مجزرة سجن تدمر في الشعر الإسلامي المعاصر

مجزرة سجن تدمر هي مجزرة حصلت في سجن تدمر الواقع في مدينة تدمر الصحراوية، نحو 200 كلم شمال شرق العاصمة السورية دمشق، والتي وقعت أوائل ثمانينيات القرن العشرين. حصلت المجزرة في عهد الرئيس حافظ الأسد، وتحديداً بتاريخ 27 يونيو/حزيران 1980 حيثُ أودت بحياة مئات السجناء من مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية، غالبيتهم محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين المعارضة.

أعداد الضحايا:

نظرًا للتكتم المستمر على المجزرة من قبل السلطات، فإن التقديرات بشأن أعداد الضحايا تتفاوت، ففي حين تشير بعض التقديرات إلى تجاوزها حاجز 600 شخصاً، تشير تقديرات أخرى دولية إلى أن عددهم يزيد على 1000 قتيل. تذكر بعض المصادر الحقوقية أن عدد القتلى يصل حتى 1200 قتيل.

أحداث المجزرة:

وقعت المجزرة في اليوم التالي لما قالت السلطات إنها محاولة اغتيال حافظ الأسد، الذي حمّل جماعة الإخوان المسلمين المسؤولية. في الوقت ذاته؛ أمر رفعت الأسد (شقيق الرئيس حافظ الأسد) عناصره من سرايا الدفاع بتنفيذها، حيث كلّف رفعت صهره الرائد معين ناصيف باقتحام سجن تدمر وقتل من فيه من المعتقلين. وتتطابق المصادر في تأكيد مشاركة أكثر من 100 عنصر بمختلف الرتب في تنفيذ المجزرة، حيث نُقلوا من دمشق إلى مطار تدمر العسكري بواسطة 12 مروحية، ثم توجه نحو 80 منهم إلى السجن، ودخلوا على السجناء في زنازينهم وأعدموا المئات منهم رميا بالرصاص والقنابل المتفجرة. ووفق ما يتوفر من معلومات فإن جثامين القتلى نُقلت بواسطة شاحنات وتم دفنها في حفر أعدت مسبقا في وادِ يقع إلى الشرق من بلدة تدمر، وما زالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان تصر على مطلبها بالكشف عن أسماء الضحايا وأماكن دفنهم.

ردود الفعل:

تقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن «وحدات كوماندوس من سرايا الدفاع تحت قيادة رفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد قتلت ما يقدر بنحو 1000 سجين أعزل، غالبيتهم من الإسلاميين، انتقاما من محاولة اغتيال فاشلة ضد حافظ الأسد مؤكدة أنه لم يتم الإعلان عن أسماء الذين قتلوا إطلاقا.».

بدأت تفاصيل المجزرة تتكشف في العام التالي لوقوعها، وتحديدًا بعد اعتقال السلطات الأردنية اثنين من المشاركين في المجزرة، كانا ضمن مجموعة اتهمت بالتخطيط لاغتيال رئيس وزراء الأردن الأسبق مضر بدران، حيث أدليا بتفاصيل المجزرة، فسارعت في حينه منظمة العفو الدولية إلى مطالبة السلطات السورية بإجراء تحقيق في المجزرة، لكن دون جدوى. نشرت مواقع حقوقية سورية شهادات لعناصر شاركوا في تنفيذ المجزرة، فأكدوا فيها أن مهمتهم كانت مهاجمة سجن تدمر. وقدر أحدهم عدد القتلى بأكثر من 500 قتيل. بينما قال أحدهم إنه شاهد الأيدي والأرجل ملطخة بالدماء. ووصفت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة -في حينه- المجزرة بأنها تتعدى حدود جرائم القتل العمد المعاقب عليها بموجب قانون العقوبات السوري، حيث يعتبر الآمرون بها وكل منفذيها مسؤولين جنائياً عن هذه المجزرة.

مجازر أخرى في سجن تدمر:

مجزرة تدمر ليست الوحيدة في عهد حافظ الأسد، بل وثقت منظمات حقوقية سبع مجازر جماعية في سجن تدمر وقعت خلال الأعوام 1980، 1981 و1982 وراح ضحيتها مئات السوريين.

ونقلت المنظمات عن سجين سياسي سوري سابق لم تُسمّه، تأكيده أن عمليات إعدام جماعية أخرى وقعت بين عامي 1981 و1983، موضحاً أن عمليات الإعدام كانت تتم مرتين في الأسبوع وتحيق بالعشرات في كل مرة.

مطالبات بالتحقيق:

طالبت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في أكثر من مناسبة السلطات بالإعلان عن أسماء ضحايا هذه المجزرة، والإعلان عن مكان دفن الجثث وأسماء كل المسؤولين والمتورطين فيها، وتقديم كل مسؤول وكل متورط إلى قضاء مستقل ليفصل فيها، لكن شيئا من مطالبها لم يتحقق حتى الآن. ورغم المناشدات الدولية يبدو أن ملفات المجازر ظلت مغلقة، إذ تؤكد هيومن رايتس ووتش أن بشار الأسد ورث بلداً محملاً بتركة ثقيلة من الانتهاكات، وحتى اليوم لم يتخذ أي خطوة ملموسة للإقرار والتصدي لهذه الانتهاكات، أو لإلقاء الضوء على مصير آلاف الأشخاص الذين اختفوا منذ الثمانينات في القرن العشرين.

مجزرة سجن تدمر 27 حزيران 1980م

المصدر: اللجنة السورية لحقوق الإنسان

شهد يوم 27 حزيران 1980 مجزرة دامية في قلب صحراء تدمر، نفّذتها ميليشيات سرايا الدفاع بحقّ المعتقلين في سجن تدمر، مما أدّى لمقتل ما يزيد عن 1000 معتقل، تم إعدامهم رمياً بالرصاص وبالقنابل اليدوية.

وجاءت المجزرة بعد تعرّض الرئيس السابق حافظ الأسد لمحاولة اغتيال فاشلة في 26/6/1980، أي قبل يوم من المجزرة، من قبل أحد عناصر حرسه الجمهوري.

وقد تمكّن منفّذ المحاولة من الفرار خارج سورية، ولكنّ أجهزة الأمن اعتقلت 56 فرداً من أفراد أسرته وأقاربه، وتمّ إعدامهم جميعاً.

وأدّت هذه المحاولة التي اتهم فيها النظام جماعة الإخوان المسلمين إلى صدور القانون 49/1980، والذي أقرّ بعد 11 عشر يوماً، كما أدّت إلى وقوع المجزرة في اليوم التالي.

وكانت المجزرة المروّعة في اليوم التالي 27/6/1980 انتقاماً من المعتقلين الإسلاميين في سجن تدمر الصحراوي.

وقد بقيت أنباء مجزرة تدمر غامضة، كما معظم المجازر التي تمّ ارتكابها في سورية في فترة الثمانينيات، إلى أن تمّ اعتقال المجموعة التي نفّذت محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران في عمّان في عام 1981. حيث كان بعض عناصر المجموعة المنفّذة ممن شاركوا في المجزرة، فقدّموا تفاصيل المجزرة والمسؤولين عنها في التحقيقات التي عرضها التلفزيون الأردني آنذاك.

وبحسب شهادة الرقيب عيسى إبراهيم فياض، والذي تمّ اعتقاله في الأردن، وأدلى بشهادته المتلفزة، فإنّ المجموعة التي ذهبت إلى سجن تدمر في فجر يوم 27/6/1980 كانت من اللواء 40 (والذي يقوده معين ناصيف زوج ابنة رفعت الأسد) واللواء 138 (الذي يقوده المقدم سليمان مصطفى) التابعين لسرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت الأسد شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد، وكانت المجموعة بقيادة المقدم سليمان مصطفى. وقد انتقلت بالطائرات المروحية إلى باحة السجن في حوالي السادسة والنصف من صباح ذلك اليوم، وتمّ توزيع عناصر المجموعات إلى ستة أقسام، كلّ منها توجّهت إلى أحد المهاجع.

ورغم أنّ فترة الثمانينات قد شهدت عدداً كبيراً من المجازر، إلا أنّ هذه المجزرة كانت الأولى التي يتمّ توثيقها من خلال شهادات الجناة وباعترافاتهم المسجلة، كما أنّها قدّمت نموذجاً واضحاً للطبيعة الجرمية لنظام الأسد، والتي لا تتورّع عن ارتكاب مجزرة وحشية بحق المختطفين العزل.

من هم المتهمون بمجزرة سجن تدمر؟

حسب الاعترافات التي أدلى بها بعض المشاركين في مجزرة سجن تدمر، وبحسب الهيكلية السياسية والعسكرية في الوحدات التي شاركت في المجزرة، فإنّ المتهمين في المجزرة الذين عُرفت أسماؤهم هم:

حافظ أسد (رئيس الجمهورية وقت المجزرة).

رفعت أسد (قائد سرايا الدفاع).

المقدّم فيصل غانم (مدير سجن تدمر).

المقدّم علي ديب، قائد اللواء (138) من سرايا الدفاع (من محافظ اللاذقية).

الرائد معين ناصيف، قائد اللواء (40) من سرايا الدفاع.

المقدّم سليمان مصطفى، قائد أركان اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة حماة).

الملازم أول ياسر باكير، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (محافظ حماة).

الملازم منير درويش، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (محافظ اللاذقية).

الملازم رئيف عبد الله، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (محافظة اللاذقية).

الرقيب محمد عمار، من حرّاس منزل معين ناصيف (من محافظ اللاذقية).

الرقيب علي موسى، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظ حمص).

الرقيب همام أحمد، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من جبلة).

الرقيب نزيه بلول، من اللواء (40) من سرايا الدفاع ( من محافظة حمص).

الرقيب طلال محي الدين أحمد، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة اللاذقية).

الرقيب عيسى إبراهيم فياض، من حراسة منزل معين ناصيف (من محافظ اللاذقية).

الرقيب بدر منصور، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من جبلة).

العريف أكرم البيشاني، من حراسة منزل معين ناصيف (من محافظة طرطوس).

العريف إبراهيم يونس، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (محافظة حمص).

العريف إبراهيم مكنا، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من جبلة).

العريف طاهر زباري، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من جبلة).

العريف علي صالحة، من اللواء (40) من سرايا الدفاع ـ منطقة مصياف.

العريف عبد الرحمن هدلان، من اللواء (40) من سرايا الدفاع.

العريف ناصر عبد اللطيف، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة طرطوس).

العريف غسان شحادة، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة اللاذقية).

العريف حسين عيسى، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة حمص).

العريف بشير قلو، من اللواء (40) من سرايا الدفاع (من محافظة حمص).

التعذيب في سجن تدمر

شملت الشهادات المتواترة التي قدّمها السجناء السابقون في سجن تدمر قائمة طويلة من وسائل التعذيب التي كانت تُستخدم على مدار السنوات في داخل السجن، والتي أدّت إلى مقتل آلاف من الأشخاص بشكل يومي.

وتُظهر الشهادات أنّ بعض أنماط التعذيب في سجن تدمر لم يسبق أن استُخدمت في أي مكان آخر حول العالم، وتُظهر نمطاً وحشياً غير مسبوق في التعامل مع السجناء.

وقد كان السجّانون في تدمر يمتلكون صلاحية مطلقة في قتل السجناء أثناء التعذيب، بل كانت إدارة السجن تتأكّد من قيام كل السجانين بالمشاركة في أعمال القتل.

وتتضمن أعمال التعذيب التي كان يتم ممارستها في السجن الضرب بالأسلاك الكهربائية والسياط وكل ما يقوم مقامها، بالإضافة إلى رمي المعتقلين من ارتفاع حتى تتكسّر عظام السجين، وتكسير العظام والجمجمة بالضرب المباشر بالحذاء العسكري وأخماص البندقية، بالإضافة إلى أساليب التعذيب الأخرى المتعارف عليها في سجون النظام الأخرى، مثل الكرسي الألماني والصعق بالكهرباء.. الخ.

وإلى جانب التعذيب الجسدي، مُورست في سجن تدمر أصناف وحشية من التعذيب المعنوي، والمتمثّل في شتم المعتقل بشكل مستمر، ومنعه من مشاهدة سجانيه ومعذبيه طيلة فترة سجنه، ومنعه من التحدّث مع زملائه.. الخ من الأساليب التي كانت تهدف إلى الحط من الكرامة الإنسانية للسجناء.

شهادات حول سجن تدمر:

قام الكثير من المعتقلين السابقين في سجن تدمر بتسجيل شهاداتهم عن فترة السجن التي قضوها، حيث صدرت عدد من الكتب التي توثّق شهادتهم هناك، كما قام معتقلون بتقديم هذه الشهادات عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

ومن أبرز هذه الشهادات رواية القوقعة لكاتبها مصطفى خليفة، والذي وثّق يوميات سجين مسيحي في سجن تدمر لمدة 13 عاماً.

ومن الشهادات المهمّة أيضاً، شهادة المعتقل الأردني محمد سليم حماد، والذي وثّق شهادته في سجن تدمر في كتابه “تدمر شاهد و مشهود 1980 * 1991”.

كما وثّق السجين السابق عبد الله الناجي شهادته في كتابه “حمامات الدم في سجن تدمر”، والتي وثّق فيها تجربته كسجين عربي في سجن تدمر، وكان قد اعتقل بعد أن ذهب لزيارة شخص في بيته في دمشق، وتبين أنه كان مطلوباً للأمن، فاعتقل من أجل تلك الزيارة أحد عشر عاماً!.

ويعدّ كتاب “في القاع: سنتان في سجن تدمر الصحراوي” من أوائل الكتب التي وثّقت لمعاناة السجناء في سجن تدمر، حيث يروي الكتاب الذي صدر باسم مستعار وقائع عامين من حياة سجين إسلامي في سجن تدمر في بداية الثمانينيات.

تفجير سجن تدمر: استهداف لذاكرة الانتهاكات:

لقد مثّل سجن تدمر رمزاً لسنوات الدم في مرحلتها الأولى، والتي تولاها الرئيس السابق حافظ الأسد وشقيقه وأجهزته الأمنية، وهي السنوات التي أسست للمرحلة الثانية منذ عام 2011 وإلى الآن، والتي تولاها ابنه الذي ورث السلطة من بعده.

لكن سيطرة تنظيم الدولة على السجن في 20/5/2015 وتفجيره له في 30/5/2015 أدّى إلى طمس جزء من ذاكرة الانتهاكات التي حصلت في سنوات الدم الأولى، لكنها لن تتمكن بلا شك من إغلاق ملف الجريمة.

فبعد أيام من نشره لصور قال إنّها من سجن تدمر الصحراوي، نشر تنظيم الدولة في أواخر شهر أيار عام 2015م صوراً لعملية تفجير لذات السجن، حيث تُظهر الصور قيام مسلّحي التنظيم بزرع متفجرات في السجن، قبل أن يقوموا بتفجيره، وتصوير عملية التفجير من عدّة كاميرات من محيط السجن.

ولم يُشِر التنظيم إلى السبب الذي دفعه إلى تفجير السجن، فعادة ما يقوم التنظيم بتفجير أماكن دينية أو آثار تاريخية، بدعوى أنّها مخالفة لتعليمات الشريعة الإسلامية وفقاً لتفسيره، وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها بتفجير مبنى ليس له ارتباط ديني.

إنّ تدمير السجن مثّل اعتداءً على ذاكرة السوريين للانتهاكات التي جرت في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات على وجه الخصوص، وطمساً للأدلة المادية المتعلقة بهذه الانتهاكات.

ويرتبط بناء السجن بحق الأجيال القادمة في معرفة الحقيقة، وفي حق الضحايا أنفسهم بالاعتراف المعنوي بتضحياتهم.

إنّ الاعتداء الذي نفّذه تنظيم الدولة على مبنى السجن الذي قام النظام بتفريغه تماماً قبل تسليمه المدينة للتنظيم، يقدّم خدمة أساسية لمجرمي الحرب المسؤولين عن الجرائم التي تمّ تنفيذها في هذا المكان.

عَبَرَاتٌ تَدمريةٌ بِلَحْنِ الدَّم:

(حتى لو كانت دماؤنا مِدادَنا.. فلن نَفِي شهداءَ مجزرة تدمر المغدورين حَقَّهم.. ولن نُعَوِّضَ عن ساعة حُزنٍ عاشتها ثكلى من ثكالاهم).

د. محمد بسام يوسف

العَبْرَةُ السادسة: في قاعة محكمة العدل الدولية (لاهاي)

– ولماذا انتظرتَ أربعين عاماً يا أستاذ، لتتقدّم بدعواكَ هذه؟!..

– هذه قضيةٌ ثانية يا سيدي.. فأنا لم أنتظر، لكنني لم أتمكّن من ذلك إلا في هذا اليوم.. فنحن نعيش في زنزانةٍ يا سيدي، زنزانةٍ اسمها: سورية.. لا يَسمَحُ نَواطيـرُها لأهلها بالتنفِّس إلا وِفْقَ معاييـر قوانين الطوارئ.. وقوانين الطوارئ هناك تمنعنا من التنفّس إلا وِفْقَ مِزاجِ النواطيـر!..

– مع أنّ أمركَ غريبٌ يا أستاذ، فسأتيح لكَ خمس دقائق لتقولَ ما عندك.

– لا تكفي.. لا تكفي خمس دقائق يا سيدي.. ربما يستغرق شرحي خمسة أشهرٍ أو خمس سنواتٍ.. لا أعلم بالضبط.. فالأمر يرتبط بمذبحة.. مذبحةٍ يا سيدي.. ارتكبها (حُرّاسُ التنفّس) في بلادنا منذ أربعين عاماً!..

– مذبحة؟!.. ومنذ أربعين عاماً ؟!.. ولماذا لم ترفع دعواكَ هذه إلى محكمتكم الوطنية طوال هذه المدة؟!..

– وهذه أيضاً قضيةٌ ثالثة يا سيدي.. أرجوك، لا أريد أن أشتِّتَ ذهني عن المذبحة الكبرى الفظيعة، فقد قَدِمتُ من بلادي البعيدة، لأضعَ هذه الجريمةَ الرهيبةَ بحق الإنسانية، بين يدي عنايتكم الكريمة.. وكل ما أستطيع أن ألفتَ إليه في هذه اللحظة، هو أنّ المحاكمَ في بلادنا، فضلاً عن القضاة والمحامين والضحايا والشهود.. كل أولئكَ يخضعون لقوانين التنفّس الوطنية في (مملكة ممنوع التنفّس)، التي هي بلادنا يا سيدي!..

