عدالة السماء في مونديال /٢٠٢٢/ في قطر
خواطر من الكون المجاور
الخاطرة ٣٢١ :
قبل بداية مونديال قطر /٢٠٢٢ / . كنت أحاول كتابة جزء جديد من سلسلة مقالات (فلسفة تطور الحياة) ، ولم أكن مهتم نهائيا بمونديال قطر ، فقبل أريع سنوات كتبت سلسلة من المقالات عن مونديال /٢٠١٨/ ، وشرحت رأيي في مثل هكذا أحداث رياضية عالمية ، ولا داعي لكتابة أشياء أخرى عن مونديال قطر . ورغم بعض الإعلام الغربي حاول الإساءة لهذا المونديال كونه يحدث في قطر الدولة الصغيرة ، ولكن عندما شاهدت إفتتاحية المونديال ، رأيت في هذه الأفتتاحية أمور لم تنتبه إليها وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي ولم يتحدث عنها أحد ، هذه الأمور جعلتني أشعر بأن مونديال قطر ليس مجرد حدث رياضي عالمي كبقية مسابقات كأس العالم الماضية ، ولكن هو حدث عالمي يستخدم رياضة كرة القدم كرمز ليكشف لنا عن بأن مونديال قطر هو علامة لبداية عصر جديد ، هذا العصر الجديد الذي تكلم عنه العالم الديني الدكتور بسام جرار في كتابه (زوال إسرائيل ٢٠٢٢ نبوءة قرآنية أم صدف رقمية) ، ولكن الذي حصل أن الدكتور بسام أخطأ في تفسير المعنى الحقيقي للموضوع، فبدل أن يكون عام /٢٠٢٢ / بداية لعصر جديد يهم جميع شعوب العالم بأكمله ، حوله إلى نطاق ضيق له علاقة بمشكلة الصراع العربي - الإسرائيلي.
إفتتاحية مونديال قطر دفعتني أتوقف عن كتابة سلسلة (فلسفة تطور الحياة) مؤقتا ، ومتابعة أحداث مونديال قطر من جميع جوانبه . ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم قمت بتأليف كتاب صغير ، حوالي /٦٠/ صفحة ، عن مونديال قطر بعنوان ( عدالة السماء في مونديال قطر ٢٠٢٢ ) . وحتى يتم تحويله إلى كتاب سأحاول نشر محتوياته على صفحة عين الروح بسلسلة من المقالات . وهنا أعرض عليكم الجزء الأول .
نعيش اليوم في عصر يمكن وصفه بعبارة واحدة (عصر العنف والجنس وحب الذات) فرغم تلك القفزات العلمية الواسعة التي حققتها العلوم المادية وخاصة في تقدم التكنولوجيا ، ولكن العالم بأكمله يعاني اليوم من إنحطاط روحي لم يعرف التاريخ مثله من قبل ، والذي عبرت عنه صفحات التاريخ " لم تعرف الإنسانية وحشية مثل وحشية إنسان القرن العشرين " ، هذه العبارة التي سجلتها صحف التاريخ قصدت تلك الحروب العنيفة والمجازر التي إرتُكبت في العصر الحديث ، ولكن الحقيقة هي أن هذه العبارة لا تقتصر على أولئك الذين يصنعون الحروب من رجال السياسة وقادة الجيوش ، ولكن تشمل أيضا السلوك اليومي للإنسان المعاصر بمختلف مستويات ثقافته ووضعه الإجتماعي ، في نوعية فكره وتصرفاته وردود أفعاله تجاه الآخرين القريبين منه والبعيدين وتجاه جميع المشاكل الإنسانية بشكل عام .
في مونديال كأس العالم ٢٠٢٢ لكرة القدم في قطر والذي لاقى تنظيمه نجاحا أدهش العالم ، بدا واضحا تماما كم أن عصرنا الحديث يعاني من إنحطاط روحي . آلاف الصفحات وآلاف مقاطع الفيديو التي تحدثت عن أحداث هذه المسابقة العالمية ، من مثقفين بإختصاصات مختلفة ، ومن إعلاميين ومن محللين رياضيين ، ومن لاعبين ومن مشجعين . ولكن للأسف معظم ما كُتب عن كأس العالم لكرة القدم لم يُعطي حقه الحقيقي لهذه المسابقة العالمية وذلك بسبب رؤية الأمور من زاوية ضيقة جدا ممزوجة بالعاطفة والميول الإنتمائية . حيث معظم الآراء والتحليلات كانت تتعلق بالأمور السطحية التي لا تسمن ولا تغني من جوع . ورغم محاولة البعض في الدخول في عمق الأمور لتبين دور كأس العالم في قطر في مواجهة تيار الفوضى والمتناقضات، ولكن سيطرة منهج التيار الحديث على وسائل الإعلام العالمية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وغير مباشر ، لم يساعد نهائيا في إنتشار آراء هؤلاء لتصل إلى آذان الناس . ولكن رغم قوة سيطرة التيار الحديث على جميع وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي ، كانت الأحداث التي حصلت -قضاء وقدر- في موسم كأس العالم قد أظهرت الأمور على حقيقتها وبأوضح أشكالها ، وجعلت الجميع يشعر بأن مسابقة كأس العالم ٢٠٢٢ لكرة القدم في قطر هي نهاية عصر أثبت فشله وبداية جديدة لعالم كرة القدم ، وأن هناك شيء ما يتغير ، هناك إحساس داخلي جديد لم يكن يشعر به أحد في المسابقات الماضية ، إحساس غريب جعل ثلاثة أرباع العالم أن يقفز فرحا في الثانية الأخيرة من نهائي كأس العالم الذي حقق العدالة في رياضة كرة القدم . هذا الإحساس نقله إلى هذه الشعوب المبتهجة بصورة رمزية لهذا التجديد العالمي ، شاب خجول طوله لا يتجاوز ١٦٩ سم وهو يتوج تتويج الملوك بالعباءة العربية (البشت) ، هذا الشاب الخجول إسمه ليونيل ميسي .
