صورة العيد في عيون الشعراء
شكلت المناسبات الإسلامية مادة خصبة للشعراء منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، وتفاوت إحساسهم به قوة وضعفُا، عبادة وعادة، وأخذ هذا الاهتمام مظاهر عديدة، ومن هذه المناسبات -إن لم يكن من أهمها- مواسم رمضان، والحج، والعيدين؛ فهي تتكرر كل عام مع اختلاف الظروف والأحداث التي قد تمر بالشاعر خاصة، أو تمر بالأمة الإسلامية عامة، وقد تفاعل الشعراء مع الأعياد تفاعلاُ قويًا.
العيد الحقيقي للأمة:
ليس العيد لمن لبس الجديد وإنما العيد لمن طاعته تزيد، والعيد في الإسلام يكون بعد أداء عبادة عظيمة لذا يسمى يوم الجائزة، فالفطر بعد صيام رمضان، والأضحى بعد فريضة الحج، ولا ننكر أن للعيد حقوقاً كثيرة على المسلمين، فهو فرصة لتوديع الأحزان، والنهضة من جديد، ولعلّ من أهم واجباتنا: إظهار البهجة والسرور بمقدمه علينا، وإقامة مظاهر الفرح والزينة في ربوع بلادنا، فمن أهم معاني العيد: الفرح والزينة وإدخال السرور إلى قلوب الأهل والأحباب والأقارب والأصحاب.
ولقد وصف القرآن الكريم، يوم العيد، بأنه يوم الزينة، فقال تعالى في معرض حديثه عن موسى (عليه السلام)، وهو يحاجج قومه:
( قال موعدكم يوم الزينة ، وأن يُحشر الناس ضُحى ) طه ( 59 )
وكذلك وصفه القرآن بأنه يوم فرح وبهجة وسرور، فقال على لسان عيسى بن مريم (عليه السلام)، وهو يدعو الله أن ينزل على قومه مائدة من السماء، استجابة لطلبهم: بسم الله الرحمن الرحيم ( قال عيسى بن مريم: اللهم ربنا، أنزل علينا مائدة من السماء، تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا، وآية منك، وارزقنا، وأنت خير الرازقين) المائدة ( 114 ).
وفرح النبي عليه السلام بالعيد، وأذن لزوجاته بالسماع البريء الطاهر، وعندها نهاهم أبو بكر رضي الله عنه قال له: دعهم يا أبابكر فإنه يوم عيدنا.
وكان الصحابة – رضوان الله عليهم - يتبادحون بقشور البطيخ، فإذا كان الجدّ كانوا هم الرجال.
ولكننا يجب أن نعترف، بأن في قلوبنا غصّة، وفي نفوسنا حرقة، وفي أرواحنا لوعة، ربما عكَّرت على هذا الوافد الحبيب، ما ينوي إشاعته فينا من هذه المظاهر الإنسانية النبيلة .
فعيدنا الحقيقي، هو في أن ترحل القوات الأمريكية والبريطانية الغازية عن العراق الحبيب، وتتوقف معها كل أشكال الظلم والإرهاب بحق شعبنا الصابر المجاهد هناك، ويعود شماله الحبيب إلى أحضان الوطن الغالي، ويتعانق أبناء شعبنا الواحد، بعربه وكرده والتركمان، وجميع مشاربه ومذاهبه، ويتعاونوا جميعاً تحت راية الإسلام العظيم لبناء العراق الواحد الموحّد القوي المقتدر، الذي يرهب الأعداء، ويزلزل كيانهم، ويتحدى أطماعهم الشريرة، ويحطم مخططاتهم الخبيثة .
وعيدنا الحقيقي، في أن ترحل هذه الشرذمة ( الصهيونية ) الغادرة عن فلسطين الحبيبة، ويتحرر الأقصى الشريف _ أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى سيد البشر، وخاتم النبيين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم _ ومعه الجولان، وجنوب لبنان، وبقية الأراضي المحتلة، من رجسها .
وتتوقف شلالات الدم النازفة من خاصرة أمتنا بسبب اعتداءاتها الوقحة، وجرائمها الخسيسة .
وعيدنا الحقيقي كذلك في أن ترحل القوات الأمريكية الغازية عن خليجنا العزيز، وتتحرّر الإرادة العربية، ومعها الخيرات العربية _ بما فيها النفط _ من الهيمنة الامبريالية والصهيونية، وتصبح _ فعلاً _ أرض العرب للعرب، وخيرات العرب، للعرب والمسلمين .
وعيدنا، في أن تتوقف المذابح، وتنطفيء نيران الفتن الداخلية، ويستقر أهلنا في كل من السودان، وسورية وليبيا، وتونس، والجزائر، والصومال، وأفغانستان، والشيشان، وكوسوفا، وأن يعود اليمن سعيداً، ..وغيرها من البلاد العربية والإسلامية الملتهبة.
ونرجو الله أن تنعم أمتنا _كلها _ بنعمة الأمن والسلام ، لنفرح _جميعاً _ بفرحة العيد السعيد .
وعيدنا الحقيقي أيضاً، يوم يتوحّد العرب، وتكون لهم إرادة حرّة مستقلة عن أية هيمنة خارجية، أو تدخّل أجنبي، لبناء أمة عربية مؤمنة وقوية ...
وعيدنا كذلك، يوم يتعاون المسلمون _ في مشارق الأرض ومغاربها _ على البر والتقوى، ويكونون عند حسن ظن ربهم بهم، إذ وصفهم؛ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم ( كنتم خير أمة أُخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله ) آل عمران (110) .
وقال مخاطباً لهم: ( وجاهدوا في الله حقَّ جهاده، هو اجتباكم، وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سمّاكم المسلمين من قبل، وفي هذا، ليكون الرسول شهيداً عليكم، وتكونوا شهداء على الناس، فأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، واعتصموا بالله، هو مولاكم، فنعم المولى، ونعم النصير)) الحج (78 ) .
وعيدنا الحقيقي، يوم يتحطم الطاغوت الأمريكي والصهيوني، وفرعون مصر والشام، وينزاح هذا الكابوس اللعين الذي يجثم على صدر البشرية، تحت أسماء وهمية خادعة، كا( العولمة ) و( النظام العالمي الجديد )، ...إلخ
وما هو في الحقيقة، إلا أخطبوط، أو أفعى، تلتف على عنق البشرية المعذبة، وتغرز أنيابها في أشلائها، وتقذف بسمومها في دمائها، وتمتص _ بأنانية وغدر _ كامل خيراتها ...