يبتسم القاضي ابتسامةَ مَن يضبط نفسَه عن الابتسام، ثم يتوجَّه بالحديث إلى (كاتب المحضَر) الذي يجلس عن شماله:

– قرَّرنا، نحنُ قاضي قُضاةِ (محكمةِ لاهاي)، تأجيلَ جَلْسةِ الاستماع للمدَّعي السوريِّ الجنسية (نادر الشرعي)، إلى يوم الثلاثاء القادم بتاريخ 27/6/2020م.

عندما سمع تاريخَ الجلسة.. انتفض (نادر) من مكانه، ليقولَ ودمعة تنسلّ من مآقه:

– نعم.. نعم، صحيح يا سيدي، في مثل هذا التاريخ بالضبط قبل أربعة عقود.. وقعتْ المذبحة، ما تزال مَشاهِدُها أمامي.. ما تزال مشاهد أشلائهم تُعَشِّش في قَعْرِ عَيني.. ما تزال صرخاتهم تُقيمُ ما بين مطرقة أذني وسِندانها.. ما تزال دفقات دمائهم تتدفّق في روحي!..

ثم استدار (نادر)، ووضع -وهو في طريق خروجه من القاعة- راحَتَيْه على أذنيه، قابضاً على رأسه، ومتابعاً كلماتِهِ المتعثّرة:

– وما تزال أرواحهم تَخفقُ في صدري.. آهِ يا سيدي من ذلك اليوم.. آهِ من ذلك التاريخ!..

العَبْرَةُ الخامسة: (في الحافلة)

في طريقه إلى الفندق على شاطئ (بحر الشمال)، رافق رجلٌ مهذَّبٌ الأستاذَ (نادر)، وجلس الرجلان على مقعدَيْن مُتجاورَيْن في الحافلة التي تُقِلُّهما من مبنى المحكمة.. بادر الرجلُ المهذَّب بالحديث:

– اسمي (فرانسوا)، فرنسي من أصلٍ لبناني، أرحّب بك باسم (منظمة العفو الدولية).

– أهلاً بكَ سيد (فرانسوا)، تَشَرَّفنا.

– فرانسوا: هل أسألكَ سؤالاً؟!..

– نادر: تفضّل.

– لقد اطلعتُ على الملف الذي قدَّمتَه حضرتكَ إلى منظمتنا، وأرغب أن تشرحَ لي قضيةَ الطالب (زاهر عبد المنعم)، أحد رفاقكَ في (سجن تدمر)، الذي أُعدِمَ منذ عشرين سنة.

عدّل (نادر) جلستَه، وبدت مُقلتاه كياقوتَتَيْن حمراوَيْن، يَنِزُّ الدمع حولهما، فينسكبُ على سَطْحَيْهما، ويَسيلُ بطيئاً باتجاه الوجنتَيْن.. ثم أجاب:

– (زاهر عبد المنعم) رحمه الله، هو ابن عمّتي، ورفيق طفولتي.. كان سيتقدّم إلى امتحان التخرّج في كلية (الحقوق)، لولا أنهم زَجُّوه في السجن الصحراويّ قبل ثلاثة أشهرٍ فحسب.. من موعد امتحاناته الأخيرة، وذلك بتهمة تمزيق صورة رئيس الجمهورية، وكتابة الشعارات المعادية للنظام الحاكم على جدران مبنى الجامعة.. وحين التقيتُهُ في المعتَقَل، حكى لي كيف كان يحلم بإسعاد والدته، التي ربَّته وتحمّلت من أجله المشقّة العظيمة، من الجوع والبرد والسهر والقلق والحِرمان، فهو وحيدُها، يتيمُ الأب، وكم كانت عمّتي المسكينة تأمل، في أن تجد وحيدَها في يومٍ من الأيام شاباً قوياً محامياً عظيماً، لولا أن اختطفوه من بين يديها في ليلةٍ ظلماء، قبل تحقيق حُلُمها بثلاثة أشهر!..

لقد ذكر لي (زاهر) ذات ليلةٍ في أحد مهاجع (سجن تدمر)، بأنّ كلمات أمّه الحنون، ما تزال تقرع مَسامِعِه:

– سأزوّجكَ يا بُنيَّ بنتَ الحلال الجميلة التي تليق بك، وها أنت ذا يا ولدي، ستصبح محامياً عظيماً.. سأزوِّجكَ (ليلى) الرائعة: بنت ذكية، مؤدّبة مهذّبة، جميلة، بنتُ أناسٍ محترمين، فأمّها موافقة وراضية، وكذلكَ (ليلى) الغالية.. فكم أشتاق لرؤية أحفادي يلعبون حولي يا ولدي الحبيب، ويَمْلَؤون علينا حياتَنا وبيتَنا.. لقد هانت يا بني.. هانت.. كلها بضعة أشهر وتتخرّج، لأفرح بك!..

أطرقَ (نادر) بُرْهَةً، ثم تابع حديثه:

– وبعد سبعة أشهرٍ من التعذيب والإذلال المتواصل في (سجن تدمر)، نوديَ ذات صباحٍ على عشرين شخصاً بأسمائهم، للتجمّع في باحة السجن، وكان ابنُ عمّتي (زاهر عبد المنعم) من بينهم، لكنه من شدّة ما كان يعاني من التعذيب والآلام، تأخّر بعضَ الوقتِ حتى استطاع الوصول إلى الباحة.. ليجدَ أعوادَ المشانق العشرين، تتدلّى منها أجساد رجالٍ أطهارٍ من المسجونين.. فتقدّم إليه أحدُ الجنود الواقفين، وسأله:

– ماذا تفعل هنا؟!..

– أنتم الذين ناديتم علي!..

– ما اسمك؟!..

– زاهر عبد المنعم!..

نظر الجنديّ في جدول الأسماء الذي بين يديه، ثم توجّه إلى الضابط الذي كان يقف قريباً منه، فتبادل معه حديثاً قصيراً، ثم عاد إلى (زاهر) مبتسماً:

– ليس لدينا أعواد مشانق جاهزة الآن!.. لكن لا بأس، اقترِب.. اقترِب..

ثم استلّ الجلاد من جيبه سكّيناً حادة، وأمسك بكتفي زاهرٍ المنهَك، دافعاً إياه بقوّةٍ إلى الخلف، فوقع أرضاً!.. صرخ (زاهر) من الألم، فَدَاس الجلاّد ببسطاره على رأسه، شادّاً ذقنَه إلى الخلف، وقام بِحَزّ عنقه بالسكّين على مقربةٍ من إحدى بالوعات الباحة، وسط ذهول (زاهر)، الذي حشرج متمتماً بكلماتٍ متقطّعةٍ مع دفقات الدم المتدفق من أوداجه: الله ..أك..بر.. لا إ..له إ..لا الله!..

أطرق الأستاذ (نادر) وهو يكفكف دمعةً تسرّبت من عينه، بينما مدّ السيد (فرانسوا) يَدَه لِيربتَ على كتفه قائلاً:

– لابأس.. لابأس عليك يا أستاذ.

رفع (نادر) رأسَه، ليتابع:

– لقد كان إعدام ابن عمّتي فاجعةً لنا، لكنّ إعدامه ذبحاً بذلك الشكل، كان فاجعةً أشدّ.. أما الفاجعة الكبرى لنا، فقد وقعت بعد ساعاتٍ قليلة، حين نقل إلينا صديقُنا السجين (عزام)، أنه عندما استُدعِيَ إلى التحقيق في صباح اليوم التالي لذبحِ ابن عمّتي (زاهر عبد المنعم).. دخل أحد الجنود إلى غرفة التحقيق مُسرعاً مُنتَشياً، يدفع أمامه شاباً مكبّل اليدين، متوجِّهاً إلى الضابط المحقِّق بالقول:

– سيدي: هذا هو المجرم الهارب: (زاهر المحمود) وليس (زاهر عبد المنعم)، الذي مزَّق صورةَ السيد الرئيس، وكتب الشعارات المعادية على جدران الجامعة.. وقد اعترف منذ قليلٍ بجرائمه، مباشرةً بعد اعتقاله فجرَ هذا اليوم!..

العَبْرَةُ الرابعة: في الفندق

لدى دخوله صالة الفندق، تسلّم الأستاذ (نادر) مغلَّفاً من موظفة الاستقبال، مرسَلاً إليه من قِبَلِ السفارة السورية في هولندة.. فَضَّ المغلَّفَ بعد أن دخل غرفتَه الخاصة، ليقرأ رسالةً يحاول فيها السفير أن يثنيه عن عزمه رفعَ دعوى على نظام الحكم في بلده لدى (محكمة العدل الدولية)، وأنه بذلك يخون وطنه في ظرفٍ عصيبٍ تمرّ به البلاد، وأنه عليه أن يعودَ إلى سورية للمشاركة في الصمود والممانعة ضد القوى العالمية، التي تريد النيل من كرامة الشعب والوطن.. وكذلك يحذِّره السفير من أنّ المضيَّ قُدُماً بشكواه لدى المحكمة في (لاهاي)، سيُعتَبَرُ خيانةً عُظمى، وأنّ السلطات في دمشق، ستقوم عندئذٍ بكل الإجراءات اللازمة ضده، إن لم يكفّ عما هو عازم عليه، ويعود إلى سورية فوراً!.. وفي آخر الرسالة، يؤكّد السفير لنادر، على إرسال إجابته إلى السفارة بواسطة الفاكس، وبخطٍ واضح!..

بعد ساعةٍ واحدةٍ فقط، قرأ السفير إجابة الأستاذ (نادر)، الواصلة لتوّها بالفاكس:

– وصلني تهديدكم، ولم أتوقع أصلاً منكم أن تتصرّفوا بغير هذا التصرّف الأرعن، واعلم أيها السفير، أنّني أتوجّه إليكم بهذا الخطاب، ولا يهمّني -حين تقرؤونه- هل ستكون في فم كلٍ منكم تفاحة أو ثمرة موزٍ أو حبّة كستناء، أو حتى لقمة كافيارٍ أو سمكة قريدس.. ولا يهمّني إن كان أحدكم -وهو يطالع خطابي هذا- جالساً على أريكته الحريريّة، يلفّ ساقَه اليسرى على اليمنى أم يلفّ ساقَه اليمنى على اليسرى.. ولا إن كان مُستَرخياً على كرسيّه الهزّاز، يستمع إلى شريطٍ رومانسيٍ مسجَّل.. أو إن كان يحلُمُ أحلامَ اليقظة وهو يقود سيارته (الأوتوماتيك) الفارهة.. أو إن كان منشغلاً بإحصاء الأموال التي نهبها من قوتنا وقوت شعبنا.. كل ذلك لا يهمّني!.. الذي يهمّني فحسب، في هذه الأيام الحاسمة والظروف الصعبة، هو أن تعلموا عِلْمَ اليقين، أنّ أكاذيبكم الخاصة بالصمود والممانعة، لم تَعُدْ تنطلي إلا على أمثالكم، أو على المغفَّلين من أشباهكم، وأنه لو استعدنا حقوقنا عبر قضاءٍ نزيهٍ عادلٍ في بلادنا.. لما اضطررنا للتوجّه إلى المحاكم الدولية.. وقبل ذلك كله، فلتعلموا يا سعادة السفير ومَن وراءه، بأننا لن نسكتَ عن حقٍ من حقوقنا الكثيرة التي حرمتمونا منها، ولا عن دماءِ شعبنا التي سفكتموها بغير حقٍ طوال أربعين عاماً، وأنّ الحق لا يزول بالتقادم.. وأنه لو كان فيكم ذرة من شرفٍ أو ضمير.. لما سفكتم دماء عشرات الآلاف من أشراف قومنا بدمٍ بارد، ثم زعمتم أنكم أهل الصمود والتصدي.. وإنني أدعوكَ يا سعادة السفير لأن تؤوب إلى الحق، وتنضمَّ إلى شعبك، لتُسهم في جهود الانعتاق من ظلم نظامك الحاكم، وهذا آخر الكلام بيننا.. فإن لم يَرُق لك ذلك، فحاول أن تَشحَنَ هولندة إلى دمشق، أو أن تَجُرَّ كوكبَ الأرضِ إلى سِجن تدمر، أو أن تُقنِعَ الحرسَ الجمهوريَّ باحتلال المجرّة السادسة، أو أن تقومَ أجهزةُ مخابراتكم بالاشتراكِ مع مؤسّسة الإسكان العسكرية.. بِضَرْبِ أسوارٍ حديديةٍ حول المحيط الأطلسي.. فذلك كله، أهون عليكم من إقناعي بالعدول عمّا عزمتُ عليه!..

العَبْرَةُ الثالثة: (الشهيد مصعب)

جلس الأستاذ (نادر) عند شاطئ (بحر الشمال) متأمِّلاً، وقد امتدّت من خَلْفه المروجُ الخضراء الجميلة، وانبسطَ من أمامه البحرُ الفُضيّ، الذي بدأ يبتلعُ قرصَ الشمسِ الضخم عند خط الأفُق، عاكساً أشعّتَها، بألوانٍ خلاّبةٍ يختلط فيها الأحمر الأرجوانيّ بالأصفر المتدرّج.. فتبدو سطوح الأمواج الرصينة، كأنها سمكة (شِلْفٍ) ملوَّنةٍ مترامية الأطراف، منشغلةٍ بنقل تلك اللوحة الجميلة المتعرّجة بكل أمانة، إلى الشواطئ الحالِمَة الغافية بين ذِراعَيْ قُرصِ الشمس الذهبيّ، الآخذِ بالانغراز التدريجيّ في أغوار البحر الهادئ، ليغفوَ ذلك القرصُ الرائع باطمئنانٍ تامٍ أكثر من عشرِ ساعاتٍ داخلَ الصدر البحريّ الواسع الحنون، قبل أن يبدأ بالظهور مرةً جديدةً عند موعد شروق النهار التالي!..

– أستاذ نادر.. أستاذ نادر.. (صوتٌ ينادي من الخلف)!..

استدار (نادر)، فإذا السيد (فرانسوا) يقترب منه، صافحه قائلاً:

– سألتُ عنكَ في الفندق، فقالوا لي: إنه، كعادته في مثل هذا الوقت، يجلس عند الشاطئ، فهل أنتَ عند الشاطئ يا صديقي.. (قالها مبتسماً)؟!..

– لا يا صاحبي، أنا حيث يغيب المرء عن عالَمِه، أمام هذه اللوحة البحرية المذهلة التي أمامي!..

– إذن عندما تعود إلى عالَمِنا، أرجو أن تخبرَني، لأنني أرغب بالاستفسار منكَ عن مزيدٍ مما تحمله من ذكريات (سجن تدمر)!..

– سامحكَ الله يا أستاذ (فرانسوا).. فقد انتزعتَني إلى عالَمِنا الحقيقيّ.. فتفضَّل، اسأل كما يحلو لك، وهل أنا قادمٌ من بلادي البعيدة إلا لهذا؟!..

جلس (فرانسوا) على كرسيٍّ مُقابلٍ لكرسيِّ الأستاذ (نادر)، قائلاً:

– في الواقع، أريد الاستماعَ إلى المزيد من قصص ذلك السجن الصحراويّ، وبالتحديد عن الأمراض التي سمعنا أنها كانت منتشرةً هناك بين السجناء!..

أطرق الأستاذ (نادر) كعادته، وعاد إلى مُقلتَيْه الشكلُ الياقوتيّ الدامع.. ثم بدأ بالحديث:

– والله يا أستاذ، كانت أمراض عديدة منتشرةً هناك: الجدري والتيفوئيد والكوليرا والجَرَب والتهابات الكبد المختلفة.. وغير ذلك.. على أنّ أشدّها حَفْراً في ذاكرتي كان (مرض السِّلّ)، الذي فتكَ بأقرب أحبابي من نزلاء السجن!..

ـ .. .. ..!..

– كان (مصعب) فتىً لا يتجاوز عمره الستة عشر ربيعاً، اعتُقِل مع جميع أفراد أسرته أثناء مداهماتٍ عشوائية.. كنتُ أراجع معه حِفْظَ الأجزاء الأخيرة من القرآن الكريم.. تعلّقتُ به جداً، وتعلَّقَ بي أكثر، بخاصةٍ بعد أن سِيقَ شقيقاه الأكبر والأصغر، ثم والده، إلى المشنقة أمام ناظريه، وهو يراقب سَوْقَهم إلى الإعدام من ثُقبٍ في باب المهجع رقم خمسة، الذي كنا نَزيلَيْه معاً.. فقبل شهرٍ من إعدام الأب (أبي أكرم).. سمعناهم ينادون على وَلَديْهِ: (أحمد/ 14 سنة) و(أكرم/ 26 سنة).. للإعدام.. تقدَّم وقتها (أبو أكرم) متثاقلاً باتجاه وَلَدَيْه الحبيبَيْن، اللذَيْن كانا معه في المهجع رقم ستة.. ضمَّهما إلى صدره، ثم شدّ على يديهما معاً، وقال لهما مُوَدِّعاً:

– صَبْراً يا أحمد.. صَبْراً يا أكرم.. كونا رجلَيْن كما ربّيتكما.. كونا مؤمنَيْن كما أنشأتكما.. صَبْراً فإنّ موعدَكما الجنة بإذن الله.. اعتَنِ بأخيكَ أحمد يا أكرم.. لا إله إلا الله.. وإنا لله وإنا إليه راجعون!..

ـ .. .. ..!..

– المهم، كان الفتى (مصعب) يجد فِيَّ سلوى عظيمةً له، خاصةً عندما أصيب بمرض السلّ، فكان يختلج جسمه كله من آلام صَدْره وشدّة سُعَاله وارتفاع درجة حرارته، ولا يهدأ إلا عندما أضعُ راحةَ يدي على صَدْره، وأقرأ بضعَ آياتٍ من القرآن الكريم، فيما أمسحُ بيدي الثانية على جبينه ورأسه.. فيتهادى.. ويهدأ، ثم يستسلم للنوم!..

ـ .. .. ..!..

– ذات ليلةٍ عزمتُ على أن أُهدي مُصعباً هديةً تُخَفِّف عنه.. فلم أجد في جعبتي إلا باقةً من أبيات الشِّعر، كانت قد تفتَّقت عنها قريحة أحد الأحباب الأفذاذ في المهجع المجاور، فحفظتها.. ولشدة تأثري بحالته الصحية والنفسية، وحينما استيقظَ فجرَ ذلك اليوم.. قلتُ له:

– هذه هديةٌ لكَ مني يا مصعب، فما رأيك بها؟!.. ثم تَلَوْتُ عليه الأبيات مع بعض التصرّف، لتناسب خطابي له شخصياً:

عَلَيْكَ السلامُ .. عَلَيْكَ السلامْ !..

* * *

كَأنَّ فُـؤادِي غَدَا قُنْبُلَــة !..

