شيء عن الالتزام.. والكتلة الوطنية الديمقراطية السورية..
شيء عن الالتزام..
والكتلة الوطنية الديمقراطية السورية..
عقاب يحيى
قولبنا العمل الحزبي بأسسه، ورغم تمردنا المبكر على عديد الأفكار، والممارسات، ونقدها جهاراً، ثم كتابات متلاحقة تناولت فيها إشكالات البعث النظرية، والعملية، ثم أنجزت دراسة طويلة حول إشكاليات الحركات القومية ـ نحو 179 صفحة ـ كانت مشروعاً لكتاب قبل الثورة، ركّوت فيها على أمهات القضايا الفكرية كالقومية والعروبة والأمة والرسالة الخالدة وفلسطين، والحزب الواحد، وحرق المراحل وغير ذلك....
ورغم دعواتنا المبكرة لتجاوز العمل الحلقي الضيق، والحزبي العقائدي المغلق، وذلك الإثقال الإيديولوجي الآسر، والتبشير للعمل التياري العريض.. منذ نحو العقدين، ومحاولاتنا ـ جمع من الرفاق والأصدقاء ـ تجسيد ذلك سلوكاً وكتابات ومحاولات ـ إلا أن مفهوم الالتزام ظلّ جاثماً على عقولنا وشخصياتنا.. والذي يعني الامتثال لقرار الأكثرية حتى لو كنت من المعارضين له، ومحاولة الدفاع عن رأيك عبر الالتزام..
ـ كانت الكتلة مشروعاً ـ فكرة.. اطلقها المناضل المعروف : مصطفى رستم تيمناً بفكرة الكتلة الوطنية التي قادت مرحلة الاستقلال في سورية، وأرست قواعد تلك التجربة الديمقراطية الرائدة بكل إيجابياتها ونواقصها. تحاورنا معه فيها، وقدّمنا ملاحظات على فكرتها التأسيسية.. ثم شرعنا بصياغة مرتكزاتها الفكرية والسياسية والتنظيمية في الخارج.. بنيّة أن تلتقي مع بناء الكتلة في الداخل.. حيث كان قرارهم ألا تبدأ بتشكيل هرمي، بل قاعدي ينتشر أولاً ثم يختار القيادات.. وبالتالي لم تكن هناك جهة واحدة للحوار معها في شكل العلاقة، سوى حواراتنا الدائمة مع الصديق مصطفى رستم، ودخول بعض " الوراثين"، أو المتعهدين على الخط.. واعتبار أنفسهم الممثل الوحيد للكتلة في الداخل خارجياً.. مما جعلنا نعيد النظر بالاسم والتنظيم.. لتكون كتلة مستقلة في الداخل والخارج.. تلتقي مع مثيلاتها وشبيهاتها عندما تنضج الظروف..وتتوفر عوامل التوحيد.. الذي مثّل على الدوام نهجاً ثابتاً فيها، عملت على تجسيده ضمن ممكناتها وظروفها..
ـ لقد بذل عديد الأخوة جهوداً كبيرة في التأسيس، والذين اشكرهم ـ بهذه المناسبة على ما قاموا به ـ ونهضت الكتلة بزخم قوي مبشر، وأنجز بعض الأخوة الوثائق الضرورية المتقدمة : فكرياً وسياسياً، ولائحة داخلية وبرنامجاً سياسياً.. وسط هدير أمواج الثورة القوي، وما فعلته في بنية ودماء السوري، وما دفعت إليه، واظهرته من إيجاب وسلب، ومن تعطش لممارسة الشأن العام بعد عقود الحرمان والتغييب والتهميش، والتزاحم، والقلقة.. وظواهر كثيرة أطلقت العنان لبروز عشرات التنظيمات والتشكيلات السياسية التي عانى معظمها ـ بله جميعها ـ إشكالات قوية كانت الانشقاقات والتمزقات.. وتلاشي بعضها نتاجات مفهومة..
ـ وبدورنا واجهنا تلك المعضلة السورية داخلنا، وخسرنا عدداً من الأخوة والأصدقاء .. لكن الإيجابي الذي يبج تسجيله.. ان الكتلة نجحت في الاستمرار ، وفي التماسك، والحفاظ على نفسها، رغم محدودية الإمكانات والدور، تمكنت منذ أشهر التواصل مع الداخل، وإقامة امتدادات مبشرة لها تنتشر اليوم في عدد من المدن والمناطق، خاصة دير الزور والمنطقة الشرقية..ومن النهوض بعديد المهام..
ـ ورغم نقدنا الصارم لأخطائنا، ومسؤوليتنا الخاصة فيها، وفي المقدمة منهم رئيس الهيئة، ومحاولاتنا الإضاءة الدائمة على مواطن الضمور، والتقصير، ومحاولة تطوير خطابنا ووعينا.. والتخلص ـ عند الكبار ـ من تركة التجارب والمفاهيم التي سادت طويلاً.. فقد كان الهاجس التوحيدي لقوى الثورة السورية نهجاً رئيساً عملنا على تجسيده حيثما أتيح لنا، وحيثما قدرنا على الفعل والتأثير ..
ـ ونتيجة الغياب الكبير للاتجاهات الوطنية والقومية المتنورة، العروبية الديمقراطية، ووعينا العام للأسباب الذاتية والموضوعية التي حالت دون نهوض تيار يمثل هذا الاتجاه.. تحاول الكتلة من اشهر مديدة التواصل مع عدد كبير من المؤمنية به، وخلق مناخ مناسب لقيام هذا التيار بكل مشروعية، وأحقية.. وقد قررت تجديد تكليف أعضاء في الهيئة التنفيذية ليكونوا جزءاً من لجنة تحضيرية، تعمل بالتشاور مع عديد الأخوة على تشكيلها ووضع مستلزمات نهوض هذا التيار في اقرب الآجال ..
ـ الطموحات كبيرة، وصعبة، والوعي بالإمكانات يجعلنا نعي المَرحلة، والتنهيج، والإمساك بالضروري في إطار رؤية برنامجية وسياسية لمستقبل بلادنا وقد نجحت الثورة في اشتلاع اسس وتجسيد الاستبداد والأحادية والفئوية لإقامة دولة الحف والعدالة والمساواة بين الجميع، مواطنين احراراً..تعيد البهاء لبلدنا العظيم سورية، وتضعها في الموقع الطبيعي الذي هيّاته لها الجغرافيا وعوامل التاريخ والواقع من دور في أمتها العربية، والجوار، والعالم..وباتجاه بناء مشروع نهضوي، حداثي.. تكون الشعوب حوامله وعوامل تحقيقه، والحريات العامة لحمته وسداه..