عيدنا الحقيقي هو في أن يربوَ الإيمانُ في صدور المؤمنين، ويشيع السلامُ في ربوع العالمين، وينتصر الحقُ المستمدُّ من شريعة ربّ العالمين، ويندحر الباطل وجنود إبليس أجمعين ...
عيدنا، في أن يكثر الوفاء، ويتعزّز الإخاء، ويعم الرخاء، وتسعد البشرية بمنهج ربّ السماء ...
عيدنا، في أن نعيش بسلام، ونموت على الإسلام، وندخل الجنّة دار السلام ...
بسم الله الرحمن الرحيم ( إنَّ المتقين في جنّات وعيون، أدخلوها بسلام آمنين )
الحِجر (46) صدق الله العظيم ....
ولقد ظهر العيد في أغراض شعرية منوعة منها:
1- تحري رؤية الهلال والاستبشار بظهوره:
ومن ذلك قول ابن الرومي:
ولما انقضى شهر الصيام بفضله *** تجلَّى هلالُ العيدِ من جانبِ الغربِ
كحاجبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه *** يشيرُ لنا بالرمز للأكْلِ والشُّرْبِ
وقول ابن المعتز:
أهلاً بفِطْرٍ قد أضاء هلالُه **** فالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّرِ
وانظرْ إليه كزورقٍ من فِضَّةٍ *** قد أثقلتْهُ حمولةٌ من عَنْبَرِ
2- حقيقة معنى العيد:
وقد يغفل كثير من المسلمين عن المعنى الحقيقي للعيد، فيظنوه في لبس الجديد واللهو واللعب فقط، وإن كان ذلك من سمات العيد، ولكن هناك أمورًا أخرى ينبه إليها أبو إسحاق الألبيري حول حقيقة معنى العيد؛ فيقول:
ما عيدك الفخم إلا يوم يغفر لك *** لا أن تجرَّ به مستكبراً حللك
كم من جديد ثيابٍ دينه خلق *** تكاد تلعنه الأقطار حيث سلك
ومن مرقع الأطمار ذي ورع *** بكت عليه السما والأرض حين هلك
وهو قول ينم عن عمق معرفة بحقيقة العيد، وكونه طاعة لله وليس مدعاة للغرور والتكبر.
ويستغل الشاعر محمد الأسمر فرصة العيد ليذكر بالخير والحث على الصدقة فيه تخفيفًا من معاناة الفقراء والمعوزين في يوم العيد؛ فيقول:
هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به *** وبذلك الخير فيه خير ما صنعا
أيامه موسم للبر تزرعه *** وعند ربي يخبي المرء ما زرعا
فتعهدوا الناس فيه:من أضر به *** ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهم *** دعا الإله لهذا والرسول معا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهم *** بدراً رآه ظلام الليل فانقشعا
وهذا الشاعر الجمبلاطي يستبشر خيراً بقدوم العيد، ويأمل أن يكون فرصة لمساعدة الفقراء والمكروبين حين يقول:
طاف البشير بنا مذ أقبل العيد *** فالبشر مرتقب والبذل محمود
يا عيد كل فقير هز راحته *** شوقاً وكل غني هزه الجود
وللشاعر يحيى حسن توفيق قصيدة بعنوان «ليلة العيد» يستبشر في مطلعها بقوله:
بشائر العيد تترا غنية الصور *** وطابع البشر يكسو أوجه البشر
وموكب العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عين وامقة أو قلب منتظر
ويستمر في وصفه حتى يختمها بقوله:
ياليلة العيد كم في العيد من عبر *** لمن أراد رشاد العقل والبشر
والعيد ما هو إلا تعبير عن السعادة التي تغمر الصائمين بنعمة الله التي أنعمها عليهم باكتمال صيام الشهر الفضيل يقول محمد بن سعد المشعان:
والعيد أقبل مزهوًا بطلعته *** كأنه فارس في حلة رفلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم *** كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
فليهنأ الصائم المنهي تعبده *** بمقدم العيد إن الصوم قد كملا
3- تهاني الشعراء للملوك بالعيد:
ويلاحظ المتتبع لموضوع العيد في الأدب العربي أن المدائح بمناسبة العيد قد شغلت حيزاً كبيراً من أشعار العيد، وأن بعضها يعتبر من غرر الشعر العربي. ومن هذه القصائد رائية البحتري التي يهنىء بها الخليفة العباسي (المتوكل) بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة:
بالبر صمت وأنت أفضل صائم *** وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بعيد الفطر عيداً إنه *** يوم أغر من الزمان مشهر
وقال المتنبي مهنئًا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان:
الصَّوْمُ والفِطْرُ والأعيادُ والعُصُر *** منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والقمرُ
وفي قصيدة أخرى مطلعها:
لكلِّ امرىءٍ من دهره ما تعوّدا *** وعادةُ سيفِ الدولةِ الطَّعْنُ في العِدا
ويهنئ سيف الدولة بالعيد، فيقول:
هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده *** وعيد لكل من ضحى وعيدا
ولازالت الأعياد لبسك بعده *** تسلم مخروقاً وتعطي مجددا
فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى *** كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا
هو الجد حتى تفضل العين أختها *** وحتى يكون اليوم لليوم سيدا
4- الشكوى وندب الحال:
ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أو أهله وقد عبر كن ذلك كثير من الشعراء في قصائد خلدها التاريخ، يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ جِئْتَ يا عيدُ *** بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجديدُ
أمّا الأحِبة فالبيداءُ دونَهم *** فليت دونك بيداً دونهم بيدُ
وما شكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ *** يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه *** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ *** فعاد فطرك للأكباد تفطيرا
ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة رائعة قال فيها:
العيدُ أقبلَ تُسْعِدُ الأطفالَ ما حملتْ يداه
لُعَباً وأثواباً وأنغاماً تَضِجُّ بها الشِّفاه
وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)
فيعودُ في أهدابه دَمْعٌ ، وفي شفتيه (آه)
ويقول في قصيدة أخرى:
هذا هو العيدُ ، أينَ الأهلُ والفرحُ
ضاقتْ بهِ النَّفْسُ ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!
وأينَ أحبابُنا ضاعتْ ملامحُهم
مَنْ في البلاد بقي منهم، ومن نزحوا؟!
وفي قصيدة ثالثة يقول:
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ *** تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا
يا عيدُ عُدنْا أعِدْنا للذي فرِحَتْ *** به الصغيراتُ من أحلامنا فخبا
مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا *** مَنْ فَرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يداهُ وما أعطى وما وَهَبا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
5- العيد خلف قضبان السجن:
ويتعرض بعض الشعراء لمحنة السجن والانقطاع عن الأهل والأحباب والأبناء، ويأتي العيد؛ وهم خلف القضبان، فتثور في نفوسهم الذكريات؛ فهذا الشاعر عمرو خليفة النامي الذي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه من مأساة الظلم والطغيان، فما أشد ما يلاقيه الشاعر وهو في زنزانة ضيقة تطوف بخاطره وخياله صورة أطفاله وأبنائه وهم ينتظرونه في ليلة العيد، حتى يصور الشاعر نفسه كأنه يبصر أولاده والدمع ينهمر من أعينهم شوقًا إليه، فكيف تكون فرحة الأطفال بالعيد والآباء يرسفون في السلاسل والقيود؟:
يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًا *** لكن حظي كان الحزن والأرق
أكاد أبصرهم والدمع يطفر من *** أجفانهم ودعاء الحب يختنق
يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت *** أطفالنا نحن والأقفال تنغلق
ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا *** والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق
إنها مشاعر جياشة تثور مع عودة العيد على المعتقلين في السجون خصوصًا إذاكان السجن ظلمًا، فتثور الذكريات ويعيش كل منهم ذكرياته مع الأهل والأصدقاء والأطفال، يقول الشيخ إبراهيم عزت في يوم العيد:
اليومَ عيد
قد عشتُ فيه ألفَ قصةٍ حبيبةِ السِّمات
أردِّدُ الأذانَ في البُكور
أراقبُ الصغارَ يمرحونَ في الطريقِ كالزُّهور
وهذه تحيةُ الصَّباح
وهذه ابتسامةُ الصديقِ للصديق
الكلُّ عائدٌ بفرحةٍ تطلُّ مشرِقة
من الشفاهِ والعيون
ودارُنا ستنتظر
صغيرتي ستنتظر
والشُّرفةُ التي على الطريقِ
تسمَعُ الصدور
تعزفُ الأشواقَ
تعصِرُ الأسى
هشامُ لن ينام
قد كان نومه على ذراع والده
نهادُ لن تذوقَ زادَها
لأنها تعوّدتْ أن تبدأَ الطعامَ من يدِ الأسير
شريكةُ الأسى بدا جناحُها الكسير
تُخَبِّئُ الدُّموعَ عن صغارِها
وحينما يلفُّها السُّكون
سترتدي الصَّقيع
كي تقدّمَ الحياةَ للرضيع
أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول:
يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون
لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون
بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون
ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون
وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون
أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟
إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون
زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين
ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون
العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين
6- حال المسلمين ومآسيهم:
لم تعرف الأمة في عهودها السابقة حالة الاستضعاف التي شهدتها في القرن الماضي، لذلك كثر وصف الشعراء لمآسي الأمة وأحزانها خصوصًا كلما عاد العيد ومن ذلك قول شاعر الإنسانية المؤمنة عمر بهاء الدين الأميري:
يقولونَ لي: عيدٌ سعيدٌ، وإنَّهُ *** ليومُ حسابٍ لو نحسُّ ونشعرُ
أعيدٌ سعيدٌ !! يالها من سعادةٍ *** وأوطانُنا فيها الشقاءُ يزمجرُ
وقوله:
يمرُّ علينا العيدُ مُرَّا مضرَّجاً *** بأكبادنا والقدسُ في الأسْرِ تصرخُ
عسى أنْ يعودَ العيدُ باللهِ عزّةً *** ونَصْراً، ويُمْحى العارُ عنّا ويُنْسَخُ
وشكوى الشاعر عمر أبو الريشة:
يا عيدُ ما افْتَرَّ ثَغْرُ المجدِ يا عيد *** فكيف تلقاكَ بالبِشْرِ الزغاريدُ؟
يا عيدُ كم في روابي القدسِ من كَبِدٍ *** لها على الرَّفْرَفِ العُلْوِيِّ تَعْييدُ؟
سينجلي لَيْلُنا عن فَجْرِ مُعْتَرَكٍ *** ونحنُ في فمه المشْبوبِ تَغْريدُ
أما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي، فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) راثيًا حال الأمة الإسلامية بما يشاهده من معاناتها:
أقبلت يا عيد والأحزان نائمة *** على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي *** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألوان؟
من أين نفرح والأحداث عاصفة *** وللدُّمى مقل ترنو وآذان؟
ثم ينتقل إلى الجرح الذي لم يندمل، والذي يؤرق الأمة الإسلامية ألا وهو جراحات مقدساتها العظيمة التي سلبها عدوّها لما نام عنها راعيها من المسلمين فقال:
من أين والمسجد الأقصى محطمة
آماله وفؤاد القدس ولها؟
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي
دروبنا جدر قامت وكثبان؟
وبعدها يشتاق قلب الشاعر إلى إخوانه وأحبائه وأهله إلى كل من لم يطعم الراحة والهناء تحت ظل الأمة الإسلامية ليواسيهم، ويواسي جراحات قلبه وآلام نفسه فيقول:
أصبحت في يوم عيدي والسؤال على ** ثغري يئن وفي الأحشاء نيران
أين الأحبة وارتد السؤال إلى *** صدري سهامًا لها في الطعن إمعان؟
وعندما سُئل الشاعر محمد المشعانُ عن العيد ماذا يقول له ؟ أجاب سائله وهو يتحسر على ما آل إليه حال أمته الإسلامية من التفرق والخصام قائلاً:
ماذا تقول لهذا العيد يا شاعر؟ *** أقول: يا عيد ألق الرحل أو غادر
ما أنت يا عيد والأتراح جاثمة *** إلا سؤال سخيف مرَّ بالخاطر
ما أنت يا عيد والعربان قد ثكلوا *** جمالهم والمراعي وانتهى الماطر ؟
ما أنت يا عيد في قوم يمر بهم ** ركب الشعوب وهم في دهشة الحائر
وتتفاعل الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان مع أخواتها اللاجئات الفلسطينيات بين الخيام لتصور مأساتهن وما يعانينه من آلام التشرد واللجوء في يوم العيد، فتقول:
أختاه, هذا العيد رفَّ سناه في روح الوجودْ
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر السعيدْ
وأراك ما بين الخيام قبعتِ تمثالاً شقيًّا
متهالكاً, يطوي وراء جموده ألماً عتيًّا
يرنو إلى اللاشيء.. منسرحاً مع الأفق البعيدْ
أختاه, مالك إن نظرت إلى جموع العابرينْ
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفينْ
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطيرُ
العيد يضحك في محيّاها ويلتمع السرورُ
أطرقتِ واجمة كأنك صورة الألم الدفينْ?
