ليسوا علماء وليسوا دعاة

سبحان الله ! ما هؤلاء الناس؟ أي خلْق هذا؟ من أين تخرجوا؟ هل لهؤلاء المتدينين قلوب تنبض؟...

 لا يحركهم تطبيع أنظمة الخليج مع الصهاينة وإقامة قداس لهم وبناء كنيس يهودي في جزيرة العرب، كأن الأمر لا يعنيهم بل يدافعون عن كل هذا بشراسة ويلعنون منتقديه، لا يحركهم سجن العلماء والدعاة الأبرياء ولا موتُهم في سجون الأنظمة العربية المتصهينة، لا يترحمون حتى مجرد الترحم عليهم ولا على أي عالم أو مجاهد مات موتا طبيعيا أو استشهد مثل القائد اسماعيل هنية، حرموا الترحم حتى على الشيخ أبو عبد السلام والشيخ محمد الطاهر آيت علجت والشيخ القرضاوي وغيرهم على أساس أن الغيرة الدينية هي التي تحركهم، وكذبوا،  ففي نفس الوقت يصطفون مع الظلمة ويدعون لهم بطول العمر، يلصقون أبشع التهم بدعاة الإصلاح رغم سلميتهم ، ويطلقون عليهم أقذر الصفات ويجعلون من تمام عبادة الله التسليم لأصحاب الفساد والمجون الذين أنهكوا الأمة وأفقروها وجعلوها شرّ أمة، أي دين هذا؟ أتُلغَى العقول إلى هذه الدرجة؟ أتقسو القلوب هكذا؟ أتُظلِم النفوس حتى تعمى؟ لا أقول هل هؤلاء مسلمون بل أقول أهؤلاء بشر؟ الأنظمة العربية الوظيفية  تقف مع اليونان ضد تركيا، ومع الهند ضد باكستان، ومع الصهاينة ضد المسلمين، ومع الصين ضد الإيغور، ومع ميانمار ضد الروهينغا، أفلا يرى هذا أتباعُها؟ ألا تتحرك ضمائرهم؟ لا، الاسلام ليس مخدرا، ويجب أن نقولها بملء أفواهنا وبصوت مرتفع جدا: هؤلاء لا يمثلون الإسلام بل قد شوهوه وأساؤوا إليه حين جعلوه مطية للصهاينة والظالمين لإذلال الأمة والفساد في الأرض.

أين شيوخهم من كل هذا؟ بل هم الذين أطعموهم هذا العلقم وأشربوهم بغض المسلمين المجاهدين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الناطقين بكلمة الحق ضد الرذيلة والانحراف الديني والسلوكي والتلاعب بمصالح الأمة ومستقبلها، لماذا يشتغلون فقط بالعيوب والنقائص الحقيقية أو المزعومة في الصف الإسلامي ويضخمونها ويرمون العلماء العاملين والدعاة المجتهدين بأقبح الأوصاف في حين يتغاضون عن الكبائر والموبقات في صف الحكام وهيئاتهم الرسمية؟ أماتت ضمائرهم؟ فمن علامات موت الضمير أن تظهر كل مهاراتك في النقد والهجاء والتشفي في المظلوم المسجون أو المهجر المكلوم، بينما لا تجرؤ على قول كلمة واحدة للظالم المتجبر، وأنت تعلم أنك تعين الظالم على ظلمه بموقفك...أليس هذا ما تعلمناه جميعا من كتب ابن تيمية وابن القيم وابن عبد السلام وغيرهم؟

كنا نعرفهم ونحذر منهم حتى كشفهم طوفان الأقصى وهتك أستارهم وكشف عوراتهم، فما زالوا إلى اليوم يسخرون من المقاومة ويقزمون إنجازاتها ويحرمون الدعاء للمجاهدين في غزة في حين يضخمون قبائح العدو الصهيوني ويهوّلونها ويعدونها قدر الله الذي لا يُرد، بل يباركون العدوان على "أصحاب العقائد الفاسدة" !!! لكننا نتفهمهم، فقد أخزاهم الواقع وأظهر نفاقهم وبيّن أن العقيدة والتوحيد والسلف ليست عندهم سوى سلعة بائخة وذريعة لتسويق إسلام آخر غير الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم...إنهم يمارسون تزييف رهيبا لنفسية وعقلية الشباب باسم السلف وهم يعملون على التمكين للطاغوت العلماني، وترسيخ الرؤية العلمانية، وإبقاء المسلمين خاضعين خانعين، مع التوكيد لأتباعهم المغفلين  أن الدعاء خيار استراتيجي وحيد في عملية التغيير المنشود...ومع ذلك هو دعاء انتقائي !!!

إنهم ليسوا علماء وليسوا دعاة... يقول الشيخ أشرف عبد المنعم: "الداعية حين يتشاغل عن قضايا الأمة المصيرية كالخلافة الغائبة، والشريعة المحارَبَة، والمقدسات المحتلة، والثغور الملتهبة، وغيرها من النوازل الكبرى، ويرضى فقط باللعب في حدود المسموح به والآمن، كقصة رقيقة، وموعظة لطيفة، وقضية وهمية يحارب فيها أعداء منقرضين، أو أطلال أعداء لا يمثلون التحدي الأخطر على الأمة حالياً، ونحوها.. يمارس انتحاراً دعويا.

والداعية حين لا يكون صوتاً للحق، ونصرة للمظلوم، بل ينتقل ليكون تشويشاً على الحق، ولو بتدليس هو دون الكذب الصريح، وينتقل إلى تسويغ ظلم، ولو بأوهى تأويل، ويهمل المظلوم في أحسن أحواله، ويجلده في أسوئها، حين يفعل ذلك، يمارس انتحاراً دعوياً."

وعذرا لغزة وأهلها المرابطين، فمن المفروض أن العدو المحتل الغاصب يُردع بالجهاد وليس بالدعاء، وأن نصرة أهل غزة تكون بتسيير الجيوش وليس بجمع التبرعات...فما أتعس حالنا ونحن نعيش في ظل تقسيم سايكس- بيكو وإلغاء الخلافة، وفينا من هو مبتهج بهذا الضعف ويدافع عنه بقوة وحماس.

وسوم: العدد 1091