* * *

– وما كدتُ أُنهي تلاوة الأبيات على مسامِعِه، حتى ابتسم (مصعب) ابتسامةً رائعةً عريضة، وأشرق وجهُهُ، وبَدا طوال ذلك اليوم في غاية السعادة.. وفي المساء، اقتربتُ منه وقعدتُ إلى جانبه وأعدتُ تلاوة الأبيات الشِّعرية على مسامِعِه، فأمسكَ يدي، وغَفا واضعاً رأسَه على فَخِذِي.. ونام ليلتَه تلك قريرَ العين، لكنها للأسف، وآهِ من لكن.. كانتْ الليلةَ الأخيرةَ في حياته!..

ـ .. .. ..!..

العَبْرَةُ الثانية: (المذبحة.. المجزرة)

بناءً على طلب السيد (فرانسوا)، مندوب (منظمة العفو الدولية)، قرَّر الأستاذ (نادر) أن يكتبَ قصة المذبحة الكبرى التي وقعتْ في (سجن تدمر)، وأجّل ذلك إلى ليلة يوم الإثنين في 26 من حزيران، لأنّ ذلك يوافق نفسَ الوقت الذي ارتُكِبَت فيه المجزرة قبل أربعين عاماً.. تلك الليلة التي عاشَها داخلَ السجن لحظةً بلحظة، ودقيقةً وراء دقيقة، فأراد أن يُحيِيها ويعيشَ كلَّ أحداثها من جديد.. وبهذا تتنشّط ذاكرته، ويسهل عليه تقديم شهادته حول تلك المذبحة أمام (محكمة لاهاي)، وذلك في صباح اليوم التالي المحدَّد للاستماع لشهادته، أي صباح يوم الثلاثاء في 27 من حزيران 2020م.

فتحَ الأستاذ (نادر) نافذة غرفته، الواقعة في الطابق السابع والعشرين من الفندق المُطِلّ على (بحر الشمال)، ثم جمع أوراقَه، وأمسكَ قلمه الممتلئ بالحبر الأحمر، وكتب:

-كنا في ذلك اليوم مُنهَكين جداً، من التعذيب الشديد الذي كانوا يَصُبّونه علينا بمعدّل خمس وَجْباتٍ يومياً.. فمنذ الصباح الباكر كانوا يجمعوننا في الباحات، وينهالون علينا ضَرباً بالعصيّ الثخينة والسياط الغليظة والبَلطات.. فكانت تنفلق رؤوس بعضنا، وتتشقّق لحومنا، وتتكَسَّر عِظامنا، وتَسيل الدماء من كل أجسادنا.. كانوا يمارسون كل الأساليب لإذلالنا ومَحْوِ شخصياتنا تماماً.. في الاجتماع عذاب، وفي الحلاقة عذاب أشد، وفي وقت الطعام عذاب لا مثيل له، وفي وقت الاغتسال حماماتُ دم.. كان الجحيم الذي نحن فيه لا يُطيقه بشرٌ ولا حَجَر، ولا حيوانٌ ولا شجر.. وهذه الحال اليومية كانت تستمر شهوراً على هذا البرنامج، بل سنواتٍ طويلة.. لذلك كنا نعتبر أنّ الإعدام هو أهون العذاب!..

في يوم الإثنين الواقع في السادس والعشرين من حزيران عام 1980م، كانوا قد ألقوا بي في زنزانةٍ منفردةٍ قربَ ما يسمى بالمطبخ، وذلك بعد (حَفْلَةِ) تعذيبٍ شديدة.. فبقيت داخل الزنزانة مُغمَىً عليَّ حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، ولم أصْحُ إلا على أصواتِ جَلَبةٍ وفوضى.. سألتُ نفسي:

– ما الذي يجري في الخارج؟!.. ونجحتُ خلال الظلام الدامس من أن أعثرَ على شِقٍّ في باب الزنزانة.. فنظرتُ منه محاولاً –عبر أشعة الأضواء الخارجية الخافتة- أن أكتشفَ شيئاً أو ألتقطَ تفسيراً عما كان يجري.. وفجأةً، سمعت أصوات طائراتٍ حوّامةٍ تَحُطّ تِباعاً في المكان، ليتدفّقَ منها إلى داخل السجن، جنودُ إبليسَ المدَجَّجون بأحدث الرشاشات والقنابل الفردية، وليحتلّوا كل باحاته وممرّاته.. كاد قلبي ينخلع من مكانه، حينما رأيتُ مجموعةً منهم يفتحون أبواب المهاجع ويأمرون السجناءَ بالخروج!.. بعضُ السجناء نفَّذوا الأوامر فوراً، وبعضهم لم يتمكَّنوا، لشدة الإصابات التي كانوا يعانون منها جرّاء التعذيب، فيما عدد غير قليلٍ كانوا يُعَانون من أمراضٍ مختلفة!..

   دقَّقتُ النظرَ من شِقِّ الباب في وجوه الجنود، فلم أعثرْ إلا على وجوهٍ سوداء يقطر الحقد من وَجنَاتِها، وينتشر شَرَرُ اللؤم من حدقات عيونها، ويسيل لُعابُ الكراهيةِ من أفواهها.. فأدركتُ أنّ الأمر جَلَل، ودعوتُ الله أن يتلطَّف بي وبكل المساجين المساكين!..

   تراجعتُ خطوةً إلى الوراء، وتيمَّمتُ بالغبار الذي يُغَطِّي أرضَ الزنزانة، وصلَّيتُ رَكعتين لله عزّ وجلّ على عَجَلَةٍ من أمري، ثم توجَّهت إليه سبحانه وتعالى بالدعاء: (اللهم إليكَ أشكو ضَعفَ قوّتي، وقلَّةَ حيلتي، وهواني على الناس.. اللهم إن لم يكن بكَ غَضَبٌ عليَّ فلا أبالي، ولكنّ عافيتَكَ أوسعُ لي، اللهم ارضَ عني وعن إخواني في هذا السِّجن، واكتبنا شهداء عندك يا رب العالمين، لكَ العُتبى حتى ترضى، ولا حَوْلَ ولا قوّة إلا بك).. ثم نظرتُ من شِقِّ الباب، وتفحَّصتُ وجوهَ إخواني السجناء الخارجين من مهاجعهم إلى الممرّات والباحات.. فوالله ما وجدتُ فيها إلا نوراً في ذلك الليل البهيم.. وكنتُ أميِّز علامات السجود لله عزّ وجلّ في وجه كلٍ منهم، وأرى في عيونهم الإصرارَ على الثبات حتى آخر لحظة، وفي خَبْطِ أقدامهم زلزلةً لقلوب الجنود الجلادين، وفي شموخِ قاماتهم أنَفَةَ الكرام.. كان كلٌ منهم يتمتمُ بما حفظه من القرآن الكريم، ويُسَبِّح الله عزّ وجلّ، فيجدُ في ذلك سلوى من العذاب الذي يتوقّعه في هذه الليلة السوداء!..

   انتصبتُ خلفَ باب زنزانتي متوقِّعاً في كل لحظةٍ أن يمرَّ الجنود بي، ليُخرجوني منها كما أُخْرِجَ معظمُ السجناء من مهاجعهم.. لكنَّ الوقتَ مضى ثقيلاً جداً، ولم يفعلْ ذلك أيٌ منهم.. فعدتُ أنظُرُ من شِقِّ الباب لأتحسَّسَ الذي يجري.. أحسستُ أن حَلْقي قد جفّ، وأنّ لساني قد تَخَشَّب، ولم يقطعْ عليَّ هذا الإحساسَ إلا صوتُ أذان الفجر القادم من أحد المساجد البعيدة في المنطقة.. الذي سرعان ما اختلط بأصواتٍ رَهيبةٍ تصمُّ الآذان.. فقد اختلط بأزيز رصاص، وبأصوات مغاليق رشاشات، وبِدَوِيّ قنابل.. وبتكبيراتٍ وصَرْخاتٍ واستغاثاتٍ ملأت فضاءات المكان.. وبشتائمِ الجنود القبيحة مع كل صَلْية رشاش!.. وعندئذٍ فحسب، أيقنتُ أنَّ الأمر يتعلَّق بمذبحةٍ ضخمة!..

   داهمتني نوبة غثيان، لكنني حرصتُ على ألا أنبّه الجنودَ إلى زنزانتي، وعُدتُ إلى النظر من شِقِّ الباب، لأرى ما لا عَيْنَ رأت، ولأسمعَ ما لا أُذُن سَمِعَت.. فالجنود أصابهم السُّعار، وتلبَّستهم الهيستريا من غزارة الدماء التي سفكوها، إذ كانت تسيل جداولَ في الممرات.. وكانوا يتفقَّدون المهاجعَ واحداً تلو الآخر.. لِيُجْهِزوا على ضحاياهم الذين ما يزالون داخلها، ثم يَرمون القنابل اليدوية على الأجساد الطاهرة، فتتناثر الأشلاء باتجاه الزوايا والجدران والسقوف، وتنقذف الدماء مع حُطامِ النوافذ!.. حاولتُ أن أكبتَ نفسي كي لا أتقيَّأ، وتابعتُ النظرَ إلى الخارج، فوجدتُ مجموعاتٍ أخرى من جنود إبليس، يقومون بتجميع الأشلاء والأجساد على شكلِ أكوام، ويُجْهِزون على الذين ما يزال فيهم رَمَقُ حياةٍ أو يئنّون.. ثم تأتي تباعاً سيارات جَمْعِ النفايات، لتحملَ الأكوامَ البشريةَ إلى أماكن مجهولة، لِتُدْفَنَ في قلب الصحراء!..

   راقبتُ الوجوهَ الملطَّخةَ بالدماء أثناء تحميل الأكوام البشرية.. كانت وضّاءةً تُشِعُّ نوراً.. واستطعتُ أن أميِّزَ وَجْهَ صديقي (عُمَيْر) رحمه الله، الذي كان قبل يومَيْن يُناجي أمَّهُ شِعراً، فيقول:

* * *

* * *

* * *

   بعد انتهائهم من تحميل الأكوام البشرية، التي كانتْ تنبعث من بعضها أصواتُ استغاثاتٍ وأنينٍ مخنوقة.. دخلت سيارات الإطفاء لتنظيف الممرّات والباحات.. ومع بزوغِ أول خيوطِ الفجر، سمعتُ أصواتَ الحوّامات تُقلِعُ بالجنود القَتَلة، إلى المكان الذي قَدِموا منه.. وحَلّ في السجنِ هدوء مخيف، شجّعني على أن أقومَ بمحاولاتٍ مُضنيةٍ لكسر باب الزنزانة والخروجِ منها، وحينما أفلحتُ بذلك.. تمنيتُ لو أنني بقيتُ حيثما كنت داخل زنزانتي.. فيا لَهَوْلِ ما رأيت: أعضاء بشرية، وأجزاء من عيونٍ وأنوفٍ وأصابع وفرواتِ رؤوس.. تلتصق مع دمائها على الجدران والسقوف.. وبقايا أقدامٍ وأذرعٍ تنهشها بعضُ كلاب الصحراء في الباحات!..

   سَحَلْتُ جسدي الخائر باتجاه زنزانتي الانفرادية، وأغلقتُ على نفسي ما تبقّى من بابها.. ثم رقدتُ.. فأصابني الإغماء.. ولما أفقتُ بعد يومين، عرفتُ أنني موجود في غرفة الإسعاف الخاصة بالسِّجن، وفوق رأسي يخيِّم طبيب السِّجن، أو (طبيب العذاب) كما كنا نطلق عليه!..

سجِّل عندكَ يا سيد (فرانسوا):

– كان نُزَلاء السجن يَعدّون أكثر من ألفِ شخص، ثلثاهم من خرّيجي الجامعات والعلماء والأدباء والأطباء والمحامين والمهندسين وأساتذة الجامعات والمثقَّفين، وثلثهم من طلاب الثانوية وطلاب الجامعات والمهنيين الآخرين.. أكثر من ثمانين بالمئة منهم لا علاقة لهم بأي عملٍ معارِضٍ للنظام.. وأكثر من نصف هؤلاء كانوا رهائن عن أقاربهم الفارّين من البطش والاضطهاد.. ورُبْعهم من الأحداث والفِتيان الذين لا تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر عاماً!..

سجِّل عندكَ يا سيد (فرانسوا):

– إنّ الجريمةَ النكراء الكبرى.. المذبحة.. المجزرة، وقعتْ بين ظَهراني قلعة زنوبيا التدمرية، وإلى جوارِ تدمر.. سراج الحضارة السورية الغابرة، التي كانت مشعل النور بوجه الهمجية والتخلّف والظلامية!..

كانت الأمّهات الباكيات، والزوجات الشاكيات، والطفلات الذابلات.. ينتظرنَ أن يُشرِقَ الأمل، فيحمل إليهنّ بشرى انعتاق الرجال والفتيان والشباب، الذين أُسِروا من غير وجه حق.. لكنّ حُكّام الشام، بدّدوا آمالهنّ في ساعةٍ من ساعات صباح السابع والعشرين من حزيران عام 1980م.. وحوّلوا الأسرى إلى أشلاء بطرفة عَين.. ودفنوا أحلامهنّ مع دفن مِزَقِ أبنائهنّ وأزواجهنّ وآبائهنّ وإخوتهنّ، في أخاديد الصحراء وتحت رمالها الساخنة!..

ألا تتحسَّس معي يا سيد (فرانسوا) في هذه الليلة، كيف فَقَدَتْ الأزهارُ شذاها، وكيف تكسَّرتْ سنابل الشام، وكيف تساقطتْ أوراقُ الشجر.. وضاقتْ الأرضُ بما رَحُبَت؟!..

أكاد أختنق.. أكادُ أختنق يا سيد (فرانسوا).. فسامحني، لن أتمكن من متابعة الكتابة، سأصلّي الفجرَ وأعودُ إلى فراشي قبل طلوع الشمس!..

(بعد ربع ساعة).. عاد الأستاذ (نادر)، ليختمَ شهادتَه التي يُدَوِّنُها لسلَّمها إلى السيد (فرانسوا)، مندوب (منظمة العفو الدولية):

¬- هاهي ذي خيوطُ الشمس ستبدأ بالبزوغ هنا في (لاهاي).. ولا أتوقّع أنها أشرقتْ أو ستشرق اليوم في بلدي سوريّة!..

العَبْرَةُ الأولى: شهادة على المجزرة

قُبَيْلَ ظَهيرة يومِ الثلاثاء بتاريخ 27 من حزيران 2020م، وقف الأستاذ (نادر) أمام محكمة العدل الدولية في (لاهاي)، ليقدّمَ شهادتَه حول مذبحة (سجن تدمر) الجماعية.. سأله القاضي -رئيسَ المحكمة- مجموعةَ أسئلةٍ روتينيةٍ في بداية الجلسة:

– ما اسمك؟!..

– نادر عبد الرحمن الشرعي.

– عمرك؟!..

– تسعٌ وستون سنةً.

– جنسيتك؟!..

– سوريّة.

– مستواكَ التعليمي؟!..

– ماجستير في التاريخ.. خريج جامعة دمشق.

– هل شاهدتَ المذبحة بنفسك؟!..

– نعم يا سيدي.

– القاضي: قدّم شهادتَك عن الأحداث التي وقعت في (سِجن تدمر) منذ أربعين عاماً، وكم عدد الضحايا، وأعمارهم، والتُّهَم التي كانت موجَّهةً إليهم، ومستوياتهم التعليمية.. ومُشاهداتك خلال ارتكاب المجزرة.. وفيما إذا كنتَ تعرف أسماء الجُناةِ الذين ارتكبوها.. وغير ذلك مما ترغب بقوله..

– نادر: ألفُ فلذة كبدٍ أو يزيد يا سيدي، من أنقى أبناء بلدي، وأجودهم ثقافةً وعلماً وشرفاً رفيعاً.. تناثرت دماؤهم الطاهرة، على جدران (سِجن تدمر) الصحراويّ.. فقد قتلوهم بدمٍ بارد.. .. ..

وما يزالُ الأستاذ نادر، يَسرد للمحكمة تفاصيلَ أحداث المجزرة التدمريّة الكبرى، والمجازر التي سبقتها في السجن الصحراويّ نفسه، وكذلك التي تَلتها.. ولم ينتهِ من السَّرد وتقديم شهادته الكاملة حتى اليوم، على الرغم من حضوره أربع جلساتٍ خاصةٍ عقدتها المحكمة حتى الآن، وذلك للاستماع إلى شهادته بشكلٍ كاملٍ واضح!..

ضحايا مجزرة سجن تدمر: مَضَوْا شهداء..

وسيمضي قاتلوهم إلى جحيم الدنيا والآخرة

د. محمد بسام يوسف

ألف فلذة كبدٍ أو يزيد، من أنقى أبناء الشام، وأجودهم ثقافةً وعلماً وشرفاً رفيعاً.. تناثرت دماؤهم الطاهرة، على جدران (عار) سورية المنتصب في قلب الصحراء، وعلى رمال تدمر اللاهبة، قلعة زنوبيا، وسراج الحضارة السورية الغابرة، التي كانت مشعل النور بوجه الهمجية والتخلّف والظلامية!..

ألف بريءٍ مصفّدٍ بالحديد، أو يزيد.. داهمهم هولاكو الشام، بمهمةٍ قتاليةٍ استثنائية، ضلّ جنودُها المدجّجون بالحقد وسِفْرِ هولاكو.. ضلّوا -عامدين متعمّدين- طريق الأرض المعذَّبة المحتلَّة في الجولان، ليسترجلوا على خيرة أبناء الشام العُزَّل، الذين أنهكهم التعذيب الساديّ، والتنكيل الهمجيّ في (باستيل) سورية!..

كانت الأمّهات الباكيات، والزوجات الشاكيات، والطفلات الذابلات.. ينتظرنَ أن يُشرِقَ الأمل، فيحمل إليهنّ بشرى انعتاق الرجال والفتيان والشباب، الذين أُسِروا من غير وجه حق.. لكنّ هولاكو الشام، بدّد آمالهنّ في ساعةٍ من ساعات صباح السابع والعشرين من حزيران عام 1980م.. وحوّل الأسرى إلى أشلاء بطرفة عَين.. ودفن أحلامهنّ مع دفن مِزَقِ أبنائهنّ وأزواجهنّ وآبائهنّ وإخوتهنّ، في أخاديد الصحراء، وفي باطن رمالها الساخنة!..

كان (النظام الانقلابيّ العسكريّ) وما يزال.. يفتخر بمنجزاته على مدار أربعة عقودٍ من الظلام الذي خيّم على سورية.. ولعلّ أول منجزاته كانت: تقنين الدكتاتورية، ووأد كل نسمةٍ للحرية، وتفكيك الوطن إلى عصاباتٍ حزبيةٍ وفئويةٍ متناحرة.. وثاني منجزاته كانت: تقديم الجولان على طبقٍ من ذهبٍ للعدو الصهيوني، ثم التخلي عنه نهائياً، ليبقى جرحاً عميقاً نازفاً في خاصرة الوطن حتى اليوم!..

