على جدول العمل اليومي لدعاة الإسلام .. ولا تتبعوا السبل
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال..
وأعيد تأمل هذه الثلاثة على ضوء واقع حياة المسلمين اليوم، واقع حياة العامة والخاصة، وأهل الدين وأهل الدنيا، وحياة الجماعة من أهل الذكر، الذين هم محط الرجاء ومعقدالأمل - بعد الله سبحانه وتعالى - في إخراج الأمة من الوهدة التي انحطت إليها، وانتشالها من القاع الذي صارت فيه...
وأتنقل بين صفحات هؤلاء الأخيار!! فأرى أحسنهم طريقة من أدار ظهره لواقع مأزوم بأزمات خطيرة، وسار في شعاب الماضي الجميل يحلم ويترنم ويستعيد الذكريات، أو انخرط في متاهات قيل وقال فلا يخلو من أن يرد أو يرد عليه فتثور الملاحم بين المتلاحمين.، معارك وهمية لا تتوقف، وجروح لا تكاد تندمل. ونرى حصون المسلمين قد تهتكت جدرانها، ولا أحد يعي ما يدور ، مع كثرة الثغرات التي تنادي على أصحابها..
كنت أسمع من بعض علمائنا في حلب يتحدثون عن "فساد الزمان" ففي أي زمان كنا وفي أي زمان نحن اليوم؟؟!!
وإنما أحببت بعد هذه المقدمة أن أضع بين الدعاة والعاملين والمفكرين محاور للدعوة العملية، للجبهات المكشوفة التي تتهدد أجيال المسلمين وحياتهم، وأدعو أهل الأحلام والنهى إلى التكاتف والتعاون للمرابطة على هذه الجبهات ما وسعهم الجهد، مع تنظيم وتعاون وتنسيق..
أدعو إلى الانخراط في مشروع دعوي منهجي لمواجهة هذه العقائد والأفكار ليس بالتصدي لدعاتها، بل بالتصدي لزيفها وزخرف أفكارها ومتابعتها بحكمة وعلم ورشد، ففي النهاية يبقى التائهون في هذه السبل وعليها أبناءنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا وأهلينا...
وبات رواد "السبل" اليوم مدارس ومذاهب وشعب وليس من الحكمة والسداد في شيء الاستمرار في تجاهلهم، كما أنه ليس من الحكمة التعامل العدمي النابذ معهم، والتصدي لما ينهجون وليس لهم يحتاج إلى خطة متكاملة محكمة يشتغل عليها بمنهج من يريد الانتصار لهذا الدين..
المحور الأول والأهم العمل على مواجهة الفكر المنحرف الضال في مواقف الذين "يتألهون على الله" جل الله سبحانه وتعالى. وهؤلاء فرق وشعب وجماعات. وأخطرهم طريقة من يقول: لله السماء ولنا الأرض. والدين لله والدنيا لنا..!!
والمحور الثاني: محور أهل الغلو بكل صوره وأشكاله وفهومه وتفسيراته، وأخطر من على جبهة هذا المحور أولئك الذين استحلوا الدماء والأعراض. والذين وظفوا النصوص الشرعية لدعم فهومهم الضيقة القاصرة، فكان لهم دورهم منذ نصف قرن تقريبا في تدمير حياة المسلمين وبلادهم وبلبلة مواقفهم وأفكارهم.
والمحور الثالث الذي يُدعى رجال الفكر والدعوة إلى التصدي له ومواجهته، بكل ما أوتوا من قوة وقدرة وجهد؛ محور دعوات تمييع الإسلام، تحت عناوين خلابة للتجديد الإسلامي. مرة ينتبذون الأحكام ومرة يدعون إلى التخفف من السنة، ومرة يعيشون حالة الانمساخ أمام الآخرين مبهورين بالتقدم المادي، أو ما يسمونه عهود الحداثة وما بعد الحداثة. نحتاج أن نفهم فنقبل ونرد على هدى ووعي ورشد، نرد الباطل ونسترد أبناءنا وبناتنا برفق...
والمحور الرابع وهذا من أخطر المحاور الهدامة التي نعيش، والتي تسيطر على شريحة واسعة من أبناء أمتنا فتركع الأمة تحت وطأتهم ووطأتها، والكثير من أتباع هذا المحور يظن أنه جزء من الحل وهو في الحقيقة لب المشكلة.. المحور الذي يتخلق أصحابه بأخلاق المدرسة "النفعية"، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. الرجل الذي تراه على كل مائدة ، وفي كل منتدى ومحفل أيضا، ولعل كلمة محفل تذكركم بشيء، وتحت كل منبر وفوقه أيضا ، يدين لمزدوجة "أمي وعمي" ينشد نفعه الشخصي. ويدور معه حيث دار. وقد ترى صاحبه في الأمكنة المتناقضة حتى لا تكاد أن تجد له عنوانا.
والمحور الخامس هذه الظاهرة التي بدأت تتنامى على ضفاف المجتمعات الإسلامية قتقرض منها رجالا ونساء من خيرة أبنائها وبناتها، فتحولهم إلى "لا أدريين" وإلى "لا مبالين" وإلى "ملحدين" صغار أو كبار، والصغير من يمضغ إلحاده في نفسه، والكبير من يدعو إلى هذا الإلحاد ويجاهر به.
وهذه الظاهرة مهما تجاهلناها، يجب أن تظل حاضرة على أجندة العاملين.
وهذه الظاهرة منها ما نتج عن عصر الأزمات والخيبات وحالة الشتات، ومنها ما كانت له أسبابه النفسية والعقلية والفلسفية. العامة والخاصة.
هذه محاور للعمل والجهد الذي نرجو أن يكون مباركا ومثمرا ومنظما وهادفا ومثمرا ودعوا عنا "قيل وقال".
وسوم: العدد 976