ليونيل ميسي من خلال مسابقة كأس العالم ٢٠٢٢ في قطر دخل التاريخ من أوسع أبوابه ، المسألة هنا لا تتعلق بأمور سطحية ومجرد كرة القدم ولكن تتعلق بأمور أعقد وأشمل من ذلك بكثير لها علاقة بجميع المشاكل التي تعاني منها الإنسانية اليوم . فرياضة كرة القدم هنا كانت مجرد وسيلة رمزية توضح أشياء هامة تتعلق بمصير الإنسانية بأكملها. فمونديال كأس العالم في قطر لم يكن مجرد منافسة بين فريق كرة قدم مع فريق آخر ، ولكن في الحقيقة كانت صراعا عنيفا بين تيار مادي يدعو إلى تنمية (العنف والجنس وحب الذات) والذي سماها البعض (الفوضى الخلاقة) حتى يأخذ هذا التيار صورة جميلة في أذهان الناس ، وبين تيار روحي يدعو إلى (السلام والعفة وإنكار الذات) لتحقق الإنسجام والتناغم والتعاون بين الأفراد وبين الشعوب من أجل تحويل الإنسانية من شعوب متعادية إلى عائلة واحدة .
حتى نوضح هذا الموضوع بشكل مفصل ، لابد من شرح بعض الأشياء الهامة عن المعنى الحقيقي للرياضة ونوعية دورها في إزدهار الحضارات لنتمكن من أخذ صورة شاملة عن حقيقة ما حدث في كأس العالم في قطر والتي -للأسف- هذه الأشياء الهامة لم تأخذ أي أهمية في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي .
رياضة كرة القدم اليوم تُعتبر من أهم أنواع الألعاب الرياضة الرسمية وغير الرسمية وذلك بسبب شعبيتها الكبيرة في معظم شعوب العالم . إن وصول رياضة كرة القدم إلى هذه المكانة العالية في قلوب الجماهير ليست صدفة ولكنها نتيجة حتمية كون تطور الرياضة يسير ضمن مخطط إلهي وليس مخطط عبثي ، فكل تطور عالمي يحصل نحو الأفضل هو من الله عز وجَّل وكل تغيير يتجه نحو الأسوأ هو من روح السوء في داخل الإنسان . حتى نشرح هذه الفكرة بإختصار لا بد لنا من العودة إلى بداية ظهور الرياضة في تاريخ البشرية .
ممارسة الألعاب الرياضية لم يخترعها الإنسان ولكن الله عز وجل وضعها في تكوينه الروحي لما لها دور هام في التكوين الجسدي والروحي للإنسان وكذلك دورها في إزدهار الحضارات وتطور الإنسانية . فممارسة الرياضة تعتبر حدث قديم تعود جذوره إلى ما قبل التاريخ ، ولكن الرياضة بمعناها الحقيقي كمظهر من مظاهر التقدم الحضاري ظهرت في اليونان والتي سميت بإسمها المعروف حتى اليوم ب ( الألعاب اﻷولمبية ) . ففي عام ٧٧٦ قبل الميلاد ، سأل إفيتوس ملك مدينة إليذا اﻹغريقية مُنجِّم معبد دلفي عما يجب عليه أن يفعله من أجل إنقاذ بلاد اليونان التي كانت تعاني من اﻷمراض ومن الحروب بين جيوش دويلاتها ، فأخبره المنجم الحكيم بأنه يجب عليه تجديد اﻷلعاب اﻷولمبية . وفي ذلك العام تم تنظيم الألعاب الأولمبية وتسجيل أول وثائق تاريخية عن نتائج هذه الألعاب . في ذلك العام وبفضل هذه اﻷلعاب سجلت صفحات التاريخ ولادة الحضارة اﻹغريقية والتي ثمارها الفكرية لا تزال تُدرس حتى اليوم في معظم مدارس وجامعات العالم .
