هوية "ذو القرنين"
هوية "ذو القرنين"
منير مزيد / رومانيا
قال الله تعالى في سورة الكهف: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
تساءلت قناة الحياة الإرهابية متحدية المسلمين عن شخصية " ذو القرنين " فهي تحاول التركيز على سورة الكهف من أجل الطعن في نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وفي مصدرية القرآن الكريم ومن ثم قامت بالرد على خطبة للدكتور عدنان إبراهيم الذي أدعى إن هوية " ذو القرنين " هو مل? الفرس كورش الكبير وليس الإسكندر الأكبر كما يعتقد بعض الناس.
اِعتَمَدَ الدكتور عدنان إبراهي في اجتهاده على مصادر يهودية أو على اقوال محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بلقب أبو الكلام آزاد الذي ينحدر من أسرة أفغانية هاجرت إلى الهند وكان أول وزير للتعليم في الهند بعد الاستقلال،وألف العديد من الكتب أهمها تفسير للقرآن باللغة الأردية بالاضافة إلى دراسة عميقة لتحديد شخصية ذو القرنين.ففي كتب العهد القديم التي تشير إلى إن " ذو القرنين " هو ?وروش مل? الفرس فقد ذكر في كتاب عزرا، الإصحاح 1 وكتاب دانيال، (الإصحاح 6) وكتاب أشعيا، (الإصحاح 44 و 45) من تجليله وتقديسه حتى سماه في كتاب الأشعياء «راعي الرب» وقال في الإصحاح الخامس والأربعين: «هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما وأحقاء ملوك أحل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق. أنا أسير قدامك والهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف. وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابي. لكي تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك. لقبتك وأنت لست تعرفني».
الشعر ُفنُّ العربية الأول، وأكثر فنون القول هيمنة على التاريخ الأدبي عند العرب مقارنة بالخطابة والنثر والسرد، ولعل هذا ما عناه ابن عباس في مقولته الشهيرة "الشعر ديوان العرب"، للدلالة على أهمية الشعر عند العرب وتمجيد ما أبدعه الإنسان من الشعر، خاصة أنه حافظ لتاريخ العرب وأيامها وعلومها المختلفة، ويُعدُّ وثيقة يمكن الاعتماد عليها في التعرُّف على أحوال العرب وبيئاتهم وثقافتهم وتاريخهم دون إخراجه من دائرة الفن إلى دائرة أخرى.
السؤال الجوهري إذن : هل ذكر " ذو القرنين " في الشعر العربي قبل الإسلام؟
الجواب : نعم فقد رثاه الشاعر الشهير امرؤ القيس الكندي قائلاً:
لـم يحزنك أن الـدهر غـول ختـور العهد يلتهم الرجـالا
أزال عن المصـانع ذا ريـاش وقـد ملك السهـول والجبـالا
همام طـحـطـح الآفـاق وجيـا وقـاد إلى مشارقها الرعـالا
وسـد بحيـث تـرقـى الـشـمس سدا ليأجوج ومأجوج الجبـالا
من هذا الرثاء الذي قاله الشاعر امرؤ القيس نجد أنه قد رثَا ملكا ووصفه بالهمام والقائد ، وهذا الملك قد بنَى وشيد سد يأجوج وماجوج . وهذا يؤكد على معرفة الشاعر امرؤ القيس بذي القرنين حين ذكر مآثره ،وربما هناك علاقة بين امرؤ القيس وذي القرنين على المستوى الشخصي.
إذن، علينا البحث في اتجاهين: في الشعر ، وفي سيرة الشاعر امرؤ القيس ، ففي الشعر نقرأ بعض أشعار الحميريين تفاخرهم بجدهم ذو القرنين منها:
قد كان ذو القرنين جدي مسلما ملكا تدين له الملـوك وتحتشد
وبـلغ المشارق والمغرب يبتغي أسبـاب أمر مـن حكيـم مـرشـد
فراي مغيب الشمس عند غروبهـا فـي عيـن ذي خلب وثـأط حرمـد
وقال المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة:
فما ملك العراق على المعلي بمقـدار ولا المـلك الشــآم
أسـد شـاص ذي القرنين حتـى تولى عـارض الملك الهـمـام
أما تبع الأكبر الحميري واسمه أسعد بهمزة فقد أنشد شعرا قائلاً:
أنـا تُبَّـع الأمـلاك مـن نسـل حِمْيَـر ملكنـا عباد الله في الزمـن الخـالي
مـلكنـاهم قهـرا وسـارت جيـوشنـا إلـى الهند والأتـراك ترى بأبطـال
ولـك بـلاد الله قــد وطـئـت لــنــا خيـول لـعمري غيــر نـكـس واعزال
فمـالـت بنـا شرق البـلاد وغربـها لـهـتـك ستــور نكبـة ذات اهجـال
وعـطــل مـنـهــا كـل حـصن ممنـع ونقـل منـهـا مـا حوتـه مـن مـال
وتـلك شـروق الأرض منهـا وطـأتهـا إلى الطين والأتراك حـالا على حـال
فإبـنا جمـيعا بالسـبـايـا وكنـا على كـل محبوك مـن الخـيـل صهـال
بكــل فتـاة لم تـر الشمس وجههـا اسيلة تجري الدمـع بـيضاء مكـسال
سمـوت الـرى غرثـى الوشاح كأنهـا مـن الحسن بـدر زال عن غيم هطـال
أتينـا بهـا فـوق الجمـال حواسرا بـلا دملـج بـاق عليهـا وخـلـخـال
تركنـاهـم عـزلا تطـيـح نفـوسـهـم فـلا سـاكـن مـنـهم مقـيـم ولا وال
فما النـاس إلا نحن لا نـاس غيرنـا وما النـاس ان عدوا لقوي بأمثـال
توجد أشعار عربية كثيرة تروي مجد ونسب ذي القرنين إلى اليمن ، وبالعودة إلى سيرة الشاعر امرؤ القيس الذي يعتبر من أعظم الشعراء العرب الجاهليين. فهو من قبيلة كندة، وأبن ملك ، ويُعرف في كتب التراث العربية باسم "الملك الضليل"، ولد في بطن عاقل في نجد ، وإتجه إلى اليمن، وأقام بها زمانا يطلب مددا من قومهز فجمع جمعا من حمير ومذحج أمده بهم الملك ذي جذن الحميريز فأتجه صوب بني أسد بذلك الجمع وانتقم من قاتل أبيه وذبح عمرو بن الأشقر سيد بني أسد.
