رمضان في لهيب آب اللهّاب
كاظم فنجان الحمامي
وأخيرا اكتشفت لماذا تقف الطيور على الأسلاك الكهربائية في عموم العراق من دون أن يصعقها التيار وتتكهرب ؟. فقد تبين لي أنها تفعل ذلك لعلمها المسبق بانقطاع التيار الكهربائي الدائم عن الأحياء السكنية, إذن لا تصدقوا أولئك الذين يعللون هذا بضآلة فرق الجهد بين قدمي الطائر.
المثير للدهشة أن أجدادنا القدامى كانوا أول من اكتشف الكهرباء, وان أقدم بطارية في العالم كانت عراقية الصنع بغدادية المولد, وكانت تتكون من وعاء من الفخار مبطن بمعدن من النحاس, في وسطه قضيب حديدي, وكان الوعاء يملئ بسائل حامضي. ترى ما الذي سيقولونه أجدادنا لو علموا إننا أصبحنا آخر الأقوام المحرومة من نعمة الكهرباء ؟.
قالوا لنا: ستستقر الكهرباء في الصيف القادم, ولم نصدقهم. كان ذلك عام 2005 وهو العام الذي اختفت فيه الكهرباء, ولم نعد نسمع عنها شيئا, لا في الصيف ولا في الشتاء, فاشترينا أجهزة التوليد بالشيء الفلاني, واستوردنا ملايين المولدات من شرق الأرض وغربها, حتى كسرنا الأرقام القياسية في امتلاكها, وصارت عندنا أسواق عامرة بمختلف أنواع المولدات,
ثم عادوا وقالوا لنا أنها لن تتمرد علينا بالطريقة التي تمردت بها عام 2007, وأنهم سيروضونها في العام 2008, وإنها لن تتأرجح في تعاملها معنا بين مد وجزر كما فعلت في العام الماضي, وإن المشاريع كلها ستتكامل عام 2010, خصوصا بعد أن وصلت بارجات التوليد, ورست على أرصفة موانئنا, وباشرت عملها في إنتاج الطاقة, وقالوا: ان خطوات تنفيذ الخطط المدروسة تجري على وفق ما هو مرسوم لها, ولا داعي للقلق بعد الآن.
ثم قالوا أن الترشيد يعني التمسك بالبرمجة, وأن القطع المبرمج يعني ساعة لك وساعات عليك, وإنه قد يكون (2 في 2), أو (4 في 2), أو (6 في 2), وذلك اضعف الاحتمالات, حتى سئمنا وعود وزارة الكهرباء, ولم يخطر ببالنا إننا سنعيش أوضاعا مزرية, تزيد فيها ساعات الانقطاع على ست ساعات مقابل ساعة تشغيل واحدة متذبذبة مجزئة وغير مستقرة, وما أدراك ما تفعله هذه الساعة بالأجهزة المنزلية,
بدأ هذا الصيف ملتهبا في البصرة بحممه المصحوبة بهبوب الرياح الجنوبية الشرقية المشبعة بالرطوبة, ومع غياب شبه تام للتيار الكهربائي مازالت أزمة الطاقة الكهربائية تمثل إحدى المشكلات الكبرى المستعصية, التي نواجهها طوال أيام السنة, ولم تكن وزارة الكهرباء وفية معنا في وعودها المتكررة المعادة, وكأنها عجزت عن تلبية احتياجاتنا سواء بالقدرات المحلية, أو من خلال الاستثمارات الخارجية, ما اضطرنا إلى شراء الطاقة من مولدات القطاع الخاص, وشبكاتها العنكبوتية المنتشرة في أحيائنا السكنية. .
لقد اكتشف العلماء مؤخراً كوكباً جديدا, أزرق اللون, يبعد عن البصرة 63 سنة ضوئية, يقع خارج المجموعة الشمسية, تبلغ حرارته 1100 مئوية, يطلقون عليه مؤقتاً اسماً مشفرا, هو (HD189733b), وأغلب الظن أنهم سيسمونه (BASRA), لوجود الملامح الرمزية المتناظرة بين الكوكب الجديد وبين كوكب (البصرة). .
نحن الآن في الأيام الأخيرة من رمضان 2013 , وقد التهبت الأجواء عندنا بمعدلات الحرارة العالية في آب اللهّاب, فسجلت أعلى قراءاتها في الظل, حتى ظن الناس في العراق ان خط الاستواء انسحب من مكانه في القارة الإفريقية, وتسلل إلينا في هذا الصيف ليصب حممه فوق رؤوسنا, ويشعل مدننا بمشاعل الأفران الإسفلتية المتبخرة.
ترى هل سنستمتع بنعمة الكهرباء الوطنية في رمضان العام القادم 2014, أم في العام الذي سيأتي بعده ؟, أم بعد الذي بعده ؟, أم ماذا ؟. ولماذا ؟؟؟...