بعد مذبحة جيت وأخواتها: كل الاحترام للجيش الإسرائيلي المجرم
كم هو سهل إصابة الإسرائيليين بالصدمة من فظائع المستوطنين! لا ذنب لنا في ذلك. وهم لا يمثلون إسرائيل. هم الأعشاب الضارة الواقعة على هامش المعسكر. الآن، وهذه حقيقة، الجميع يتملصون. سمع صوت السياسيين في جوقة تنديدات، وحتى وسائل الإعلام تتظاهر بأنها مصابة بالصدمة، وهي حتى تكلف نفسها عناء النشر عن ذلك، هذا أمر لا يصدق. في أوقات جميلة بشكل خاص، ربما كان سيتم اعتقال شخص مشاغب أو اثنين مدة ساعة أو ساعتين. ويبدو التطرق إلى جرائم المستوطنين متألقاً لامعاً أمام إخفاء جرائم الجيش. فجأة، أصبح من المسموح رؤية الضحية، وفجأة أصبح من المسموح إدانة المجرم.
لكن جرائم المستوطنين ستصبح ناصعة مثل الثلج أمام جرائم الجيش. في قرى جيت وحوارة وقصرا وفي جبل الخليل وفي شمال غور الأردن، يعيش الناس في حالة رعب. ولكن مقابل ما يفعله الجيش في غزة والضفة الغربية، بدت أعمال شغب المستوطنين كأنها مخيم صيفي مخيف، لكنه مخيم صيفي. المذبحة التي حدثت في جيت، ينفذها الجيش يومياً على صيغة أكثر فتكاً في مخيمات اللاجئين في طولكرم وجنين ونابلس، وبالطبع في غزة. كل يوم مذبحة، لكن المستوطنين هم الذين يتسببون بالصدمة. اعتبر ما حدث في جيت صدمة، أما قتل 100 من النازحين في مدرسة في غزة فقد اعتبر أمراً مملاً. الصدمة من المستوطنين مصطنعة وتثير الاشمئزاز؛ فهي تنقل كل مشاعر الذنب المكبوتة إلى الهامش وتتملص من المسؤولية.
عندما يتم النظر إلى عملية تدهور الأخلاق التي لا يمكن وصفها، التي تمر فيها إسرائيل في الأشهر العشرة الأخيرة، نرى أن الجيش هو المذنب في معظم الجرائم، حتى في مذبحة جيت. فلو قام بدوره لما حدثت مذبحة. من يعرف كيف يقوم بتفريق المظاهرات أو أي احتجاج للفلسطينيين، يستطيع الوقوف جانباً أو يؤيد المذابح التي يرتكبها اليهود. هذه سياسة وليس خطأ. هذا توجه وليس خطأ. ولكن حتى عندما يكون من الواضح أن الجيش هو المذنب في مذبحة جيت، فلا أحد يهب لإدانته. لأن الجيش هو نحن، ونحن لم نكن في جيت، ولا ذنب لنا في أعمال الشغب التي حدثت فيها. نحن إسرائيل الجميلة، وهم المجانين أصحاب السوالف الطويلة والقبعات الكبيرة. سبط آخر، سبط يهودا. نحن من إسرائيل، أيدينا طاهرة.
“سديه تيمان” هي الجيش، والدروع البشرية هم الجيش، والتصفيات هي الجيش، والـ 40 ألف قتيل هم الجيش؛ وتدمير غزة هو الجيش، والحواجز الوحشية في الضفة هي الجيش؛ وقتل التوائم أبناء الثلاثة أيام مع أمهم وجدتهم في حين ذهب الأب لاستصدار شهادة الميلاد، هم الجيش؛ والاستخدام المتزايد للمسيرات من أجل القتل في الضفة أيضاً هو الجيش؛ والطيارون ورجال المدافع والمدرعات والجرافات والكلاب هم الجيش، هم أبناؤنا، وكل واحد يمشي في الشارع أو يسافر في السيارة له صلة بشكل ما. هم الذين يرتكبون معظم جرائم إسرائيل، وليس رجال العصابات من مزرعة “رونين” أو من يرتدون الزي العسكري من مزرعة “جلعاد”.
معسكر الاحتجاج بالذات غير مستعد لرؤية كل ذلك. اليمين مسرور من كل مشهد إجرامي ضد الفلسطينيين. هم يشبعون مشاعر الانتقام والتعطش للدماء. ولكن معسكر الاحتجاج ليس هكذا، هو إنساني وأخلاقي. انظروا كيف أصيب بالصدمة من جيت وأخواتها. هذا المعسكر لا يتنكر لجرائم الجيش، بل يستمر في سجوده له.
في اليوم التالي لجيت، وهي مذبحة من المذابح الأكثر خطورة والتي جبت حياة شخص بريء والذي لن يتم تقديم قاتله للمحاكمة يوماً ما، يجب النظر إلى الصورة الكاملة. نتنياهو هو الرئيس وهو المذنب، وجميع المستوطنين مخالفون للقانون، لكن توجد فوق كل ذلك غيمة سوداء تغطيهم، أي جيش الدفاع الإسرائيلي. هو الرأس الحقيقي للجريمة وهو المذنب. نحن نواصل السجود له وتجاهل ما يفعله؛ هم أبناؤنا، وقادتهم معلمونا، وجرائمهم لا أحد مستعدا لإدانتها، وحتى غير مستعد لإحصائها. كل الاحترام للجيش الإسرائيلي [ المجرم]إلى الأبد.
وسوم: العدد 1091