الجبهة الإسلامية "أجهضت" مخططات واشنطن والائتلاف المعارض
الجبهة الإسلامية
"أجهضت" مخططات واشنطن والائتلاف المعارض
الطاهر إبراهيم
تشكيل الجبهة العسكرية الإسلامية من فصائل مقاتلة سورية عدة جاء لأمور عديدة: لعل السبب الأهم أن هذه الفصائل شعرت أن واشنطن ماضية في حشدها التأييد لانعقاد جنيف2، متكئة –سورياَ- على تأييد الائتلاف السوري المعارض، الذي كانت واشنطن الفاعل الرئيس بإنشائه.
كان الائتلاف يعتبر الجيش الحر بقيادة اللواء "سليم إدريس" أحد مؤسساته، وأن إدريس سيكون ركنا ركينا في مؤتمر جنيف، فكلاهما مدعوم من جهة واحدة هي واشنطن.
في البداية كانت الفصائل المقاتلة، ومنها فصائل الجبهة تأمل في أن يؤمن الائتلاف المال والسلاح الضروري لقتال كتائب بشار أسد. لكن بالكاد استطاع الائتلاف تأمين تكلفة إقامته في فنادق اسطنبول ونفقات السفر ورواتب أعضائه، وأصبح الائتلاف عبئا على الثورة.
قبل تشكيل الجبهة الإسلامية كان الود مفقودا بين فصائلها والائتلاف السوري منذ تشكيل هذا الأخير. فقد اعتبر اهتمام أصدقاء سورية به جواز مرور ليبسط نفوذه على مؤسسات الثورة، ومنها الكتائب المقاتلة بالجيش الحر. في البداية لم يكن في وارد الكتائب المقاتلة ومنها فصائل الجبهة أن تظهر العداوة للائتلاف السوري منذ تشكيله أواخر نوفمبر 2012.
مع مرور الوقت تبين لكتائب الجبهة أكثر فأكثر أن الائتلاف ماضٍ بالتحضير لمؤتمر جنيف2 حسب رغبة واشنطن، خصوصا بعد اختيار"أحمد الجربا" رئيسا للائتلاف. الجربا أراد أن يرد الجميل لواشنطن التي دعمت انتخابه على رأس الائتلاف، ولو "بالعراك واللكمات".
حتى لا نضع الأمر كله على رأس قيادة الائتلاف، فقد تبين أن واشنطن لم تكن معنية في دعم قوى الثورة السورية. أما كتائب الجبهة الإسلامية، فأدركت هذا منذ أكثر من سنة، لكنها أرادت "الذهاب مع الكذاب إلى ما وراء الباب".
الرئيس "أوباما" من جهته قطع الشك باليقين، فألغى الضربة العسكرية التي كانت ستوجه ضد بشار أسد لأنه اخترق الخطوط الحمر التي حددها أوباما باستعماله السلاح الكيماوي ضد أطفال غوطة دمشق وأماكن أخرى.
لم يكن إعلان قيام الجبهة الإسلامية انقلابا على رئيس أركان الجيش الحر سليم إدريس، فلم تكن العلاقة بين الطرفين سيئة. ثم لم تكن هناك منافسة بينهما، لأن أعداد الوحدات التابعة إلى إدريس كانت متواضعة. بل نؤكد أنه كان هناك تنسيق بينهما، وإن كان ضئيلا، بسبب ضعف الوحدات التي تتبع إدريس مباشرة.
استطرادا، نذكّر بما جرى في مكاتب الجيش الحر التابعة لسليم إدريس على الحدود التركية السورية، حيث أن فصيلا مقاتلا غير منضبط هاجم مكاتب اللواء إدريس للاستيلاء على ما فيها من أسلحة وعتاد، ما اضطر إدريس إلى الاتصال بقيادة الجبهة الإسلامية التي سارعت بإرسال مقاتلين أرغموا المهاجمين على الفرار، من ثم تحفظ على الموجودات، وسلمت المكاتب إلى اللواء سليم وهذا حقيقة ما جرى.
اعتمادا على موافقة دول أصدقاء سورية أن الائتلاف ممثل للشعب السوري،وهي دول غريبة عن الشعب السوري، بل كثيرا ما خانت قضيته كما تفعل واشنطن، فقد اعتبر الائتلاف نفسه الممثل الشرعي للثورة من دون أن ينتخبه السوريون أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة.
بناء على ما سبق فقد اعتبر الائتلاف أن وحدات الجيش الحر تابعة له حكما، خلافا لما يجري بالثورات الشعبية، حيث تأخذ كل جهة موقعها من اختيار الشعب لها لتمثله بتفويض انتخابي.
لذلك جاءت تصريحات قادة الجبهة الإسلامية أنها ترفض جنيف2 ومن قبله جنيف1. وحتى لا يغتر الائتلاف ويذهب إلى جنيف و"يبصم" على ما اتفقت عليه واشنطن وموسكو، ويكون فيه ضياع حقوق الشعب السوري، لذا فقد سارعت فصائل الجبهة للتوحد وأعلنت ذلك حتى يكون الائتلاف على بينة من أمره، وأنه ليس له من الأمر شيء، وقد أعذر من أنذر.
لا بأس أن نوجز ما نوهنا به آنفا: الائتلاف السوري لا يمثل السوريين في مفاوضات تجري في جنيف وفي غيره، فهو ليس منتخبا من الشعب السوري، وأقصى ما يمكن اعتباره أنه حزب يناضل ضد النظام. وحتى فصائل الجيش الحر فهي جزء من نسيج الشعب السوري، وليس لها أن تفرض وصاية على هذا الشعب، وليس لها إلا بمقدار تقدم للثورة. رفعت الأقلام وجفت الصحف.