عبد القادر ملا.. سيد قطب آخر
عمر الفاروق
في 13 ديسمبر، 2013، الساعة 06:10 مساء أمس في بلاد تدعى بنجلاديش كان هناك سيد قطب جديد!
تم تنفيذ حكم الإعدام بحق القيادي الإسلامي المعارض «الأستاذ عبد القادر ملا» مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية - أكبر الأحزاب الإسلامية هناك!
«الجماعة الإسلامية في باكستان والهند وبنجلاديش كانت جماعة واحدة أسسها الإمام «أبو الأعلى المودودي»- رحمه الله- وحين استقلت كل دولة عن الأخرى استقلت الجماعة الإسلامية في بنجلاديش عن شقيقتيها، لكن الأهداف والمبادئ وأساليب العمل للإسلام واحدة!
الجماعة الإسلامية- بصفة عامة- متأثرة بالأدبيات السياسية والدعوية لحركة الإخوان المسلمين، ولهذا فإنها تنتهج خط الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ونبذ العنف، والتغيير من خلال الأساليب السلمية!
لنفهم القضية... لماذا اعدموا الرجل؟!
قبل (41 عامًا) وبالتحديد في سنة (1971)م خاضت بنجلاديش حربًا ضروسًا (حرب الاستقلال) ضد باكستان للانفصال عنها بمساعدة القوات الهندية المسلحة!
عارض الأستاذ عبد القادر ملا (مع باقي قادة الجماعة الإسلامية) هذا المخطط التقسيمي والانفصال عن باكستان للحفاظ على كيانها الإسلامي في المنطقة في مواجهة العداء الهندوسي ولدعم استقلال كشمير!
الهند ومن خلال منافذها في بنجلاديش سعت إلى القضاء على الوجود الإسلامي المنظم الذي يعبر عن طموحات هذا الشعب المسلم من خلال تعزيز قوة الحكومة وحثها على محاربة الإسلاميين في بلادها!
قصة المحاكمة !
بعد مجيء الحكومة الحالية ببنجلاديش إلى الحكم عام 2008 قامت بإنشاء «المحكمة الدولية لجرائم الحرب» التي وجدت خصيصًا لمحاكمة من وصفتهم الحكومة «بمجرمي حرب»!
وفي أول حُكم من نوعه، قضت المحكمة العليا في بنجلاديش يوم (الثلاثاء 17 سبتمبر 2013م) بإعدام مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية الأستاذ عبد القادر ملا شنقًا بعد أن رفضت الطعن المقدم منه على الحُكم الصادر بحقه من المحكمة الدولية لجرائم الحرب في بنغلاديش بالسجن المؤبد!
وبذلك فإن المحكمة العليا قد غلظت العقوبة المفروضة عليه ونقضت بذلك لأول مرة في تاريخ جنوب آسيا حكمًا قضائيًّا صدر من محكمة استثنائية!!
على درب سيد قطب..! أعلن السجان خلال حديثه لوسائل الإعلام أن الأستاذ عبد القادر ملا يستطيع أن يقدم طلبًا للرئيس بالعفو عنه في غضون سبعة أيام، وهو ما يعني أن الفرصة كانت قائمة حتى 15 ديسمبر، وبعد ذلك وحسب قانون إدارة مصلحة السجون هناك فإن الأستاذ عبد القادر ملا يحصل على 21 يومًا أخرى قبل تنفيذ الحكم عليه!.
رد الشيخ: «إنني لم ولن أطلب عفوًا رئاسيًّا من أحد، فلا أحد في هذا الكون يستطيع أن يتحكم في حياة أو موت أحد، فالله سبحانه وتعالى هو وحده يقرر طبيعة موت عباده، فالحكم لن ينفذ بقرار أحد وإنما سينفذ بقرار رب العالمين، وأنا مؤمن بقضاء الله وقدره»!.
وصية الأستاذ عبد القادر ملا لأهله!
قامت عائلة الأستاذ عبد القادر ملا في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء بزيارته في محبسه في السجن المركزي بعد أن قامت إدارة مصلحة السجون بإخطارهم باللقاء معه بصفة عاجلة!.
وخلال اللقاء أبلغ الأستاذ عبدالقادر ملا أفراد عائلته بأنه لا يعرف شيئًا عن إخطار إدارة مصلحة السجون عائلته باللقاء معه، وقد علم بذلك بعد أن التقى بعائلته في السجن، مضيفًا بأنه وحتى الآن لم يتم تبليغه رسميًّا بموعد تنفيذ الحكم، ولم يقوموا بإجراء الفحص الطبي له قبيل تنفيذ الحكم!.
قال الأستاذ عبد القادر ملا لعائلته: «إنني كنت وليكم، وإذا قامت الحكومة بقتلي بطريقة غير شرعية وغير قانونية فإنني سأموت موتة الشهداء، حيث إن الله سبحانه وتعالى سيكون وليكم بعد استشهادي، فهو خير حافظا وخير ولي، ولهذا لا داعي للقلق، فأنا بريء تمامًا من جميع التهم التي وجهت إليّ».
وأضاف: «إنني وبسبب ارتباطي بالحركة الإسلامية في هذه الدولة تقوم الحكومة بقتلي، فليس كل واحد منا يستطيع أن يفوز بالشهادة، وهذا تكريم وشرف من الله عز وجل أن يسر لي أن أموت موتة الشهداء، وهو ما سيكون من أعظم ما اكتسبته في حياتي فالشهيد هو الذي يتذوق حلاوة شهد لا يشعر بها سواه، وكل قطرة من دمي سيعجل من سقوط الظالم المستبد وسيزيد الحركة الإسلامية قوةً ونشاطًا، فأنا لست قلقًا على نفسي بقدر ما أنا قلق على مستقبل هذه الدولة والحركة الإسلامية والصحوة الإسلامية في هذا البلد، وقد قدمت حياتي فداء للحركة الإسلامية والله على ما أقوله شهيد».
وفي النهاية، طالب مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية من عائلته أن يتحلوا بالصبر، لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي به سينالون الأجر من عند ربهم، إنني أطلب من الشعب الدعاء لأن يتقبل الله شهادتي، بلغوا سلامي للشعب!
زوجة الشيخ عبد القادر ملا تلوح بعلامات النصر بعد صدور قرار الإعدام بحق زوجها! وكأني أسمعها تقول «فاز ورب الكعبة.. فاز ورب الكعبة.
ختامًا: أعدم الرجل مساء يوم الخميس 12-12- 2013 وسط صمت عربي وإسلامي ودولي رهيب.. مات الرجل لكن أفكاره وحركته ستظل حية تسري في جسد الأمة!