النيل والعنجهية!
النيل والعنجهية!
أ.د. حلمي محمد القاعود
بعد عودة الرئيس مرسي من إثيويبا ولقائه مع رئيس الوزراء الإثيوبي, قام الأخير بالإعلان عن بدء تحويل مجري النيل الأزرق لإقامة سد النهضة, الذي سيؤثر علي حصة مصر من المياه التي أقرتها الاتفاقية الدولية عام1929.
القوم عندنا وخاصة من المناهضين للحكومة وأرامل مبارك طالبوا باستخدام القوة العسكرية إن لزم الأمر, وملأوا الدنيا صراخا بأن مصر ستموت عطشا, وزعموا أن مبارك هدد بالقتال ومرسي يتراخي. وأصدرت رئاسة الجمهورية بيانا يفيد بأن السد لن يؤثر وأن هناك لجنة ثلاثية دولية ستقرر ما إذا كان السد سيؤثر أم لا ؟
كاتب إثيوبي كتب إن بناء بلاده لسد النهضة وتحويلها لمياه النيل, يمثل كسرا لعنجهية المصريين وتعاليهم فقد كانوا يسألونه من أين أنت؟! وكان يرد:من إثيوبيا أبو النيل, وفي كل مرة كان يحصل علي رد واحد: الله هو واهب النيل, وليس إثيوبيا, ثم يضيف: لم ينخرط المصريون في حوار بناء يمكن من خلاله الوصول إلي أرضية مشتركة بين الطرفين, وبدلا من ذلك تعاملوا بتعال وغطرسة هائلة لن تستطيع إثيوبيا تقبلها. ولا أظن الكاتب يعبر عن نفسه فقط ولكنه يعبر عن قطاع عريض من المسئولين في إثيوبيا.
القضية الآن أن المناهضين يستغلون الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية ضد الحكومة وتوريطها, والحكومة تستغيث من كثرة ما يواجهها من معضلات ورثتها عبر ستين عاما ومتاعب يصنعها المناهضون الرافضون للديمقراطية وصندوق الانتخابات, وإثيوبيا تتعامل وفقا لمرحلة مبارك التي تخلي فيها عن واجباته القومية فشعروا كما يقول الكاتب الإثيوبي بالإحساس بالدونية.
الأمر يحتاج إلي دراسة وصبر, والعمل في كل الاتجاهات والخيارات, فالنيل ليس لعبة يلعب بها الهواة والمغامرون. إنه حياة أو موت, ولكن معالجة المسألة تحتاج إلي ذكاء واستثمار الواقع المحيط بإثيوبيا وعلاقاتها بالصومال وإريتريا والسودان بقسميه ودول الحوض الأخري, فضلا عن الأغلبية الإثيوبية المهضومة تحت حكم الأقلية, مع دراسة البدائل, وقناة جونجلي التي سكت عنها المخلوع مع أنه كان يدعم الانفصاليين في جنوب السودان ويسلحهم. علينا أن نعيد للنيل وجوده.