وتذكر الشاعرة أخواتها بالعيد أيام الطفولة حيث المرح واللهو الطفولي في يافا وغيرها من مدن فلسطين التي استولى عليها المحتل الغاصب، وحرم أهلها من الابتسامة وفرحة العيد:
أترى ذكرتِ مباهج الأعياد في (يافا) الجميلهْ?
أهفت بقلبك ذكريات العيد أيام الطفولهْ?
إذ أنت كالحسون تنطلقين في زهوٍ غريرِ
والعقدة الحمراء قد رفّتْ على الرأس الصغير
والشعر منسدلٌ على الكتفين, محلول الجديلهْ?
إذ أنت تنطلقين بين ملاعب البلد الحبيبِ
تتراكضين مع اللّدات بموكب فرح طروبِ
طوراً إلى أرجوحة نُصبت هناك على الرمالِ
طوراً إلى ظل المغارس في كنوز البرتقالِ
والعيد يملأ جوّكن بروحه المرح اللعوبِ?
أما اليوم فلا تجد الفلسطينية غير الذكريات، ذكريات الطفولة تعيشها بين دموع فقد الدار والطرد والتشريد:
واليوم; ماذا اليوم غير الذكريات ونارها?
واليوم, ماذا غير قصة بؤسكنَّ وعارها؟
لا الدار دارٌ, لا, ولا كالأمس, هذا العيد عيدُ
هل يعرف الأعياد أو أفراحها روحٌ طريدُ
عان, تقلّبه الحياة على جحيم قفارها?
ثم تصرخ وكأنها تقرر حقيقة مُرَّة وهي أن هذا العيد ليس لهم إنما هو للمترفين الذين لم تحركهم مأساة أخواتهم المشردات في الخيام المطاردات على الحدود في كل مكان هؤلاء الذين يحتفلون بالعيد ويفرحون به دون شعور بهذه المآسي إنما هم ميتو الإحساس والشعور، إنه عيد الميتين:
أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِين
عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمين
عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ
فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعورْ
أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتين!
هدية العيد:
واحتار الشاعر إيليا ابو ماضي بالهدية التي يقدمها للحبيبة الغالية:
أي شيء في العيد أهدي إليك ؟
وهي قصيدة غناها ناظم غزالي بصوته الشجي وعدد الأبيات 6 أبيات، يقول فيها:
أَيُّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ يا مَلاكي وَكُلُّ شَيءٍ لَدَيكِ
أَسِواراً أَم دُمُلجاً مِن نُضارٍ لا أُحِبُّ القُيودَ في مِعصَمَيكِ
أَخُموراً وَلَيسَ في الأَرضِ خَمرٌ كَالَّتي تَسكُبينَ مِن لَحظَيكِ
أَم وُروداً وَالوَردُ أَجمَلُهُ عِندي الَّذي قَد نَشَقتُ مِن خَدَّيكِ
أَم عَقيقاً كَمُهجَتي يَتَلَظّى وَالعَقيقُ الثَمينُ في شَفَتَيكِ
لَيسَ عِندي شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الروحِ وَروحي مَرحونَةٌ في يَدَيكِ
وينسب للشاعر الألماني غوته قوله إن الشعر العظيم هو شعر المناسبات، وربما قال ذلك بعد تجربته الأدبية التي تأثر فيها بالشعر العربي، كما أشار في كتابه "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي".
وفي تاريخيا كان الشعر العربي متفاعلا مع المناسبات الاجتماعية والدينية منذ عصوره المبكرة، وتنوعت قصائد الشعراء وأغراضها في العيد لتشمل التهنئة والمدح والوصف والبكاء على الأطلال.
كما تنوعت من الاستبشار بالهلال للشكوى وندب الحال ليصبح عيدي الفطر والأضحى مواسم الأفراح والأحزان معا بالنسبة للشعراء العرب.
وتمثل المناسبات طفرة أدبية للشعراء وتحفز خيالهم لتخليدها شعريا، فالأديب جزء من مجتمعه ويصور المناسبات بلغته الشعرية وخياله الذي لا ينضب.
ورغم اختلاف النقاد حول "أدب المناسبات" لم تنضب قريحة الشعراء وحفظت "ذاكرة العرب" قصائد الأعياد في القديم والحديث.
وقبل الإسلام عرف العرب أعياداً ومناسبات كتب عنها شعراء الجاهلية، منهم تأبط شراً، والنابغة الذبياني، وعثمان بن الحويرث، وحتى حسان بن ثابت قبل إسلامه.