*     *   *

ضاقت الأرض الطيبة، وبكت السماء الحانية..

جفّت الأنهار..

فقدت شذاها الأزهار..

تساقطت أوراق الشجر، وتكسّرت سنابل الشام!..

مجزرة القرن العشرين في سجن تدمر الصحراويّ، ستبقى شاهداً حياً في نفوسنا ونفوس الثكالى من حرائر الشام.. على همجية النظام الطائفيّ الأسديّ.. إلى يوم الدين.. وسيذكرها التاريخ، فيما يذكر أشد الحادثات ساديةً وإيلاماً وهمجيةً وحقداً طائفياً أعمى، وسيسجّلها في سِفْرِ المجازر التي يندى لها جبين البشرية.. يوم تندرج هذه المجزرة العار.. بين سلسلة مجازر هولاكو وجنكيزخان ونيرون ودايان وشارون وشامير وبيغن وباراك وأولمرت وبيريز ورابين ونتنياهو و..، وسيسجّل التاريخ رعاديد النظام الحاكم المتسلّط ورموزه الذين ما يزالون يمارسون جرائمهم ضد الإنسانية على مرأىً مما يُسمى بالعالَم الحُرّ والمجتمع الدوليّ.. بدءاً من المسؤول الأول المجرم الساديّ بشار بن حافظ أسد، وانتهاءً بأقذر بسطارٍ عسكريٍ همجيٍ مجرم.. سيسجّلهم جميعاً بين طلائع مجرمي العصر الغدّارين.. وسيحاسَبون في الدنيا والآخرة!..

*     *   *

طوبى لشهداء مجزرة سجن تدمر، من خيرة أبناء سورية وأدبائها وأطبّائها ومهندسيها وعلمائها ومثقفيها، الذين يُحلّقون في الفردوس الأعلى من جنة الخلد بإذن الله.. والعار كل العار، للأيدي الآثمة التي ارتكبت هذه الجريمة البشعة، والخزي كل الخزي، لكل مَن فكّر ودبّر وخطّط ونفّذ، من أولئك المجرمين العتاة الدخلاء على التاريخ السوريّ، وعلى الحضارة السورية، التي شعّت من الشام نوراً وحضارةً راقيةً وأخلاقاً رفيعةً إلى كل أنحاء الأرض!..

(وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ) (الشورى:45).

من ضحايا مجزرة تدمر

في السابع والعشرين من حزيران سنة 1980 اقتحمت وحوش حافظ الأسد سجن تدمر الصحراوي. كان في السجن خيرة الخيرة من رجال سورية علماء وأدباء محامون وأطباء عمال وفلاحون شيب وشباب كلهم قد تم اعتقالهم من بيوتهم وأماكن عملهم مدنيون مسالمون كانوا يؤمنون بأن ربهم الله ويطالبون بالعدل والحرية لشعبهم الذي احبهم وأحبوه .

اقتحم الوحوش زنازين السجن وفتحوا النار على الأسرى عند الفجر فقتلوا جميعاً، وقام المجرمون بتفقد الأجساد الطاهرة فأجهزوا على كل من أحسوا أن فيه بقية . ثم غادروا السجن ليقوم بقية الحرس بردم الشهداء في مقابر جماعية ولتنقطع آثارهم حتى اليوم ..وبعد مجزرة تدمر كانت مجزرة جسر الشغور ، وبعدها كانت مجزرة حي المشلرقة في حلب في صباح عيد ، لينفذ الوحوش بعدها مجزرتهم الكبرى في مدينة حماة سنة 1982 أسفرت مجزرة تدمر قريبا من ألف شهيد ومجزرة حماة ثلاثين ألف شهيد واستمرت بعد ذلك المجزرة المستمرة قرابة عشر سنوات وكما اعترف مصطفى طلاس بإعدام ما يقرب من مائتي إنسان سوري أسبوعيا على مدى عشر سنوات . اعترف أنه كان يوقع على قوائم إعدامهم بمعنى أن حافظ الأسد وزبانيته ظلوا يرتكبون في كل أسبوع مجزرة وسط صمت العالم المريب .

   منذ أيام كان بشار الأسد يعترف أن الذين ارتكبوا مجزرة الحولة هم مجموعة من الوحوش نعم هم نفسهم وحوشك ووحوش أبيك الوحوش الذين نفذوا في حياة السوريين مئات المجازر على مدى عشر سنين . بصمات الجزار في تدمر تظهر اليوم في كرم الزيتون وفي الحولة وفي القصير وفي حمورية وفي كفر عويد وفي درعا ..

إلى أرواح الشهداء الأبرار الأخوة الذين صدقوا العهد فمضوا لقد أزهرت دماؤكم الزكية الطاهرة ثورة ..

   ثورة للعدل والحرية ..وفي ظلال المجزرة الحية نضع بين يدي المتابعين أسماء كوكبة من شهداء تدمر أخوة الدرب ونكتفي بالقول : وغبتم وأنتم بالفؤاد حضور

اللهم اغفر وارحم وثبتنا بفولك الثابت واجعلهم مع المصطفين الأخيار مع الأحبة محمد وصحبه ..

كوكبة من أسماء شهداء تدمر الأطهار تقبلهم الله في الصالحين

 

الاسم

المحافظة

1

أحمد ترعاني

دمشق

2

أسامة خواشكية

دمشق

3

تيسير أبو الرز

دمشق

4

جمال جانو

دمشق

5

درويش جانو

دمشق

6

سليم الأسد

دمشق

7

صبحي بركات

دمشق

8

طاهر حوري

دمشق

9

عبد الودود يوسف/ عالم وتاريخي وكاتب ومفسر

دمشق

10

عدنان المؤيد

دمشق

11

غالب الألوسي

دمشق

12

مأمون العظمة

دمشق

13

محمد الحوراني

دمشق

14

محمد سعيد عطا

دمشق

15

محمد صنوبر

دمشق

16

محمد وليد عصاصة

دمشق

17

مصطفى ذي النون

دمشق

18

إبراهيم علي ملوحي

حلب

19

إبراهيم محمود منغاني

حلب

20

إبراهيم ويشو

حلب

21

إبراهيم ياقتي

حلب

22

أحمد إبراهيم حملا

حلب

23

أحمد أعرج

حلب

24

أحمد إيبو

حلب

25

أحمد الأحمد

حلب

26

أحمد العبد الله

حلب

27

أحمد حسن العاروني

حلب

28

أحمد حمشو

حلب

29

أحمد خليل عدي

حلب

30

أحمد رجب

حلب

31

أحمد زلط

حلب

32

أحمد شامية

حلب

33

أحمد صالح حباب

حلب

34

أحمد عثمان

حلب

35

أحمد عرب

حلب

36

أحمد عساني

حلب

37

أحمد عوض

حلب

38

أحمد كامل حكيم

حلب

39

أحمد كريم فخري قوجة

حلب

40

أحمد محمد صديقة

حلب

41

أحمد محمد طحان

حلب

42

أحمد محمد عرعور

حلب

43

أحمد معرش

حلب

44

أسامة الهاشمي

حلب

45

أسامة حجار

حلب

46

أسامة خالوصي

حلب

47

أسامة لبابيدي

حلب

48

إسماعيل محمد قصير

حلب

49

أنس إدلبي

حلب

50

أنس عنجريني

حلب

51

أيمن عبد الله ستواق الرشيد

حلب

52

بسام توتنجي

حلب

53

بسام غزال

حلب

54

بشار تاجا

حلب

55

بشير تيت

حلب

56

بشير خطيب

حلب

57

بشير صباغ

حلب

58

بشير وتار

حلب

59

تيسير محي الدين الشامي

حلب

60

جمال أقرع

حلب

61

جمال بهلوان

حلب

62

جمال بي

حلب

63

جمال رضوان

حلب

64

جمال ريش

حلب

65

جمال شعبان

حلب

66

جمال عزيز

حلب

67

جمال محمد دالاتي

حلب

68

جمال ناطور

حلب

69

جميل قيطاز

حلب

70

حسام بصمه جي

حلب

71

حسان سرميني

حلب

72

حسان سعيد

حلب

73

حسان سواس

حلب

74

حسان كرزون

حلب

75

حسان كمال علي

حلب

76

حسن أصيل

حلب

77

حسن زيتون

حلب

78

حسن عجيل

حلب

79

حسن عمر

حلب

80

حسن كريم

حلب

81

حسن مدراتي

حلب

82

حسين الشيخ موسى البكري

حلب

83

حسين حماش

حلب

84

حسين عبد الله دادا

حلب

85

رضا شيط

حلب

86

زكريا إبراهيم حمدو

حلب

87

زكريا بوظ

حلب

88

زياد غضبان

حلب

89

سحبان طراب

حلب

90

سعد صباهي

حلب

91

سعد طيب

حلب

92

سعيد شيخ الكار

حلب

93

سمير محمد عطار

حلب

94

سهيل جزماتي

حلب

95

سهيل حمامي

حلب

96

شفيق جمال

حلب

97

صافي شهبندر

حلب

98

صالح الخطيب

حلب

99

صفوح حلاج

حلب

100

صلاح الدين إبراهيم زادة

حلب

101

صلاح الدين بيانوني

حلب

102

صلاح سردار

حلب

103

طاهر حميدو ناصيف

حلب

104

طريف غنوم

حلب

105

عادل محمد حشيشو

حلب

106

عبد الحق أحمد نعساني

حلب

107

عبد الخالق ياقتي

حلب

108

عبد الرؤوف اسكندراني

حلب

109

عبد الرحمن ألتنجي

حلب

110

عبد الرحمن شعبان قصاب

حلب

111

عبد الرحمن قلعه جي

حلب

112

عبد الرحمن مقيد

حلب

113

عبد السلام عبد السلام

حلب

114

عبد الصمد ياقتي

حلب

115

عبد العزيز مدلج

حلب

116

عبد الغني عتقون

حلب

117

عبد الفتاح عبد القادر إدلبي

حلب

118

عبد القادر ملاح

حلب

119

عبد القادر ناصر

حلب

120

عبد الله بيلوني

حلب

121

عبد الله حلاق

حلب

122

عبد الله حماش

حلب

123

عبد الله حياني

حلب

124

عبد الله خطيب

حلب

125

عبد الله ستواق الرشيد

حلب

126

عبد الملك عكش

حلب

127

عبد المنعم بستاني

حلب

128

عبد المنعم حاج إسماعيل

حلب

129

عبد المنعم طرقجي

حلب

130

عبد المنعم عبد الوهاب ناصر

حلب

131

عبد الوهاب نجار

حلب

132

عدنان صقال

حلب

133

عدنان محمود حافظ

حلب

134

عدنان منلا

حلب

135

عصام تسقية

حلب

136

علاء الدين البابا

حلب

137

علي الحجي

حلب

138

عمار جليلاتي

حلب

139

عمر أكتع

حلب

140

عمر محمد عبد القادر

حلب

141

فاضل فاضل

حلب

142

فخري محمد زين الدين

حلب

143

فخري نينو

حلب

144

فهد تاج الدين

حلب

145

فوزي رشيد

حلب

146

فيصل حجي

حلب

147

فيصل سيرجية

حلب

148

كمال ألطة

حلب

149

كمال عبد المعطي

حلب

150

لؤي محمد ياسين تادفي

حلب

151

مأمون الكردي

حلب

152

مالك أيل

حلب

153

ماهر محمد كامل الخطيب

حلب

154

محمد أديب الصالح

حلب

155

محمد الحسن

حلب

156

محمد العمر تلجبيني

حلب

157

محمد المصري

حلب

158

محمد بركات

حلب

159

محمد جمال مدراتي

حلب

160

محمد جمعة جواد

حلب

161

محمد جواد عجم

حلب

162

محمد حلاق

حلب

163

محمد خوجة

حلب

164

محمد خير زيتوني

حلب

165

محمد دانيال

حلب

166

محمد دهان

حلب

167

محمد ربيع دبا

حلب

168

محمد سلمان لبابيدي

حلب

169

محمد صادق جابري

حلب

170

محمد عبدو

حلب

171

محمد عدنان طرقجي

حلب

172

محمد عدنان عبد الوهاب ناصر

حلب

173

محمد عقيل

حلب

174

محمد علي حلاق

حلب

175

محمد قاطرجي

حلب

176

محمد كزارة

حلب

177

محمد كو

حلب

178

محمد محمد كامل الخطيب

حلب

179

محمد نديم محمد نور لولو

حلب

180

محمود عقلة

حلب

181

مروان صيرفي

حلب

182

مصطفى الدروبي

حلب

183

مصطفى الذاكري

حلب

184

مصطفى زرقا

حلب

185

مصطفى كلاس

حلب

186

منير جراب

حلب

187

مهند كرزون

حلب

188

نادر كرزون

حلب

189

نزار أحمد ناصر

حلب

190

نصر الدين محمد ناصر

حلب

191

نعمان أبو كرة

حلب

192

هلال زيتوني

حلب

193

همام مصري

حلب

195

وضاح حسن وضاح

حلب

196

وليد شوبك

حلب

197

ياسين حباب

حلب

198

يحيى باروت

حلب

199

يحيى بيطار

حلب

200

يسر نينو

حلب

201

يوسف حسين شيخ نعسان

حلب

202

يوسف محمود الحافظ

حلب

203

أحمد عباس

حمص

204

بدر الدين خير الله

حمص

205

برهان خالد العدوي

حمص

206

بشار السباعي

حمص

207

بشار الطرزي / مهندس وناشط معروف

حمص

208

بشار حداد

حمص

209

بشار وفائي

حمص

210

بشير الشيخ عيسى

حمص

211

توفيق دراق السباعي/ طبيب عصبية معروف

حمص

212

جمال الدباغ

حمص

213

حسن نجيب حداد

حمص

214

خلدون يكن

حمص

215

دري الحجار/ طبيب بيطري

حمص

216

راتب النجار

حمص

217

رفيق حاكمي

حمص

218

زهري الحصني

حمص

219

زهير الأبرش

حمص

220

زهير شمسي باشا

حمص

221

سبيع السباعي

حمص

222

سليم حاكمي

حمص

223

سمير فليطاني

حمص

224

سيف الدين السعيدي

حمص

225

صفوح جنيد كعكة

حمص

226

صلاح الزعبي

حمص

227

عابد السباعي

حمص

228

عبد الحليم دياب

حمص

229

عبد الحميد دياب

حمص

230

عبد الخالق الحسامي

حمص

231

عبد الخالق سيد سليمان

حمص

232

عبد الرافع شما

حمص

233

عبد الرزاق أرناؤوط

حمص

234

عبد الستار علوان

حمص

235

عبد السلام الشعار

حمص

236

عبد السميع علوان

حمص

237

عبد العزيز شمسي باشا / مدرس

حمص

238

عبد الغني بركات

حمص

239

عبد القاهر الأتاسي

حمص

240

عبد الكافي الدباغ / مهندس كهرباء

حمص

241

عبد الكريم الأفيوني

حمص

242

عبد الكريم الزبيدي

حمص

243

عبد المالك الرفاعي

حمص

244

عبد المنعم دباغ / مهندس كهرباء معروف

حمص

245

عبد الناصر النجار

حمص

246

عبد الهادي الدباغ

حمص

247

عبد الوهاب الدباغ

حمص

248

عدنان خالد العدوي/ طبيب

حمص

249

عزام خزندار

حمص

250

عزام صافي / مدرس علوم

حمص

251

عصام سعيد الطحلة

حمص

252

عماد دالاتي

حمص

253

عمار السباعي

حمص

254

عون الوزان

حمص

255

عون بيرقدار

حمص

256

غالب كبشي

حمص

257

غسان خالد العدوي

حمص

258

فاروق طيارة / مهندس زراعي من وجهاء المدينة (معاق)

