كفر كما: قرية شركسية...

د. محمد عقل

[email protected]

الموقع:

كفر كما قرية شركسية تقع في الجنوب الغربي من طبريا على بعد 12 كم منها، وعلى هضبة يبلغ ارتفاعها 225 متراً عن سطح البحر، تطل على مرج بني عامر وتبلغ مساحة أراضيها 8854 دونماً. عثر فيها على: أساسات، أرض مرصوفة بالفسيفساء، قطع أعمدة، برواز علوي عليه صليب، معصرة، صهاريج ومدافن. في سنة 1961 و-1963م تم اكتشاف آثار لكنيسة بيزنطية تعود بتاريخها إلى القرن السادس الميلادي ما يدل على أن القرية كانت مأهولة في العصور القديمة.

السكان:

كان في كفر كما في عام 1922م (677) نسمة، وفي عام 1931م انخفض عددهم إلى 644 نسمة ولهم 169 بيتاً، وفي عام 1945م كان بها 660 نسمة، وفي عام 1949 انخفض العدد إلى 632 نسمة بسبب نزوح بعض السكان، وفي عام 1973م بلغ العدد (1340) نسمة، وفي عام 2011 (3005) نسمات. جميع هؤلاء من الشركس(الأديغة) القادمين من جبال القفقاس، وهم مسلمون من أهل السنة.

 مؤسسات:

في القرية جامع ذو طراز خاص. في عام 1950 أُنشئ في القرية مجلس محلي مكوّن من سبعة أعضاء. تأسست مدرسة كفر كما في العهد العثماني في عام 1315ﻫ/1897م، واستمرت في عملها في العهد البريطاني، وكان أعلى صفوفها في عام 1942-1943م الرابع الابتدائي. في القرية مدرسة ابتدائية ومدرسة إعدادية، لغة التدريس فيهما العبرية ثم الشركسية. هناك عيادة طبية، مركز لرعاية الأم والطفل، صيدلية، بنك، فرع للبريد، ومركز للتراث الشركسي.

كفر كما في عهد صلاح الدين:

في العهد الصليبي أطلق الفرنجة على القرية اسم "كفر-كامي". هناك من يعتقد أن اسم القرية الأصلي هو "كفر قامه" بمعنى كفر الغلال(أي المحاصيل)، أما نحن فنرى أن الاسم هو "كفر أكمة" بمعنى كفر التل. ورد في كتب التاريخ أن جيوش صلاح الدين الأيوبي اقتحمت عام 583ﻫ/1187م أرض سمخ جنوبي بحيرة طبريا، ودخلت إلى مرج كفر سبت الواقعة إلى الشمال من قرية كفركما متجهة نحو حطين.

كفر كما في بداية العهد العثماني:

كانت كفر كمه(بالهاء) في بداية العهد العثماني قرية كبيرة تابعة لناحية طبريا من لواء صفد. في دفتر ضريبة عثماني اسمه "دفتر مفصل لواء صفد لعام 1005ه/1596م" وردت مقادير الضريبة المجبية من قرية كفر كمه بالعملة المسماة بالآقجه(ثلث باره) موزّعة على النحو التالي:

-عدد الخانات(عدد دافعي الضريبة): 34.

-نسبة الضريبة: 25%.

-مقادير الضريبة المجبية:

حنطة: 1950 آقجه.

شعير: 910 آقجات

مال صيفي(سمسم...): 1493 آقجه.

شجر فاكهة: 627 آقجه.

قطن: 200 آقجه.

رسم معزه(ماعز) ونحل: 120 آقجه.

بادهوا: 150 آقجه.

يكون(مجموع الضريبة): 5450 آقجه.

كيفية جباية الضريبة: زعامت.

بناءً على المعطيات الواردة أعلاه يمكننا أن نستنتج أن كفركمه كانت من القرى الكبيرة إذ بلغ عدد سكانها 238 نسمة. اعتمد هؤلاء على زراعة الحنطة(القمح) والشعير والسمسم والقطن وأشجار الفاكهة، وعلى تربية قليل من الماعز والنحل. البادهوا هو حاصل الجرم والجنايات ورسوم الزواج، أما كيفية جباية الضريبة فكانت بواسطة زعيم محلي.

وصول الشركس إلى كفر كما:

وصل الشركس إلى فلسطين في العهد العثماني عام 1878م من منطقة مارفيل الواقعة على الحدود اليونانية البلغارية، حيث سكنوا هناك منذ عام 1865م إثر تهجيرهم من موطنهم الأصلي القفقاس، وبعد الهزائم التي لحقت بالدولة العثمانية أُجبروا على الهجرة مرة أخرى، فانتقلوا إلى فلسطين وشرق الأردن وسوريا.

 على أرض فلسطين أقيمت في العهد العثماني ثلاثة تجمعات شركسية وهي: قرية كفر كمه في الجليل الأسفل التي تبعد عن طبريا 12 كم؛ الريحانية في الجليل الأعلى التي تبعد عن صفد 15 كم؛ وخربة الشركس(خربة السركس) التي كانت تقع في السهل الساحلي إلى الشرق من مدينة الخضيرة وبجوارها غابة السركس. يبدو أن الشركس قد غادروا الخربة المذكورة بسبب وجود المستنقعات وانتشار الملاريا إذ كان جميع سكانها في عهد الانتداب من العرب.

عرف عن الشركس أنهم محاربون أشداء ولذا جندتهم الدولة العثمانية في جيوشها ووضعتهم في المناطق المضطربة أمنياً، وقد وصل بعضهم إلى مناصب رفيعة في الدولة إذ ورد في وثيقة مؤرخة في 15 آب 1893م أن المدير السابق لناحية قيسارية كان علي بك الشركسي، وهذا يفسر لنا تواجد الشركس في السابق في منطقة قيسارية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الغربي لمدينة حيفا.

في عام 2011م بلغ عدد الشراكسة في البلاد 4128 نسمة.