فعاليات غير مسبوقة في الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني
تشهد الذكرى الخامسة والسبعون لنكبة الشعب الفلسطيني تدفقا واسعا غير مسبوق للفعاليات التي تخص كل نواحيها السياسية والوطنية والقانونية والإنسانية . لأول مرة قررت هيئة الأمم المتحدة إحياء هذه الذكرى المأساوية الكبرى بتنظيم احتفالين في مقرها بنيويورك بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وقالت الهيئة في بيان لها :" تسلط هذه الذكرى الضوء على أطول أزمة متفاقمة للاجئين في العالم ، وتعد تذكرة على أن أكثر من خمسة ملايين وتسعمائة ألف لاجىء فلسطيني مسجلون لدى الأونروا ، ولا يزالون يعيشون وسط نزاع وعنف واحتلال ، ويتطلعون إلى حل دائم لمحنتهم . " . وسعت إسرائيل محمومة مهمومة لمنع الفعالية ، فباءت بخيبة مسعاها . وانطلقت في لندن مظاهرة حاشدة للفلسطينيين وأنصارهم شارك فيها جيريمي كوربين الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني الذي خاطب الفلسطينيين في أنحاء العالم مادحا شجاعتهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، ولعله كان في باله ما حدث في جولة القتال الأخيرة في غزة التي واجهت فيها حركة الجهاد الإسلامي إسرائيل مواجهة قاربت الندية على ما بين الاثنتين من فارق القوة العسكرية المهول رجحانا في كفة إسرائيل المعتدية . وختم خطابه ناصحا واعدا :"استمروا بحلمكم ،ونحن نستمر بدعمنا . " . وانهمرت مقالات الكتاب العرب عن الذكرى في المواقع الإعلامية ، وأحصيت في موقع " رأي اليوم " ثمانية مقالات في يوم واحد ، وفي موقع "دنيا الوطن " ظهرت خمسة مقالات ، وفي موقع "عربي 21 " كتب المؤرخ الكبير البارع جوزيف مسعد مقالا بعنوان " في عيدها الخامس والسبعين ..تبقى إسرائيل نموذجا وليست استثناء . " استعرض فيه مراحل المشروع الاستيطاني الصهيوني مبينا اعتماده ذات الدعاوى التي اعتمدها المستوطنون الأوروبيون في كل البقاع التي استوطنوها أو حاولوا استيطانها وأخفقوا . وزخرت تلك المواقع بالأخبار والتقارير عن أحداث إحياء الذكرى الفاجعة الرهيبة ، وكل ما سلف بيان لصحوة وعي ، وعنفوان ثقة بعدالة الحق العربي والإسلامي في القضية الفلسطينية ، ويمتد هذا العنفوان إلى اليقين بحتمية سحق المشروع الصهيوني الذي أنتجته الخرافات والأكاذيب والأطماع والغايات الغربية الاستعمارية في أرض العرب والمسلمين ، وتحدث عن هذه الحتمية بيان وزارة الخارجية الإيرانية في الذكرى ، فرأى أن " عملية زوال هذا الكيان المؤقت وتفككه قد بدأت ." عازيا ذلك إلى كون " المقاومة اليوم في أفضل حالاتها ، فيما الكيان الصهيوني اليوم في أسوأ ظروفه خلال الأعوام ال75 الماضية نتيجة عجزه أمام المقاومة من ناحية ، والانقسامات والاختلافات الداخلية المتعددة المستويات من ناحية أخرى . " . ومن حق البيان أن نثني عليه كامل الثناء لما فيه من عمق فهم وشمول إحاطة لأبعاد المأساة الفلسطينية ولخطورة المشروع الصهيوني على العرب والمسلمين ، وبديهي أن ثناءنا كبير على مضمونه السياسي تعبيرا عن تأييد إيران الراسخ للشعب الفلسطيني . إنه حقا " حالي كردن خوب " ، أي ( بيان رائع ) بالفارسية . ويستعصي علينا تخيل قدرة خارجية دولة عربية على صياغة مثل هذا البيان . وانطلقت مظاهرات في مناطق من العالم . في جنوب أفريقيا ، وفي شيكاغو ، وأحيا الطلاب الفلسطينيون الذين يدرسون في جامعة تل أبيب الذكرى بمهرجان خطابي في مدخل الجامعة المسمى ساحة أنطين . وأصدر الرئيس محمود عباس قانونا يعتبر إنكار وقوع النكبة أو التشكيك في مجرياتها جريمة يعاقب مقترفوها بالحبس ، ويلاحقون في فلسطين وفي خارجها ، والقانون لا فائدة واقعية منه ، وتطبيقه يخلق مشكلات معقدة داخليا وخارجيا لا قدرة لمصدره على مواجهتها ، وربما يشجع بعض العابثين على التمحك به ، والأولى الانشغال بما هو مفيد ، وفي الإمكان تنفيذه . وهو محاولة للمشابهة مع قانون إنكار الهولوكست في إسرائيل والغرب . هؤلاء لديهم وسائل عملية لمعاقبة منكري الهولوكست مثل الطرد من العمل . الفعاليات الوافرة عددا وتنوعا في الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني باغتصاب وطنه ، وتحويله إلى دولة مستوطنين غرباء ؛ تؤكد رسوخ قناعة هذا الشعب الباسل بتحرير هذا الوطن من هؤلاء المستوطنين الغرباء . وما ضاع حق وراءه مطالب ، والشعب مطالب بحقه ، صبور ومضحٍ في مطالبته ، وكل ما تجترمه إسرائيل ظلما لهذا الشعب وعدوانا عليه ييسر مطالبته بحقه ، ويجعلها مثل من يقول فيه المثل العربي :" أتتك بحائنٍ رجلاه " ، و " الحائن " من حان موته .
***
إسرائيل ثرية بالسفهاء في كل المستويات ، ولا تخفى سفاهتهم ولو ستروها بالحذلقة والتذاكي . تسفيكا فوجل من حزب " العظمة اليهودية " عرض استعداده للموافقة على مطار وميناء في غزة ، وشرطه لموافقته عليهما أن تسلم حماس أسلحتها ! نوعيته ونوعية بن غفير رئيس الحزب الذي ينتمي إليه تقتضيان تسكين الظاء في كلمة " العظمة " لتليق بالاثنين وبسائر المنتمين للحزب .
وسوم: العدد 1032