حمص

259

فايز بسمار/ طبيب إخصائي معروف وابن الشيخ أبو السعود

حمص

260

فرج غليون/ متعهد ومن وجهاء حي باب الدريب

حمص

261

فرحان الأزهري

حمص

262

فضل الرحمن جنيد كعكة/ خريج علوم وابن العالم محمد جنيد

حمص

263

لؤي نوايا

حمص

264

مازن بريجاوي

حمص

265

ماهر وفائي

حمص

266

محب الدين علوان

حمص

267

محمد خالد حبوب

حمص

268

محمد خير عباس

حمص

269

محمد رشيد

حمص

270

محمد طارق الجسري

حمص

271

محمد مصدق الطرابلسي

حمص

272

محمد منصور جندل الرفاعي/ طبيب معروف وابن العالم محمد جندل الرفاعي

حمص

273

محمد منيب زهري النجار

حمص

274

محمد ناصر السباعي/ طبيب معروف

حمص

275

محمد نضر الطرزي/ مهندس زراعي

حمص

276

محمود سويد/ عالم وخطيب من وجهاء حمص ورموز العمل الإسلامي

حمص

277

محمود عز الدين / عالم ومدرس تربية إسلامية

حمص

278

معروف محمود جنيد كعكة/ صيدلي معروف وابن العالم محمود جنيد

حمص

279

مهند وفائي

حمص

280

موفق عثمان الأبرش

حمص

281

نادر السلقيني

حمص

282

نبيل الصيادي

حمص

283

نصر الوفائي / مهندس صناعي وله براءة اختراعات

حمص

284

نضال طليمات

حمص

285

نور الدين المعاذ

حمص

286

وارد الرفاعي

حمص

287

وجيه شمسي باشا/ إخصائي علوم

حمص

288

وضاح الدروبي

حمص

289

يحيى نعسان ظروف

حمص

290

يوسف السقا / مهندس كهرباء معروف

حمص

291

إبراهيم الشيخ

حماة

292

أحمد عروب

حماة

293

خالد الشيخ

حماة

294

رياض جعبان

حماة

295

زياد بدر جنيد

حماة

296

عبد الكريم عمري

حماة

297

عبد المنعم النشار

حماة

298

عبد الوهاب كزكز

حماة

299

عمار النجار

حماة

300

عمر الأمين

حماة

301

غازي تويت

حماة

302

غسان عابدين

حماة

303

فوزي الكردي

حماة

304

مبين كيلاني

حماة

305

محمد ديب حمبظلي

حماة

306

محمد شريف كزكز

حماة

307

مصطفى بلال

حماة

308

ناصر الخطيب

حماة

309

ياسر فخري

حماة

310

إبراهيم أحمدو

إدلب

311

إبراهيم حميد عساف

إدلب

312

إبراهيم عاصي/ كاتب وقصاص مشهور ومن رموز العمل الإسلامي

إدلب

313

إبراهيم عبادي/ طبيب أسنان معروف

إدلب

314

أحمد إبراهيم كيالي

إدلب

315

أحمد جرود

إدلب

316

أحمد حاج حمود

إدلب

317

أحمد سعيد الشيخ

إدلب

318

أحمد عباس

إدلب

319

أحمد عمر سلوم

إدلب

320

أحمد محمد مسطو السعيد

إدلب

321

جمال أحمد حلاق

إدلب

322

حبيب عرفي الشيخ

إدلب

323

حسن أحمد حاج إبراهيم

إدلب

324

حسن خلف العباس

إدلب

325

حسين بريم

إدلب

326

حسين شرتح

إدلب

327

سعد أحمد نور

إدلب

328

صالح محمد الشيخ

إدلب

329

صلاح حاج موسى

إدلب

330

طه مصطفى السعيد

إدلب

331

عبد الباسط اللاذقاني

إدلب

332

عبد الرزاق الرضوان

إدلب

333

عبد الرزاق حسن منصور

إدلب

334

عبد الكريم النايف

إدلب

335

عبد الكريم عبد الله كيالي

إدلب

336

عبد الله النزال

إدلب

337

علاء الدين سيد عيسى

إدلب

338

علي صبحي حلاق

إدلب

339

علي عبد الرزاق الحاج علي

إدلب

340

عمر شحادة

إدلب

341

عمر صبحي حلاق

إدلب

342

عيسى زكريا الشيخ

إدلب

343

فريد أحمد قرامو

إدلب

344

محمد أحمد الخطيب

إدلب

345

محمد أحمد الشيخ

إدلب

346

محمد أحمد نور

إدلب

247

محمد البكري

إدلب

348

محمد جبارة

إدلب

349

محمد حسين الشيخ

إدلب

350

محمد حسين هاشم

إدلب

351

محمد خير شحادة

إدلب

352

محمد راجي بكور

إدلب

353

محمد رشيد عباس

إدلب

354

محمد زهدي

إدلب

355

محمد سعيد الشيخ

إدلب

356

محمد طاهر قلاع

إدلب

457

محمد عبد الفتاح

إدلب

358

محمد عبد القادر قاسمو

إدلب

359

محمد فاتح شكري نجار

إدلب

360

محمد مصطفى عبد الفتاح

إدلب

361

محمد نبهان

إدلب

362

محمد هرهوبة

إدلب

363

مرشد عبوش العباس

إدلب

364

مصطفى الخلف

إدلب

365

مصطفى الواحدي

إدلب

366

نصر البيك

إدلب

367

نور أحمد نور

إدلب

368

وليد الرضوان

إدلب

369

يونس علي قرط

إدلب

370

إبراهيم الجلبة

دير الزور

371

أحمد صلوح شطيطة

دير الزور

372

أيمن أحمد بشعان

دير الزور

373

أيمن قاسم الصالح

دير الزور

374

حسان صالح دياب

دير الزور

375

حسان طه زمزم

دير الزور

376

حميد الأسمر

دير الزور

377

خالد إبراهيم القاسم

دير الزور

378

سفيان جمال الخرابة

دير الزور

379

شكري محمود خويلدي

دير الزور

380

صبحي عبد المنعم

دير الزور

381

صلاح راشد الطراف

دير الزور

382

عامر مالود

دير الزور

383

عايش طبّاش

دير الزور

384

عبد الفتاح هباب الطعاوي

دير الزور

385

عبد الله حكمت حسن

دير الزور

386

عثمان عبد الأمير

دير الزور

387

علي الزغير

دير الزور

388

علي العكيلي

دير الزور

389

علي محمد علاوي الحمادي

دير الزور

390

قصي أحمد بشعان

دير الزور

391

ماهر صطام

دير الزور

392

ماهر نويجي

دير الزور

393

(شقيق) ماهر نويجي

دير الزور

394

محمد أيمن مصلاوي

دير الزور

395

محمد الحمدوش شطيطة

دير الزور

396

محمد حسن عكاب

دير الزور

397

محمد يوسف كمور

دير الزور

398

مروان اللجي

دير الزور

399

مصطفى جلال طعمة

دير الزور

400

مهيدي صالح العبيد العاني

دير الزور

401

نافع فلاح

دير الزور

402

نصر إبراهيم الصقر

دير الزور

403

نوري العاصي

دير الزور

404

هيثم بطاح

دير الزور

405

توفيق بركات

القامشلي

406

ضياء بركات

القامشلي

407

سليمان بسيس العربي

الميادين

 

بمناسبة يوم الوفاء الوطني لشهداء الرأي في سورية: مجزرة تدمر ذكرى حاضرة

28-حزيران-2006

من الغباء الظن بأن تعذيب السجين المعارض حتى الموت أو الإجهاز عليه فرداً أو مجموعة عزلاء .. بطولة من البطولات ، ومن الغباء الظن أن الصمت على الجريمة ، أو أن تطاول الزمن من غير حل عادل يمكن أن ينسي الجريمة بالتقادم ، ومن أغبى الغباء الظن بأن الكرسي يدوم للجالسين   عليه أو نجاة المجرمين من العقاب ، أو تضييع فرص الحل الإنساني أو المصالحة الوطنية .

   في يوم 27 حزيران تمر الذكرى السادسة والعشرون لمجزرة (تدمر) ، وهي ما تزال حية نابضة بالألم والمرارة ، كأنها اقترفت البارحة ، للطريقة التي اقترفت بها ، ولحجم الكارثة الإنسانية الوطنية ، ولاستمرار النهج الذي أفرزها ، فضلاً عن محاولات طمسها المنظمة ، ورفض معالجتها ومعالجة تداعياتها ، برغم مرور ربع قرن كامل على اقترافها .

   أما وصف المجزرة التي طبقت الآفاق في حينها فتجمله (منظمة العفو الدولية ) بقولها : في صباح يوم 27 حزيران – يونيو 1980م هبط في مطار تدمر الحربي 12 هيلوكوبتر من حماة تحمل 350 فدائياً من رجال سرايا الدفاع ، وعشرة هيلوكبترات من دمشق تحمل مئة من رجال الفيلق الأربعين للجيش السوري ومئة جندي من اللواء 138 لفرق الأمن . وصدرت التعليمات لثمانين رجلاً بالتوجه إلى سجن تدمر . وإلى عشرين بحراسة الهيلوكبترات ، وأن يقف الباقون بحالة تأهب ، وقسم الثمانون إلى وحدات ، كل منها تضم عشرة رجال ، وبمجرد أن دخلوا السجن صدرت إليهم الأوامر بقتل السجناء في زنزاناتهم وفي عنابر النوم ، ويقال إن عدد أولئك السجناء كان يتراوح بين 600و 1000 سجين . ويروى أن ذلك إجراء كان بمثابة الانتقام من هؤلاء السجناء ( وكان يشتبه في أن معظمهم من الإخوان المسلمين ) لمحاولتهم الفاشلة لاغتيال الرئيس حافظ الأسد في اليوم السابق . وعلى أثر هذه المذبحة نقلت جثث القتلى ودفنت في مقبرة كبيرة مشتركة خارج السجن . وقد ذكر الجنود السوريون الذين أُلقي القبض عليهم في الأردن بتهمة محاولة اغتيال رئيس الوزارة الأردنية ، على التلفزيون الأردني ، أنهم كانوا قد اشتركوا في تلك المذبحة ، وأعطوا بعض المعلومات عن تلك العملية . وقد تقدمت منظمة العفو الدولية إلى السلطات السورية طالبة تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول تلك الأحداث ، ولم تتلق أي جواب . (انظر تقرير المنظمة إلى حكومة الجمهورية العربية السورية – عام 1983م ص 41-42) .

   الجدير بالذكر أن عدد شهداء هذه المجزرة هو 1100 شهيد بالضبط ، وبعضهم دفن وهو حي ، وأن المحاولة المزعومة لقتل الرئيس حافظ الأسد لم يقم بها هؤلاء المعتقلون ، وأن الرئيس نفسه لم يُقتل بعد المحاولة ، وحتى لو قُتل هو فرد والذين استشهدوا بسببه ألف ويزيدون ، والفقه القانوني عند العرب والمسلمين ، كما هو في شرائع الأرض والسماء ( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) ، أي ما ذنب هؤلاء المعتقلبن إذا اقترف غيرهم جريمة ، والجريمة لم تتم على كل حال ؟

في تاريخنا العربي الإسلامي اغتيل الخليفتان الصحابيان عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وهما حاكمان شرعيان بإجماع المسلمين ، فكيف عوقب الجناة ؟ إن قاتل أمير المؤمنين عمر ، وهو أبو لؤلؤة ، وقاتل الإمام عليّ ، وهو عبد الرحمن بن ملجم ، لم تتعد العقوبة أحدهما إلى ذويهما من قوم أو تنظيم ، مع العلم أن أبا لؤلؤة فارسي ، وأن ابن ملجم من تنظيم الخوارج ، وهو حزب سياسي في ذلك الحين .

   وتتجلى فظاعة الجريمة من تحليل مفرداتها وتداعياتها . فمنظمة العفو الدولية تشير إلى أن معظم الشهداء المغدورين من الإخوان المسلمين . وللواقع والتاريخ فإن معظمهم ليس من الإخوان المسلمين إلا إذا أخذنا بآخر تعريف مبتكر للإخوان المسلمين الذي جاء به الحزبي ، عضو المؤتمر القطري أيمن عبد النور – صاحب موقع كلنا شركاء- قاله على بث (قناة الجزيرة الفضائية ) وهو كل من يعتقد بأفكار الإخوان أو يتعاطف معهم أو يحاورهم أو يتصل بهم بسبب من الأسباب التي لا ترضي أجهزة ( التأديب الحضاري جداً ) ، ولو كانوا رهائن عن إخوتهم أو أقاربهم . وعلى ضوء هذا التعريف حوكم بعض العائدين من الجالية السورية في العراق مثل جمال محمود الوفائي ومحمود حاج علي النبهان اللذين خفف حكم إعدامهما إلى 12 سنة ، والطفل مصعب الحريري لأن أباه من الإخوان بالسجن ست سنوات بعد تخفيف حكم الإعدام عليه تطبيقاً لقانون /49/ القاضي بإعدام كل منتسب لجماعة الإخوان …الصادر عام 1980 من أجل التغطية على مجزرة تدمر ومجازر المحافظات المشهورة . وعلى ضوء هذا التعريف أيضاً تم اعتقال الناشط علي العبد الله لأنه قرأ رسالة من المراقب العام علي صدر الدين البيانوني في منتدى الأتاسي ، كما اعتقلت من ثم إدارة المنتدى كلها دفعة واحدة .

الأمر الآخر التعرف على نماذج من النخبة البريئة التي ذهبت في تلك المجزرة .

نضرب على ذلك أمثلة معبرة : فمن أساتذة الجامعات الدكتور حسن محمد حسين من أصل فلسطيني ، وهو المختص الوحيد بالفيزياء النووية في سورية يوم اعتقاله ، وهو جدير أن يقتل كما يقتل اليوم علماء العراق النوويون ليرضى أصحاب مفاعل (ديمونة ) .

ومن الأدباء المبدعين إبراهيم عاصي من مدينة جسر الشغور ، صاحب خمس مجموعات قصصية متميزة ، تحله موقع الصدارة من أدباء سورية المعدودين .

ومن حلب المدرسون : مصطفى ذاكري، ومحمد أديب صالح (لغة عربية )، وعبد الرؤوف محمد، ومحمد عثمان جمال (تربية إسلامية ) ، وثانيهما صدر له كتابان ( عبد الله بن المبارك – ثورة الزنج ) ، ومهتدي كسحة عضو إدارة محلية، والطبيب زاهد داخل . ولاستشهاد الطبيب زاهد داخل قصة تفرض علينا روايتها نموذجاً لمن لم يذهبوا في المجزرة المذكورة ، وإنما في المجزرة المستمرة حيث كان يشنق مجموعات في سجن تدمر مرتين في الأسبوع ، فضلاً عن الذين يذهبون تحت التعذيب .

أيام الدراسة الجامعية في حلب كان الشهيد زاهد داخل يحمي زميلة له من تحرشات زميل من (عصابة) النظام ، فلما جاء المتحرش طبيباً لسجن تدمر انتقم من زاهد داخل بوضع عصا غليظة على رقبته ، ودوس اثنين من الجلادين على طرفيها حتى الموت – رحمه الله تعالى رحمة واسعة .

   ومن المحافظات الأخرى المهندس رياض جعمور من حماة ، والمفسر الداعية الدكتور عبد الودود يوسف من دمشق ( صاحب تفسير المؤمنين وعدد من الروايات وعضو اتحاد الأدباء ) ، والداعية المفسر محمود سويد من حمص ، والطبيب إبراهيم عبادي من إدلب . والطبيب عادل عثماني من اللاذقية الذي تمت تصفيته علناً أمام سجناء تدمر بربط إحدى ساقيه إلى سيارة جيب والأخرى إلى سيارة جيب ثانية ثم سيرهما المتعاكس حتى فسخ جسمه شقين فسخ الدجاجة .

ومن دير الزور 38 شاباً في عمر الزهور – بعضهم أطفال طلاب من المرحلة الإعدادية – اعتقلوا من تظاهرة شعبية عام 1980 ثم انقطعت أخبارهم . ذكرت أسماءهم (منظمة العفو الدولية ) في تقريرها لعام 1983م ، وأن آباءهم في تشرين الأول (أكتوبر) 1980 وجهوا رسالة مفتوحة إلى الرئيس حافظ أسد ، آملين في الحصول على معلومات عن أبنائهم ، ولكنهم لم يتلقوا أي رد ، وفي شهر أكتوبر 1981 بدأت منظمة العفو الدولية بالتحقيق في تلك (الاختفاءات) لكنها لم تتلق أية إجابة من السلطات السورية .

وبعد احتلال العراق طفت على السطح أخبار المجازر الجماعية المقترفة في العراق وتحريض المجتمع الدولي للتحقيق فيها ، ارتفعت أصوات المعارضة السورية بالتذكير بالمجازر الجماعية السورية أيضاً ، ولاسيما أن الصحفي السوري نزار نيوف كان قد قام بنفسه يوماَ ما يستكشف موقع دفن ضحايا تدمر، ولفت الأنظار إلى ذلك ، فما كان من السلطات السورية إلا أن عمدت إلى عمليات نقل العظام وتجريف الأرض وسحق الآثار المتبقية للطمس النهائي للمجزرة الرهيبة ، بدلا من محاسبة المسؤولين أو إعادة دفن الجثث بما يليق من تكريم للبشر ، أو تقديم اعتذار لذوي الضحايا البريئة ، أو إغلاق الملف وأمثاله بمصالحة وطنية تنهي هذا النهج الدموي وإلى الأبد .

والسؤال لماذا يستمر النظام الحالي في التكتم على مثل هذه المجزرة ، ويتحمل طائعاً مختاراً وزر ارتكابها مع من سبق أن ارتكبوها ، بحمايتهم والتستر عليهم ، والضرب عرض الحائط بمطالبات ذوي الضحايا ولجان حقوق الإنسان والمعارضة السورية بإنهاء هذا الملف العالق كالشوكة بل السكين في حلق الوطن والمواطنين ؟

الجواب : هو أن النهج الذي أفرز مجزرة تدمر مستمر استمرار المادة الثامنة في الدستور التي تقسم المواطنين إلى أبناء الست وأبناء الجارية جهارأ نهاراً ، ولأن النظام الذي جاء على الدبابة لا يستمر ولا يمكن أن يستمر إلا باستمرار نهج الاختطاف ، والتعذيب حتى الموت ، وارتكاب المجازر الجماعية والحرب الأهلية إذا لزم الأمر ، كما حصل في الثمانينات من القرن الماضي . وما قرارات المؤتمر العاشر للقيادة القطرية للحزب الحاكم إلا إصرار على هذا النهج ، فماذا ينتظر الشعب السوري ؟؟

   محمد الحسناوي

* كاتب سوري وعضو رابطة أدباء الشام

شهداء تدمر أيها الأبرار...!!!

زهير سالم*

يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي

اثنتان وأربعون سنة، وما تزال المجزرة حاضرة ..بل ما تزال المجازر حاضرة، هي الأصل في دنيانا، وكأننا شعب خُلق "للجزر"

ما تزال المجزرة والمجازر حاضرة ...نعيشها بكل تفاصيلها لحظة بلحظة، نتابع الصور بالعرض البطيء فنرى الأشلاء وشلالات الدماء، ونسمع الأصوات، أصوات الرجال والنساء واستغاثات الأطفال، ونخضب أكفنا بدماء الأحبة، وتغرق قلوبنا في النشيج...

شهداء تدمر ..

ولم يكن شهداء تدمر ، ومنتهكي تدمر على مدى عشرين عاما إلا عربون الكرامة والحرية دفعها أحرار أبرار نيابة عن شعب...

يقولون رحلوا، وأقول وما يزالون يعيشون معنا أو معي..

أتسخرون ؟؟!! إذا قلت لكم إنني ما أزال ألتقي بهم، وأستشيرهم كلما ضاق بي الطريق مصطفى وعثمان ذو الوجه الوضاء، وعبد الرؤوف ومهتدي وأسامة وأحمد وعصام وزاهد.. وبقية الثلة من الآلاف الأحرار، وكان الأعلم بهم من أكرمهم بلواء الشهادة!!

أسألهم واحدا واحدا كلما حزبني أمر : حزبنا من الأمر كذا وكذا .. ونحن هنا فماذا أنتم قائلون؟؟ !! وأناجيهم وأصغي إلى نجواهم، وما خرجت يوما عن رأي ارتأوه، وقرار قرروه..

أعرف أحدهم بحميته حين تبرق عيناه، والآخر ببسمته، والثالث بمكثه، والرابع بتفريعه للكلام، والخامس الذي تعود أن يبدا بقوله لا شك ثم يفيض، .أعرف أساليبهم، ونغمات أصواتهم وبصمات أعينهم حين يتألقون. أناجيهم وأستشيرهم وهم إخوة محبون مشفقون، ولكنهم، ليسوا دائما مطاوعين، ومع حبي إياهم كثيرا ما يخاصمونني ويغاضبونني لأنني أردت أمرا ، يصعب عليهم أن يتصوروه ..!!

يقول أحدهم والعين دامعة: لعلك أردتَ أن تنسانا؟؟ وتدير ظهرك إلى قضايانا؟؟ ألم نعاهد الله أن نركب الخطر معا؟؟ ألم نتحمل الأمر معا؟؟ ألم نحمل الراية معا ؟؟ ألم نعزم معا؟؟ ونسمر معا؟؟ ونبكي في ليالينا مع الله معا؟؟ ونضحك معا ؟؟ ألم نشرب الشاي معا؟؟ ونغمس الأصابع في قصعة الفول معا؟؟ ثم وثقنا بكم ... بك ومضينا...!!

