إعلان دستوري مؤقت للمرحلة الانتقالية بسوريا
المحامي أنور البني
رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
تتردد كثيرا تساؤلات محقة حول المرحلة الانتقالية ومدتها والآلية القانونية التي تحكمها , وترد أفكار كثيرة حول العودة للعمل بدساتير سابقة أو استمرار العمل بالدستور الحالي مع التعديل عليه. كما تطرح أسئلة حول طريقة الانتقال إلى بيئة قانونية جديدة ديموقراطية يكون الشعب فيها هو صاحب القرار، مع طريقة إعداد دستور جديد وتصفية آثار المرحلة الماضية ومصير مرتكبي جرائم قتل المدنيين وتدمير البلاد وإعادة السلم الأهلي الذي تعرض لشروخ كبيرة وقاسية، وأسئلة أخرى كلها مشروعة وتعبر عن قلق من مستقبل لم تتحدد معالمه، بينما لم تقدم أي جهة خريطة سياسية قانونية آمنة للانتقال الديموقراطي.
ان المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية وإيمانا بدوره في تقديم رؤى ودراسات حول بيئة قانونية لمستقبل سوريا عنوانها الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، نتقدم بهذا الاجتهاد لإعلان دستوري مؤقت يتم العمل به في الفترة الانتقالية للمعنيين وأصحاب القرار لعلها تساعدهم لتخفيف معاناة السوريين وتأمين الانتقال الآمن والسلمي نحو مستقبل نؤمن بأنه سيكون مشرقا رغم كل الألم الذي نعيشه الآن.
الباب الأول مبادئ عامة
توطئة : يعلقّ العمل بالدستور الحالي وجميع القوانين والمحاكم الاستثنائية كالقانون 49 لعام 1980 وقانون إحداث محكمة الإرهاب والمادة 16 من القانون14 لعام 1969 الخاصة بحماية عناصر الأمن من المحاكمة و والمرسوم رقم 6 لعام 66 الخاص بمناهضة أهداف الثورة وعرقلة تطبيق الاشتراكية والمرسوم 55 لعام 2011 الخاص بتعديل قانون الأصول الجزائية بتمديد التوقيف الأمني وتفويض الأجهزة الأمنية بمهام الضابطة العدلية، وإيقاف العمل بالمحاكم الميدانية وجميع القوانين التي تعرقل عملية الانتقال الديموقراطي.
تسري أحكام هذا الإعلان على المرحلة الانتقالية وينتهي العمل به مع إقرار الدستور الجديد والعمل به
المادة الأولى :
الجمهورية السورية دولة ذات سيادة وهي وحدة جغرافية سياسية لا تتجزأ ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها ، وهي جزء من منظومة عربية وإقليمية ودولية.
المادة الثانية : الجمهورية السورية دولة متنوعة قوميا ودينيا وطائفيا وجميع أبنائها متساوون بالحقوق والواجبات دون أي تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو اللون أو المعتقد.
المادة الثالثة : الجمهورية السورية دولة تحترم سيادة القانون والديموقراطية ومبادئ حقوق الإنسان المتمثلة بالإعلان العالمي والشرعة الدولية والاتفاقيات الملحقة به ولا يجوز إصدار أي قانون أو تشريع ينتهك هذه المبادئ.والقضاء هو المرجع الأساسي للحفاظ على الحقوق.
المادة الرابعة : الحرية الشخصية وحرية التعبير والرأي والاعتقاد والمشاركة بالقرار عبر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتظاهر السلمي وإصدار الصحف والمطبوعات حقوق مشروعة ومحفوظة لكلالسوريين.
الباب الثاني الحكومة المؤقتة
المادة الأولى : تدير الدولة خلال الفترة الانتقالية حكومة مؤقتة يكون مجموع أعضائها بالكامل من مضاعفات الرقم ثلاثة ويراعى في تشكيلها التنوع السياسي والقومي والديني والطائفي للشعب السوري
المادة الثانية : تناط بالحكومة المؤقتة مجتمعة كامل الصلاحيات التنفيذية وتباشر صلاحيات تشريعية مؤقتة يسري مفعولها خلال الفترة الانتقالية ويمكن لمجلس النواب المنتخب تثبيتها أو الرجوع عنها وذلك من أجل تسيير إدارة شؤون الدولة خلال الفترة الانتقالية وتتخذ قراراتها بأغلبية الثلثين، ويمثل رئيس الوزراء الحكومة والدولة أمام الجهات الخارجية.
المادة الثالثة : مدة الحكومة المؤقتة سنتين كحد أقصى.
المادة الرابعة : تباشر الحكومة بإعادة الإعمار وبناء البنية التحتية وتقديم الخدمات للمواطنين وإعادة هيكلة السلطة القضائية بما يضمن استقلالها التام وتأهيل وتشغيل الإدارات والمؤسسات والعمل على ضبط الأمن وقبولا لمساعدات غير المشروطة من الجهات الخارجية من أجل إعادة البناء.