الرياضة لم يتم فرضها وتنظيمها كمهرجان شعبي للتسلية فقط ، ولكن لهدفين رئيسيين: الأول وهو تحسين صحة جسم الإنسان ليقاوم الأمراض عن طريق التمارين الرياضية التي يقوم بها الإنسان . والثاني نشر السلام بين الأفراد والشعوب وذلك عن طريق ترويض غريزة حب العنف في الإنسان ، وذلك من أجل السيطرة على هذه الغريزة لتتحول من غريزة قتل إلى عاطفة تمنح المتعة للمتسابقين والمشاهدين ، و بدلا من أن تكون غريزة القتل سببا للمشاجرة والقتال وتنمية العداوة والكراهية بين الناس ، تتحول إلى عاطفة تنمي الروح الرياضية لتساعد في نشر التعاون بين الأفراد وبين الشعوب .
حتى تتحقق أهداف الرياضة التي ذكرناها كان لا بد من ظهور القسم المكمل لها ليعملا جنبا إلى جنب معا لتحقيق هذه الأهداف . في بداية القرن السادس بعد الميلاد (عام ٥٠١) وفي منطقة قريبة من مكة المكرمة بالتحديد وفي أحد الأسواق هناك (سوق عكاظ) ظهر تقليد شعبي جديد ، حيث كان يجتمع في هذا السوق كبار الشعراء حيث يُلقي كل منهم قصيدته أمام جمهور غفير ليختاروا منها القصيدة الأجمل . وكانت القصيدة الفائزة تُكتب بماء الذهب وتعلق على ستار جدران الكعبة ، هذه القصائد معروفة بإسم (المعلقات) . وشاءت الحكمة الإلهية أن يكون أشهر المواضيع لهذه المعلقات هو موضوع الحب العذري وأشهر بيت فيها كان :
" قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ .... بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ"
للشاعر أمرئ القيس.
إن ظهور مسابقات الألعاب الأولمبية في اليونان (الإغريق) ، وكذلك ظهور مسابقات القصائد الشعرية (عن الحب العذري) في الجزيرة العربية ، لم يكن صدفة ولكن كان تعاون روحي عالمي بطريق غير مباشرة للمساهمة في تطوير السلوك البشري لتسير الإنسانية ضمن المخطط الإلهي الذي رسمه عز وجل لها . فبلاد اليونان في أوروبا هي رمز القسم الغربي من الإنسانية ، أما بلاد الجزيرة العربية وما يحيط بها فهي رمز القسم الشرقي من الإنسانية (قارة آسيا عموما). القسم الغربي مسؤول عن تأمين الإحتياجات الجسدية للإنسانية . أما القسم الشرقي فمسؤول عن تأمين الإحتياجات الروحية . ولهذا نجد أن الإغريق والشعوب الأوروبية وخاصة في القرون الأخيرة كان لها الفضل الأول في التقدم العلمي والتكنولوجي (علوم مادية) ومن الغرب إنتقلت إلى جميع شعوب العالم . ولكن بالمقابل نجد أن جميع الديانات العالمية قد ظهرت في آسيا ، ومن آسيا إنتشرت هذه الديانات إلى جميع شعوب العالم . وليس من الصدفة أن كرة القدم الآسيوية منذ ظهورها وحتى اليوم توجد في أدنى المستويات من بقية القارات والسبب هو أن شعوب آسيا دورها روحي وليس مادي ، فهي فطريا غير مؤهلة لتنافس الغرب في الأمور المادية طالما أن الرياضة لا تزال في شكلها المادي الذي يعتمد بشكل كبير جدا على المهارات الفردية وليس المهارات الجماعية . وأفضل إثبات على التقدم المادي للقسم الغربي والتقدم الروحي للقسم الشرقي ، هو ما حصل مع فريق قطر . فرغم أن المنتخب القطري كان بطل آسيا في كرة القدم ، ورغم أن مسابقة كأس العالم تحدث في بلاده قطر، ومع ذلك كان مجموع النقاط التي أحرزتها هو الرقم صفر كونها خسرت في جميع المباريات التي شاركت بها . فقط دولتان من آسيا وصلتا إلى دوري ال/١٦/ بينما البقية كانت من القارة الأوربية والأفريقية وأمريكا الشمالية والجنوبية . حيث الدولة العربية الوحيدة التي وصلت للدوري النصف نهائي إسمها ليس تونس أو الجزائر أو مصر ولكن المغرب ، وهذا الأسم مشتق من كلمة (غرب) لأن أفريقيا هي أيضا من القسم الغربي ، فوصول المنتخب المغربي للنصف النهائي لم يكن صدفة ولكن حكمة إلهية توضح لنا حقيقة دور القسم الشرقي والقسم الغربي في تطور الإنسانية .
وعلى رغم الخسارة المبكرة جدا للمنتخب القطري ، ولكن من الناحية الروحية نجد أن قطر كدولة آسيوية (شرقية) ومن الجزيرة العربية بالتحديد قامت بتنظيم أفضل مسابقة لكأس العالم في تاريخ كرة القدم ، فقد شاء القدر أن يجعل هذه المسابقة مليئة بالأحداث بحيث يكون كل حدث له معنى رمزي يوضح لنا حقيقة ما يحصل في عصرنا الحديث (هذه الرموز سنأتي على شرحها بشكل تدريجي) . قطر في هذه المسابقة العالمية استطاعت أن تظهر لجميع شعوب العالم المعنى الإنساني الحقيقي لدور الرياضة في إزدهار الحضارات .