حديث كنت أسمعه وما زلت أسمعه وسأظل أسمعه من كل شهيد قضى ومضى..

وتركنا على منصة الشهادة قائمين ، لعلنا نرُي ربنا هل نفي كما وفوا.أ, ننكث فنخلد إلى قبضة طين....

أيها الشهود المنتظرون أردنا يوم خرجنا أن نخرج سورية من درك بشار الأسفل، فإذا أرادوكم أن تذهبوا معهم إلى سورية في درك مجهول غير معلوم... فلا تقعدوا معهم .. ولا تذهبوا معهم وقولوا نحن مع عهد الشهداء باقون...

يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

10) الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين.

رابطة أدباء الشام- وسوم: العدد 981

مجزرة تدمر في الشعر الإسلامي المعاصر

مما لاشك فيه أن كثيرا من مآسي التي مرت بأمتنا خلال صراعها المرير مع أعدائها وخصومها؛ استطاع الشعر أن ينقلها إلى الأجيال القادمة دامية القوافي، دامعة الأحاسيس ! !

   اقرؤوا إن شئتم قصيدة أبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس، أو قصيدة ابن الرومي، وهو يرثي البصرة، أوالقصائد التي صورت مذابح التتار في بغداد ؟ ! أو الشعر الذي يتحدث عما فعله الصليبيون بيت المقدس ، وديار المسلمين !

ولعل الرندي استطاع أن يجمع المشاعر والأحاسيس التي ستنتاب قارىء هذه القصائد المؤسية ببيته الشهير :

لمثل هذا يموت القلبُ من كمد ٍ إن كان في القلب إسلام وإيمانُ

فماذا يعرف السوريون والعرب والمسلمون عن مجزرة تدمر ؟

من المفارقات – كما يقول الأستاذ محمد الحسناوي يرحمه الله، في كتابه ( تدمر المجزرة المستمرة ): أن الشعب السوري لا يعرف من تدمر إلا الوجه المظلم ،وهو ( سجن تدمر العسكري )، أما الأجانب فلا يعرفون من تدمر إلا وجهها المشرق،( آثار تدمر التاريخية) وشتان ! ! ولعل العرب والمسلمين يجهلون عن تدمر كل شيء؟ !

فما الذي جرى في سجن تدمر العسكري ؟ ولماذا بكى الشعراء، واتشح الشعر الذي قيل بالحزن والألم ؟ ؟

في الساعة الخامسة من صباح يوم 27 / 6 / 1980 . اتجهت إلى مطا ر تدمر عشر طائرات عسكرية، وعلى متنها 200 عنصر لاقتحام السجن، وقتل مَن فيه ؟ ! ! مع أوامر إلى مدير السجن والحماية بتسهيل المهمة ! وتم قتْل أكثر من ألف سجين سياسي، أكثرهم من ذوي الاتجاه الإسلامي ؟ ! بعضهم كان رهينة، وآخرون أُحيلوا خطأ، وكثير منهم لا يعرفون التهمة التي أحضروا ببسبها، وكلهم تقريبا لم يقدموا لمحاكم ،ولم تصدر في حقهم حتى ولو أحكام باطلة ............. ؟ ! وتكتم المنفذون على الجريمة! ولكن شاء الله أن تنكشف المذبحة بعد إلقاء القبض على عدد من المشاركين فيها، في الأردن، ممن أُرسلوا لاغتيال رئيس الوزراء الأردني ؟!

وهذه الحادثة التي أذهلت كل من سمع اعترافات المشاركين في تنفيذها؛ لم توقف مسلسل الذبح في ذلك السجن الذي ضمت الصحراء المحيطة به جثث الآلاف من خيرة شباب سورية الجريحة ؟ !

أَسمعْتَ بشعب يحكمه

جلادٌ يفخر بالقتل ِ ؟

بحرائر ترسف في القيد ِ؟

بالطفل يُهدَّد في المهدِ؟

أسمعتَ بأهل الأخدود

بنزيف دماء في بلدي

صبرا يا أهلَ الأخدود

فبتدمر أخدودي الأكبر ( 1)

ويتحول اسم تدمر الصحراء إلى تدمر الحمراء؛ لكثرة ما أريق فيها من دماء، ويخاطب أحد الشعراء المدينة باسمها الجديد، وهو يقصد السجن الرهيب فيها، وقد هالته الجريمة، وفجرت في نفسه كوامن الغضب :

يـا تدمر الحمراء في حلل الدم ** مـهـلا فـلا عـشنا إذا لم ننقم

فدمي يسيل على الشفاه مغاضبا يـسـري لهيبا ثائرا ملء الفم

سـنـقـيدها ناراً، لهيبا عاتيا     ثـأرا لـبيت حولوه لمأتم (2)

وفي ( غضبة الشام ) تشتد بالشاعر لواعج الحزن حين تفاجئه أخبار المذبحة، وهو لا يملك في غربته داخل وطنه سوى حسرات ودموع تفيض أشعارا حزينة وقوافي باكية:

يـا ويح قلبي ! بُغاثُ الأرض يُمطرهم   مـن حـقـده حـمما يهوي لها الجبل

ألـفٌ يـذوقـون كأسَ الموت مترعة بـالـحقد غدرا ، وهم في القيد قد قُتلوا

سَـلْ سـجـنَ تدمر عن أشبال مجزرة   فـالـسـجنُ – واللهِ – لا سجَّانه خجِلُ

هـذي الأكـف عـلى البيداء قد نُثرت غـدرا ،    وكـان لـهـا في نفعها شغل

وتـلـك أقـدامهم – والله – ما انتقلت         إلا لـخـيـر ، فـمـا لـلشر تنتعل

أمـا الـجـبـاه فـلـم تسجد لطاغية           أفـدي جـبـاهـاً لـباريها بها وجل

قـد كـفـنـوهـم بـأثـواب ممزقة     مصبوغة ، خجلتْ في زهوها الحلل(3)

وأما قصيدة (شهداء تدمر ) فهي قطعة من كبد حرَّى، فتتها الحزن والأسى، فقد مضى أحباء الشاعر، وهم يحملون شواهد غدر المتجبرين، يمضون وقد تواعدوا فيما بينهم على لقاء في جنات أعدها الله لمن قُتل في سبيله:

يا راحلين ؟ وخلفهم قلبي، وفي       خَـلَدي تقيم طيوفهم إن iiساروا

بـالأمس كنتم كالأهلة iiللورى             والآن فـي جـنـاتـكم iiأقمارُ

حـزنـي عـليكم قاتل، iiوأمرُّه           حـزن يـطـوف بأهلكم iiزوّار

هـذا الفؤاد غدا غداة َ iiرحيلكم         أضـرى غـراما ،والمحبة iiنار

أنا عشت حاديكم ، فكيف iiأحبتي     طـابـت لكم من دونيَ iiالأسفار

إنـي أَحِـنُّ إلى لقاء iiوجوهكم         ما زارني ليلٌ ، ولاح نهار ii(4)

وفي ( زهرة الصحراء ) التي بدل القاتلون ربيعها خريفاً، وأفراحها حزنا يصور أحد الشعراء عودة الجنود غير الحميدة بعد تنفيذ المجزرة ؛ وأياديهم تقطر من الدماء البريئة :

عاد الجنودُ إلى القواعد سالميْن

عادوا كما عادت جموع الفاتحين

ما حاربوا في القدس أو أرض الخليل

ما حرروا الجولان

لم يعبروا بيسان ؟ !

كلا .... ولا مروا على جبل الجليل

كانوا هنالك عند تدمر يحفرون

أخدودهم للمؤمنين ؟!!(5)

وفي ( يا لثارات تدمر ) يصور الشاعر ما حل بأولئك الرجال الأطهار، وهم في قيودهم داخل الزنازين ؛ فتنفجر أحزانه غضبا على قاتليهم :

أجريتم بالدم المهراق أودية     وأدمعا قد جرت يا ويل مجريها

هذي الدماء ستبقى نور مشعلها     فالله نوّرها لا بغي يطفيها (6)

وفي ( دع عنك تدمر ) يتوجه الشاعر إ لى الغافلين والمتغافلين , وهو يعذرهم ؟ لأنهم لا في المواجهة مع الباطل ينفعون ، ولافي البكاء على مَنْ رحلوا يشفون :

دع عـنـك تـدمـر أجسادا وأرواحا واصرف عن القلب طيف الشام إن لاحا

واضـرب بـكـل خـيـال لاتُسَرُّ iiبه     وجـه الـزمـان ، ونم كالشاة iiمرتاحا

دع عـنـك تدمر ، دع فرسان iiساحتها لايعرف الساح مَن لم يقحم الساحا (7 ii)

وأما في ( أتذكر يا عويمر ) فيقف الشاعر قرب جبل عويمر ، وقد حفر القتلة في سفحه أخاديد واسعة ، ثم حملوا الجثث لتلقى فيها ، وليصبح الجبل وما يحيط به مناطق محرمة:

عُـويـمرُ أيها الجبل الحبيبُ   ويـا قمما تضمِّخها iiالطيوبُ

مررتُ به ، وبي شوقٌ iiوحب وخوف أن يُحس بي iiالرقيبُ

أقـول : هنا أ ُحيبابي فأجثو كما   فعل المَشوقُ المستريب!

أتـذكر يا عويمرُ يوم جاؤوا       بـأحـبابي وقد برزتْ نُيوبُ.

فـأحبابي النجوم َ! وأيُّ نجم ترى قد ضمَّه الجَدَثُ الرطيب

يتذكرهم .... وهو يعرف منهم الكثيرين والكثيرين ! فلم يكونوا واحدا فيُنسى ! فكيف وهم ألف أو أكثر:

فـكـم مـن قـمـة كانوا iiعليها     تُـطـاوِل ألـفَ نـجم لا iiيغيبُ

تـعـاتـبـني ؟ وبي حزن عليهم   وكـيـف العيش بعدهمُ يَطيب ؟!

وتـعجب من همومي iiواكتئابي؟! لَعمْرُكَ ، فالسرورُ هوالعجيبُ !(8)

وتمضي هذه الكوكبة ..كما مضى غيرَها إلى جنات ونهر عند مليك مقتدر.!!

ويسرح القتلة، ويمرحون وهم معروفون بأسمائهم وأشخاصهم ومراتبهم !؟ غيرَ كبيرهم الذي عَلمهم القتل، فقد طواه الموت، وهو بين يدي جبار السماوات والأرض

وما أجمل ما قيل: بَشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حين .

رثاء في إعدامات تدمر 1985م:

وكتب الشاعر محمود الغانم الدغيم يقول:

في شهر تموز 1985 استمرت الإعدامات في تدمر وخرج من عنبر 34 الشباب التالية أسماؤهم، أعدموا في 6/7/ يوم الخميس 1985

1- رضوان عبد القادر مدللة – حماة.

2- محمد عبدو أبو زعزات – حماة

3- زاهر إدريس – من معرة النعمان ويسكن في حماة.

4- فخر فريد قطرنجي – حماة.

5- جهاد قصب باشي – حماة.

6- نذير الطحان – تل منين دمشق

وفي يوم السبت الموافق 8/7/1985 أعدم الإخوان ياسر محمود غانم، وسعيد محمود غانم، وكان أبوهم معهم في العنبر فكتبت هذه القصيدة في رثاء هؤلاء الشباب الأخيار:

سـلامـي لـلشباب مـع احـترامي     ...   أبــي زغــراد والـصـحب الـكرام

ثــلاث مــن سـنـين الـعمر مـرت     ...     وقـلـبـي بـيـن أجـنـحة الـحـمام

يـطـير مــع الـقوادم والـخوافي     ...     ويـبـقـى بـيـن خـفـقٍ وانـضـمام

يـحـلق تــارة فــي الـجـو حـتـى   ...     يـغـيـب مـرفـرفـاً بــيـن الـغـمام

وأحـيـانـاً تــحـط بــذكـر أهــلـي    ...     وعـيشٍ قـد مـضى مـثل الـمنام

وقــــد شــطـرتـه مــنــي ثــلاثـاً     ...     كــمـا وكــلـت كـــلاً فـــي مـهـام

فـشـطر فــوق تـدمـر كــل يــومٍ     ...     يـطوف فـي الرمال وفي الرمام

وذا لــمـعـرة الـنـعـمـان يــســري     ...     وآخــر قــد مـضـى نـحـو الـشآم

أبــــا زاغــــراد قـــد ودعـتـمـونا     ...     كــمـا ودعـتـمـوا شـهـر الـصـيام

تــذكـرنـا خـلـيـلي فـــي جــنـانٍ     ...     وعـنـد الله فــي أعـلـى مـقـامي

ووجـــــه دعـــــوةً لــلــه ربــــي     ...     بـقـارعـة تــحـل عــلـى الـنـظـام

وأن يـحـنوا عـلـينا فــي قـبـولٍ     ...     ونـصـرٍ ثــم فــي حـسن الـختام

أبـــا زغـــراد قـــد آلـمـت قـلـبي     ...     وجــئــت لـــه بــأنـواع الـسـقـام

سـكـنت لـلـقلب مـنـي يـا أخـانا    ...     وفي دمي جريت وفي عظامي

كـريـم الـخـلق فـيـنا والـسـجايا    ...   وذو بــأس شـديـد فـي الـجمام

وكـنـت مـن الـبراءة مـثل طـفلٍ   ...     قضى في المهد من قبل العظام

وبــيـن ضـلـوعـكم قــلـبٌ نـقـيٌ     ...     يـشـف مـن الـصفاء عـن الـغمام

لــمـاذا يــا أخــي سـافـرت عـنـا     ...     وكـيـف رغـبت عـنا فـي الـرغام

وقـــد خـلـفتني آســو جـراحـي     ...     جــراح الـقـلب والـجـد الـحطام

وهــم الـقلب فـي صـلب تـمطى     ...     وبــالأعــجــاز أردف والــســنـام

أفـكـر هــل يـطـول الـعيش هـنا     ...     بـسـجـنٍ بـالـغ الإرهــاب دامــي

وهــل يـومٌ سـتنكشف الـخطايا     ...     ونـــأخــذ بــالأعــنـة والـــزمــام

نـفـتش فـي الـقواء عـلى ألـوف     ...     بــبـطـن الــرمـل أيــقـاظ نــيـام

ونـهتف فـي سـماء الكون صوتاً     ...     شـبـاب الـمـسلمين إلــى الأمــام

أبـــا زغـــراد كـــم يــوم بـقـربي     ...     جـلست مـحلقاً في الجو سامي

تــدارســنـا كـــتــاب الله عــامــاً     ...     وبـعـض الـعـام لـتـواً بـانتظامي

إلــى يــوم بــه جــاءت شـعـوبٌ     ...     وحــالـت بـيـنـنا بــعـد انـسـجام

فـتـحـت الـقـلب لـلـقرآن حـتـى     ...     أعـيـش مـع الـثبات والاعـتصام

ومــع هــذا فـإنـي حـين أصـغي     ...     لـذكـركـم أتـــوق إلـــى الــرغـام

وقـفـت تـقـول لا تـقـرب رجــاءً     ...     لــمـن يـبـكـي وجــهـل بـالـهـمام

وتـنـقل عـن أبـي الإخـوان قـولاً     ...     عــن الـبـنا عــن الـحـسن الإمـام

وكـان خـطابكم مـن فرط طيب     ...     كـمـاء الـثـلج إذا يـهـدى لـظامي

وداعــــاً يـــا أبـــا زغـــراد إنـــي     ...     شــكــوت فـراقـكـم رب الأنـــام

أفـخـرٌ قــد خـرجـت بـكل فـخرٍ     ...     أبــــيـــاً مــســتــعـداً لــلــحـمـام

فـيـالـك مـــن أخٍ شــهـمٍ كــريـمٍ     ...     ويــالــك مـــن أخٍ قـــرمٍ هــمـام

تـفهم فـي الـجنان وفـي قـصورٍ     ...     وفــي حـورٍ أعـدت فـي الـخيام

ركــبـت مـطـيةً مــن قـبـل فـهـز     ...     عـلاها وهو ممتشق الحسام(1)

بـساحات الـوغى وقـفى شـهيداً     ...     عــلـى شـفـتـيه حـلـو الابـتـسام

بـكـيـتك يـــا أخـــي أبـــا فـريـدٍ     ...     بـدمـعٍ ســح عــن عـيني سـجام

ومــاذا عـنـك أكـتـب يــا نـذيـراً    ...     فـقـد عـقـد الـلـسان عـن الـكلام

وقـفـت بـنـا خـطيباً قـبل مـوت     ...     وتـوصي بـالفواكه والـطعام(1)

ووجـهـك مـشرق قـد شـع نـوراً     ...     يـحـاكي الـبـدر فـي لـيل الـتمام

وزاولــت الـريـاضة قــرب بــابٍ     ...     بــقـلـب ثــابــت بـــل مـسـتـهام

صـفـا فـي الله حـتى صـار نـوراً     ...     وطــهــره الإلــــه مــــن الآثــــام

أبـــا الـكـاراتيه يــا عـمـلاق تــلٍ     ...     ويـا بـطل الـنوادي والـخزام(2)

وزاهــر يـا بـن إدريـس ويـا مـن     ...     خـطـوت خـطـاً بـصدقٍ والـتزام

فـعشت مـجاهداً وقـضيت نحباً     ...     بـتـدمـر والـمـشـانق مــن قـيـام

يــعـد جـبـالها الـسـجان صـبـحاً     ...     ويـحـكـمـهـا بــعــزمٍ واهــتـمـام

إذا عـــزم الـشـباب أشــد وقـعـاً     ...     عـلى الأعـداء مـن وقـع الحسام

جــهـادٌ يــابـن قـصـباشي تـقـبل    ...     تـحـيـاتي فــروحـي فــي هـيـام

فـقبل الـسجن كـنت فـتىً جهادٍ     ...     وفي نيسان ثرت على اللئام(3)

وبـعـد الـسجن كـنت فـتى وداد     ...     وتــوصــي بـالـمـحـبة والـنـظـام

وكـم مـن لـطمةٍ قـد ذقـت منهم     ...     وكـــم صـفـعوا بـحـقدٍ وانـتـقام

ويـا رضـوان قـد جـاهدت حتى     ...     بـلـغـت إلـــى الـنـهـاية والـمـرام

وكـنت بـنا خـفيف الـظل سمحاً     ...     وعـــذب الـــروح تـدعـو لـلـوئام

مـثـالك كـوكـب الأسـحـار يـبدو     ...     قـصـيراً ثـم يـوغل فـي الـظلام

وحـبب أبـيك يـا رضـوان فـخراً     ...     بـأنـك سـرت فـي ركـب الـعظام

وأنــت الآن فــي الـجنات تـحيا     ...     مـــع الأبـــرار والــرهـط الـكـرام

تـطـوف عـليكم الـغلمان تـشقي     ...     ورضـــــوان يـــحــي بــالـسـلام

ويــاسـر يــابـن غــانـم يــا أبـيـاً     ...     ويـــا بـطـل الـمـعامع والـصـدام