المديح، والحكمة:
وجد بعض الشعراء في الأعياد مناسبة لتدبيج القصائد في مديح الأمراء، ومنهم الشاعر الأهوازي شهاب الدين بن معتوق الذي كتب مديحا في إحدى قصائد ديوانه الذي جمعه ابنه من بعده، قائلاً:
ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ إذا قابلتهُ خجلًا توارى
يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا
ولا برحتْ لكَ العلياءُ دارًا ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارًا
ووجد الشاعر ابن رشيق القيرواني -الذي ولد في المسيلة ورحل إلى القيروان وصقلية في غياب المعز بن باديس سلطان الزيريين في أفريقية والقيروان- فرصة للتعبير عن شوقه للأمير الغائب الذي حكم 47 سنة، فقال:
تجهم العيد وانهلت بوادره وكنت أعهد منه البشر والضحكا
كأنه جاء يطوي الأرض من بعد شوقًا إليك فلما لم يجدك بكى
ويروى عن الشاعر العباسي أشجع بن عمر السلمي أنه كتب إلى الخليفة هارون الرشيد أبياتاً تتراوح بين المدح والتهنئة في أحد الأعياد، قائلاً:
لا زلتَ تَنشُر أعياداً وتَطْوِيها تَمْضِي بها لكَ أيام وتَثْنِيها
مُستَقبِلاً زِينةَ الدُّنيا وبَهْجَتها أيامنا لك لا تَفْنَى وتُفْنِيها
ولا تَقضَّت بك الدُّنيا ولا بَرِحَتْ يَطْوِي لك الدَّهرُ أياماً وتَطوِيها
ولْيَهْنِكَ الفتحُ والأيّام مُقبِلةٌ إليكَ بالنصر مَعقوداً نواصِيها
وكتب بعض الشعراء أبياتاً من قصائد الحكمة والموعظة ومنهم البحتري الذي قال عن مقدم عيد الفطر بعد رمضان:
مضى الشهر محموداً ولو قال مخبراً لأثنى بما أوليت أيامه الشهر
عصمت بتقوى الله والورع الذي أتيت فلا لغو لديك ولا هجر
وقدمت سعياً صالحاً لك ذخره وكل الذي قدمت من صالح ذخر
وحال عليك الحول بالقطر مقبلاً فباليمن والإقبال قابلك الفطر
وكتب ابن الرومي الشاعر العباسي المشهور بأدبه المميز أبياتاً جميلة يمزج فيها بين المدح والتهنئة بالعيد، قائلاً:
وَلَمَّا اِنْقَضَى شَهْرُ الصِّيَامِ بِفَضْلِهِ يُحْكَى هَلَاَلُ الْعِيدِ مِنْ جَانِبِ الْغَرْبِ
كَحَاجِبِ شَيْخِ شَاب مَنْ طُولِ عَمْرِهِ يُشِيرُ لَنَا بِالرَّمْزِ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ
قَدْ مَضَى الصَّوْمُ صَاحِبًا مَحْمُودًا وَأَتَى الْفُطْرُ صَاحِبًا مودودا
ذَهَبَ الصَّوْم وَهُوَ يَحْكِيكَ نُسْكَا وَأَتَى الْفُطْرُ وَهُوَ يَحْكِيكَ جُودَا
وفي قصيدة أخرى سبق ابن الرومي لمعنى صار متكرراً من بعده، فقال:
لِلنَّاسِ عِيدٌ وَلِي عِيدَان فِي الْعِيدِ إِذَا رَأَيْتُكَ يَا بْن السَّادَةِ الصِّيدِ
إِذَا هم عَيَّدُوا عِيدَيْنِ فِي سَنَةٍ كَانَتْ بِوَجْهِكَ لِي أيَّامُ تعييدِ
وبنفس معنى ابن الرومي، تكلم شاعر عباسي بغدادي يرجح أن يكون أبو إسحاق الصابي بأبيات بديعة مقابلاً بين وجه الممدوح ومقدم العيد، فقال:
رَأَى الْعِيدُ وَجهكَ عِيدًا لَهُ وَإِنْ كَانَ زَادَ عَلِيه جَمَالًا
وَكَبَّرَ حِينَ رَآك الْهَلَاَل كَفِعْلِكَ حِينَ رَأَيْت الْهِلَالَا
رَأَى مِنْكَ مَا مِنْهُ أَبْصَرتهُ هلَاَلًا أَضَاءَ وُجوها تلالا
الحزن والشكوى:
لم يخل الشعر العربي من الحزن، وليس شعر الأعياد والمناسبات استثناء، فبخلاف رهافة حس الشاعر يكون شعور الإنسان بالألم والحزن مضاعفا في العيد أحيانا، إذ يقارن الشاعر بين ما يفترض أن يكون عليه من فرحة واستبشار بالعيد وبين ما يعيشه من غربة أو فراق وفقد أو حرمان وضيق حال يدفعه للشكوى وسكب الدموع على الأبيات الشعرية.
وكتب المتنبي قصيدته الشهيرة يهجو فيها حاكم مصر كافور الإخشيدي أثناء هروبه إلى الشام ليلة عيد الأضحى بمنتصف القرن الرابع الهجري، واستفتحها قائلاً:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا وَجْنَاءُ حَرْف وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
ويمضي الشاعر في قصيدته التي تمتلئ بهموم وأحزان العيد شاكياً مما صار عليه حاله السيئ بعد أن حالت الصحراء بينه وبين أحبابه وآماله وطموحاته.
لكنه يعترف أن طموحه وسعيه للمجد هو ما فرض عليه امتطاء الصعاب، وركوب الصحراء، وترك النساء الجميلات لتحقيق آماله العريضة في الحياة، سائلاً صاحبيه على عادة شعراء الجاهلية
"يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ"
ويسترسل المتنبي ليذكر ما آل إليه حاله إذ أصبح جماداً بلا مشاعر ولم يعد يطرب بالغناء، وهجا كافور وعيّره بلونه وسوء خلقه، ولكن يمتدح سيفَ الدولة الحمداني قائلاً:
هَنيئاً لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عيدُهُ وَعيدٌ لِمَن سَمّى وَضَحّى وَعَيَّدا
وَلا زالَتِ الأَعيادُ لُبسَكَ بَعدَهُ تُسَلِّمُ مَخروقًا وَتُعطي مُجدَّدا
فَذا اليَومُ في الأَيّامِ مِثلُكَ في الوَرى كَما كُنتَ فيهِم أَوحَدًا كانَ أَوحَدَ
ومثله اشتكى الأمير الشاعر المعتمدُ بن عباد بعد خروجه عن سلطانه وبلاده ومعاناته شظف العيش بعد عز السلطان وغناه، فقد انتهى به الحال مع زوجه وبناته منفياً طريداً في أغمات المغربية بعد أن كان أميراً أندلسياً، فتكلم مخاطباً نفسه بأبيات ملؤها الشكوى مقارناً بين حاضره المهين وماضيه العزيز قائلاً:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا
معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ فعاد فطرك للأكباد تفطيرا
ويقول بعض النقاد إن الشعر العربي غالباً ما كان وليد المناسبة، وكأن "شيطان الشعر" ينتظر انتهاء شهر رمضان ليتنزل على الشعراء بوحيه وإلهامه، فيكتبون قصائد العيد ويضفون على المناسبة ثوب الخيال وعباءة الأدب، فيتمايل الناس طربا بموسيقى الشعر رغم أن الشاعر قد يكون كتب قصيدته بدافع من الحنين والأنين والشكوى.