الرياضة منذ ولادتها وحتى نهاية القرن التاسع عشر كانت بشكل عام ألعاب فردية كرياضة سباق الجري والمصارعة والملاكمة ورمي الرمح أو القرص أو القفز وغيرها من تلك الألعاب التي تعتمد على القوة الجسدية والمهارات الفردية . وفي نهاية القرن التاسع عشر مع إعادة تنظيم الألعاب الأولمبية (عام ١٨٩٦) والتي معظمها في ذلك الوقت كانت تعتمد على الألعاب الفردية ، ظهرت رياضة كرة القدم كرياضة جماعية ، ورغم ظهور ألعاب أخرى جماعية كرياضة كرة السلة أو الطائرة وغيرها ، ولكن رياضة كرة القدم دخلت قلوب الجماهير أكثر من بقية جميع الألعاب الجماعية الأخرى . وإختيار الجماهير لكرة القدم وليس لغيرها من الألعاب الرياضية ، لم يكن صدفة ولكن سببه التكوين الروحي للإنسان نفسه . فالإنسان يتكون من جسد وروح ، وإحتياجات الإنسان المادية مسؤول عنها القسم السفلي للإنسان ، أما إحتياجاته الروحية فالمسؤول عنها هو الرأس والذي يستخدم الأطراف العلوية (الذراعين) كأداة لتحقيق ما يريد ، فطالما أن اليد كرمز يتبع للرأس . وجب على الحس الإنساني أن يختار القدم ليكون رمز لأداة القسم السفلي ، لهذا أحبت الناس كرة القدم أكثر من بقية الألعاب كونها تُعبر تماما عن هذا القسم .
رياضة كرة القدم رغم أنها لعبة جماعية ولكنها في البداية هي أيضا كانت تعتمد بشكل كبير على المهارات الفردية حيث ظهر اللاعب البرازيلي بيليه ليدهش عشاق الكرة بمهاراته الخارقة وليجعل هذه الرياضة أكثر شعبية مما كانت عليه . ولكن وجب من رياضة كرة القدم هي أيضا أن تتطور بشكل يسير على المخطط الإلهي في تطور المجتمعات الإنسانية . فالمجتمع الحيواني هو مجتمع فردي حيث كل فرد يسعى لتأمين حاجاته الشخصية فقط ، وحتى تلك التي تعيش بنظام إجتماعي ، هي تسعى من خلال هذا التنظيم لتأمين حاجاتها المادية فقط كمجتمع النمل مثلاً . بينما المجتمع الإنساني يختلف عن المجتمع الحيواني بتنوع المسؤوليات بهدف تأمين الحاجات المادية والروحية أيضا . لهذا وجب أن تتحول كرة القدم من لعبة يلعب كل لاعب فيها معتمدا على مهاراته الفردية إلى لعبة تعتمد على تعاون جميع أعضاء الفريق . فظهر الهولندي يوهان كرويف كلاعب ومدرب وأستطاع تغيير النمط الكلاسيكي لكرة القدم لتتحول إلى لعبة تعتمد خطط مرسومة (هجومية أو دفاعية) يشارك ويتعاون فيما بينهم جميع لاعبي الفريق لتنفيذها وكأنهم كتلة واحدة . هذا التغيير الذي حصل كان هدفه تنمية روح التعاون في العقل الباطني للمشاهدين.
مع تطور رياضة كرة القدم بشكل تدريجي من لعبة تعتمد على المهارات الفردية إلى لعبة جماعية تعتمد على التخطيط والحسابات ، راح هذا التطور يسير في طريقه الصحيح ، ولكن سيطرة منطق تيار العصر الحديث (الفوضى الخلاقة) على معظم الأمور في السلوك البشري ، وكون هذا التيار يسعى إلى تحطيم الروابط الإنسانية عن طريق تنمية إحساس (حب الذات) والذي ينمي الأنانية والغرور ويدفع الإنسان في التفكير في مصالحه الشخصية فقط ، بدأت تتحول كرة القدم من رياضة إلى مشروع تجاري هدفه الأول هو الربح المالي لكي تخسر رياضة كرة القدم هدفها الحقيقي في تنمية حب التعاون والمحبة والسلام بين الشعوب . حيث بدأت تتم صفقات في إنتقال اللاعبين من نادي إلى نادي آخر بمبالغ خيالية . هذه المبالغ الخيالية رفعت رواتب لاعبي كرة القدم بحيث قامت بتنمية الطمع والغيرة والأنانية في داخل اللاعب لتجعله سواء شاء أو أبى أن يخرج من المسار الصحيح لتطوير رياضة كرة القدم ليحولها ثانية إلى لعبة تعتمد على المهارات الفردية ليستطيع كل لاعب إظهار مهاراته الفردية ليحصل على أعلى راتب وأعلى شهرة . إن تحويل كرة القدم من رياضة إلى مشروع تجاري كهدف أول أحدث خللا في النظام الإجتماعي ، كثير من الآباء أصبحوا يُجبرون أطفالهم في تعلم كرة القدم لعل إبنهم يصبح في المستقبل لاعب محترف براتب مالي ضخم .
