق الاشتراك، ولا يتجاوز عدد المشتركين بضع من المئات، وبقية النسخ تكدس في مرائب المركز الوطني.
من أسباب كساد المجلة عدم تخصص طاقمها الذي يعتمد وسيلة النسخ واللصق في كتابة المواضيع، والأغرب من كلّ هذا مساهمة من حين لآخر لبعض أساتذة جامعة الجزائر بنشر مقالاتهم بالمجلة. والمتصفح لبعضها يرى ما لا يخطر بالحسبان، ولا يستسيغه البحث الأكاديمي ولا تقبله الأمانة العلمية، مقال منقول حرفيا من موقع بالأنترنات وبإمضاء الدكتور فريد حاجي أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر 2، وفي أعلى الصفحة صورة الدكتور، وهذا رابط المقال المنقول من صاحبه الأصلي:
http://www2.men.gov.ma/dajc/Livre%20blanc/T6.Arts/ArtsHistGeo.htm وهذا عنوان المقال بعد نقله لمجلة "المربي" بإمضاء الدكتور فريد حاجي: http://ara.cndp-dz.org/modules/news/article.php?storyid=59 كانت السرقات الأدبية بمجلة "المربي" يعتمدها أساتذة التعليم المتوسط والثانوي، الذين انتقلوا أو انتدبوا إلى المركز رغبة في الاستراحة من عناء التدريس والصراع مع التلاميذ المراهقين، ولم يكن انتدابهم من أجل البحث العلمي الذي يتطلب جهدا مضاعفا ورصيدا علميا وتربويا كبيرين، لكن، ونظرا لأنّ المجلة لا تصل إلى القراء ولا إلى المربين، وتخزن في مرائب لا تتوفر على شروط الحفظ، إذ سرعان ما تتبلل بالمياه المتقاطرة من السقف، ويبدأها التلف من سنة أول صدورها، راح الجميع يعبث بها، داسين الروح العلمية بأرجلهم، واضعين صورهم على المقالات المنقولة حرفيا للدلالة على أمانة سارقها.