ورغم ما يأخذه بعض النقاد على شعر المناسبات كونه لا يصدر عن عاطفة صادقة -بحسب رأيهم- فقد كتبت أغلب معلقات الشعر لمناسبات خاصة.
فقد أملت المناسبات على الشاعر أحاسيس استثنائية دفعته للترنم بقصيدته في مكانها وزمانها الخاص، فهو بذلك ليس شعرا زائفا مفتعلاً بل هي رقة في الإحساس وفيض من الإلهام الأدبي البديع.
إن الكلمات المنمقة هي مرسال الشعراء، فهي أعذب الكلمات التي صيغت بصدق المشاعر في وصف العيد وفرحته.
قد مر عيد وعيد:
قال صالح بن مؤنس:
قد مر عيد وعيد ما اخضر لي فيه عود
وكيف يخضر عودي والماء منه بعيد
يا من له عدد المجد كلها والعديد
آل الفرات نداهم على الفرات يزيد
وأنت فضلك فيهم عليك منه شهود.
بدا الهِلالُ جَديدًا:
وقال ابن عبد ربه الأندلسي:
بدا الهِلالُ جَديدًا والمُلكُ غَضٌّ جديدُ
يا نِعْمَةَ اللّهِ زِيدِي إنْ كانَ فيكِ مَزيدُ
إنْ كانَ للصَّومِ فِطْرٌ فَأنتَ لِلدَّهْرِ عِيدُ
إمامُ عدلٍ عليهِ تاجانِ : بأسٌ وجودُ
يومَ الخميس تبدَّى لنا الهلالُ السعيدُ
فكلَّ يومِ خميسٍ يكون للناسِ عيدُ
قصيدة: قد مضى الصوم صاحبًا محمودًا
وها هو ابن الرومي يبدع، فيقول:
قد مضى الصوم صاحبًا محمودًا وأتى الفطر صاحبًا ودودا
ذهب الصوم وهو يحاكيك نسكًا وأتى الفطرُ وهو يحاكيك جودا
قصيدة: مضى الشهر محمودًا ولو قال مخبرًا قال البحتري:[١]
مضى الشهر محمودًا ولو قال مخبرًا لأثنى بما أوليت أيامه الشهر
عصمت بتقوى الله والورع الذي أتيت فلا لغو لديك ولا هجر
وقدمت سعيًا صالحًا لك ذخره وكل الذي قدمت من صالح ذخر
وحال عليك الحول بالقطر مقبلًا فباليمن والإقبال قابلك الفطر
عيد إليك بما تحب يعود:
وبفول أبو إسحاق الصابي:
عيد إليك بما تحب يعود بطوالع أوقاتهن سعود
مباركات كل طالع ساعة يوفي على ما قبله ويزيد
يأتيك من ثمر المنى بغرائب معدومها لك حاصل موجود
قضيت شهر الصوم بالنسك الذي هو منك معروف له معهود
أكثرت فيه من تهجد خاشع ما يطمئن بمقلتيه هجود
فاشرب وسق عصابة قد مسها عطش وجهد في الصيام جهيد
أرويتها جودًا فروّ مشاشها راحا فمنك الجود والناجود
وتمل عيشك في سرور دائم سرباله أبدًا عليك جديد.
قد تقضى الصوم محمودًا فعد:
وقال السري الرفاء:
قد تقضى الصوم محمودًا فعد لهوىً يحمد أو راح تسر
أنت والعيد الذي عاودته غرتا هذا الزمان المعكر
لذا فيك المدح حتى خلته سمرًا لم أشق فيه بسهر
قصيدة: العيد جاء فيه تبتسم الحياة
وقال نسيب ذبيان:
العيد جاء فيه تبتسم الحياة العيد جاء يغْمُرُ القلب سناه
فيْه نرقى نشكُر الله بصمتٍ فيه عطر الروح فواحٌ شذاه
كان عيداً رائعاً بل ماتعاً فيه افراح ورغد ورفاه
كانت الأفراح تسكن كل بيتٍ كانت الأفراح تسكن في الشفاه
كان عيدا ً للتواصل والحنان كان طوقاً للتراحم والنجاة
الآن قد صار خجولاً ليس فيه غير طَقْسٍ وابتهالٍ وصلاة
عيد فطرٍ فيه تبتسم العيون رغم ما في القلب من وجع وآه
أيها العيدُ السعيدُ عم صباحاً عم مساءً انت في القلب حلاه
يَا لَيْلَةَ الْعِيدِ عُدْتِ ثَانِيَة:
قال أبو الحسن بن هارون الشنتمري:
يَا لَيْلَةَ الْعِيدِ عُدْتِ ثَانِيَة وَعَادَ إِحْسَانُكِ الَّذِي أَذْكُرْ
إِذْ أَقْبَلَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَى هِلاَلِكِ النِّضْوِ نَاحِلاً أَصْفَرْ
وَفِيهِمُ مَنْ أَحَبَّهُ وَأَنَا أَنْظُرُهُ فِي السَّمَاءِ إِذْ يُنْظَرْ
فَقُلْتُ لاَ مُؤْمِنًا بِقَوْلِيَ بَلْ مُعَرِّضًا لِلْكَلاَمِ لاَ أَكْثَرْ
بَلْ أَثَّرَ الصَّوْمُ فِي هِلاَلِكُمُ هَذَا الَّذِي لاَ يَكَادُ أَنْ يَظْهَرْ
إِلَيْكَ إِلَهَ الْخَلْقِ قَامُوا تَعَبُّدًا:
قال الشاعر محمد بن عبد الله المعافري الإشبيلي:
إِلَيْكَ إِلَهَ الْخَلْقِ قَامُوا تَعَبُّدًا وَذَلُّوا خُضُوعًا يَرْفَعُونَ لَكَ الْيَدَا
بِإِخْلاَصِ قَلْبٍ وَانْتِصَابِ جَوَارِحٍ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ سُجَّدَا
نَهَارُهُمُ لَيْلٌ وَلَيْلُهُمُ هُدًى وَدِينُهُمُ رَعْيٌ وَدُنْيَاهُمُ سدىً
قصيدة: يَا ذَا الْعُلاَ وَابْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْإِمَامِ الْمُرْتَضَى
وقالت حفصة بنت الحاج:
يَا ذَا الْعُلاَ وَابْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْإِمَامِ الْمُرْتَضَى