حتى تنجح عملية نشر الفوضى الخلاقة التي يعتمدها منهج التيار الحديث ، بدأت وسائل الإعلام والتي معظمها تقع تحت سيطرة التيار الحديث بنشر فكرة التمرد على جميع القيم والعادات ، وبدلا من أن يكون السلوك المخل للآداب وكثرة الفضائح عائقا في طريق اللاعب نحو النجاح ، أصبح طريقا للشهرة والمجد .
في بداية القرن الجديد (قرن ٢١) ظهر اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو والذي يُعتبر نموذجا صادقا عن شخصية أتباع منطق تيار العصر الحديث . رونالدو رأى في كرة القدم أنها ربه الأعلى وأن جسده هو رسول هذا الرب، وحتى يضمن تحقيق جميع أهدافه الشخصية (الثروة ، المجد ، رغبات الجسد) إنجرف بكل قوة مع متطلبات منهج التيار الحديث .
كريستيانو رونالدو منذ بداية ظهوره في ملاعب كرة القدم أبهر الجميع بمهاراته ، وخلال فترة قصيرة تربع ليس فقط على عرش كرة القدم ، ولكن أيضا على عرش الأخبار ووسائل الإعلام العالمية بتصرفاته المتمردة على القيم والتقاليد . في عمر /١٩/ عام -مثلا- أقام علاقة غرامية مع إمرأة مشهورة جدا تعمل مقدمة برامج تلفزيونية تكبره بعشر سنوات ، ثم بعد إنفصاله عنها راح يظهر أمام وسائل الإعلام مع أشهر فتيات الإغراء ، وظهر شبه عاري مع إحدى عشيقاته في مجلة مشهورة مقابل مبلغ مالي ضخم . فأصبح بين ليلة وضحاها بسبب مهاراته في كرة القدم وسلوكه المنحرف من أكثر الشخصيات في العالم التي تتحدث عنه وسائل الإعلام . رونالدو وهو بعمر /٢٣/ عام فاز بالكرة الذهبية ، ثم إنتقل إلى النادي الإسباني ريال مدريد بأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم في ذلك الوقت . جميع هذه الإنجازات جعلت رونالدو يظن نفسه أنه ملك رياضة كرة القدم وملك الأخبار والإعلام .
لم يعلم كريستيانو رونالدو أن القدر الذي أرسله ليلعب في الدوري الاسباني ، كان من أجل خلق صراع شرس ، صراع قد يبدو في ظاهره وكأنه صراع كروي ولكن في الحقيقة كان صراعا بين شخص باع نفسه لمنطق التيار الحديث ليحقق جميع رغبات النفس الدنيئة ، وشخص آخر متمرد على منطق التيار الحديث ويرفض أي تشويه في تكوينه الإنساني . هذا الشخص المتمرد الذي رفض جميع إغراءات تيار الحديث ، هو ليونيل ميسي الذي كان يلعب في نادي برشلونة .
لا شيء يحدث بالصدفة ولكن ضمن حكمة إلهية لها معنى يكشف لنا حقائق الأمور ، فكل شيء يتعلق برونالدو وكل شيء يتعلق بميسي يوضح لنا تماما نوعية والفرق بين تلك الروح التي تكمن في داخل رونالدو وتلك الروح التي تكمن داخل ميسي .
رونالدو لعب في نادي ريال مدريد ، وهذا النادي رغم أنه إسمه يعني (نادي مدريد الملكي) ولكنه في الحقيقة هو نادي الديكتاتور الإسباني فرانكو الذي قاد انقلاب سنة ١٩٣٦ للإطاحة بالجمهورية الإسبانية الثانية التي أدت إلى الحرب الأهلية الإسبانية حيث بعد ذلك حكم إسبانيا حكما ديكتاتوريا من ١٩٣٩ إلى ١٩٧٥ ، فكان هذا النادي تحت رعاية الديكتاتور ويمثل نادي الطبقة البرجوازية . وكانت الأندية الإسبانية في ذلك الوقت تعاني كثيرا من تدخلات الديكتاتور في المباريات لفرض تحقيق فوز فريق نادي ريال مدريد بشتى الطرق . بينما نادي برشلونة كان فريق الثوار والمضطهدين ، حيث النشيد الرسمي لبرشلونة هو «لا أحد قادر على قهرنا» . فهذا الصراع بين رونالدو وميسي هو في الحقيقة صراع رمزي بين الظالم والمظلوم . التاريخ يعيد نفسه ، ولكن هنا بدلا من أن يكون الصراع بين ملك جائر ونبي أو بين ملك ظالم وبطل شعبي ، كان الصراع صراع كروي في ظاهره وفي باطنه كان صراع بين تيار الفوضى الخلاقة وتيار التعاون والإنسجام .
