أمير الذباب

يسري الغول

[email protected]

ترى: "هل سينتصر قانون الإنسان أم شريعة الغاب؟" سؤال يراودني كلما تهاوت الأخبار فوق رأسي من هنا وهناك، فحالة الإحباط التي أصابت الجسد العربي، جعلت من أبنائه في حالة موات دائم وشعور بالخيبة مما يجري. ولعل التساؤل المطروح هنا، هو ذاته التساؤل الذي جعل من الروائي الانجليزي وليم جولدنج أن يجيب عليه من خلال روايته سيد الذباب (Lord of The Flies) عام 1954 بعدالحرب الباردة والعصر الذري. فبعد كل الدماء التي أهرقت بغير حق في بلاد الياسمين وأرض الكنانة نازعتني نفسي بالعودة إلى الوراء، والحديث حولتلك الرواية التي كان بحثي الجامعي في كشف رموزها وتضاريس السحرية فيها.

تتحدث تلك الرواية عن فتيان من مدرسة للابتدائية في بريطانيا تسقط طائرتهم في جزيرة أثناء رحلتهم إلى مكان ما ويموت جميع البالغين فيها، فلا يبقى سوى الأطفال الذين يتجمعون عن طريق محاره. حيث يخرج أكثر الفتيان من الطائرة قبل هطول الأمطار الغزيرة وسحب الجزر الحطام إلى البحر، وتستمر أحداث الرواية بأن تتشكل مجموعتان من الصبية، إحداهما تمثل عنصر الخير بقيادة رالف وزميله (بيجي)، بينما الأخرى تمثل عنصر الشر بقيادة طفل آخر يدعى جاك.

تحدث انتخابات بين هؤلاء الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و13 عام، وبعد انتخابات وجيزة، يتم انتخاب رالف، اللبق المهادن، دون أن يخسر سوى أصوات قليلة. مما يدفع بجاك إلى إعلان الحرب على الأخير، ومحاولة (الانقلاب) العسكري بقوة بنية جاك ومن معه، فيتم قتل بيجي، مستشار رالف، ويصير هناك نوع من الوحشية من طرف جاك الذي يقتل الخنزير ويقطع رأسه ويضعه على نصل سهم كتهديد بقتل رالف ومنه معه.

الغيرة من صعود رالف دفعت بكثير من الصبية أن يقفوا إلى جانب جاك، فهو لم يؤت سعة من المال أو الجسم. وجاك يحاول تمكين نفسه بدلا من ذلك عن طريق تحويل المجموعة إلى جوقة له "الصيادين"، وهي المسئولة عن لحوم الصيد ورعاية النار.

رالف، جاك، وأسود الشعر (سيمون) يصبحون الثلاثي الأعلى بين الأطفال، يشرعون ببناء الملاجئ، ولكن سرعان ما تتحول الجزيرة إلى منطقة خطرة للجميع، حين تصبح أتون المعركة بين الأطفال محتمة في ظل رغبة جاك بالوصول إلى سدة الحكم، وتستمر إلى أن تحدث نيران يكتشفها بعض البحارة فيأتون لينجدوا الجميع بمن فيهم جاك ورالف ومن بقي من الأطفال الذين عانوا ويلات البُعاد والغربة والترويع والجوع. فترى: هل سيأتي من سيقود سفينة مصر نحو النجاة، ليعيد الأمور إلى نصابها، وإيقاف الدم النازف هناك؟