توترات جديدة في عفرين شمال سوريا بين فصائل المعارضة عنوانها المهجرون

قالت مصادر محلية إن رتلاً عسكرياً تابعا لهيئة «تحرير الشام» توجه لمعسكر ترندة وقرية قرزيحل بريف عفرين مطلع الأسبوع الفائت، كما شهدت قرى وبلدات مريمين وأناب ومحيط مدينة معبطلي استنفارا عسكريا لفرقة السلطان سليمان شاه وفرقة الحمزة التابعتين للجيش الوطني من جهة، ومقاتلين من جناح يوسف الحموي المعروف باسم «أبو سليمان الحموي» في حركة أحرار الشام من جهة أخرى.

وكان إنذار فرقة السلطان سليمان شاه 14 عائلة من مدينة حماة لإخلاء منازل يقطوننها في ناحية معبطلي بريف عفرين، قد تسبب بتوتر الأجواء بريف حلب الشمالي وحشودات عسكرية لسليمان شاه وحركة «أحرار الشام» بقيادة يوسف الحموي «أبو سليمان» من جهة أخرى.

وبدأت التوترات بين الطرفين في 19حزيران (يونيو) عندما نشرت فرقة «السلطان سليمان شاه» عدة حواجز تفتيش، بحثاً عن مطلوبين لها من «حركة أحرار الشام» في مدينة معبطلي وقرية حسية، حسب ما ورد عن نشطاء محليين حينها، وبنفس الوقت أنذرت «سليمان شاه» التي يقودها محمد الجاسم الشهير بلقب «أبو عمشة» عدة عوائل نازحة من محافظة حماة لإخلاء المنازل التي يعيشون فيها في كل من معبطلي وحسية شمالي عفرين وأمهلتهم ثلاثة أيام حتى 22 حزيران (يونيو) لإتمام الإخلاء من المنطقة. وحسب روايات أخرى أمهلت الفرقة المذكورة العائلات حتى 26 حزيران (يونيو) لإخلاء منازلهم.

وأضاف النشطاء، أن وفداً من أعيان محافظة حماة، مثل العائلات النازحة المهددة بالإخلاء والتقى بقيادي ناحية معبطلي «أبو سراج» وهو شقيق قائد فرقة «السلطان سليمان شاه» محمد الجاسم أبو عمشة، واتفق الطرفان على عدة بنود من أبرزها عدم دخول عناصر تابعين لحركة أحرار الشام بقيادة «أبو سليمان الحموي» إلى معبطلي بأسلحتهم، وعدم تعرضهم لأي طرف في الناحية، والموافقة على إقامتهم بها كمدنيين فقط.

ويعود سبب تدخل «أحرار الشام» الإسلامية في قضية معبطلي لانتماء أبناء هذه العوائل للحركة بجناحها الذي عزل عامر الشيخ كقائد للأحرار، وعين بدلا منه يوسف الحموي أبو سليمان، ويمثل هذا الجناح كتلة «لواء الإيمان» الذي ينحدر معظم عناصره من محافظة حماة، ومن منطقة الغاب على وجه الخصوص، الأمر الذي يمكن ربطه بتحالفات سابقة بين «سليمان شاه» وهيئة «تحرير الشام» من جهة، وبين العلاقات المتينة بين جناح «أبو سليمان الحموي» في أحرار الشام، والفيلق الثالث في الجيش الوطني، وحالة المواجهات بين الطرفين نهاية العام الماضي، وما أسفر عنها من تمدد هيئة تحرير الشام باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني في عفرين واعزاز.

بدوره قال مدير المكتب القانوني في فرقة السلطان سليمان شاه، أكرم جنيد، ن قضية معبطلي «تم تأويلها من قبل بعض المنتفعين من الفوضى، وتفاجئنا بالحشد الإعلامي المدبر من عدد من عناصر أحرار الشام المفصولين من الحركة بسبب غلوهم».

وأضاف جنيد، أن أمرا من النيابة وشرطة ناحية معبطلي بإخلاء عدة منازل تسكنها عائلات نازحة من محافظة حماة، بعد عودة أصحابها لها، قوبل بإشهار عناصر مفصولين من الحركة أسلحتهم في الأسواق وأمام المدارس في فترة الامتحانات لترهيب أصحاب المنازل، الأمر الذي دفع قيادة فرقة السلطان سليمان شاه للتدخل بعد مطالبات الأهالي قيادة الفرقة بحمايتهم واستعادة منازلهم.

