فلسطين المحتلّة كما يراها جزائري بجواز سفر بريطاني

أوّلا: مقدّمة القارئ المتتبّع الذي مازال يقدّر إخوانه الفلسطينيين:

Akli Ourad : "DE LONDRE À JERUSALEM, Terreur promise", Editions CASBAH, Octobre 2024, Alger, ALGÉRIE, Contient 160 Pages.

تكمن أهمية الكتاب في كونه صادر من جزائري ولو كان يحمل الجنسية البريطانية. لأنّ الجزائري منبوذ حين يزور الأراضي المحتلّة. ويصنّف ضمن #الحركى_الجدد . ولذلك تجد الكاتب يردّد أنّه زار فلسطين المحتلّة من إنجلترا وليس فرنسا حتّى يبعد عن نفسه تهمة العمل، والرضا بالعلاقات مع الصهاينة.

تطرّق الكاتب لجزئيات بسيطة. لكنّها في غاية الدّقة وتعبّر بحقّ عن حقيقة الاحتلال، والحياة المريرة الصّعبة التي يعانيها إخواننا الفلسطينيين بشكل يومي، ومنذ عقود من الاحتلال.

استطاع الكاتب ولمدّة أسبوع قضاها في فلسطين المحتلّة أن يقدّم صورة صادقة، ومريرة عن الاحتلال.

صدق الكاتب في مقارنة الاحتلال الصهيوني بالاستدمار الفرنسي للجزائر سنوات 1830-1962. وقد قلتها مرارا -وما زلت-: من أراد أن يعرف حقيقة المحتلّ لفلسطين فليقرأ عن الاستدمار الفرنسي للجزائر. لأنّهما توأم في الاحتلال، والإبادة، والنّهب، والتّهجير، والنّسف، والرّدم، والتّمييز العنصري، وادّعاء "الحضارة"، والحرمان.

الغرب وغيره من الذين يقيمون علاقات مع المحتلّ هم الذين يدفعون ثمن الحراسة، والسّهر، والتّكاليف الأمنية الباهظة لحماية شركة الطيران الصهيونية "العال".

ثانيا: متن الكتاب:

الغرب الذي يتخلى عن أبنائه إرضاء للصهاينة:

وقفت في صفحة 28 عند حقيقة العلاقة القائمة بين الغربي، والمحتلّ والتي يعبّر عنها بجلاء المدير العام الإنجليزي لمكتب الدراسات GIBB-Partners:

حين كلّفه بمهمّة الذهاب إلى المحتلّ بتاريخ جوان 1999، وضمن نتائج اتفاقية أوسلو قصد تشييد الطرقات بفلسطين المحتلّة. باعتباره مهندس في الهندسة المدنية. وبعدما وافق على السّفر. قال له المدير العام وحسب ترجمتي، وبالحرف:

"فرحت كثيرا بقبولك لهذه المهمّة، لكن هل يمكنك إمضاء هذا التعهد الذي يلغي مسؤولية الشركة في حالة ما حدث لك شيء؟ أنت تعرف، أكلي، فلسطين تمثّل مخاطر".

أقول: الغرب يقولها، ويعمل بها: "شعب الله المختار!" غير معني بالعقوبات. لأنّه خلقه "إلهه" ليعاقب غيره لا ليعاقبه غيره. والعرب من الذين أقاموا العلاقات معه يعلمون ذلك، وينفذون التعليمات على أبنائهم وبافتخار.

شركة العال الصهيونية هي الأغلى تكلفة في العالم:

قال الكاتب: شركة العال الصهيونية هي الأغلى في العالم من حيث التّكلفة. بسبب الإجراءات الأمنية المبالغ فيها، والباهظة. 31

الاستنطاقات التي لا تعرف متى تبدأ، ولا تنتهي:

من فرط ما تعرّض له الكاتب الجزائري من استنطاق، قال: حوّل النظام العنصري الصهيوني المطار الصهيوني إلى محكمة. 41

بالنسبة للموساد: كل عربي يذهب لفلسطين يوضع اسمه على جهة. ويستقبلونه في المطار. ولا يهمهم ماذا تحمل معك. ويسألونك عن أدقّ التّفاصيل والتي لا تخطر على البال. وتستقبل من طرف الموساد في الخارج. وهيئة أخرى في الداخل.  

