من بقايا الخبز إلى بقايا الإخوة والأحباب !! نحن لا نملك ترف التفريط
نشأت وما زلت حتى اليوم وعندنا في البيت وعاء خاص، نحفظ فيه كسرات الخبز، وفتاته، نجعل هذه اللقيمات المتبقية عرضة للهواء حتى تجف، ثم يأتي يوم نصنع لها نوعا من الطعام الفتيت، فنفتها..
ومهما قلّت اللقمة من بقايا الطعام، لم نجد يوما أنفسنا في حالة تحويل الباقي إلى….
أنتقل اليوم بمشهد ما كنا نسميه "النعمة"، ونعامله بالتقديس، وكنا نقبل قطعة الخبز إذا وقعت على الأرض ونرفعها إلى رؤوسنا، وكذا نفعل إذا وجدناها في الطريق، نستغفر الله ثم نزويها في بعض الزوايا تعبيرا عن الاحترام، أنتقل اليوم بهذا المشهد من مشهد أرباع وأثمان الرغيف، إلى مشهد أنصاف وأرباع وأثمان الأصدقاء والأصحاب، أطرح ذلك على مستوى العلاقات الشخصية، والعلاقات الدعوية والعلاقات السياسية..
وأقول لكل أحبابي: تمسك إن ظفرت بنصف حر، بربع حر، بثمن حر، بعشر حر، تمسك ولا تظن نفسك أبدا العشرة الكاملة..فأي امرئ فينا قد كملا..
إن تغفر اللهم تغفر جمّا
وأيّ عبــــــــــد لك ما ألمّا
وأقول لنا - نحن السوريين- نحن لا نملك ترف التفريط بالإخوان، ولا بالأصدقاء، ولا بالصحب، ولا بالخلان، وأحيانا ولا بالخصوم فنرتكب حماقة تحويلهم إلى أعداء …
فلعلنا نعي هذا، ونحوله إلى نهج وموقف وسلوك. أتمسك بك أقولها لنفسي وعلك وعساك..وإن لم أكن بلفتتك بحقيق.
قرأت منذ ثلاثين عاما أو ربما يزيد، أن تمساحا في نيل السودان التقم طفلا من نصفه الأسفل، وأمسكت الأم بطفلها من كتفيه، من نصفه الأعلى..ودامت عملية الشد والمغالبة، بين الأم والتمساح، ست ساعات، حتى انتصرت الأم بإرادتها مع ضعفها البدني مقابل قوة التمساح، أذكر أنني علقت يومها هكذا يجب أن يكون حرصنا على إخوتنا ومحبتنا وعلاقتنا..
أمَتْنا حكاية سيدنا معاوية عن الشعرة بكثرة التكرار.. تصور أنه يجب أن يكون بينك وبين الناس ميثاق، ثم حبل ثم خيط ثم تلاشى كل ذلك حتى لم يبق بيني وبينك الا شعرة من ود أو من عقل أو مما شئتّ من شيء، يقول سيدنا معاوية: إن هذه الشعرة يجب أن تكون محل استثمار..ويجب أن تحظى بالرعاية فلا تقطع…
وأسمعنا أعني أسمع بعضنا يرشقون عبارات القطيعة رشقا لا يبالون..
أكثر ما أشبه طريقة بعضهم برشق عبارات القطيعة ببراميل بشار الأسد لا تميز ولا تبقي ولا تذر!!
وليس بهذه السرعة تقطع حبال الاخوة، وحبال الصحبة، وتهدر ساعات الصفاء. قال الله للأزواج الذين تقطعت بهم السبل (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
دائما أحاول أن أتذكر في ليالي القهر الطويلة سويعات الود مهما كانت قصيرة..
حتى السفرجلة يمكن أن يكون في مذاقها كثير من الحلاوة..
لا تتسرعوا بكفء الإناء..
وعلى كل المستويات نحن بحاجة إلى بعض الدفء وبعض الحنان، وبعض الابتسام
اللهم ألهمنا جميعا رشدنا، وأعذنا من شرور أنفسنا
قطيعة الاخوة والصحبة أليست من قطيعة الرحم؟؟
كثيرا ما يخطر ببالي ان أحكي بعض ما لقيت من الآخرين، فيغلبني سؤال: يا ترى وماذا لقي الآخرون مني..؟؟!! بكل الجد أسأل نفسي؟؟!!
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه
مقـــــــــــارف ذنب مــــــرة ومقاربــــــه
وسوم: العدد 1033