أم قصر تزدان بفنارها الملاحي
كاظم فنجان الحمامي
ربما كان استحقاق (أم قصر) أن تكون أماً رءوماً لكل القصور والأبراج التي ظهرت إلى الوجود بعد ولادتها على شواطئ الخليج العربي, فهي الأقدم والأعرق والأكبر, وهي جارة (الزبير) مدينة الخير, وشقيقة (أم الرصاص) التي قتلها الرصاص, وتوأم (أبو الخصيب) الذي فقد خصوبته, وهي فوق ذلك كله من أروع الأمهات المينائيات المتنائيات, اللائي صمدن بوجه الهجمات الصاروخية العنيفة. .
ظلت أم قصر تعيش حتى يومنا هذا بين نقيضين, بين ذاريات حفر الباطن ورماله اللافحة, وبين تقلبات البحر ورطوبته الخانقة, اما المنغص الثالث فكانت تشققات طريقها اليتيم الذي يربطها بمدينة البصرة. .
ولدت أم قصر قبل ولادة الموانئ العربية الحديثة في حوض الخليج, وولدت معها عشرات الفنارات الملاحية الصغيرة, التي كانت تنير الأخوار البحرية المؤدية إليها عبر خور الخفقة, فخور عبد الله, فخور وربة, فخور الشيطانة, فخور السقّة, فخور بحرة, مروراً بخور الصبّية, وتنتهي الرحلة عند مقتربات جزيرة (حچام Hacham), بينما يقع خور الثعالب شمالي الميناء العتيق, ليتمدد نحو مرفأ خور الزبير ويتصل من هناك بشط البصرة, ثم يقودنا هذا الشط المستقيم الضيق إلى ترعة (كرمة علي), التي تنقلنا مباشرة إلى شط العرب. .
اقترن اسم أرصفة (أم قصر) منذ ستينيات القرن الماضي بالموانئ الغربية والشرقية, وتعاملت منذ عقود مع كبريات خطوط الشحن البحري, بيد إنها اقترنت مؤخراً بورشة العمل المقامة في ميناء روتردام, وكانت على موعد مع مشاريع التجديد والتطوير الالكتروني, التي تحتاجها الموانئ العراقية لترتقي من خلالها إلى المستوى الدولي المتقدم, ولتؤثث ممراتها الملاحية بمنظومات السيطرة الملاحية, المعبر عنها بالأحرف (VTMS), ومنظومة التعريف الآلي للسفن القادمة والمغادرة, المعبر عنها بالأحرف (AIS), ومنظومة التعقب الالكتروني الألزامي, المعبر عنها بالأحرف (LRIT), وتقنيات تزويد السفن بتقلبات الأنواء الجوية في عرض البحر (NAVTETAX), على أمل أن تتجمع المنظومات كلها في فنار ملاحي يشرأب بعنقه المطرز بالمتحسسات والرادارات, ليرصد تحركات السفن الماخرة في المياه الإقليمية العراقية, فتستدل عليه من مسافات بعيدة, وتهتدي نحو بر الأمان بأنواره المشرقة الساطعة. .
كانت لشركة (بصرة ماس) اللمسات المعمارية المدهشة في تنفيذ هيكل البرج وملحقاته, وفي تنفيذ المكونات والمقاطع, التي باشرت في تنفيذها منذ منتصف الشهر العاشر من عام 2011, في موقع يوتسط المسافة بين الأرصفة القديمة والأرصفة الجديدة, وعلى وجه التحديد عند المساحة المتروكة خلف رصيف الصومعة, وسيكون البرج بارتفاع (47) متراً فوق سطح البحر, وهو الارتفاع الكلي الذي ستضاف إليه الرادارات والهوائيات والمتحسسات الالكترونية, ومعها الفانوس الملاحي الكبير, ومن المؤمل أكمال المشروع والمباشرة بتشغيله من قبل سلطة الموانئ العراقية في نهاية العام الحالي 2013, وسيكون موقعه مثبتاً حينذاك بخطوط الطول والعرض في الخرائط البحرية الأدميرالية. .
عُرف مدير شركة (بصرة ماس) رئيس المهندسين (علي خريبط) بروحة الوطنية العالية, وحرصه الشديد على تنفيذ المشاريع المعمارية التراثية والملاحية, التي تعكس هوية البصرة ونكهتها, وتعبر عن دورها التجاري المتميز في التاريخ القديم والحديث. .
يقول المدير التنفيذي للمشروع المهندس (مصطفى عبد الصمد بندر): ان المساحة الكلية للمشروع تقدر بنحو (3500) متراً مربعاً, اما المساحة التي سيقام عليها