الصهيوني اللّص:

سرق الصهاينة المطبخ الفلسطيني بعدما سرقوا أرضهم. 59

"الكسكس الصهيوني" : هو في الأصل هو الكسكس الفلسطيني المأخوذ من سيّدنا الأمير عبد القادر حين هاجر للشام. 59

العذاب اليومي المسلّط على الفلسطينيين من خلال نقاط المراقبة العسكرية:

أعلن الصهاينة أنّهم خصّصوا نصف جنودهم على نقاط المراقبة العسكرية لحماية المستدمرات. 65

لم يعد للفلسطيني معنى للزّمن بسبب طول الانتظار في الحواجز العسكرية، وغلقه لأيّام بسبب أعياد اليهود، ومرور العسكر، والمستدمرين. 66

يتعمّد الصهاينة إذلال الفلسطينيين عبر الحواجز العسكرية الطويلة المذلّة. 78

والحاجز عبارة عن ثكنة، وليس عدد قليل جدّا من الجنود. والقائم على الحاجز لا يتحدّث مع الفلسطيني، ويطردخ من أوّل نظرة. ولا حقّ له في المناقشة.

الاحتلال الصهيوني عبر تعزيز قوّة المستدمرين من كلّ النواحي:

الصهاينة يزعجهم قول "فلسطين المحتلّة". لأنّهم لا يؤمنون بفلسطين. وهدفهم إزالة فلسطين. 47

تمركز اليهود المتدينين حول القدس لأهميتها الدينية. 57

اخترع الصهاينة قانون حماية المستدمر. 68

الغاية من إقامة المستدمرات هي: محاصرة الفلسطينيين، ونهب أراضيهم، وطردهم. 69

الطرقات الجيّدة مخصّصة للمستدمرين الصهاينة فقط. والفلسطيني له "طريق" لاتصلح لشيء. 70

يتمّ تجهيز المستدمرين الصهاينة من طرف الدولة الصهيونية وتحت حماية، ورعاية الجيش الصهيوني. 93

الغاية من تسليح المستدمرين: ضمان هيمنة المستدمر، ومراقبة الفلسطيني، والاستحواذ عليه، وزرع الخوف لدى الفلسطيني. 94

مراكز المحتشدات التي أقامها المستدمر الفرنسي في الجزائر هي نفسها التي أقامها الصهاينة للفلسطينيين في فلسطين المحتلّة. 95

الصهاينة لا يريدون حدودا. لأنّهم يبتلعون كلّ ما يصادفهم من أرض وفي كلّ مناسبة:

هي الدولة الوحيدة التي تغيّر فيها حدودها من يوم لآخر. 44

الصهاينة هم الوحيدون الذين لا يملكون حدودا ثابتة بسبب التّوسع. ولا يقبلون لا بحدود 1948، ولا 1967، ولا 1973. لأنّهم يريدون الدولة الصهيونية الكبرى. وتفتيت الدول العربية. 101

من أهداف الصهاينة أيضا الاستيلاء على مكة، والمدينة. 101

ممنوع على الفلسطيني أن ينتقل في أرضه المحتلّة:

لا يحق للفلسطيني أن ينتقل ليلا في أرضه المحتلّة. 64

مهمّة الصهاينة هي تحويل البنايات التّاريخية إلى تراب. بالإضافة إلى مواجهة، وقتل المقاومين لأنّه ليس تاريخهم. وبهدف تهديم الصهاينة لكلّ موقع أثري. تهدف إلى محو كلّ علاقة تربط الفلسطينيين بأرضهم التّاريخية 71

كلّ فلسطيني يخطئ الطّريق ويسير في الطّريق المخصّص للصهاينة يقتل، أو يسمّم. 98

يقتل كلّ فلسطيني يتجاوز الأرض الفلسطينية المخصّصة له والممنوعة من أن يدخلها ولو بمتر واحد، ولو بخطوة واحدة. 104

الفلسطينيين الذين ولدوا بعد سنة 1967. لا يحقّ لهم دخول المسجد الأقصى. 114

يقول لي مقدسي: جئت من الجزائر على بعد آلاف الكلومترات لتزور المسجد الأقصى بفضل جواز سفرك البريطاني. ونحن جيران الأقصى، وبالقرب منه ولا يحقّ لنا زيارته. 114

فلسطين المحتلّة مقطّعة إلى أجزاء. 157

التّحدّث باللّغة الإنجليزية لإخفاء اللّكنة الجزائرية. والصهيوني يركّز على اللّكنة وليس اللّغة:

من باب الحذر، والاحتياط تحدّثت مع الجندي الصهيوني بلغة إنجليزية مختارة دون اللّكنة الجزائرية. 91

تحدّثت بلغة إنجليزية هادئة حتّى لا أتحدّث باللّغة العربية وألفت نظر الجندي الصهيوني. وأثناء سيرنا بجنب الجنود الصهاينة تعمّدت أن أتحدّث مع زملائي الفلسطينيين بلغة إنجليزية مرتفعة حتّى أظهر أنّنا من المصرف الدولي. 110