فسيرة الشاعر امرؤ القيس ومَرْثِيَته للملك ذي القرنين ، وتلك القصائد التي تروي مجد ونسب ذي القرنين ترجح إن "ذو القرنين" كان أحد ملوك حمير التبابعة.
هناك دلائل أخرى مهمة ترجح إن "ذو القرنين" كان أحد ملوك حمير التبابعة إذ يرى نشوان بن سعيد الحميري العالم والسياسي واللغوي والمؤرخ اليمني الذي كتب في تاريخ ملوك حمير والدين واللغة في كتبه "شمس العلوم" وكتاب "خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة" بأن شخصية " ذو القرنين" هي أحد ملوك حمير وهذا ما ذكره ابن هشام في كتابه " التيجان" وذكره أيضاً أبو الريحان البيروني في كتابه "الآثار الباقية عن القرون الخالية" وحين سئل كعب الأحبار، كعب بن ماتع الحِميّري الملقب بأبي إسحق وهو واحد من أشهر المسلمين من أصول يهودية ، عن ذو القرنين؟ فقال: الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير "ملوك حمير" من اليمن ،وأنه الصعب بن في مراثد بن الحارث. وهناك شواهد ترجح فرضيتهم إن شخصية " ذو القرنين" كانت أحد ملوك حمير التبابع إذ لم يستخدم أحد في العالم أضافة كلمة "ذو" و"ذي" في تسمية الأشخاص والمناطق غير العرب وبالتحديد أهل اليمن مثل اسم القيـل ذو نواس الحميري و الملك سيف بن ذي يزن والملك ذو رعين الحميري والملك عمرو ذو غمدان والملك عامر ذو رياش والملك إفريقيس بن ذي المنار والملكة لميس بن ذي مرع وغيرهم كثيرين .
صحيح أنه من الصعب تحديد هوية ذي القرنين على وجه الدقة، والأمر يبقى في دائرة الاجتهاد والبحت ، ، وهناك اختلاف أيضاً في تحديدها بين عدد من الشخصيات مثل الاسكندر الأكبر، كورش الكبير، أو اخناتون كما يرى حمدي بن حمزة أبو زيد عضو مجلس الشورى السعودي في كتابه "فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج" ، أو أحد ملوك حمير التبابعة .
بعيداً عن هوية " ذو القرنين " ، حين نناقش قصة وردت في القرآن الكريم، علينا أن نفهم أولاً جماليات الأسلوب القرآني في السرد ،المغزى أو الموعظة المراد توصيلها من القصىة ، فالقرآن الكريم ليس كتاب تاريخ وهذا ينطبق أيضاً على كلّ المجالات والقضايا الأخرى التي تناولها القرآن الكريم .فلا يجوز أن نخضع القرآن الكريم حسب معارفنا العلمية أو الأدبية والفلسفية وأنما نسعى إلى فهم هذا الكتاب الإلهي الأعظم والكامل وما يحتويه من ألغاز وأسرار. فهو الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق، وتعليماته لهذا ينبغي إقامة الرابطة المعنوية والارتباط الغيبي بين الإنسان وخالقه ، فهو مصدر الهُدًى وَالرَحْمَة، والناموس الإلهي الذي تكفل للناس بإصلاح الدين والدنيا، وضمن لهم سعادة الآخرة والاولى .
لهذا حين نتناول قصة ذي القرنين التي وردت في القرآن الكريم في سورة الكهف علينا كما قلت سابقا دراسة جماليات الأسلوب في السرد ، والمغزى المراد توصيله دون تحديد هوية بطل القصة وتاريخها ومكانها، بهذا الأسلوب يتحول الحدث خارجاً من سياقه التاريخي إلى قصة للتفكر والتدبر والتذكر والاعتبار ، وهذا هو أسلوب السرد القرآني وقد ورد في كثير من القصص وساذكر بعضها على سبيل المثال لا للحصر:
قال تعالى في سورة ياسين : وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(18) قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
قال تعالى : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.(سُورَة البقرة ، آية 259)
قال تعالى في سورة البروج : وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)
حين نناقش جماليات الأسلوب القرآني فهذا يحتاج إلى مجلدت، فكلُّ آية من آيات القرآن الكريم فيها من الجماليات اللغوية والفنية التي تحتاج إلى دراسة واِستِنباط ، أما المغزى من قصة ذي القرنين سوف أذكر ما قاله سيد قطب في كتابه في ظلال القرآن: "ذو القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض، وييسر له الأسباب، فيجتاح الأرض شرقا وغربا، ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر، ولا يطغى ولا يتبطر، ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان، ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق، ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه، إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به، ويساعد المتخلفين، ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل، ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح، ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله، ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته، وأنه راجع إلى الله".
وختاماً أقول لقناة الحياة الإرهابية ، خصوصاً للصبي الأرْعَن رشيد: القرآن الكريم هو كتاب الله أنزله على خير خلقه ، وأفضل أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم، شئــت أم أبيــــت.
وأنهي ردي بقول الله عز وجل في سورة يوسف: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6).