على هامش مؤتمر القمّة (العربية) في الرياض: أوضح من صحراء الرُّبع الخالي!..
من مُستلزمات (سوق عكاظ) الذي نعرف وتعرفون، أن يتمتّعَ رُوّادُهُ بأعلى درجات العِلم والوضوح، والفهم ونفاذ البصيرة.. ما يساعد على اختيار أفضل القصائد، التي تحمل فيما بعد اسم: (الـمُـعَلَّقة)!..
(أسواق عكاظ) في القرن الحادي والعشرين الذي -للأسف- نعيش فيه.. أمرٌ مختلف، بالطعم والنكهة، والشكل واللون، والعَبَق والرائحة!.. فعبقريات هذا القرن، لا تستحقّ أن تُعلِّق نتاجها فحسب، بل أن تُعَلَّق (أي العبقريات إيّاها) كما هي.. اختصاراً للوقت، في عصر السرعة الفائقة، والحركة الدائمة!..
* * *
عندما يَسأل أحدُ المهتمّين (عَيْناً) من أصحاب العبقريات [على أساس أنّ (سِيناً) أصبحت من مخلّفات القرن العشرين الماضي].. يسأله عن رأيه في القضية الإسلامية المركزيّة الساخنة التي يبحثون فيها، باعتباره أحد الأركان المهمة للمؤتمر العتيد، مُـمَثِّلاً عن دولته العصماء الشمّاء.. يجيبُ العَينُ بتصريحه المقتضب:
(كانت الأمور واضحةً تماماً، وهو أفضل مؤتمرٍ منذ عقودٍ طويلة، لما تمتّع به من تضامنٍ حقيقيٍ، وحِرصٍ على الأمن الوطنيّ والقوميّ العربيّ والإسلاميّ، وأهم من ذلك، ما كان من وضوحٍ في الرؤية والهدف.. فالوضوح أساس كل شيءٍ في مثل هذه المؤتمرات)!..
إذا تجرّأ المهتمُّ أو مندوبُ وكالة الأنباء أكثر، وتقدّم بخالص رجائه لسيادته أن يُفسّر كلامه، ويوضّح حديثه، عن الوضوح في الرؤية المشترَكة للأخطار الصهيونية والاستعمارية الغربية المحدقة بالأمّة والوطن، يقول لك وللجماهير التي تسمعه وتشاهده عبر الأثير:
(بما أنَّ انعقاد المؤتمر، لأنّ الظروف، لكن عندما يجتمع، فلا بدّ، من أن، لـِما لذلك، ليس عند الأشقّاء السوريين والفلسطينيين والعراقيين واليمنيين!.. وعندما، لا يحسن، بهم وبنا، إلا أن نعبّر!.. فالارتياح التام!.. أما قضية، اجتمعنا، فالخطر لم يعد قائماً، ولا يمكن أن نقبل، لأنّ إطلاق.. لم يكن!.. أما المبرّرات، لذلك لا يعني بالطبع، إلا إذا، كان الذي!.. ونأسف على ما، وسنُعطي فرصةً أخرى، لأنّ المفاوضات والحلّ السّلْميّ، فهو لا يمكن إلا، لأنّه ليس، ما، لم، لن، كم، هو!.. كيف إذا، حصل.. وشكراً)!..
