أنا وحفلات الزفاف

هنادي نصر الله

[email protected]

أعوامٍ من عمري قضيتُها دون أن أُجامل المقربين مني أفراحهم، من ألحَ عليّ بحضورِ حفل زفافه أو خطبته صفعته بإهمالي لطلبه، من توسلّ إليّ بأن ألتقي به في رحلةٍ ترفيهيةٍ وديةٍ رومانسيةٍ هادئة؛ خذلته، لطالما حاولتْ كثيرات استضافتي في بيوتهن لتناول غداء فاخر بمناسة أو غير مناسبة، كان الرفض سيد الإجابةِ مني على كل المبادرات الجميلة التي دقتْ هاتفي النقال والتي خاطبتني وجهًا لوجه..

إهمالي لكلِ ذلك طال أيضًا أخي؛ فقد نأيتُ بنفسي عن مشاركته والعائلة حفل عقد قرانه؛ متحججةً بأني في السوق أبحثُ عن ملابس تليق بالمناسبة؛ ملتْ شقيقتي وهي تستعجلني هيّا تعالي معنا إلى صالون التجميل؛ لقد أوشكنا على الإنتهاء وأنتِ مازلتِ تبحثين عن ملابس، أو بأسلوبها المستفز" مازلتِ تتجولين في السوق"..؟!

بصراحةٍ منقطعة النظير، كان تحججي بأنني مازلتُ أشتري الملابس؛ حجة كي أهرب من ثقل المشاركة في مناسبة الفرح؛ كنتُ أعدُ كل المناسبات " نفاق اجتماعي" ورياء، تقتضي آلا أشارك فيها؛ نرقص ونضحك ونغني، وبعدها نعودُ إلى بيوتنا أشبه بجثث هامدة لكن الروح لم تخرج، رغم أننا لا نشعر بها...

قلتُ كثيرًا لمن حولي" لماذا يستميتون لتنظيم حفلات الزفاف بأرقى الصالات ويُجهزون لها ما يُجهزون من أغانٍ أو أناشيد وفساتين سهرة وزفة، ماذا يستفيدون؟ كلها ساعتين ..!  

عن نفسي أرقص وأغني وأصفق في بيتي كلما يأتيني مزاج رائق لذلك، ولا داعي لأن يُشاهدني الآلاف وأنا أمارس هواياتي في ذلك..!

كنتُ أتعجب من استماتة الفتيات في التحضير لمناسبات الفرح قبل حدوثها بشهر على الأقل، رجيم غذائي قاسي، كريمات تفتيح البشرة تُشترى بصورةٍ مذهلة، جولات في الأسواق لاسيما تلك التي تبيع فساتين السهرة؛ لطالما مازحتْ صديقاتي منهن" هل يُشكل حفل الزفاف فرصة لإستعراض الفتيات لجمالهن، بحيث تُعجب بهن بعض الأمهات اللواتي يذهبن إلى الأفراح لإصطياد الجميلات وقد ظهرن في أبهى أناقتهن كزوجات لأبنائهن، إنني أمقتُ هذا النهج العجيب في المجتمعات كافة..

الآن وبعد أن ألحتْ عليّ صديقتي بحضور حفل زفاف أخيها، والمشاركة في السهرة النسائية التي تثبتُ ذلك، قلت لِم لا أعودُ إلى الساحةِ من جديد لأغني أغانينا الشعبية" وسع دار أبو محمد لفت عليها العزومة، وأنا داري وسيعة وهادول كبار الحمولة، آآآوي ويا صحن الحليب آآوي وكل ما برد يطيب، آآوي وإحنا أهلية آآوي وما في حدا غريب" ثمة شيء عجيب يقول لي يا هنادي" عودي لتشاركي أقرب الناس لكِ أفراحهم، وارجعي لتقولي من جديد" آآوي واليوم عندكم وبكرة إن شاء الله عنا"..

عودي إلى الأفراحِ وشاركي الناسَ فرحتهم؛ مع تحفظي على أساليبِ النسوةِ في خطبة الفتيات؛ ورفضي القاطع لكلِ أساليبهن التي تجعل من الفتاة بضاعة قابلة للشراء والبيع...