-الثلاثي: اليهود، وكفار قريش، والمنافقين ضدّ المسلمين، عبر جلاء قينقاع، وغزوة السويق من خلال كتاب نور اليقين 13
غزوة قينقاع وتحالف المنافق بمكر يهود المدينة
قال الكاتب: "هذا، وإذا كان للشخص عدوّان فانتصر على أحدهما حرك ذلك شجو الآخر وهاج فؤاده فتبدو بغضاؤه غير مكترث بعاقبة عدائه، وهذا ماحصل مع يهود بني قينقاع عند تمام الظفر في بدر فإنّهم نبذوا ماعاهدوا المسلمين عليه وأظهروا مكنون ضمائرهم فبدت البغضاء من أفواههم وانتهكوا حرمة سيّدة من الأنصار". 126
أقول: لم يهضم يهود المدينة انتصار المسلمين على كفار قريش في غزوة بدر بتلك السّرعة، والخسائر التي ألحقوها بقريش، وهم أقلّ منهم عددا وعدّة. مايدلّ أنّهم كانوا –وما زالوا- يتمنون هزيمة المسلمين، ولو استطاعوا حينها أن ينضموا لقريش لفعلوا، وما تأخّروا لحظة واحدة.
تكمن خطورة يهود المدينة في كونهم جزء من مجتمع المدينة، ومن ركائزها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. والطعنة من الداخل، تكون أشدّ وأنكى.
وازداد خطورة يهود بنو قينقاع، أن تشبّث كبير المنافقين عبد الله بن أبي بحلفه معهم. وحين يتحالف النفاق مع اليهود، معناه إسقاط الدولة الفتية في المدينة، ومن الداخل هذه المرّة، باعتبار اليهود والمنافقين، من مكونات مجتمع المدينة.
وحين يجتمع المنافق مع اليهود، لابدّ من خوض حرب لقطع دابر النفاق، وخبث اليهود، وهذا مافعله سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين حاصرهم، وأجلاهم من المدينة.
جلاء قينقاع:
قال الكاتب: "ولما رأوا من أنفسهم العجز عن مقاومة المسلمين وأدركهم الرعب سألوا رسول الله أن يخلي سبيلهم فيخرجوا من المدينة ولهم النساء والذرية وللمسلمين الاموال فقبل ذلك عليه السلام". 127
أقول: اليهود أصغر من أن يواجهوا المسلمين، ومن بنى حياته على المكر والخبث والحقد فهو أعجز، وأصغر من أن ينزل الميدان بمفرده، ويواجه علانية، ويدافع عن عرضه. وهذا شأن يهود المدينة، وما زالوا، ويظلون كذلك، رغم خيانة القريب والأخ والجار والإبن.
ويعتبر جلاء قينقاع، أوّل امتحان لليهود الذين فشلوا في التمسّك بالمعاهدات المبرمة مع دولة المسلمين الفتية، وإظهارلما في صدورهم من حقد وغلّ تجاه المسلمين، وظهورهم على حقيقتهم من حيث الجبن، والغدر، والخيانة لمن تعاهد معهم، وضمن لهم الأمن والاستقرار والأمان. وسيظل اليهود على غدرهم مع كلّ من يعتقد أنّ إبرام المعاهدات مع الصهاينة، سيحدّ من طباعهم، ويوقف غدرهم، وينهي خيانتهم.
غزوة السويق:
قال الكاتب: "كان أبو سفيان متهيجا لأنه لم يشاهد بدر التي قتل فيها ابنه وذوو قرباه فحلف الا يمس راسه الماء... وليبرّ بقسمه خرج بمائتين من أصحابه يريد المدينة، ولما قاربها أراد أن يقابل اليهود من بني النضير ليهيجهم ويستعين بهم على حرب المسلمين، فأتى سيدهم حي ابن أخطب فلم يرض مقابلته فأتى سلام بن مشكم فأذن له واجتمع به". 128
أقول: من عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه لم يستعن بيهود المدينة، ولا بأيّة قوّة ضدّ قريش، رغم ماتعرّض له شتائم، وسباب، وقتل الأصحاب، والسّعي لقتله، والسطو على الأملاك، وشنّ الحرب عليه وعلى دولته. وفي المقابل، نجد قريش تستعين بيهود المدينة، والمنافقين ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لتحقيق بالغدر مالم يستطيعوا تحقيقة بالقوّة، والشجاعة، والمواجهة.
الثلاثي: اليهود، وكفار قريش، والمنافقين ضدّ المسلمين
مايجب التركيز عليه في مثل هذا المقام، أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان يواجه ثلاثة قوى تكنّ كلّها الحقد الدفين للمسلمين، ويتمنون زوال دولة المدينة الفتية قبل ثباتها، وهم: يهود المدينة بغدرهم ومكرهم وحقدهم، والمنافقين بخبثهم وصغرهم، وكفار قريش بجراحهم التي مازالت تنزف، وكبرائهم التي مرّغت في غزوة بدر، وبدولتهم التي انهارت مقابل صعود دولة المدينة الفتية.
وهؤلاء الثّلاثة كلّهم، اجتمعوا على قلب رجل واحد، وتعاهدوا فيما بينهم، وبما أوتوا من حقد ومكر وخبث، للإطاحة بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإلحاق الهزيمة بجيش المسلمين الفتي، وزوال دولة المدينة الفتية، ولم يكن لهم ذلك، ولن يكون أبدا، والحمد لله ربّ العالمين.
وسوم: العدد 996