لم " نخَّ " نتنياهو ؟
مساء اليوم قرر رئيس وزرائهم نتنياهو منع دخول اليهود لباحات الأقصى طوال عشرة الأيام القادمة . وكان آخر دخول لهم قبيل ضحى اليوم العشرين من رمضان 1444 ه . وبذا يكون قد منع دخول بني قومه في العشر أو التسع الأواخر من رمضان .
ولعل ما دفع نتنياهو لاتخاذ قراره ما يأتي :
- إشباع غروره عالي التركيز و إشعار نفسه أنه ما زال مالك الأمر والقرار كونه رئيس الوزراء , حيث انه الآن وبتقديري قد وصل ما أسميته " درك أرذل العمر سياسيا " , فأراد القيام بأمر يعيد له بعضا من ألق أنه صاحب الكلمة الأخيرة والنهائية بأمور مفصلية .
2.توجيه رسالة لحلفائه من أقصى اليمين وتحديدا ل ايتامار بن gفير ( وزير الأمن القومي وزعيم حزب عوتسماه يهوديت ( عظمة يهودية) المشاكس والمسبب لوجع الرأس في ائتلافه مع قرينه بتسلئيل سموتريتش وزير المالية وزعيم حزب البيت اليهودي و " شيخ" تزيونوت هديتيت ( الصهيونية المتدينة ) ) أنه , أي نتنياهو بإمكانه التمرد على ابتزازهم المتواصل , وانه يستطيع القول : " لا " لهم حين يشاء , ولا سيما بمسائل يكون الرضوخ فيها خيرا من المعاندة .
- توجيه رسالة لأكثر من طرف ولا سيما " للشعب" مفادها أنه يصغي لنصائح ومطالب وتوجيهات أجهزة الأمن الذين طلبوا ذلك حفاظا على الأمن العام والمصلحة العامة " للبلاد " .
- إشعار الأطراف الفلسطينية الرسمية والعربية والدولية أنه يأخذ بعين الاعتبار مناشداتهم وتحذيراتهم وطلباتهم بلجم عناصر اليمين المتطرف وعدم ترك الحبل على غاربه لهم ولا سيما بالعشر الأواخر من رمضان .
- الانسجام مع فهمه الأكيد أن الذاهبين من اليهود لباحات الأقصى لا يذهبون تحقيقا لأمور دينية ,حيث أن حاخامات اليهود يفتون بغير ذلك تماما , وانما يذهبون لأمور سياسية واستعمارية واحتلالية محاولين " شرعنة " الحصول على مواطئ أقدام في الحرم القدسي الشريف ,
وبالتالي لن يضير اليهود شيئا إذا منعوا من التوجه لباحات الأقصى في هذه الأيام العشرة الأخيرة من رمضان , وسيعوضهم عن ذلك قطعا بأمور أخرى وبأوقات أخرى .
6.إرضاء لأمريكا وللأوروبيين تحديدا وكذلك إشعارا لهم أنه يلبي ما يريدون ( حيث أن هدفهم ما يسمونه " الحفاظ على الوضع القائم" وهي عبارة كارثية على وضع القدس وفلسطين وكارثية للفلسطينيين والعرب والمسلمين ) , وكذلك يطمئنهم أنه يستطيع في اللحظة المطلوبة شد الحبل لمن عابوا عليه ائتلافه معهم .
- الرغبة في عدم توتير الأمور بهذه الفترة حيث أن دخول اليهود لباحات الأقصى سيقابَل بمقاومة عنيفة من الفلسطينيين المعتكفين فيه بالعشر الأواخر من رمضان مهما كلف الأمر . ولا يخفى على أي متابع هشاشة الوضع الأمني الداخلي الإسرائيلي .
- الرغبة في عدم انضمام فلسطينيي الداخل لأيما أعمال مقاومة لا شك مندلعة إن حصلت مواجهات بين الذين سيقتحمون الحرم القدسي الشريف من اليهود محميين بكتائب من الشرطة وغيرهم وبين إخوانهم أهل البلاد وحماة الأقصى الحقيقيين الفلسطينيين والذين خبرهم نتنياهو وغيره في أكثر من موقعة .
هذه أبرز النقاط التي جعلت نتنياهو يقرر ما قرر بخصوص منع بني قومه من " دخول" باحات الأقصى في العشر الأواخر من رمضان 1444 ه .
ويبقى الأمل في عودة الأقصى والقدس وفلسطين لأهلها الفلسطينيين ومعهم إخوانهم العرب والمسلمين .وذلك يحتاج لخطاب آخر ويحتاج قبل الخطاب إعدادا واستعدادا واصطفافا ما زال بعيد المنال ولكنه ممكن .
وسوم: العدد 1027