هل تراقب الوزارة الوصية على الشأن التربوي الحمولة العقدية والفكرية للكتب المدرسية الفرنسية
هل تراقب الوزارة الوصية على الشأن التربوي الحمولة العقدية والفكرية للكتب المدرسية الفرنسية التي تعتمدها بعض مؤسسات التعليم الخصوصي ؟
من المعلوم أن مؤسسات التعليم الخصوصي في بلادنا، وهو تعليم مواز للتعليم العمومي، تحرص حرصا كبيرا على إقناع أولياء أمور المتعلمين بأنها تقدم لأبنائهم تعليما جيدا تعتقد أنه أفضل بكثير مما يقدمه لهم التعليم العمومي خصوصا ما يتعلق منه بتعلم اللغات الأجنبية خصوصا اللغة الفرنسية بالدرجة الأولى .
ومن أجل إقناع أولياء الأمور بذلك، تعتمد كتبا مدرسية فرنسية مقررة في التعليم الفرنسي تصل إلى المغرب بأثمان تفوق الكتب المعتمدة في التعليم العمومي بأضعاف مضاعفة ،ومع ذلك يضطر أولياء الأمور إلى اقتنائها مقابل تحقيق حلمهم في إتقان أبنائهم اللغة الفرنسية لغة المعاهد العليا التي يطمحون إلى انتمائهم إليها، الشيء الذي يجعلهم مطمئنين على مستقبلهم .
وإذا ما كان أولياء الأمور لا يعترضون على اعتماد مؤسسات التعليم الخصوصي الكتب الفرنسية باعتبار لغتها ،علما بأن كل لغات العالم يعتمد في تعلمها وإتقانها على متكلميها الأصليين فإنهم في المقابل ينتابهم القلق بخصوص حمولتها العقدية والفكرية لأن كل اللغات حمّالة عقائد، وأفكار، وقناعات وثقافات شعوبها .
ومعلوم أن فرنسا بلد قناعته علمانية إلى جانب قناعة دينية مسيحية لا تخلو من المجتمع الفرنسي كما هو الشأن بالنسبة لأعياد الميلاد، وبعض المناسبات الدينية الأخرى على سبيل المثال لا الحصر، لهذا تؤلف كتبها المدرسية لناشئتها المتعلمة إعدادا لها بحمولة عقدية وفكرية معينة ، هي مزيج من العلمانية والمسيحية.
وعندما تعتمد تلك الكتب المدرسية الفرنسية في بلد مسلم كالمغرب ، وتقرر لناشئة متعلمة مغربية يتناب أولياء أمورها قلق بسبب تلك الحمولة التي تجعل أبناءهم وبناتهم موزعين بين ما يعتقدونه وبين المعتقد الدخيل عبر تلك الكتب ،الشيء الذي يلزم الوزارة الوصية على قطاع التربية، وهي التي تحدد مواصفات المتعلم المغربي بحيث يكون متشبعا بدينه الإسلامي ، وبعقيدته السنية الأشعرية ، ومذهبه الفقهي المالكي ، وبطريقته الصوفية الجنيدية ، وبوطنيته ، وفي نفس الوقت يكون منفتحا على الغير دون أن يتسبب هذا الانفتاح في التأثير المباشر أو غير المباشر على ما يجب أن يتشبع به ليكون المواطن المنشود في وطنه.
فهل تأمن الوزارة الوصية على الناشئة المتعلمة من التأثيرات السلبية للحمولة العقدية والفكرية للكتب المدرسية الفرنسية في اعتقادها، وفي تنشئتها عليها التنشئة السوية ؟
وقبل ذلك نسائل الوزارة عن المبرر التربوي الذي بموجبه يسمح لمؤسسات التعليم الخصوصي باعتماد الكتب المقررة في فرنسا ؟ وإذا ما نفت مسؤوليتها عن السماح باعتمادها ، فإنها تبقى مسؤولة عن كل تقصير في ما يلزمها من واجب الحرص على تنشئة الناشئة المغربية وفق ما سطرته من غايات وأهداف في توجيهاتها الرسمية وذلك بتحري كل ما من شأنه أن يشوش على التنشئة المطلوبة للناشئة المتعلمة .
ولقد سبق لي أن طرقت هذا الموضوع في موسم دراسي سابق بعدما نبهني بعض أولياء أمور الناشئة المتعلمة إلى كتاب مدرسي معتمد في إحدى مؤسسات التعليم الخصوصي يتضمن نصوصا تعكس التوجه العلماني الفرنسي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر نصا يستدر العطف مع المثليين، فكيف يعقل أن يدرس مثل هذا النص لناشئة قد حددت توجيهات الوزارة الوصية مواصفاتها كما مر بنا ؟
وسأكشف مستقبلا عن طبيعة نصوص أخرى في كتب مدرسية فرنسية لا تتفق حمولتها العقدية والفكرية مع قيمنا الإسلامية عسى أن يكون ذلك منبها للوزارة الوصية ، كما أنه يعول على السيدات والسادة المدرسين في الكشف عن مثل ذلك بحكم مسؤوليتهم أمام الله عز وجل أولا وأخيرا ، وعلى السادة المراقبين التربويين أن يتحملوا مسؤولية مراقبة ما يدرس للناشئة من خلال مقررات وكتب فرنسية خصوصا وأن بعض المدرسين كما بلغني يعتمدون كتب اللغة المقررة في تعليمنا العمومي بحضور الرقابة ،لكنهم ينصرفون عنها إلى الكتب الفرنسية في غيابها .
وفي الأخير لا بد أن نميز بين تعلم قواعد اللغات وإتقانها مهما كانت لأن في تعلمها أمان من مكر أهلها، وما أكثر مكر فرنسا بنا وهي التي كانت تستعمرنا بالأمس والتي لا تريد أن تغير من سلوكها معنا كما هو واضح فيما يتعلق بحقنا في وحدة ترابنا الذي لا زالت تتلكؤ في الإقرار به كما توجبه الشراكة التي تجمعنا بها ، وهي شراكة مصالح متبادلة ، وفيما يتعلق بمعاملتها معنا حيث تغلب مصالحها على مصالحنا، الشيء الذي يجعل الشراكة معها مختلة . ولا يمكن أن يعد ما نقوله دعوة للكراهية أو التطرف كما تزعم فرنسا ، أو كما تزعم فلولها من العلمانيين من أبناء جلدتنا سواء من الذين يصرحون بعلمانيتهم أو الذين يخفونها أومن المنبهرين بفرنسا من المستغربين . ولكل هؤلاء نقول مرحبا بكتب اللغة الفرنسية قواعد نحوها وصرفها وتعابيرها ، ولا مرحبا بكل حمولة علمانية تسوقها .
وأختم بذكر حادثة غريبة تناقلت أخبارها وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فيديو مصور ظهر فيه سياح فرنسيين بفندق من الفنادق المغربية طالبوا بطرد مواطنة مغربية من السباحة بالبوركيني من مسبحه كشرط ليسبحوا فيه ، وهذا ما يعكس السلوك المتشنج لبعض الفرنسيين حتى لا نعمم الحكم بحيث يريدون فرض قناعتهم العلمانية حتى في بلاد غير بلادهم ، فهل مثل هؤلاء تعتمد كتبهم المدرسية الناقلة لمثل هذه القناعة المنحطة والتي تصادر حرية الغير ليمارس أصحابها حريتهم ؟؟؟
وسوم: العدد 995