رونالدو أكبر من ميسي بحوالي عامين ونصف ، رونالدو يملك جسد قوي وطويل القامة (١٨٧ سم) ، بينما ميسي يمتلك جسم صغير (١٦٩ سم) فقط. هذا الفرق في الحجم بين المتنافسين ليس صدفة ولكن قدر إلهي ، فرونالدو يمثل رمز قوى الدول العظمى المستبدة والتي تنهب ٨٠ % من خيرات بلدان العالم لتستهلكها هي . بينما ميسي يمثل رمز الدول الفقيرة المستعبدة والتي نصيبها من خيرات العالم فقط ٢٠% .
إن وجود رونالدو وميسي في الدوري الاسباني، جعل الدوري الاسباني محط أنظار عشاق كرة القدم في جميع شعوب العالم . وأصبح موضوع المقارنة بين ميسي ورونالدو حديث معظم وسائل الإعلام الرياضية والإجتماعية ، من أفضل لاعب كرة قدم في العالم : ميسي أم رونالدو ؟ . هذه الظاهرة الفريدة من نوعها في تاريخ كرة القدم لم تكن صدفة ولكن حكمة إلهية توضح تماما شدة عمى البصيرة التي تعاني منها الإنسانية في عصرنا الحديث ، والتي جعلها تضع المزيف والمثالي في نفس المرتبة .
رونالدو كونه من أنصار تيار العصر الحديث الذي ينمي حب الذات ، في جميع لقاءاته الإعلامية كان يُصرح بكل ثقة بأنه أفضل لاعب في العالم وأنه أفضل لاعب في التاريخ . بينما ميسي وكونه متمرد على التيار الحديث ومن أنصار منهج التعاون والإنسجام والذي ينكر الذات وينمي الإحساس بالآخرين ، كان في كل مرة يُسأل فيما إذا كان يعتبر نفسه أفضل لاعب في العالم كان دوما يجيب بعبارة واحدة (هذا الأمر لا يهمني ، أنا أحاول فقط أن أفعل كل ما أستطيع ليفوز فريقي) .
لا أريد أن أضيع وقت القراء في سرد الفرق بين ما حققه ميسي وما حققه رونالدو في كرة القدم ، فقد تكلمت عن هذه الأمور بالتفصيل في سلسلة من المقالات ظهرت في موسم كأس العالم /٢٠١٨/. فقط هنا أذكر ما كتبه اللاعب التشيلي أرتورو فيدال عن المنافسة بين ميسي ورونالدو بعد تتويج ميسي بكأس العالم وخروج رونالدو باكيا من المونديال (حينما يخلق الإعلام منافسة وهمية وكاذبة بين ميسي ورونالدو هكذا تكون النتيجة) . فلولا سيطرة منهج التيار الحديث على وسائل الإعلام ، لما تجرأ أحد على النقاش في موضوع المقارنة بين رونالدو وميسي ، فالأمر بسيط جدا ولا يحتاج إلى ذكاء ، فقط يحتاج إلى رؤية شاملة للموضوع بعيدا عن المزاجية والميول التعصبية . فهل من المعقول أن تحدث مقارنة بين طبيب بارع متخصص -مثلا- بأمراض القلب فقط ، وطبيب آخر يملك نفس البراعة ولكن في عدة إختصاصات : القلب والجهاز العصبي والجهاز التنفسي والهضمي والتناسلي ... ؟ فلعبة كرة القدم مشابهة لطريقة عمل أجهزة جسم الإنسان ، حيث جميع الأجهزة في الجسم تتعاون مع بعضها البعض بشكل منسجم لتحقيق أفضل شكل لعمل الجسم . الأمر كذلك في الفرق بين رونالدو وميسي . رونالدو لاعب مهاجم بارع في مركز واحد ، في الركلات بقدميه الإثنتين ورأسه أيضا ، بينما ميسي هو مهاجم بارع في جميع مراكز خط الهجوم ومراكز خط الوسط ، فهو بارع في المراوغة وفي الركلات ، وبارع في التسجيل وصنع الأهداف . ميسي عندما كان في قمة قوته الجسدية كان أفضل مهاجم وأفضل لاعب وسط وأفضل لاعب دفاع بحيث لم يتمكن أحد من مراوغته . المدرب العالمي جوارديولا قال عن ميسي بأنه "أفضل رقم /٩/ ورقم /١١/ ورقم /١٠/ ورقم /٦/ ورقم /٤/ "، هذه الأرقام تشمل جميع خطوط اللعب (الهجوم والوسط والدفاع) ، ميسي لاعب شامل كونه ينتمي لتيار التعاون والإنسجام ، بينما رونالدو لااعب متخصص في مركز واحد كونه ينتمي للتيار الحديث .