يُهْنِيكَ عِيدٌ قَدْ جَرَى فِيهِ بِمَا تَهْوَى الْقَضَا
وَأَتَاكَ مَنْ تَهْوَاهُ فِي قَيْدِ الْإِنَابَةِ وَالرِّضَا
لِيُعِيدَ مِنْ لَذَّاتِهِ مَا قَدْ تَصَرَّمَ وَانْقَضَى
قصيدة: العيد هلّل في ذُراك وكبّرا
قصيدة: مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه
صورة العيد في الشعر الإسلامي المعاصر:
قال أحمد شوقي:
مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه في مصرَ أسفر عن سنا بشراكا
فاستقبلِ الآمالَ فيه بشائراً وبشائراً تجالى على علياكا
وتلقَّ أَعيادَ الزمان مُنيرةً فهناؤُه ما كان فيه هَناكا
أيامكَ الغرُّ السعيدةُ كلها عيدٌ فعيدُ العالمين بَقاكا
حيوا الهلال وحيوا أمة النيل:
وقال أحمد محرم:
حيوا الهلال وحيوا أمة النيل واستقبلوا العيد عيد العصر والجيل
يا أيها العام يزجي كل مرتقبٍ من الرجاء ويدني كل مأمول
بشر بأصدق أنباء المنى أممًا أنحى الزمان عليها بالأباطيل
ونعود إلى أحمد شوقي الذي يقول:
العيد هلّل في ذُراك وكبّرا وسعى إليك يزف تهنئة الورى
وافى بعزك يا عزيز مهنئاُ بدوام نعمتك العبادَ مبشِّرا
نظم المنى لك كالقلادة بعدما نشر السعود حيال عرشك جوهرا
لاقى على سعد السعود صباحه وجه تهلل كالصباح منوِّرا
سمحا تراه ترى العناية جهرة والحق أبلج في الجبين مصوَّرا
والله توَّجه الجلالة والهدى والعز والشرف الرفيع الأكبرا
عرفات راض عنك يا ابن محمد والذاكرون الله في تلك الذرى
نشروا الثناء على الإمام مُمسَّكا وعليك من بعد الإمام معنبرا
ملأوا ربوع المعجزات ضراعة لله أن يرعى الهلال وينُصرا
ويعُزَّ ملككما ويلحظَ أمةً أغرى الزمان بها الصروف تنكُّرا
لم تنقُص الأيام من إيمانها من سنَّة الأيام أن تتغيرا
الفطر جاء بآمال نجددها:
وقال الشاعر أحمد زكي ( مصر):
الفطر جاء بآمال نجددها إن الحياة لآمال وتجديد
لولا التعلق بالآمال نعبدها لم يكرم العيد
بل لم يعرف العيد صلى مع الفجر من صلوا فقبلهم، وقبّلتني بنجواها الأناشيد
يا ليتني كنت مثل الفجر عافية فلا يرد صلاتي فيه تقييد
وأنشق العطر في الأحلام وارفة كأنها من رضاء الله تاييد
وأنظم الحب من قلبي معلّقة وإن سكت فنبض القلب توحيد
أهلا بعيد رفيق الحب باركه وباركته الأحاسيس المواليد
كأنما ليلة القدر التي سلفت قد أنجبتها وسوتها التقاليد
سألت ربي إيحاء ألوذ به فإن عمري تفكير وتسهيد
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ:
وقال أحد الشعراء:
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا
يا عيدُ عُدنْا أعِدْنا للذي فرِحَتْ به الصغيراتُ من أحلامنا فخبا
مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا مَنْ فَرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ لنا يداهُ وما أعطى وما وَهَبا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَذَتْ منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُم يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
وقال الشاعر الإسلامي الكبير وليد الأعظمي رحمه الله تعالى:
العيد أقبل يا (وليد) فلا تكن ما العيد إلا أن نعود لديننا ما العيد إلا أن ير قرآننا ما العيد إلا أن نكون امة ما العيد إلا أن نعدّ نفوسنا ما العيد إلا أن تكون قلوبنا |
فرحاً به أبداً فما هو عيد!! حتى يعود نعيمنا المفقود بين الأنام لواؤه معقود فيها محمد لا سواه عميد للحرب حيث بها هناك نجودُ نحو العدو كأنها جلمود |
وكتب الطبيب الداعية د. أنور الحجي قصيدة عن فرحة عيد الفطر يقول فيها:
في صَباحِ العِيدِ لَمْلَمْتُ اغْتِرابي
وَجَمَعتُ الوَردَ مِن كُلِّ الرَّوابي
وَمَعَ الأنسامِ أرسَلتُ سَلاماً
لاهِبَ الأشواقِ مُمتَدَّ الرِّحابِ
يَحضُنُ الأحبابَ حُبّاً وَيَرى
أشعَلَ الصَّحبُ قَناديلَ إيابي
يا صَباحَ العِيدِ وافِيهِمْ صَباحاً
باهِرَ الإشراقِ مَوفورَ الثَّوابِ
واسْقِهِمْ في العِيدِ رُحْماْ مِن رَحيمٍ
يا إلَهَ الفَضلِ يا وافي الرِّغابِ
واسْقِني عَوداً وَفَيضاً مِن لِقا
فَرحَتي بِالعِيدِ إذْ يُروي سِغابي
أجمَلُ الألحانِ يا عِيدُ بِذكرى
فَرحَةِ الزّوّارِ إذْ تَطرُقُ بابي
تهنئة وأمل ودعاء:
وكتب الشاعر الإسلامي يحيى بشير حاج يحيى يقول:
بعيد الفطر تبتهج الأماني
ويحمل عطرَها خيرُ التهاني
وترجو من إله الكون عفواً
لأحباب لنا في كل آن !!