أثناء العودة خصّص الصهاينة خبيرا في اللّغة الفرنسية ليتمكّن من معرفة اللّكنة الجزائرية. والتي سعيت لأخفيها. ومن حسن الحظّ أنّ "الخبير اللّغوي" الصهيوني كان ضعيفا جدّا، ومستواه الضّعيف لا يمكّنه أبدا من معرفة لكنتي الجزائرية. 158

الخونة الحركى أثناء الثّورة الجزائرية، والخونة برعاية الصهاينة:

يعتبر دروز الصهاينة خونة كالخونة الحركى أثناء الثّورة الجزائرية. ويستعملون في ارتكاب الجرائم ضدّ الفلسطينيين. 125

الصهيوني الأحمق:

يذكر الكاتب أن الصهيوني أحمق من خلال مثالين:

الأوّل: لأنّه ضعيف لم يستطع معرفة اللّكنة الجزائرية التي أخفاها الكاتب الجزائري بمهارة، واحترافية عالية.

الثّاني: الجنود الصهاينة حمقى في مجال هندسة الطرقات 46.  باعتباره مهندس في تهيئة الطرقات.

العقاب المتعدّد، والمختلف المسلّط على إخواننا الفلسطينيين:

العقاب الجماعي، والقصف الجوّي لا يعتبر العقاب الوحيد المسلّط على الفلسطينيين. 80

ثالثا: لقاء مع الكتاب حول كتابه، وظروفالصّعبة التي أحاطت بزّيارته لفلسطين المحتلّة:

كانت مكتبة صديقنا Mohamed Khiati  ظهر يوم: الجمعة 5 جمادى الثّانية 1445هـ، الموافق لـ 6 ديسمبر 2024 على موعد من عرض الكتاب لصاحبه Akli Ourad

قال عن نفسه: أفتخر باستقلالين. الأولى: استرجاع الجزائر لسيادتها سنة 1962. والثّاني: ذهبت لفلسطين المحتلّة من بريطانيا وليس من فرنسا. وقد حمانا الله تعالى من التّطبيع.

الكاتب جزائري، ويعمل في بريطانيا كمهندس طرقات منذ 30 سنة، ويحمل الجنسية البريطانية.

قال: قدمت حقوق طبع الكتاب لمؤسسة "الحق". وهي هيئة تدافع عن حقوق الفلسطينيين عملت في حوالي 50 دولة. خاصة في إفريقيا، وآسيا.

كنت أنوي أن أكتب عن رحلاتي. لكن وبعد 7 أكتوبر قرّرت أن أكتب عن فلسطين.

طلبت منّي الشركة البريطانية التي أعمل بها أن أذهب إلى فلسطين المحتلّة. وكان ذلك عقب اتّفاق أوسلو لمساعدة السلطة الفلسطينية لإصلاح الطرقات. ومن هنا بدأت المشاكل.

طرح سؤال على الكاتب الجزائري الذي يحمل الجنسية البريطانية: لماذا قبلت مهمة السفر لفلسطين؟ أجاب: أحببت أن أعرف المحتلّ بنفسي، وعن مشاهدة.                    ومن خلال المشاهدة أقول: التمييز العنصري في جنوب إفريقيا أخطر من الاحتلال الصهيوني لفلسطين. وعشت مع الفلسطينيين وكأنّي واحد منهم. وممّا تأكدت منه أنّ المحتلّ لا رغبة له إطلاقا في الخروج من فلسطين المحتلة.

كمثال على ذلك: طرق المحتلّ واسعة، ودون حاجز. لأنّ المحتلّين طالبوا أن يكون للفلسطينيين طرق أخرى. وهذا هو التّمييز العنصري. وفي كلّ خطوة حاجز أمني.

وعن يوميات الفلسطيني يقول: بعد كلّ عملية يتم معاقبة الفلسطينيين عبر الطائرات، والقنابل المدفعية. والغلق النهائي مدّة أسبوع.                                                   من مظاهر الفصل العنصري: سيارة المحتلّ بلون. ولها أن تسير متى شاء وفي كلّ مكان. وسيارة الفلسطيني بلون تسير في أماكن محدّدة. وتقصف في أي وقت.

يعتقل الفلسطيني على أساس النية. ويوجد 1|9 فلسطيني دخل السجن.                       الطفل الذي في صورة غلاف الكتاب دخل السجن مدة 6 أشهر. و25% من الفلسطينيين دخلوا سجن المحتلّ.

قال عن معيشة الفلسطيني المؤلمة: الفلسطيني لا يريد العودة إلى النكبة الثانية. وزاد عجبي من مدى تشبثهم بأرضهم. رغم السطو عليها من طرف المحتل بالقوّة. ورغم ما يتلقاه الفلسطيني يوميا من ضيق في العيش، ومرارة في الحياة قصد تهجيره. إلاّ أنّه يرفضو ذلك ويتشبث بأرضه.

وسوم: العدد 1107