التعاقد
حامد بن أحمد الرفاعي
الإسلام يقرر مبدأ التعاقد بين الناس،فالتعاقدية هي القيمة الربانية الأساس في إقامة حياة الناس وتصريف مصالحهم،والتعاقدية هي الحارس الأقوى لأمن الأفراد والمجتمعات،والتعاقدية هي الطريق الأقّوم والأّسلم لإقامة الثقة بين الأفراد والمجتمعات،والتعاقدية منطلق أساس في تأكيد قدسية حياة الإنسان وكرامته وحريته وممتلكاته ومصالحة وسلامة البيئة،فالتعاقد يؤكد الندية بين الأفراد والمجتمعات،وأن العقد شرعة المتعاقدين تُلزمهم أمام الله وأمام الناس دون تمييز..والتعاقدية هي المرجعية الأوثق في إقامة العدل بين الناس..ومن تعظّيم وتقديس شأن التعاقدية فقد جعلها الله تعالى ميثاقاٌ بينه - جلّ شأنه - وبين عباده لقوله تعالى:"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا"فالأيمان بالله وتوحيده تعاقد،والزواج تعاقد،والبيوع تعاقد،والتجارة تعاقد،والصانعة تعاقد،والمزارعة تعاقد،والتخادم تعاقد،والتفويض تعاقد،وكل صنوف التعامل بين الناس تعاقد،والحكم والسياسة تعاقد،والإمامة والسمع والطاعة تعاقد. وعلى أساس من التعاقد ترتقي طاعة الإمام والحاكم لتكون من طاعة الله لقوله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ"ولقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:"من أطاعني فقد أطاع الله،ومن عصاني فقد عصى الله،ومن يطع الأمير فقد أطاعني،ومن يعص الأمير فقد عصاني"وأكد الإسلام التزام واحترام العهود والمواثيق لقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"مؤكداً أن التعاقدية هي التي تحكم وتضبط آليات العلاقة بين الناس..فالجميع شركاء متعاونون ومتنافسون في ميادين الخير لقول الله تعالى:"وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان"ولقوله جلّ شأنه:"لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ"