تكلم كي أعرفك
شهاب الدين شريطي
" تكلم كي أعرفك " , إن الكلام و التصريح بما يخالج الصدور لهو المفتاح الذي يفتح كل الأبواب التي كانت موصدة بفعل الصمت و السكوت , الكلام هو مجموعة الأفكار أو التصورات أو الأحاسيس التي نعبر عنها قولا سمعيا و قولا مقروءا أو قولا تلميحيا .. هو الطريقة المثلى للتواصل بين الجنس البشري و هو من علامات العقل حيث يرتبط به إرتباطا وثيقا و ينسجم معه إنسجاما تاما
" تكلم كي أعرفك " , علاقة تأثر و تأثير بين الأفراد أو المجموعات لتبادل الأفكار و الأطروحات ولنقل مكنونات الخاطر و البال, أنت تعرف إحساس أخيك الإنسان حين يقول لك مثلا أنه يشعر بالجوع و تعرف جوابه عن سؤالك إذ أشار لك بيديه نافيا و تدرك مبتغاه إن ترك لك رسالة
إنك تعرف حاجة الحيوان إن جاع , فهو يكلمك بطريقته و يهتف لك بأسلوبه و يرمقك بنظرات كي يشعرك و يحسسك بما يريد" تكلم كي أعرفك " , لا تكن كالصخرة الصماء لا كلام و لا أحاسيس و لا طلبات و لا فكر.
وحدها الصخور لا تتكلم, فلا تكن صخرة يا إبن آدم.
وحده الصمت يقصيك من العالم البشري و من دنيا الناس , الصمت يدنيك من مراتب العاجزين و مراتب الخانعين الخاضعين , ليسوا هم الذين ذاقوا العذاب أشكالا و ألوانا فقنعوا بأن الصمت نجاة لهم و منفذ للتخلص من سياط المعذبين, بل هم المتوهمون بأن الصمت أنجى من الكلام و أسلم.. يظنون أن الإختباء و الإنزواء سيمنع عنهم الأذى , يظنون أن الركون للزوايا و الإكتفاء بمراقبة الحياة تسير و العمر يمر هو من العدل و من الإنصاف و من السكينة و السلام.
"تكلم كي أعرفك " , فالله سبحانه و تعالى تكلم و خاطب رسله و أنبياءه و العالمين بكلام واضح مبين, خاطبهم كي يعرفوه و طلب منهم أن يكلموه ..لأنه يحب أن يكلموه
" تكلم كي أعرفك " , لا تظل في الحياة نكرة مستنكرا مختبئا راكنا في أقبية الظلام و في زوايا الكهوف, إطلع و واجه النور و إغسل جسدك و عالمك بشعاع الصباح, تنفس الصبح بنهم شديد , إرفع جبينك للعلا و أسمع صوتك كي يسمعك الجميع, " تكلم كي يعرفك الجميع " .