“نتنياهو تعمد إفشال الصفقات”.. للإسرائيليين: هل استمعتم لما قاله بايدن وبن غفير؟

المخطوفون الذين سيتحررون في نبضات ابتداء من بداية الأسبوع القادم كان يمكنهم أن يكونوا في بيوتهم قبل أكثر من نصف سنة. وليوا وحدهم، بل إن المخطوفون الذين نجوا أشهراً طويلة أيضاً في لظى أنفاق غزة وقتلوا في نهاية الأمر على أيدي آسريهم هم أيضاً كان يمكنهم ان يكونوا في بيوتهم، على قيد الحياة.

نادرة هي الحالات التي يلوح فيها سياسي ما، يدعي أنه زعيم على المستوى الوطني بحقارته، ويتباهى بها. بن غفير شخص بلا خجل، بل وبلا أخلاق يهودية. الكهاني الفاشي الذي اجتهد نتنياهو لربطه بسموتريتش في سباق مشترك في الانتخابات لمنع خسارة أصوات كتلة اليمين، كرر أمس ما سبق أن قاله أول أمس: “في السنة الأخيرة، نجحنا بفضل قوتنا السياسية في منع تنفيذ هذه الصفقة، المرة تلو الأخرى”.

نحن ملزمون بأخذ نفس بعد سماع هذه الأقوال. لو كنت قريباً لعائلة واحد من المخطوفين الذين تبقوا على قيد الحياة في غزة، خصوصاً أولئك الذين قتلوا أو توفوا في الأسر، لجن جنوني. ها هو وزير كبير يعترف بصوته، وليس من خلال حديث خلفية أو اقتباسات مغفلة على لسان مقربين، بأنه استخدم قوته السياسية لإحباط صفقة كان يمكنها إعادة الإسرائيليين الذين اختطفوا من بيوتهم في 7 أكتوبر منذ زمن بعيد. أولئك الذين ذهبوا ليستمتعوا في حفلة وأنهوا يومهم في نفق محفور في مكان ما هناك في القطاع. صفقة كان يمكنها أن تعيد المجندات والجنود الذين سقطوا في الأسر وهم جرحى جسدياً ونفسياً بعد أن رأوا رفاقهم يقتلون أمام عيونهم.

بن غفير يتباهى بأنه أحبط عودة الإسرائيليين إلى حضن عائلاتهم. إسرائيليون سقطوا ضحية الإخفاق الأكبر في تاريخ إسرائيل منذ قيامها، إخفاق مسجل بأحرف سوداء كبيرة على اسم هذه الحكومة ورئيسها وعلى كل واحد وواحدة من أعضائها. وكذا على اسم بن غفير. ليس في هذا الرجل قدر من الرأفة وقبول المسؤولية الشخصية، ولا لدى رفيقه في الحكومة سموتريتش. سموتريتش إياه الذي في 7 أكتوبر 2023، بعد بضع ساعات من بدء اتضاح حجوم الكارثة اعترف بأنه إذا طلب الجمهور استقالة الحكومة، فسيكون هذا عن حق، وانقلب بمرور الزمن حين أشاح عن نفسه وعن الحكومة أي مسؤولية عن الإخفاق. لكن سموتريتش الذي وصف الصفقة المتبلورة لإعادة المخطوفين هذا الأسبوع إن الحديث يدور عن “كارثة للأمن القومي”، على الأقل لا يتباهى بأنه أحبط عودة المخطوفين إلى الديار في المرات السابقة التي كانت فيها صفقة على جدول الأعمال. لديه قليل من الوعي الذاتي والحساسية ألا يلوح بهذا في وجه العائلات.

لسموتريتش وبن غفير معلم فائق فيما يتعلق بإزاحة المسؤولية الشخصية والجماعية عن إخفاق 7 أكتوبر. نتنياهو، من خلال مبعوثيه في الكنيست ووسائل الإعلام، نجح في ضعضعة ثقة الجمهور في استقامة ونزاهة قضاة المحكمة العليا وأنه يحبط إقامة لجنة تحقيق رسمية يعينها رئيس المحكمة العليا. عليه أن يعرف بأن قسماً كبيراً من الجمهور الإسرائيلي لن يدعه يفلت من المسؤولية ومن الوقوف أمام لجنة رسمية غير منحازة. كل الاستطلاعات تشير إلى وجود أغلبية في الجمهور لإقامة لجنة كهذه. وحتى إذا لم تقم هذه قريباً، فستقوم حتماً. كما أنه ينفي بقدر ما يشاء ادعاء بن غفير بتهديد إسقاط الحكومة نجح في منع صفقات كهذه.

الرئيس المنصرف بايدن قال هذا الأسبوع إن هذه الصفقة هي ذاتها التي وافق عليها نتنياهو قبل أكثر من نصف سنة، وكرر أقواله أمس. ما الذي تغير الآن؟ أقوال بن غفير تعزز الادعاء بأن نتنياهو أسقط الصفقة لاعتبارات البقاء السياسي.

كل هذا لن يخفي الفرح والتأثر بعودة إخواننا إلى الديار. بالنسبة لعائلات المخطوفين، هذه لحظة صلوا لها وكافحوا في سبيلها لأكثر من سنة. كما أنها كذلك بالنسبة لكثير من أهالي الجنود، نساء، وأزواجاً، وأطفالاً، ولرجال ونساء خدموا في الاحتياط، هذه بشرى مفرحة. الصفقة تجلب معها أملاً بأننا قريبون أيضاً من نهاية الحرب. المجتمع الإسرائيلي كله دفع ثمناً أثقل من أن يحتمل، حان الوقت للبدء بالشفاء. لكن شيئاً واحداً لن ينسى، وهو القيادة الحقيرة التي قادتنا إلى هذه الكارثة وترفض تحمل المسؤولية وقيادتنا باستقامة وتفان. فليعلم أولئك الذين سيعودون إلى الديار الأسبوع القادم بأنه كان بإمكانهم أن يعودوا قبل أشهر لولا أنه منعه بقوته السياسية.

وسوم: العدد 1111