في حدود علمي.. المعركة مستمرة

ما حقيقة أن أحكاما عادلة قد نفذت بحق أكابر المجرمين؟؟

بعض الفضاءات الإعلامية السائبة هي مجرد قنوات خادعة للتنفيس

أطالب بوصفي مواطنا سوريّا أن يكون لنا إعلامنا الوطني الخاص لكي لا نظل مستهدفين من قبل مؤسسات الإعلام ذات الأغراض… لقد تأخر هذا الأمر أكثر!!

ثم أعود فأقول إذا كنتَِ غير متابعين لمجريات الأحداث فلا تتعبوا بإكمال مقالي وتقول لي: لم أفهم عليك شيئا.

ثم أقول وبالله التوفيق:

إن الذين وضعوا مصائر السوريين في الأيدي الشثنة، كانوا يعرفون دائما ماذا يدور في مربعنا الأشد أهمية والأشد خطورة

كانوا يعلمون ماذا يدور في كل حجرة من حجرات سياستنا واقتصادنا وعسكرنا وفي إعلامنا وفي مدارسنا وفي جامعتنا وعلى منابر جوامعنا التي انتقلت إلى الأيدي التي طالما باعت واشترت..

في سنة ١٩٦٣..

طار إلى إعدادية المعري في حلب البهية، المدعو سعيد فلحوط، لعله شقيق صابر فلحوط، تبع اتحاد الأدباء العرب، طار على عجل ليعلمنا ونحن جيل من تلاميذ الإعدادية كنا نحو خمس مائة طالب عن فيختة وريختة وشختة والقومية العربية…

كان يخرج بنا إلى ساحة الإعدادية ويطلب من أحد زملائنا أن يحمله على أكتافه..ثم يقصّد لنا القصايد،ويطالبنا بأن نردد وراءه.

كان يعجبه أن يهتف فوق رؤسنا عما يسميه الحقد الطبقي، وقطع رؤوس الرجعيين والإقطاعين، وشنقهم بأمعاء من يصفهم بأنهم رجال الذين، كانت الدنيا سمهدان، وانفلتت الثيران من زربها ولم يكن أحد قادر على ردها..

وكان له في ثنايانا زمرة من المحبكحية، يقولون بما يقول: سمعناه يهمس لهم بأمر، ثم رفعوه على أكتافهم لينعق كغراب البين: ثالوثكم المقدس وردوا تحته:وحدة حرية اشتراكية…

كان بيننا طالب من محلة المشاطية رد عليه بصوت مرتفع:نحن نؤمن بالتوحيد ولا نؤمن بالثالوث ولا نقدسه!!

كان كما تقولون في هذه الأيام مجرد طفل تلقى تغذية غير وطنية… فحوله صاحب فيختة هذا إلى المدير. كان المدير عبد الحميد الآغا من خان شيخون مدرس اللغة العربية، وكان هذا الولد ١٥/ سنة، خائفا.. ولكن المدير الذي كان في صوته بحة سأل الولد أعني الطالب كيف قلت: الثالوث غير مقدس؟؟ أجابه بحضور بديهة: إمام المسجد في حينا دائما يقولها..!!

تمضمض بها المدير طويلا ثم قال: لا ترد على الأستاذ سعيد بعد اليوم..

في ثانوية المأمون كان المدعو "بطرس شكر" ملازم الأول في "غستابو" ما يسمى منظمة الفتوة،

أدخل أحد زملائنا من آل الحوري يوما إلى غرفة التحقيق، أقصد مقر الغستابو، وظل يضربه، بما يصل إلى يده، وقد أقفل عليه الباب حتى كسر يده، ولم يستنفذه منه غير الأستاذ فاضل ضياء الدين، أستاذ اللغة العربية..

وأدخل مرة هذا الفتى ابن المشاطية إلى تلك الغرفة، وكان يهدده ويتوعده، ورفع يده ليلطمه، فأمسك الطفل المسكين بيده بشدة قبل أن تصل إلى وجهه، وقال له : بلا شغل بالأيدي أحسن، فظل المسيو بطرس يرعد ويزبد ويتوعد.. أيش بدي أحكيلك يا سفرجلة وكل عضة بغصة…

هل تعلمون أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تدفع ١٠٠ مليون دولار مساعدات لحافظ الأسد مصروف جيب للإنفاق على قادة الفروع الأمنية.. !! وكذا على أقبيتها ، كانت تستثمر هناك!!، وكانت تشّغل مراكز التحقيق لحسابها، بالجملة وبالقطعة، بيننا جيل فاير ، ودخل على فضاء الثورة جديد من ١٤ سنة فقط. ضعوا اسم المواطن السوري "ماهر عرار" على الشبكة، وأنتم جيل الشبكة لتعرفوا كيف سلمته الإدارة الأمريكية لنظام الأسد ليتعهد التحقيق معه..

أنا كنت أريد أن أقول: لقد كان كل قادة العالم يعرفون أدق التفاصيل عما كان يجري في فروع المزة وكفر سوسة والسريان وتحت عمارة الأوقاف وقرع فلسطين ثم في سجن تدمر الرهيب وأخيرا في سجن صيدنايا كلهم كانوا يعرفون كيف كان يطحن لحمنا الحي هناك وهم قد كانوا شركاء الصمت الوقور…

أبرياؤنا لم يزيدوا على أن يقولوا: حسبنا الله…

بينما اليوم وقد اقتيد المجرمون من القتلة والمغتصبين ومصاصي الدماء والمتاجرين بأعضاء الأطفال الأحياء، إلى ساحة القضاء وما يزال يجيء شعيط ويروح معيط وكلهم يستوصي بالمجرمين خيرا…تحت طائلة التهديد والوعيد

تقول إحداهن على شاشة إحدى الفضائيات: أنا كنت أعمل بمشورة السفير الفرنسي شوفالييه، وما زلت مرعية من السفير الفرنسي

أخبرك أننا في طفولتنا في حلب كنا نلعب لعبة "أنا ديغول حبوني" يدهن شخص وجهه بالسخام أعني الشحوار وترش عليه الزبالة النتنة، ثم يتقدم جمهورا من الناس وهو ينادي: أنا ديغول حبوني.. فيرد عليه من خلفه بعبارة لعلي نسيتها!!

إيه يا دنيا.. غرارة يا دنيا…

حطوا إيديكم على رؤوس ولادكم ما تقولوا ما قلنالكم..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1113