كثير من المحللين الرياضيين وصفوا رونالدو بأنه وحش تهديف وآلة تسجيل أهداف . بينما وصفوا ميسي بأنه وزير السعادة وملك المتعة . هذه الأوصاف ليست عبثية ولكن توضح تماما صحة ما نحاول توضيحه في هذه المقالة ، بأن رونالدو من أنصار الفوضى الخلاقة لهذا فهو وحش وآلة كونه تهمه نفسه فقط. بينما ميسي من قادة أنصار تيار التعاون والإنسجام . فمعظم زملاء ميسي في الفريق يحبونه لأنه يعطي طاقة إيجابية تنعش جميع أعضاء الفريق . اللاعب البرازيلي داني ألفيس قال عن ميسي " إن اللعب مع ميسي هو أفضل شيء ممكن أن يحدث في مسيرة أي لاعب ولكن في نفس الوقت يدخلك الشك ، هل أنت حقا لاعب جيد ، أم ميسي هو الذي يجعلك تبدو جيدا " . مدرب فريق الأرجنتين ليونيل سكالوني قال عن ميسي” لم أر أبدا شخصا بهذا القدر من التأثير الإيجابي على زملائه في الفريق ”.
بينما زملاء رونالدو فكثير منهم كانوا يشكون من غروره بنفسه وأنانيته ومحاولة إخضاعهم له ليحقق المجد فقط لنفسه ، وخاصة في الفترة الأخيرة حيث إشتكى منه جميع زملائه في فريق مانشستر يونايتد فاضطر المدرب بوضعه في الدكة وإيقافه عن المشاركة كلاعب أساسي كونه ينشر طاقة سلبية في الملعب . والشيء نفسه حصل مع زملائه في المنتخب البرتغالي في مباريات مونديال قطر فتم وضعه في الدكة أيضا .
إذا تمعنا جيدا في أحداث حياة وسلوك كريستيانو رونالدو لتحويلها إلى فيلم سينمائي ، سنجد أن جميع منتجي الأفلام الذين في أعمالهم ينتمون إلى حقبة الزمن الجميل ، سيرفضونها وسيعتبرونها قصة تافهة كونها قصة تمجد بطل سلبي يحاول تدمير سلوك الشباب بغروره وبسلوكه الأناني المليء بالفضائح الجنسية والأخلاقية . فرونالدو لم يتزوج حتى الآن وجميع الفتيات -اللواتي عشن معه حتى الآن- هن مجرد عشيقات دورهن تحقيق رغباته فقط ، وإلا لكان قد تزوج إحداهن ، لأن الزواج هو تعبير صادق عن وجود الإلفة روحية بين الرجل والمرأة . رونالدو لديه /٦/ أطفال ، /٤/ منهم لا يعلمون من هي أمهم ، وممنوع على أمهاتهم كشف أنفسهن على الإعلام أو على اطفالهن .لأن رونالدو عقد معهن عقد بمبلغ طائل مقابل صمتهن وخرق هذا العقد سيدمر حياتهن . حياة رونالدو قصة تافهة كونها قصة رجل حقق العديد من الإنجازات في كرة القدم والمشاريع التجارية والشهرة في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي فأعماه الغرور وظن نفسه إله .
بينما من يتمعن بكامل تفاصيل أحداث حياة ميسي ، سيرى أن قصة حياة ميسي هي أرقى بكثير من أن يستطيع أفضل كاتب روائي عالمي أن يؤلف مثلها لتحقق جميع شروط الرواية المتكاملة . فهو ولد في بيئة فقيرة ، وفي عمر الخمس سنوات ظهرت موهبته الخارقة في لعبة كرة القدم ، الجميع تنبأ له بمستقبل باهر ، ولكن بعد سنوات قليلة إكتشف والده بأن إبنه الصغير الموهوب يعاني من مرض نقص هرمون النمو ، وأنه بدون علاج هذا المرض سيمنع جسم إبنه من النمو وعندها لن يقبل أي فريق بضمه إليه كلاعب كرة قدم لصغر جسمه . وعلاج هذا المرض يحتاج إلى مبلغ كبير /٩٠٠/ دولار شهريا ، بيئته الفقيرة ودولته الفقيرة رفضوا مساعدة الطفل بسبب إرتفاع تكاليف العلاج . ولكن شاءت الأقدار أن يسمع أحد العاملين في فريق برشلونة في إسبانيا عن هذا الطفل المعجزة وعن مرضه فذهب إلى الأرجنتين ورأى الطفل الميسي وموهبته الخارقة ، فدع والد ميسي ليعرض موهبة إبنه الصغير على إدارة النادي . وفي ملعب التدريب في نادي برشلونة طلبوا من ميسي أن يلعب مع بقية أشبال فريق برشلونة لترى الإدارة ماذا يستطيع أن يفعل هذا الصغير . الطفل ميسي نزل إلى الملعب وهو يعلم أنها فرصته الوحيدة لتحقق حلمه في عالم كرة القدم . كل اللاعبين كان حجم أجسامهم ضعف حجم جسمه الصغير ، جميعهم نظروا إليه وسخروا منه وزملائه أثناء اللعب لم يمرروا له الكرة ليساعدهم بتسجيل الأهداف ، موقف زملائه أثر في نفس ميسي كثيرا ولكنه أصر أن يثبت نفسه أمامهم وأمام الجميع ، وعندما أتى اللاعب الخصم بالكرة ليراوغه ، خطف ميسي الكرة منه وإنطلق نحو مرمى الخصم وراوغ كل من إعترضه في طريقه إلى المرمى وسجل أول هدف له في نادي برشلونة . هذه الحادثة ذكرها جيرارد بيكيه زميل ميسي في فريق برشلونة .
