الصيام مدرسة لغرس القيم

المسلم دائم الصلة بالله تعالى :

حال المسلم أن يكون دائم الصلة بالله ، يعيش في وصال دائم لا ينقطع ، يعيش عبدا لله في عبادة مستمرة ، فتكون يقظته عبادة ، يكون نومه عبادة ، و يكون ضربه في الأرض عبادة ، و خدمه أهله عبادة ، ويكون قيامه و صيامه عبادة لله تعالى ، لتكون  كل حياة المسلم مصبوغة بصبغة العبادة ، ليكون   نشاط العبد في سكونه و حركته يعيش في حضن العبادة ، فتنضبط كل تلك العلاقات سوى في شؤون الأسرة والشؤون الاجتماعية و الاقتصادية و كل منحى من مناحي الحياة   في ظل عبادة لله،قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(الأنعام:162-163).

يكون المسلم في صلة دائمة مع ربه حتى يبلغ موعد الأجل، وترفع الروح لبارئها تنتظر الجزاء المنتظر.   قال سبحانه:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(الحجر:99).

الصيام محطة لمضاعفة الأجر :

حين تقبل مواسم الخيرات يزيد المسلم نشاطا وإقبالا على الطاعات ، يرفع المسلم الرصيد والأجر بالأعمال الصالحة ، وما رمضان إلا محطة تزود فيها نشحن الأرصدة بالحسنات

و قد ثبت في الحديث ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه مسلم (1151) .

وقد استخلص العلماء أن الصيام يضاعف الأجر و يزيد في المتوبة ، يكفي أن ننقل بعضا من أقوالهم استئناسا .

يقول أبو الوليد الباجي رحمه الله (ت474هـ) :

" فضل تضعيف الصيام ، فأضاف الجزاء عليه إلى نفسه تعالى ، وذلك أنه يقتضي أنه يزيد على السبعمائة ضعف " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (2/74) .

و يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله (ت505هـ) :

" وقد قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ، والصوم نصف الصبر ، فقد جاوز ثوابُه قانون التقدير والحساب " انتهى من " إحياء علوم الدين " (1/231) .

المسلم يخطط و يبرمج ليقتنص الفرص المربحة :

إذا كان الصيام فرصة لزيادة الأجر كان حري بالمسلم    اقتناص الفرص المبرحة بحسن استغلال شهر الصيام لأنه فرصة عمر لا تعوض ، و استغلال المسلم للشهر الفضيل إنما يكون   بصرف الأوقات في أنشطة و برامج   هادفة   مشروعة   اقتداء بالرسول صلى الله عليه و سلم فقد كان يعد لرمضان و يخصه باهتمام و عناية   خاصة .

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا, وقد زكاه ربه من فوق سبع سموات : {(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)،و من باب التأسي و الاقتداء وجب أن يكون المسلم شامة بين الناس في خلقه

الصوم وقاية من النار :

، وقد حذرنا الحبيب   من سوء الأخلاق ،   فسوء الخلق باب من أبواب الحرمان منا لأجر   ، وحالنا للأسف في رمضان لا يسر بسبب تهاوي أخلاق بعض المسلمين ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصيام جُنَّة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث، ولا يجهل, فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم) رواه أبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: (منْ لَمْ يَدَعْ -يترك- قَوْلَ الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري .