علوم وفنون أفتقدها في نفسي وأقترحها لأجيال المسلمين
إضاءات تربوية
أنيشتاين من مواليد القرن التاسع عشر 1879، أعلن عن نظريته النسبية في 1915 على ما يقولون. أحدثت النظرية هزة وضجة في العالم وما تزال، بل لعلها اليوم من النظريات القديمة.. فقد نيفت على المائة عام.
عندما كنت في المدرسة الإعدادية كان عمر النظرية نصف قرن، ودرسونا في مادة العلوم، بين عهدي عبد الناصر وحزب البعث، العناوين التالية: دجاج اللوجهورن، دجاج اللحم والدجاج البياض، البقرة الهولندية الحلوب التي تحلب 20 ليترا في اليوم. سد الفرات العظيم...
وكل ما أعرفه عن النظرية النسبة طراطيش ثقافة متفرقة أصبتها خارج المدرسة. عناوين مبهمة عن البعد الرابع. والمادة والكتلة والضوء والسرعة والقصور الذاتي وكيف تكون ثابتا متحركا. لستُ مختصا لأتعمق ولا أجد إجمالا يسهل عليّ وأخشى أن أكون قد وقعت في أخطاء وأنا أتثاقف..
كثير من أمثالي حين نجلس في مجالس أو ندوات نتثاقف بذكر نظريات علمية كونية ربما لا يكون حظنا منها أكبر من حظ "المخيط إذا أدخل في البحر" أنا دائما شغف بعقول أجيالنا الغضة كيف نملؤها بالأنفع وليس بالنافع فقط . وأعتقد أنني لو وجدت في الكتاب المدرسي في المرحلة الثانوية عنوانا عن النسبية أو عن نظرية الانفجار الكبير لأصبت طرفا من المعرفة لازمني نقصه، لعلي لم أجد فرصة لأستكمل، ولكن اليوم يجب أن يستكمل أجيال المسلمين..
في القرنين التاسع عشر والعشرين وحتى القرن الذي نحن فيه انتشرت في الفضاء العلمي نظريات كثيرة في خلق الكون والحياة والإنسان لم نسمع، لم نتابع ، لم نتفهم ولم نحط .. نحن نعيش في عماء علمي. وعن الكل المجتمعي أتكلم.
هل تعتقدون أننا نظلم عندما نختصر نظرية دارون عن أصل الأنواع حوالي 1850 بمقولة "القرد أصل الإنسان"؟؟
أنا قرأت مرة على لسان دارون متعجبا، لماذا يتهمه الناس بإلإلحاد؟؟!! وقرأت أن ماركس حاول أن يتواصل معه فأبى!! هل من صياغة متكاملة لنظرية أصل الأنواع تبين ما فيها من خطأ وأخيه، تقرأ في مقدمة ابن خلدون تراتبية قريبة منها في خلق العناصر أو المعادن التي يتربع الذهب أو الفضة على قمتها.
أجمل شيء تعلمته وأنا أقرأ في قواعد البحث العلمي، أن الباحث عندما يقدم نظريته للناس بالبراهين التي تتوفر لديه، يقول لهم "هذه نظريتي فانقضوها أو انقدوها" . ونقد النظريات يكون بمادة من جنسها. لماذا لا نفهم الأمور بهذه الطريقة، ولماذا يصر البعض على سبق سوء التوظيف من كل الأطراف؟؟
بتّ منذ شهور وأنا أتساءل ماذا أعلم حقا عن نظرية الانفجار الكبير، وعن نظرية الثقوب السوداء. وعن نظرية المادة المظلمة أو المعتمة، النظرية التي تذكرني بسؤال فلسفي كلاسيكي هل للعدم نوع من الوجود؟! أو نظرية الوجود في عالم الغيب، "عالم الذر" أخاف أن أقترب من القرآن فأزل..
أتركونا من كل هذا وتعالوا نتساءل معا: إذا كنا سنقدم للمسلمين وللعالم تفسيرا للقرآن الكريم في القرن الحادي والعشرين، فهل سنقدم تفسيرا تكراريا لغويا أو تاريخيا أو حكميا أو بلاغيا أو إشاريا ؟؟!!
أو يجب أن يعكف على هذا التفسير نخبة من المختصين العلماء الأثبات في كل العلوم التي يلامسها القرآن الكريم، علماء أحاطوا بكل علوم التفسير وعلوم العصر، ثم أحكموا الربط بين آيات الله في الكتاب المسطور والكون المفتوح..
وربما تكون هذه مهمة "مجمع" وليست مهمة فرد. وما دمنا نؤمن أن القرآن الكريم لكل زمان فيجب أن يقدم أهله تفسيرا له لأهل هذا الزمان!!
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)
والهاء في أنه تعود على الكتاب العزيز، والضمير في سنريهم، يعود على المكلفين بالإيمان...
في القديم كان مصطلح علوم الآلة يشمل ثلاثة عشر علما. اليوم هل تشمل علوم الآلة هذه العلوم ، علوم الكون والمادة والحياة...
لماذا لا يتخصص علماء مربون يقدمون لأجيال المسلمين من موقع علمي ملخصات عن جوهر النظريات التي لا نكاد نستطيع مواكبتها أو فهمها؟؟ النظريات الكونية العلمية تنقد أو تنقض بأدواتها، وليس بنصوص خارجة عنها، وبذلك نكون أكثر اتساقا مع منطق القرآن ...
ولا نخاف أبدا أن يخذلنا القرآن الكريم، وإنما يخاف من هذا المشككون أو المتشككون..
(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)
وسوم: العدد 969