وعن سؤال حول المستجدات ومستقبل التوترات الأخيرة، أجاب جنيد بأن فرقة سليمان شاه لن تسمح بالمساس بحقوق وممتلكات سكان المنطقة، كما أنها لن تسمح بأي اعتداء يمكن أن يمس المهجرين لمنطقة عفرين، وبنفس الوقت ستقف في وجه من وصفهم بـ «المتسببين بالفوضى ممن ينتهج الغلو والتكفير».

وحول الاتفاق بين قيادة فرقة سليمان شاه ممثلة بـ «أبو سراج» شقيق أبو عمشة، وأعيان ووجهاء من محافظة حماة قال مدير المكتب القانوني في الفرقة إنه لم يتم توقيع أي اتفاق على الشكل المروج من قبل المفصولين من «أحرار الشام» مشيرا إلى أن الاتفاق بني على أساس إخراج المتسببين في الفوضى من المناطق التي تسيطر عليها الفرقة، وبناء على طلب من وجهاء وأهالي ناحية معبطلي.

الجدير بالذكر، ان المعقل الرئيسي لفرقة «السلطان سليمان شاه» هو منطقة الشيخ حديد في عفرين، وأحكمت سيطرتها على ناحية معبطلي في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي بعد المواجهات بين تحالف هيئة «تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقا) وفرقة الحمزة وسليمان شاه من جهة، والفيلق الثالث التابع للجيش الوطني والذي تعتبر «الجبهة الشامية» عموده الفقري إضافة إلى «جيش الإسلام» من جهة أخرى، الأمر الذي يمكن ان يكون هو دافع فرقة «سليمان شاه» لإجلاء كافة العناصر المرتبطة بالفيلق الثالث، وإخلاء المنطقة من أي كيانات يعتبرها «أبو عمشة» معادية لفرقته.

بالمقابل، أفاد مسؤول في أحرار الشام من جناح «أبو سليمان الحموي» ، بتصميم الحركة على حماية المدنيين النازحين من حماة، ممن «تهددهم عناصر أبو عمشة، ولن نسمح بإخراج أي عائلة» مؤكدا على أن الحركة لديها من القوة ما يكفي لحماية «المهجرين المستضعفين».

وأشار المسؤول إلى أن فرقة «سليمان شاه» تنتهج سياسة التهجير والإقصاء في ناحية معبطلي، مستنسخة تجربتها في الشيخ حديد، لافتا إلى أن قيادة «سليمان شاه» ممثلة بقائدها العام محمد الجاسم أبو عمشة، مارست خلال الفترة الأخيرة سياسات تهجير كان آخرها إخراج عائلات من الغوطة الشرقية كانت تقطن في منازل فارغة في قرى مريمين وأناب وبلدة معبطلي.

وربط المصدر ذاته بين ما تفعله فرقة «سليمان شاه» في عفرين والسياسة المنتهجة من قبل «تحرير الشام» والمتمثلة في التضييق على العائلات الحموية النازحة والمهجرة في إدلب، معتبرا ان التصعيد الأخير من قبل «سليمان شاه» ضد المهجرين في معبطلي، امتداد لحملة الاعتقالات التي شنها جهاز الأمن العام في «تحرير الشام» ضد شخصيات ثورية مهجرة من محافظة حماة.

وتتزامن التطورات الأخيرة المرتبطة بالمهجرين من محافظة حماة في مناطق سيطرة فرقة «سليمان شاه» مع حملة اعتقالات واسعة شنتها «تحرير الشام» طالت شخصيات وأعيان المحافظة ذاتها، وكان آخرها اعتقال جهاز الأمن العام التابع للهيئة الملازم المنشق محمد النعسان، والمنحدر من قرية الحويز في سهل الغاب، وشهم العلوان من أعيان حماة خلال اجتماعه مع أمنيين في الهيئة.

والمعبطلي أشهر نواحي منطقة عفرين وتقطنها غالبية علوية من الأكراد السوريين ويعتبر كانتون عفرين أحد المناطق الثلاث التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي عام 2016 وسيطرت وحدات «حماية الشعب «الكردية وهي الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي منذ عام 2012. وشن الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية هجوما على منطقة عفرين في إطار تفاهمات أستانة بين تركيا وروسيا انتهت بطرد المقاتلين الأكراد من منطقة عفرين في آذار 2018 وأدت إلى موجة تهجير كبيرة للمدنيين الأكراد، وترافقت السيطرة مع عملية نهب وسرقة قامت بها أغلب فصائل المعارضة السورية لمنطقة عفرين وانتقدت المؤسسات الحقوقية الدولية العملية العسكرية ووثقت الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين وأملاكهم.

وسوم: العدد 1040