فصلِّ على رسولك يا إلهي
حبيبِكَ ما استنار الفرقدانِ
العيد
محمد محرم - جنين
قد قام يختال بين الانجم القمر مبشرا بحلول العيد ناظره والصبح يصحوعلى انسامه جذلا والشمس تعزف فوق العشب اغنية من نورها تتجلى الكائنات فيا مالي ارى في عيون الناس محتقنا هذا أب لايرى في العيد بهجته وذاك في ظلمات الاسر يقبع لا فكيف يهنأ من اضحى تحاصره فيا ليوم له في النفس مكرمة قد جاءنا العيد من خلف الضباب يطل يطل مثل خجول في تبسمه ما عدت اسمع ذاك اللحن يطربني |
اذ راح يرقبه في زهوه البشر قد انتشى يقظا من نوره البصر فيسعد الطير والازهار والشجر قد زاد من حسنها ما لحن المطر لحسن طلتها ، يزهو بها النظر فالناس من عثرات العيش قد عذروا فالثوب رث وما في الجيب مدخر يدري متى يتولى امره القدر لقيمة بغموس الذل تستتر متى يهل هلال العيد يزدهر ل حاملا تعب الاسفار يحتضر يلقي التحية في صمت ويندثر لكن شوقي له ما زال يستعر |
غدا العيد !!:
وكتب الشاعر الإسلامي الكبير شريف قاسم يقول مبتهجاً بفرحة العيد:
غدًا العيدُ فابتهجْ يافؤادي ... وترنَّم بأعذبِ الإنشادِ
واشكرِ اللهَ إذ حباكَ بصومٍ ... وثوابٍ في جنَّةِ الميعادِ
صمتَ شهرَ الهدى فنلتَ ارتقاءً ... في زمانٍ يعجُّ بالإفسادِ
لقد جاء العيد بعد شهر الصيام المبارك، حيث يزداد الإيمان...
ما أحَيْلَى الأيام تزهرُ فيها ... بهجةُ العمرِ كالربيعِ البادي
غدا العيدُ ... والمآثرُ كُثرٌ ... بين آناءِ رائحٍ أو غادِ
والرزايا وما علومُك عنها ... والمآسي ولوعةِ الأولادِ !
أغلقتْ بالشدائدِ السُّودِ بابًا ... بثقيلِ المكابداتِ الشِّدادِ
وأكبَّتْ كأهلِه فوقَ شجوٍ ... كدَّسَتْهُ مرارةُ الأنكادِ
غدا العيدُ رغمَ فيضِ دموعٍ ... واعتسافِ الطغيانِ والأصفادِ
إن العيد هو كالربيع في الأزمان، يبهج الأرواح بجماله، حيث يلتقي الإنسان بمن يحب:
حيثُ هبَّتْ من طيبِه نسماتٌ ... من شذاهُنَّ عابقٌ من ودادِ
باحتفاءِ الأهلين راقتْ وأدنتْ ... من أمانٍ مطرزِ الأبرادِ
والتهاني هنا. هناك . صوادٍ ... لهناءٍ بين القلوبِ الصَّوادي
ويمزج الشاعر بين التهنئة بالعيد وتصوير الفرحة وبين تصوير الألم والأسى والشكوى من غدر الأعداء...
تلك ياعيدُ قصةُ الناسِ فيها ... نسجتْها أذىً نيوبُ العوادي
كم على الوجوهِ حبورًا ... ورمتْها بمسحةٍ من سوادِ
سوأثارتْ نارَ المكارهِ تشوي ... باعتسافٍ مطارفَ الأكبادِ
وتراءتْ وفي الحنايا خطوبٌ ... عصفُها ذو فضاضةٍ و عنادِ
فكأنَّا أمواتُها في يديها ... وعلينا بالثَّاكلاتِ تُنادي
غدًا العيدُ والمذابحُ تعوي ... رائحاتٍ بين الدمارِ غوادِ
تتراءى الأجسادُ صرعى وتٌلفَى ... في سرورٍ مباسمُ الجلاَّدِ
في فلسطين داهمتْنا يهودٌ ... وأذلَّتْ شموخَنا في البلادِ
وببغداد ويلها لم تغادرْ ... غارةُ البغيِ عن مُدى الأحقادِ
وبكشمير والهنودُ أفاعٍ ... ذاتُ سمٍّ يفورُ في الأجسادِ
وبدورِ الإسلامِ عاثتْ ذئابٌ ... عاوياتٌ بالشَّرِّ والإلحادِ
وعلى الأرضِ للطغاةِ مآسٍ ... لرجالِ لم يركنوا لفسادِ
فَهُمُ اليومَ للشريعةِ جمعٌ ... لم يهادنْ ضراوةَ الأوغادِ
ياحُماةَ الإسلامِ في كلِّ صقعٍ ... لاتهونوا . فالَّلهُ بالمرصادِ
غدا العيدُ فانتهضْ وتدرَّعْ ... بالهدى ياشعبي وقم للجهادِ
فبغيرِ الجهادِ نمسي غثاءً ... ليس ترضاهُ أمَّةُ الأمجادِ
حيثُ تمشي الدروبَ تلقى صريخًا ... أو أسيرا وليس من عُوَّادِ
أَلِقَوْمي هذا المصيرُ وقومي ... أهلُ دينٍ وعزةٍ و جِلادِ !
ومدار الخلاصِ من كلِّ طاغٍ ... أوَيَرضَى الأفذاذُ بالإخلادِ !
ويح قومي والعيدُ دعوةُ عزٍّ ... بالمثاني والخيرُ في الأعيادِ
مالهم أذعنوا لكلِّ حقيرٍ ... وأناخوا واستسلموا للرقادِ
فَلْيُجيبُوا داعي الخلاصِ أباةً ... وَلْيلبُّوا الصَّريخَ ذاك الحادي
يجدوا العيدَ فرحةً أكرمتْها ... سُنَّةُ الفتحِ للنَّبيِّ الهادي
لن تدومَ الأحزانُ فالنصرُ آتٍ ... رغمَ أنفِ الأعداءِ والحسَّادِ
فيا مرحباً بالعيد نجدد فيه أفراحنا، وننسى فيه هموم الأيام، ونصل فيه الأرحام، ونصلح ذات البين، ونزور الأحباب والأصدقاء.
مصادر الترجمة:
١_رابطة أدباء الشام: العيد د. فواز القاسم / سورية، ومقالة الشيخ فياض العبسو.
٢_ موقع الجزيرة نت.
3- موقع صيد الفوائد.
4-الأدب الإسلامي.
5- رابطة أدباء الشام: قصيدة شريف قاسم، وسوم: العدد 1028
6-مواقع الكترونية أخرى.
وسوم: العدد 1029