إذا عــجـز الـبـيـان فـــلا تـلـمني     ...     وهــل شــيءٌ عـلـي مــن الـملام

وأمــــواج الــبــلاء تــعـب حــبـاً     ...     عـلـيـنـا مـثـلـما مــطـر الــزحـام

فـلا الـخسناء قـد مـأشا بـهيئتنا     ...     ولا أسـمـاء فــي الـبيت الـحرام

ولا نـــيــرون مــثـلـهـم بــدومــا     ...     وفـــرعــون تــصــدر لـلـخـصـام

سـعـيـد يـــا أخـــي ويـــا أخــاه     ...     تـركـت أبــاك مـضـطرب الـمـنام

ونحن على فراقكم إليه                                  كأنا قد شربنا من مرام

أيا يا ابن الجموح(1) كفاك صبراً     ...     فـكـم واجـهت مـن حـرب عـظام

ســلام الله وقـفـا يــا يــا رفـاقي     ...     عـلـيـكم لا يــكـف عـلـى الــدوام

شـبـاب قــد تــردى فــي حـتوفٍ     ...     عــلـى أيـــد الـبـهائم والـسـواهم

وماله من مثيل غير صحب                الرسول المصطفى من ألف عام

وسوم: العدد 814

وكتب محمود الغانم الدغيم قصيدة أخرى كتبها في سجن تدمر في نهاية عام 1982 وخلال عام 1983

صــبــراً عــلــى حــكــم الإلـــه الــعـادل   الـــحـــربــات مـــقـــيــداً بـــســـلاســل

فـــي الـسـجن والـجـلاد يـلـهب ظـهـره     مــــــن دون ســـتـــر أو رداء فـــاصـــل

يــــا ســجـن تــدمـر والـحـيـاة مــريـرة     ..والــرعـب فــيـك يـزيـل عـقـل الـعـاقل

والـــجــوع فــيــك مــخـطـط ومــقــرر     .فــطــعــامـنـا لا يـــرتــجــي لـــقــلائــل

فــيــك الــحـلاقـة مــنـتـه عـــن ديـنـنـا ...والـــمــوت يــصــبـح غــايــة لـلـسـائـل

أمـــــــا الـــحــمــام فـــإنـــه حــمــامـنـا     ..والـقـلـب يــعـدو فــي الـصـدور كـتـفل

والــقـلـب يــجــأر بـالـدعـاء ويـشـتـكي   ... وقــع الـسـياط عـلـى الـجـسوم كـوابل

والــبـردفـيـك مـــــن الــنـوافـذ قــــادم   ...فــــي شــهــر كــانــون كــسـهـم قــاتـل

والــحــر فــــي تــمــوز كـــان مـصـيـبة   ..يـربـو عـلـى جـلـد الـسـياط لأرجـل(5)

والـــكــل يــســعـى لــلــهـواء مــلــوحـاً   إمـــــــا بــبــشـكـيـر وإمـــــــا بـــعـــازل

أمــــــــا الــتــنــفــس لا أراه تــنــفــســا     بــــل قــطــع أنــفــاس بــرعــب قــائـل

عــنــد الـتـفـقـد يـصـفـعـون وجــوهـنـا   .. بـمـقـابـض الأيــــدي وبــســط أنــامــل

أمــــا انـتـبـه فــهـو الـجـديـد بـسـجـننا   ... وخـــلال أشـــواط الـتـنـفس نـصـطـلي

نـــار الـسـيـاط مـــن الـمـساعد والألــى   مـــــن حــولــه ومــــن الــرقـيـب الأول

أمـــــــا الــشــتــاء تــمــضــه بـــمـــرارة   .مـتـرقـبـين طــلـوع فــجـر عــاجـل(6)

لا أنـــســى يــومــاً والــطـعـام أمــامـنـا ...عـــنــد الــمـسـاء وبــابـنـا لــــم يــقـفـل

والــلــيـل خـــيــم والــمــنـام مـصـيـبـة     والــصـبـح إن يــأتــي فـلـيـس بـأمـثـل

الـبـعـض مــنـا مـفـطـر حــيـث انـتـهـى . والــبـعـض مــنــا صــائــم لــــم يــأكــل

زاروا الــعــنــابــر والــــزيـــارة مـــــــرة   وأتـــــت بـــألــوان الـــعــذاب لـنـبـتـلي

يــــا رب فــارحــم ضـعـفـنـا ورجــاءنــا     وارحـــم بـتـدمر كــل شـهـم بـاسـل(7)

وارحــــم بــتـدمـر كــــل أروع مــاجــد     مــــن عــالــم ومــهـنـدس أو صـيـدلـي

أو عـــامــل يــســعـى بــقــوت عــيـالـه   .. في الحقل أو في السوق أو في المعمل

وارحــــم طـبـيـبـاً فـــي ثـــراه مـعـذبـاً   ..قـــــد فـــــاز بـــيــن رفـــاقــه بــــالأول

وأتــــــى لــيــنـفـع شــعــبــه وبــــــلاده ..فــمــشـى بــلــيـل راســـفــاً بــسـلاسـل

وكـــذا يــجـازى الـعـلـم فـــي أوطـانـنا ...وبـــأمــة رضـــيــت بــحـكـم الــسـافـل

يــــا حــافـظـاً أنــــت الـخـيـانـة كــلـهـا .. ولـبـسـت بـيـن الـنـاس ثــوب مـنـاضل

فــمـضـى الــشـبـاب وفــرقــوه بــقــوة . بـــل صــدعـوا بـالـحق صــرح الـبـاطل

حـــتـــى إذا دار الـــزمـــان ونــكــسـت   .رايـات ظـلمك فـي الـحضيض الأسـفل

ومــشـى بـــك الإخــوان مـكـتوفاً إلــى   . ســــاح الــعـدالـة لـلـقـصـاص الــعــادل

لا تـــحـــزنــن ولا تــــكـــن مــتــعـجـبـاً   .فــكـمـا تــديــن تـــدان يــابـن الـفـاعـل

ربـــــاه هـــــذا الــلـيـل خــيــم حــقـبـة   ..فــمـتـى يــــزول الـظـالـمون ويـنـجـلي

ومــتـى سـنـحـيا آمـنـيـن مـــع الـتـقـى   ...لا قــيــد ســجــان وصــــوت ســلاسـل

عــشـرون عـامـاً مــن حـكـومة حـزبـهم فـرضـوا عـلـى الـشـرفاء حـظـر تـجـول

عــاثــوا فــسـاداً فـــي الــبـلاد وأهـلـهـا   ..بــل قـيـدوا فــي الـجيش كـل مـناضل

أو ســـرحـــوه فــأصــبـحـت قــواتــهــا .تــمــضـي بــأمــر الـخـائـنـين وتـبـتـلـي

حــــرب الـهـزيـمـة صــيـروهـا نــكـسـة . بــــل صــفـقـة مــــن حــاكـم مـتـعـامل

ربــــــاه قـــــد تــقــنـا لـــرؤيــة رايـــــة   تــعــلـو بـتـحـكـيـم الــكـتـاب الــمـنـزل

فــمـتـى سـتـحـقـق والـجـنـود تـحـفـها ...مـــــــن حـــامـــد ومــكــبــر ومــهــلــل

الله أكــــبــــر والــــرســـول زعــيــمــنـا ...هـــذا نـشـيـد الـجـيـل فــي الـمـستقبل

ربــــــاه أســــــأل والـــســؤال عـــبــادة ..أيـــحــول حـــــول لــلـنـظـام الــعــادل

مـــن بــعـد مــا فـعـلوه فــي أم الـفـداء ..مـــــن الـتـعـسـف والــخــراب الــهـائـل

كــــم فــيــك يـــا أم الــفـداء مـصـائـب   قـــد عــيـل صــبـري نـحـوها وتـجـملي

قـــد خـلـفـوا فـيـك الـدمـار وضـاعـفوا ...عـــدد الـيـتـامى فــي حـضـون أرامــل

كـــم مـسـجـد خـــرت مــآذنـه ضــحـى   بــمـدافـع الـبـاغـي وكـــم مـــن مــنـزل

أيـــن الــذيـن قـضـوا بـأرضـك نـحـبهم . تــحـت الــركـام مـــن الـشـيوخ الـعـزل

أمــــــا الــشــبـاب فـــهــذه أخــبــارهـم . مــــا بــيــن مــقـتـول وبــيــن مــضـلـل

كــــم حـــرة فــقـدت شــريـك حـيـاتـها ..وحــــلاوة الأيــــام مــــن بــعــد تــدلـل

أمـــــــا الــبــقــيـة والــبــقــيـة مـــــــرة صــــاروا كــسـكـان الــبــوادي الــرحـل

كـــم مــن فـتـاة عـريـت فــي حـذوهـا   . والــوجـه يـحـكـي الــبـدر بـعـد تـكـامل

تــغـضـي حــيــاء والــحـجـاب يـزيـنـها   .وتـهـيـم فــي الـشـرف الـرفـيع الأمـثـل

دخـــل الـجـنـود وسـاومـوهـا عـرضـهـا .بــســفــاهــة وخــــلاعــــة وتـــحـــلــل

صـــرفـــت بـــكــاء تـسـتـغـيـث ربـــهــا   ومــضــى الـلـقـيـط بـفـعـله الـمـتـراذل

قــد ضــاق تـعـبيري وضـقـت بـخـطبها .ذرعـــــاً وأعــيــانـي الـــكــلام كــبـاقـل

يــــا أخــــت أنــدلــس عــلـيـك تـحـيـة ..حــطــمـت آمـــــال الــشــبـاب الآمــــل

أهـــديـــك يـــــا أم الـــفــداء بــشــائـراً   بــالــعـز والإزهـــــار فــــي الـمـسـتـقبل

وسـمـعـت عـــن طــفـل تـهـشـم رأســه   ألـــقــاه أجــنــاد الــسـرايـا مــــن عــــل

بـحـمـاة فــي جـسـر الـشـغور بـسـرمدا   واســـأل سـراقـب عــن شـبـاب راحــل

كــــانـــوا كـــأزهـــار تــــــرف بـــربـــوة هـــبــت عــلـيـهـا ريـــــح لــيــل ألــيــل

فـــإذا رطــاب غـصـونها قــد صـوحـت   نـــحـــو الـــذبــول وأي زهـــــر ذابـــــل

صــــبـــراً ســـراقـــب لــلــزمــان دواره   والــلـيـل يــطــرده الـصـبـاح فـيـنـجلي

بــمــعـرة الــنـعـمـان كـــانــت صـــفــوة   مــمـن تــجـل مـــن الـشـبـاب الـفـاضـل

هـذا هـو الـدكتور حسني(8) قد مضى     والـعـنـفـليص ولا تــســل عـــن كــامـل

ومــضـى شـبـاب الـجـامعات مـضـيهم     فـخـلـت مـعـرتـنا مـــن الـشـهب الألــي

كـــانـــوا بــشــائــر نــهــضــة ديــنــيــة   وعــلـيـهـم الآمــــال فــــي الـمـسـتـقبل

والآن لا أدري إلــــــى أيــــــن انــتــهـوا   أو كـــيــف حـالـتـهـم غــــدت فــتـأمـل

وخــرجـت مـنـهـا ســائـلاً هـــل قــريـة     سـلـمـت ولـــم تـنـكـب فــلـم أتـحـصـل

هــــذي مـفـرشـمـتي وتــــي تـلـمـسـني   ..ومـعـوشـريـن وعــــن سـلـيـم فــاسـأل

أو مــعــصـران وجــرجــنـاز فــحــدثـن   عـــن خــطـب كـــل مـنـهما واسـتـعجل

نــحــو الـتـمـانـعة الــتـي قـــد أقـفـلـت     أبـــــواب مــسـجـدهـا بــقــفـل أثـــقــل

أو قــريــة الــغـدفـا وكـــم طــفـل بــهـا     يــبـكـي ويـبـكـيـن بــكــاء الأرمـــل(9)

وإذا قــصـدت مــعـر تـحـرمـا فـالـتمس   أخــبــارهـا وارجـــــع إلـــــى كـفـرنـبـل

واذهـــب إلـــى جــسـر الـشـغور وقــف   عـلـى جـثـمان طـفـل بـالـحراب مـهلهل

يـــا جــسـر أيــن نـجـومك الـغـر وأيــن   الــبــدر كــــان مـشـتـعـشاً لــــم يــأفــل

أمــا الـكـواكب فــي الـمـعار قــد هـوت     والـسـجـن مــأوى مــن بـهـا لــم يـقـتل

والـبـدر فــي الـصـحراء غـاب مـضمخاً     .هـــذا الــجـواب وقــد عـلـمت فـسـجل

اســمــع نــدائــي يــــا أخــــا الإســــلام     فـــــــي كـــــــل الــمــواطــن وانـــقـــل

أخـــبــار طــاغـيـة الــــدروز وجــيـشـه     ولــــواء جــيــش بـالـحـمى مـسـتـبسل

هـجـموا عـلـى جـسـر الـشغور وهـدموا ...أحـــيــاءهــا بــحــمــيـة الــمـسـتـقـتـل

فــكــأنـهـم زنــــــج تــهــاجــم بـــصــرة ويـفـوتـهـا صــــور بـشـعـر مـــن عــلـي

وخــرجـت مـــن جـسـر الـشـغور مـيـماً   .حـلـبـا لأحــصـى كـــم ضـحـايا الـقـاتل

ووقـفـت فــي أحــد الـشـوارع مـصغياً   .فـسـمـعت مـــن بــعـد صـــراخ مـولـول

فــهــرعـت مـلـهـوفـاً لأكــشــف ســــره وإذا بــــجـــيـــش دارع مـــتـــســربــل

عــــدد الــمـعـارك يـسـتـبـيح صــراحـة   .حــــي الـمـشـارقـة الــتــي لـــم يـكـمـل

أفـــراحــه بــالـعـيـد حـــتــى داهــمــوا   سـبـعـيـن بــيـتـاً كــالـوحـوش وأثــكـل

إنـــي ظـلـمـتك يـــا وحـــوش مــعـذرة   ..مـــنــي إلــيــك فـسـامـحـيني واقــبــل

فــوجـدتـهـم ســبـعـيـن زادوا عـــشــرة جــمـعـوهـم مـــــن ســاحــة ومــنــازل

وزهــيــر مــشــروق يــبـارك خـطـوهـم .إن الـــحــذاء مــــن الــمـكـان بــأسـفـل

أمــــا أريــحـا قـــد غــزوهـا يـــا أخـــي وجـــبــال زاويـــــة غــــدت كـالـمـعـقل

مـــلأوا قـــرى الـجـبـل الأشــم مـفـارزاً .وفــصـائـل الــوحــدات إثــــر فـصـائـل

والــطــائـرات تــحــوم فــــي أجــوائــه .تــلــقــي جـــنــودا كــالــجـراد الآكـــــل

خـمـسـون مـعـتـقلاً أتـــوا مــن سـرجـة   واسـتـشـهـد الــزيــدان خــيــر مـقـاتـل

فـــي شــهـر أيــلـول الــذي هـتـكوا بــه حــجـب الـنـساء وتـلـك بـعـض مـهـازل

قـــــام الــنــظـام بــهــا يــريــد تــقـدمـاً     .أهـــو الـتـقـدم كــشـف شــعـر مــسـدل

والـــبــازبــور واحـــســـم وبــســامــس   لاقــــت مـــن الــويـلات مــالـم تـجـهـل

هـــذه نــمـاذج مـــن ضـحـايـا ظـلـمـهم     الــمــسـتـبـدا الـمـسـتـطـيـر الــشــامــل

والـــلاذقـــيــة ودعــــــــت أبـــنـــاءهــا   وإمـــامـــهــا وبـــذكـــرهــم فــتــعــلــل

لا بــالــسـرور فــقــد مــضــت أوقــاتــه   لــكــن بــدفــع مــثــل مــــاء الــمـرجـل

لــم يـبـق فــي طــول الـبـلاد وعـرضها   مــــــن قـــريـــة ومــديــنـة أو مـــنــزل

إلا أصــيــبــت فـــــي أعـــــز شــبـابـهـا الــطــيــبـيـن الــطــاهــريــن الـــكــمــل

بـــــل إن جـبـهـتـنا الـقـديـمـة ألــغـيـت     وتـــحــولــت بــســلاحــهـا لـــلــداخــل

أجــــل عــلــى عــهـد الـيـهـودي الـــذي   ضـــرب الـعـروبـة فــي ثـيـاب مـنـاضل

والـــكـــل والــمــقـصـود مــــــن هـــــذا   هــو الإســلام فـاصح يـا أخـي لا تـغفل

في سجن تدمر:

وكتب محمود الغانم الدغيم يصف سجن تدمر الرهيب:

تـــذكـــرت الــمــنــازل والـــديــار     ...   وجــيــرانـاً لـــنــا كــانــوا خــيــار

ومـا عـيش الـسجين سـوى قيودٍ     ...       يــكــبـل فــيــهـا لـــيــلاً أو نــهــار

ويـحـجب نـاظـريه عـصابٍ جـلدٍ       ...     فــــلا يــــدري يـمـيـنـاً أو يــســار

إذا قــــــال الــحـقـيـقـة كـــذبــوه       ...     وقــيــل مــــراوغ يـبـغـي الــفـرار

وإن يـشـهـد عــلـى رجـــلٍ بــريء     ...     يــصـيـر مـصـدقـاً حـيـنـاً وجـــارا

غـــدا الـسـجـان أسـتـاذ بـسـجني    ...     وصــــار الـعـالـمـون بــــه صــغـار

وصـــار الـمـجرمون رجــال أمــن     ...     فـفـاقـوا فـــي جـريـمـتهم قـــدار

خـشيت الشيب في رأسي وقلبي       ...     مـــن الأهــوال يـعـتصر اعـتـصار

وأقـــــــدامٌ تــقــرحـهـا ســـيـــاطٌ     ...     وظــهـرٌ أبــيـض يـحـكي احـمـرار

وأهـــوالٌ يـــذوب الـقـلـب مـنـهـا     ...     وضــرب لا أطـيـق لــه اصـطـباط

أيــا يــوم الـخميس وكـنت يـوماً    ...     مـــريـــراً لا يـــقــدر أو يـــجــارى

بــكـى أهــلـي لـحـالي واعـتـقالي   ...     ومــا يـغـني الـبكاء عـن الأسـارى

وعـــاش الأهـــل أعـوامـاً صـعـاباً     ...   وبــــات الأقــربــاء لــنــا حــيـارى