في نادي برشلونة بدأت مهارات ميسي في كرة القدم تبهر الجميع وبعمر /١٧/ عام إنتقل إلى فريق الرجال ليبدأ مسيرته كلاعب كرة قدم محترف . وبعمر /١٨/ عام شارك مع المنتخب الأرجنتيني لكأس العالم للشباب تحت/٢٠/ سنة في هولندا، حيث فاز بالكرة الذهبية والحذاء الذهبي ، حيث كان له الفضل الأول في فوز منتخب بلاده الأرجنتين . هذا الفوز الذي معظم وسائل الإعلام لا تذكره لكي لا ترفع مكانته أعلى من مكانة رونالدو .
ميسي رغم شهرته التي بدأت تتصاعد ورغم راتبه الضخم الذي يسمح له بمعاشرة أجمل النساء ولكن ومع ذلك ظل بعيدا عن مثل هذه الأجواء . فميسي عندما كان طفلا في الأرجنتين كان معجبا جدا بطفلة تدعى أنتونيلا كوروزو ، ورغم بعده عنها لسنوات طويلة كونه يعيش في إسبانيا ظل مخلصا بحبه لها . وعندما أصبح له راتب جيد وبيت يملكه بأسمه ، ذهب إلى الأرجنتين وإلتقى بها وشرح عواطفه نحوها ، فوافقت لتذهب معه وتعيش معه كشريكة حياته ولتكون أما لأطفاله . ومنذ ذلك الوقت وهما يعيشان معا حياة عائلية هادئة سعيدة لم يشوبها أي شائبة تعكر حبهما وسعادتهما وسمعتهما أيضا. وكأن روح ميسي أرادت بمثل هذا السلوك النبيل أن يجمع بين حكمة ظهور الألعاب الأولمبية ، وحكمة ظهور قصائد الحب العذري في سوق عكاظ ، فالعلاقة (عفة - سلام) لا يمكن التفريق بينهما .
أحداث حياة ميسي ومحور تطورها هو قدر إلهي وليس من صنع بشري . فحارس مرمى المنتخب النيجري في إحدى المباريات ذهب ليلمس ميسي ليتأكد هل هو إنسان مثلنا أم هو مختلف عن البشر . فليس من الصدفة أن أولئك الذين لا يهتمون بأمور الدين أعطوا ميسي لقب (الكائن الفضائي) هذا اللقب ظهر لأول مرة في عالم كرة القدم . أما أولئك الذين يؤمنون بوجود الله فلقبوا ميسي ب(صاحب الموهبة الربانية) كونه صاحب مهارات خارقة رغم أنه يعيش مع أفراد عائلته حياة طبيعية ، يعتني بجسده ويتدرب بشكل طبيعي كأي لاعب كرة قدم محترف لا أقل ولا أكثر ، فالحياة بالنسبة له ليست فقط كرة قدم وأطفاله وزوجته من حقهم أن يعيشوا حياة إجتماعية طبيعية تلائم نوعية مواهبهم وهوياتهم الشخصية . بينما رونالدو فنجده قد فرض على نفسه وعلى أفراد عائلته برنامج يومي قاسي فهو يهتم بأدق تفاصيل الأمور في برامج التغذية أو برامج تمارين رياضية لتقوية جسده ليستمر سنوات أطول في ممارسة كرة القدم ، وكل هذا فقط ليحطم جميع الأرقام القياسية ليثبت للعالم بأنه إله كرة القدم .
رغم أن آلاف الصفحات في وسائل الإعلام وآلاف مقاطع الفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي التي تتكلم عن ميسي ، ولكن لم يتم ظلم شخص مثلما تم ظُلم ميسي من قِبل وسائل الإعلام . وأكبر إثبات على ذلك هو إصرار الإعلام والمحليين الرياضيين في إعطاء كريستيانو رونالد تلك الأهمية الكبيرة ليليق بمقارنته بميسي . ولكن مهما كانت عظمة تلك القوة التي تُريد تشويه الحقيقة ، فالحقيقة هي شيء رباني ولن يتمكن أحد من تشويهها ، لهذا أتى مونديال /٢٠٢٢/ في قطر لتزيل تلك الغمامة الداكنة أمام أعين الناس لترى الحقيقة كرؤية الشمس في وضح النهار ، ولتجعل أولئك (المطبلين) لرونالدو يصمتون إلى الأبد ، ولتكشف أيضا حقيقة منطق التيار الحديث لتكتمل قصة ليونيل ميسي كأفضل رياضي مثالي في تاريخ الرياضة .
....... يتبع
وسوم: العدد 1016