* * *
وبما أنّ كلّ مَن يستمع إلى التوضيح الواضح للغاية، كوضوح السياسة السورية ولجنة المفاوضات، واللجنة الدستورية، وسياسة الإصلاح بكل أنواعه وأحجامه ومقاساته وأصوله وفروعه، التي لا يفهمها إلا عباقرة حلّ الألغاز السحرية، وصناديد الأجهزة الساهرة على أمن وطننا ومواطنينا وتُرابنا الوطنيّ، من أخطار: فيروس قرار مجلس الأمن الدوْلي رقم (2254) والقرار (242) الخاص بفلسطين، وجائحة الديمقراطية، ووباء الحريات العامة، وعدوى حقوق الإنسان، ونسمات جبل قاسيون، وهَبّات بشار وبوتين وخامنئي (الخميني سابقاً)، والفتحة الجغرافية لحمص، وقلعة حلب وباب توما.. بما أنّ كل مَن يستمع إلى ذلك التوضيح الواضح للغاية.. قد وقف مذهولاً، لاندهاشه بتلك (الرائعة)، من روائع (سوق عكاظ) المعاصر، المنعقد في أروقة الجامعة العربية (رحمها الله)، أو في أروقة المؤتمر الإسلاميّ الاستعراضيّ (طيّب الله ثراه)، أو في أي قاعةٍ من قاعات مؤتمرات المقاومة الوطنية الداخلية للمؤامرة الكونية، أو مَزاد وبازار مجلس الشعب (شفاهم الله وعافاهم أجمعين).. فإنّ (عَيْناً) آخر من أهل المؤتمر العتيد، تأخذه الحماسة، لتوضيح ما وضّحه (عَيْنٌ) الأول، بأسلوبٍ واضحٍ، بعد أن قرأ بوضوحِ حَدْسِهِ، في عيون المعجَبين المذهولين المندهشين.. أنّ (بعضاً) مما قاله زميله الواضح، يحتاج إلى (وسائل إيضاح)!.. فيقول (أي عَيْنٌ الثاني) مُكملاً مُفسِّراً شارحاً مُوَضِّحاً:
(لا شك أنّ سيادته، كان يقصد، لكنني للتوضيح، ودون لَبْسٍ، لا يمكن لي إلا.. فهو، لأنّ فلسطين، والجولان، وثورات ما عُرِفَ بالربيع العربيّ، والقضايا العراقية واللبنانية واليمنية، لا بل، لأنّ، كنت، قد وافقنا، بالإجماع.. ولن ننتظر، خمسة.. ستة.. عشرة!.. لا بأس، فهو إجماع، نعم إجماع!.. وأربع مئة مليون عربي، والمجتمع، لأنّ العنصرية، كما قلت، وقال، ولم يقل، ما كان قد قيل، فالقول.. لعلّ.. أنّ.. عسى!.. والعدوان على غزّة، هو عدوان على كل أقطار الأرض الطولية والعرضية، إلى أبعد نقطةٍ من درب التبّان!.. ومن لم يعجبه، فليخرج إلى البحر، ثم ليشرب نصفه على الأقل، وليُقَطِّر النصف الثاني منه!.. لأنّ الوضوح -كما تعلمون- مثل الإصلاح السياسيّ أو الاقتصاديّ.. لا يُرى بالعين المجرّدة!.. بل بالرنين المغناطيسيّ، والطنين الديماغوجيّ، والفرجار النوويّ!.. ومَن لم يُصدّق فليذهب إلى درب التبّان أو إلى آلاسكا وصحراء نيفادا، بوسيلته الخاصة، ليتحقّق بنفسه من صحة نظرياتنا!.. ولسنا مسؤولين عن الأضرار، وكالعادة: لا نضمن الأمن ولا السلامة!.. وبارك الله بكم، والعاقبة لأصحاب الحِكمة وضَبْطِ الـنَّــفْسِ والــنَّفـَسْ)!..
* * *
ثمّ ينصرف (عَيْنٌ) الأول مع (عَيْنٍ) الثاني، إلى قاعة (العينات)، وسط عاصفةٍ من (الذهول) و(الإعجاب)، ليلحقا بركبهم (أي بركب العينات)، الذين يُوَجّهون كلماتهم (الواضحة) عبر الأثير، إلى كلّ مكانٍ في الأرض، وأحياناً في بعض الكواكب الأخرى (حين توافر المترجمين الأكفياء)!..
بينما ينصرف كلُّ (مَذهولٍ) أو (مُندهشٍ)، ممّن شخصت أبصارهم، نتيجة استمتاعهم بفنّ (الوضوح والتوضيح)!.. ينصرف كلّ منهم، مُتَحَسِّساً (عقلَه) هذه المرة، وليس (عُنُقَه) أو (رأسَه) كما جرت عليه العادة الوطنية والقومية، طوال أكثر من نصف قرنٍ بالتمام والكمال!..
وسوم: العدد 1058