وعـاش الـناس فـي حـالات رعبٍ     ...   وذاع الــخـوف وانـتـشر انـتـشارا

إلـــهــي فـــــرج الــكـربـات عــنــا     ...     وأبــــدل لـيـلـنـا الــداجــي نــهـار

فــــإن خـصـومـنا قـــد طـوقـونـا   ...     ولــفــوا حـــول دعـوتـنـا ســـوارا

وعــاثـوا فـــي مـسـاجـد فــسـاداً     ...     فــأيـن الـطـيـر تـرمـيهم حـجـارة

وتـجـعلهم هـشـيماً مـثـل جـيـشٍ       ...     مــن الأحـبـاش نـحو الـبيت سـار

لـيـصرف وجـهـة الـحـجاج عـنـها     ...   إلــــى ديــــرٍ تــقـدسـه الـنـصـارى

بـــلاد الـكـفـر تـحـيـا فـــي أمــانٍ     ...     ولا أرى فـيـهـا خـلـفـاً واشـتـجارا

لأن رجــالــهــا عـــاشـــوا إلــيــهـا     ...   ومـــــا كــانــوا ســمـاسـرةً كــبــار

تــبـاهـوا فـــي بــلادهـم وبــاهـوا     ...    شعوب الأرض وافتخروا افتخارا

فـعـاشـوا فـــي مـنـاصـبهم أمـانـاً     ...     ومـــا خــافـوا اغـتـيالا وانـفـجارا

ودنــيـا الــعـرب طـوحـها خــلاف     ...     تـحـلـيـه خــطــة الأعــــداء نـــارا

عـصـابة عـسـكر حـكـموا بــلادي     ...     وســمـوا نـكـسـة الـــذل انـتـصارا

وبـــاعــوا أرضـــنــا بـدريـهـمـات     ...   لإسـرائـيـل واحـتـرمـوا الــجـوارا

حـــزيـــران يــجــرعـنـا أســــــاه     ...     بـــذكـــراه الألــيــمــة والـــمــرارة

وجـبـهـتنا الـمـنـيعة فــي ذراهــا     ...    سـتـبقى فــي جـبين الـبعث عـاراً

تـكـلـف جـيـشـنا عـشـرين عـامـاً     ...     يـشـيد الـحـصن يـتـبعه الـمضارة

فـراحـت فــي سـويـعات قـصـاء     ...     وولــــوا ظــهـرهـم عـنـهـا فـــراراً

أذاعــــوا مـــن إذاعـتـهـم بــلاغـاً     ...     بــــه انــهــارت عـزائـمـنا انـهـيـارا

قــيـنـطـرة يــطـوقـهـا الأعـــــادي   ...     فـأصـلـوهم فــؤوسـا أو حــجـارة

فـمـهـلاً يــا طـغـاة الـبـعث مـهـلاً     ...     فــــإن حـروبـكـم كــانـت تــجـارة

ضـمـائـركم يــعـف الـــدود عـنـهـا     ...     ويــأبــى أن تــكــون لــــه قـــرارا

ولـــو فـيـكـم قـلـيـل مـــن حـيـاء     ...     لــمــتــم وانــتــحـرتـم انــتــحـارا

لـمـنـظـر لاجـــئ يـحـكـي بـكـائـر     ...     يــؤجـج فــي ضـمـير الـحـر نــارا

يـسـير مــن الـمصيبة فـي ذهـول     ...     أيـبـكي الأهــل أم يـبـكي الـديـارا

أيـبـكـي الـطـفـل مـبـغـوماً بـمـهـد    ...     أيــبـكـي الأم تـتـبـعـها الــعــذارى

ديـــــار هــاجــر الــكـسـان مــنـهـا     ...     فــصــارت بــعـد سـاكـنـها قــفـارا

مـتـى سـيزول حـزب الـبعث عـنا     ...     ويــدرك مـن صـروف الـدهر ثـارا

ونــطـرد مــن بــلاد الـشـام حـزبـاً     ...     بــأرض الـشـام قــد لـعـب الـقمارا

وروع أهــلــهـا وعـــــدا عــلـيـهـم     ...     ولـــم يـرحـم شـيـوخاً أو صـغـاراً

فــكـم مـــن نــائـم قـــد أيـقـظـوه     ...     وكــــان الــحـلـم غــازلــه فــطـارا

ووســــنـــان يـــداعــبــه كــــــراه     ...     تــنــبـه فـــجــأة فــــرأى ســــوارا

جــنــود فـــي ظـهـورهـم ســـلاح     ...     يـحـيـطـون الــمـنـازل والــديــارا

وســـاروا فــيـه تـبـكـيه الـبـواكي     ...     وقـــلــب الأم يـنـفـطـر انــفـطـاراً

وزوجــــتـــه يـــؤرقــهــا مـــنـــام     ... فـــــلا تـــرتــاح لـــيــلاً أو نــهــاراً

وكـــم مــن طـالـب قــد خـرجـوه     ...     ووالــــده يــــذوب لــــه انـتـظـارا

عــسـى ولــعـل تـسـعـده الـلـيالي     ...     ويـقـطـف مـــن دراســتـه ثــمـارا

مـضى لـلسجن يـرسف فـي قيود     ...    وعــيــن أبــيــه تــذرفــه غــــزارا

وكــم طـفـل سـيـسأل عــن أبـيـه     ...     وحــسـب الـسـامـعين بــه مــرارا

تــقـول الأم مــهـلاً يـــا صـغـيـري     ...     فـــإن أبـــاك نـحـو الـمـوت ســارا

شـهـيداً فــي سـبـيل الله أضـحى         ...     جــنــان الــخـلـد نــادتــه فــطـارا

هـوى صـرح الـخيانة فـي بـلادي     ...   كـــمـــا أن الـــزمــان عــلــيـه دارا

وولــــى غــيــر مــأســوف عـلـيـه     ...     إلــــى قــبــر سـيـتـعـر اســتـعـارا

جـــهـــنــم داره ولـــــــه مــــهـــاد     ...     وحــسـبـه أن تــكـون لـــه قـــراراً

لـعـمـري كـــم أذاق الـنـاس رعـبـاً     ...     وهــاجــم بــلـدة وقـــرى صــغـارا

ودبــابــاتــه تـــطـــوي الــصــيـاخ    ...     لــتــهـدم مــسـجـد أو تــــدك دارا

وقـــريــة مــعــصـران لا تــسـلـهـا     ...     فــقــد حــيـلـت مـنـازلـهـا دمـــارا

ديــار مــن بـنـي الـعباس(2) قـفر     ...     أحــالــوا رهــــج زيـنـتـهـا غــبـارا

ألــوف الـنـاس يـقـتل فــي حـماة     ...     ويـهـتـك عـــرض عــذراء جـهـارا

لـيـبـقـى مـنـصـب وعـلـيـه قـــزم   ...   وحـسـبي كـم نـظرت لـه احـتقارا

وشـعـب حـمـاة بـعد قـديم مـجد         ...    تـضـيـق بـــه الـفـسيحة انـتـشارا

مــشــردة تــفـتـش عــــن أبــيـهـا     ...   ولا تــــدري أبــاهــم أيـــن صـــارا

وعــاريـة تـسـيـر بـنـصـف ثـــوب     ...    وتــسـأل مـــن سـيـمنحها سـتـارا

حــمــاة الــيــوم بــرلـيـن قـديـمـا     ...    وفــاقــتـهـا بــمـنـظـرهـا مـــــرارا

فــــلا تــذكــر بـجـانـبـهم مــغــولا     ...     ولا تـــذكـــر بــجـانـبـهـم تـــتـــارا

فـــدون أيــهـا الـتـاريـخ واكــتـب     ...     ولا تــخـجـل إذا ســطــرت عـــارا

عـــــدو كـــافــر بــالــديـن نــــذل     ...    وعــــري مـــن دعــاتـه فـاسـتـثار

سـتـمضي خـلفك الـلعنات تـجري     ...   تـــرددهــا الأرامـــــل والــعــذارى

يـــرددهــا فــقـيـر كــــان يــــأوي     ...     إلـــى بــيـت بـعـثـت لـــه الــدمـار

وأمـــس لاجــئـا مـــن بــعـد عـــز     ...     ويـسـأل فــي أهـالـي الـريف دارا

لــيـسـكـن فــيـهـا والــــده وأقــــا     ...     ومــرضــقـة وأطـــفــالا صـــغــارا

جــويـفـظ لا أراك ســـوى سـلـيـل     ...     لـبـيـت فـــي الـخـيانة لا يـجـارى

مـنـحـتـهـم بــتـشـريـن أراضــــي     ...     وســمــيـت الــهـزيـمـة انــتـصـارا

وصــــرت الـقـنـيـطرة بـــاب رزق     ... وصـــار خـرابـهـا الـمـبـكي فــرار

وحــيـن مـجـيء مـسـؤول غـنـي     ...     تـــــزف بـــــه لـعـورتـكـم زيــــارة

إلــــى تــلــك الــتـي أشـبـعـتموها     ...     مــســاومــة وتــهــريـجـا وعـــــار

لـيـنـظـر نــحـوكـم بـقـلـيل مـــال     ...     ومـثـلـك فــي الـتـسول لا يـبـارى

جـعـلـتم مــن خـيـانتكم صـمـوداً     ...     ورفــضـا يـــا أصــابـع غـولـدمـارا

ومـــا لـلـصـدق عـنـدكـم نـصـيب     ...     وقـــول الــزور لا يـحـمي الـذمـار

وإعــــلام لــكــم أمــــس خــبـيـزاً     ...     بــفـن الـكـذب واشـتـهر اشـتـهارا

وتـقـطـع نــشـرة الأخـبـار شـوطـاً     ...     عــن الـسـيد الـرئـيس وأيـن طـار

وكــيـف اسـتـقبل الـمـذكور وفــد     ...     ومـــن حـضـر الــوداع أو الـمـطار

فــيــا حــــراس قـبـلـتـنا أفـيـقـوا     ...     وكـــفـــوا أعــطـيـاتـكـم الــكــبـار

عــن الـنـذل الـخـؤون وجـارسين     ...     فــإن الـصخر فـي بـلدي اسـتجار

وصــارا الـعيش فـي بـلدي عـزيزا     ...     لــمــن يــهـوى الـتـديـن والــوقـار

وخــفـض الـعـيـش أدركـــه زنــاة     ...     قــرامــطـة نــصـيـريـة ســـكــارى

أتــــى غــــورو لـسـوريـا فـكـانـوا     ...     لـــه أجــنـاد صــدق حـيـث ســارا

ويـــوم جــلـت فـرنـسـا ودعـوهـا     ...     ودمــــع الـعـيـن يـنـهـمر انـهـمـارا

وتـــل الـزعـتـر الـمـحـزون فـسـاد     ...     كــأنــه لــــم يــكـن يــومـاً ديـــارا

أحـــالــوه تـــــلالا مـــــن تـــــراب     ...     لـكي يـرضوا الـيهود مع النصارى

فـلـسـطين كــفـاك بــهـم خــداعـا     ...     وأقــصـد شـعـبـك الـمـصلي نــارا

وتــدمـر قــد غــدت قـبـراً لـجـيل       ...     تــربـى فــي الـمـساجد واسـتـنارا

ولــــولا دعــــوة الإســــلام فـيـنـا     ...     وقـــــــــرآن نـــرتـــلـــه نــــهــــارا

وإيــــمـــان بـــــــأن الــنــصــر آت     ...     وأن الــلــيـل قــــد ولــــد الــنـهـار

وأن الله مــمــهــلــهــم قـــلـــيـــلا       ...     لــيــأخـذهـم بـــعـــز واقـــتـــدارا

لـحـطـمـت الـنـفـوس بــمـا رأتـــه     ...     ولاقــتــه احـتـسـابـا واصــطـبـارا

شهداء مجزرة سجن تدمر ( ٢٨ حزيران ١٩٨٠ ):

وكتب يحيى حاج يحيى يقول: "عويمر جبل قرب تدمر، في سفحه حفر المجرمون أخاديد كبيرة قبل يوم المذبحة، ثم حملت جثث الشهداء لتُلقى فيها!! وأصبح الجبل وما يحيط به مناطق محرمة لا يقترب منها أحد".

"عـويمرُ" أيـها الـجبلُ الحبيبُ     ...     ويــا قـمـماً تـضمّخها الـطيوبُ

مـررتُ بـه، وبـي شـوقٌ وحـبٌ     ...     وخـوفٌ أن يـحسّ بي الرقيبُ

أقــولُ هـنـا أحَـيْـبابي فـأجـثو       ...     كـما فـعلَ الـمشوقُ المستريبُ

تـركتُ بـه دمـوع الـعين تجري     ...     ولو أنصفتُ قلت: هي النحيبُ

أتـذكرُ "يـا عويمرُ" يوم جاؤوا     ...     بـأحـبابي وقــد بــرزتْ نُـيـوبُ

وحُـدّدتِ الـمخالبُ، واستبانت   ...     ضـغـائـنهم، وأجـجـها اللهيــبُ

رَمـوهم بـالسفوح، وهـم ذُراها   ...     فــمُـزّقـتِ الـحَـنـايا والـقـلـوبُ

فـكـم مــن قـمـةٍ كـانـوا عـلـيها   ...     تـطـاولُ ألــفَ نـجـم لا يـغـيبُ

فــمـعـذرةَ الــثـريـا والـعـوالـي   ...     قــريـبٌ حـدُّهـم مـنـها قـريـبُ

فـأحـبابي الـنـجوم، وأيّ نـجمٍ   ...     تُرى، قد ضمّه الجدث الرطيبُ

أتـدمرُ! يـا جناناً في الصحارى    ...     بـهم أورقـتِ واخـضلَّ الكثيبُ

يـعـاتـبـني، وبـــي هـــمٌّ وغـــمٌ     ...   عـلى الأحـزانِ ذو عـقل أريـبُ

وأُقـسم إنّ حـزني فـي ازديـادٍ       ...     وعـيـشي بـعـدهم أبـداً كـئيبُ

فـلـستُ أذوق لـلأفـراح طـعـماً     ...     وكـيف الـعيشُ بـعدهم يطيبُ

أتـعجبُ من همومي واكتئابي     ...     لـعمركَ، فـالسرورُ هـو العجيبُ

وسوم: العدد 934

شهداء تدمر أيها الأبرار:

كتبها سليم زنجير، ولحنها أبو دجانة

شـهـداءَ تـدمـر، أيـها الأبرارُ ..      مـا حـيـلـتي إن جُنّت الأوتارُ؟

فالجرح أكبر من جميل الصبر، من .دنـيـا الـشعور، ودونه الأشعارُ

هـذي لحونُ القلبِ، بعثرها الهوى .. والـحـزنُ والثاراتُ والأوطارُ

يا مـن أراكم في الخيال حقيقة ..    لا الموت يرهبكم، ولا الأخطارُ

تتضاحكون مهنئين نفوسكم ..              بشهادة يشتاقها الأحرارُ

والحمدُ فوق شفاهكم أغرودة ..        والنار فوق رؤوسكم أمطارُ

والأرض أقفاص الهداة، تكسرت .. أبـوابـهـن، فـفـرّت الأطيارُ

ومضت إلى باب السماء تدقّه  ..    ولـهـا عـلـيه من النجوم نثارُ

صـبّـوا دمـاءكـم عـليهم لعنة ..    لا لا، فـإن جـسـومـهم أوضارُ

ودم الـشهيد إذا تسرّب في الثرى .. فـالـصخر يُورق، والتراب يُزارُ

فـإذا الـربـيـع أتى عليه أحاله        .. روضـاً أقـلّ ثـمـاره الـثوارُ

يـا راحـلين، وخلفهم قلبي، وفي .. خـَلَـدي تـقيم طيوفهم إن ساروا

بـالأمـس كـنتم كالأهلة للورى      .. والآن فـي جـنـاتـكـم أقـمارُ

حـزنـي عـلـيـكم قاتل، وأمرُّه ..    حـزنٌ يـطـوف بـأهلكم زوارُ

فـلـقـد سعدتم في الجنان وأهلكم .. لـهـمُ مـن الـشجن المقدس دارُ

مـن كـل أرمـلـة وثكلى قلبها  ..   صـبـر، ودمـع عـيونها مدرارُ

أو طـفـلـة فقدت أخاها أو فتى ..   يـبـكـي أبًا، فيهيجني استعبارُ

فـإذا حـيـيتُ ثأرتُ، أو فعزاؤهم    .. مـوتـي، فـمـاذا أيها الأقدارُ؟

أقسمت لو أدركت من عمري المُنى .. ألا أمــوتَ وفـي فـؤادي ثـارُ

شـهـداءَ تـدمر إخوتي وأحبتي .. أيـنَ الـحـديثُ العذبُ والأخبارُ؟

مـاذا عـن الجنات؟ ما أسرارها .. وقـصـورها؟ ما العطرُ والأنهارُ؟

مـاذا؟ أحـقـاً إنـهـا بـقدومكم .. ضـحـكتْ على ربَواتها الأزهارُ؟

فـإذا الأحـبـة والـملائك محفلٌ .. كـالـسـحر، يشدو عبره السمّارُ

هـذا الـفـؤاد غـدا غداة رحيلكم .. أضـرى غـرامـاً، والمحبة نارُ

أنـا عـشت حاديكم، فكيف أحبتي .. طـابـت لـكم من دوني الأسفارُ؟

إنـي أحـنّ إلـى لـقاء وجوهكم .. مـا زارنـي لـيـلي، ولاح نهارُ

رحم الله شهداء تدمر، ولعنة الله على القتلة المجرمين.

مصادر البحث:

1-موقع رابطة أدباء الشام.

2-الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين .

3-تدمر شاهد ومشهود: محمد سليم حماد.

4-القوقعة: خليفة.

5-خمس دقائق في السجون السورية: هبة الدباغ.

6-لأنهم قالوا لا : محمد عادل فارس.

7-تراتيل على أسوار تدمر: ديوان يحيى بشير حاج يحيى.

8- منظمة حقوق الإنسان السورية.

9-نقطة انتهى التحقيق.

10- مواقع الكترونية أخرى.

هوامش:

1) ملحمة تراتيل على أسوار تدمر ص49

2) ديوان حروف من رصاص ص15

3) المجزرة المستمرة ص96

4) المجزرة المستمرة ص89

5) المجزرة المستمرة ص91

6) المجزرة المستمرة ص92

7) المجزرة المستمرة ص95

8) ديوان حروف على درب الخلود ( مخطوط ) .

9) رابطة أدباء الشام: وسوم: العدد 780

10) قصائد محمود الدغيم رابطة أدباء الشام.

وسوم: العدد 1035