المادة الخامسة : بالإضافة لمهامها بإدارة شؤون البلاد فإن على الحكومة المؤقتة القيام بمهمة تشكيل الجمعية الوطنية لوضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات لتسمية المندوبين للجمعية الوطنية وإجراء انتخابات للمجالس المحلية للمدن والبلدات، والاستفتاء على الدستور في مناخ آمن ونزيه وحيادي، ووضع قانون جديد للانتخاب والاشراف على إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية .
المادة السادسة : لا يجوز لأعضاء الحكومة المؤقتة الترشح للانتخابات النيابية والرئاسية في دورتيهما الأولى
الباب الثالث الجمعية الوطنية
المادة الأولى : تُشكل جمعية وطنية لوضع مشروع دستور جديد للبلاد مؤلفة من مائة وعشرون عضواً يتم انتخاب نصفهم مباشرة من الشعب أو من المجالس المحلية المنتخبة، حسب نظام المحافظة دائرة انتخابية واحدة، ولكل محافظة عدد متناسب مع عدد سكانها، وتقوم الحكومة بتعيين النصف الثاني من أصحاب الخبرة القانونية والاقتصادية والرموز الاجتماعية وبشكل يراعى تواجد كامل مكونات المجتمع السوري.
المادة الثانية : تتخذ الجمعية الوطنية قراراتها بشأن الدستور ومواده بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائها، ويجب أن تنجز الجمعية مهمتها خلال فترة أقصاها سنة من تاريخ بدء عملها
المادة الثالثة : تمارس الجمعية الوطنية عملها بكل شفافية وتقوم بحملة توعية وتوضيح لعملها متعاونة مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
المادة الرابعة : تقوم الحكومة عند إنجاز مشروع الدستور من قبل الجمعية الوطنية بعرضه على الاستفتاء العام ، ويجب أن يحصل على أغلبية أعداد المواطنين المسجلين بالاستفتاء أو ثلثي عدد المصوتين فعلياً، ويحق للسوريين خارج البلاد المشاركة بالاستفتاء وتؤمن الحكومة طريقة هذه المشاركة.
المادة الخامسة : في حال عدم حصول مشروع الدستور على الأصوات الضرورية يُعاد للجمعية الوطنية لتعديله وإعادة عرضه على الاستفتاء خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر وبهذه الحالة يكتفى بأغلبية المصوتين.
المادة السادسة : تعتبر الجمعية الوطنية منحلة حكماً بعد إقرار الدستور بالاستفتاء ويصبح ساري المفعول من تاريخه.
الباب الرابع هيئة العدالة الانتقالية
المادة الأولى : تٌنشأ هيئة مستقلة باسم هيئة العدالة الانتقالية وتتألف من شخصيات قانونية وقضائية واجتماعية واقتصادية وثقافية مستقلة.ولها أن تستعين بمن تشاء من خبراء وشخصيات لتنفيذ مهمتها.
المادة الثانية : تضع الهيئة نظامها الداخلي وطريقة عملها.
المادة الثالثة : تكون مهام هيئة العدالة الانتقالية :
1- إطلاق سراح جميع المعتقلين والبحث عن المفقودين وتسوية الأوضاع القانونية للضحايا.
2- العمل على إرساء وتدعيم السلم الأهلي وإجراء مصالحة وطنية ونشر التوعية بإنشاء لجان مناطقية للمصالحات واستخدام كافة أنواع الإعلام وورشات العمل والندوات الجماهيرية.
3- إنشاء محكمة مركزية ومحاكم فرعية لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الانسانية أو الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مع ضمان جميع شروط المحاكمة العادلة.
4- إجراء مسح ميداني لجميع الأضرار المادية والجسدية وإنشاء وإدارة صندوق تعويضات يغذّى من ميزانية الدولة ومن التبرعات والمنح والمساعدات المحلية والعربية والدولية وتُعطى الأولوية لذوي الضحايا والجرحىوتأمين مساكن بديلة لمن تهدمت بيوتهم.
5- إنشاء لجنة خاصة لتوثيق كافة المراحل التي مرّت بالبلاد وتخليد ذكرى الأشخاص الذين قدموا حياتهم ومالهم من أجل مستقبل الوطن وادراجها في المناهج المدرسية حتى تكون مثلاً يحتذى ومنارةً وذكرى دائمة.
الباب الخامس الجيش وقوى الأمن
المادة الأولى : يخضع الجيش وقوى الأمن وأجهزة الأمن لأوامر وسلطة الحكومة المؤقتة.
المادة الثانية : تُعاد هيكلة الجيش ليكون جيشاً احترافياً متفرغاً يدافع عن حدود البلاد وتعاد هيكلة أجهزة الأمن من حيث الدور والوظيفة والأشخاص، وتأهيل قوى الأمن الداخلي لتكون جميعها أجهزة تحمي أمن البلاد وسلامة حياة المواطنين في المجتمع وتًحال جميع القيادات والعناصر العسكرية والمدنية المتورطة بجرائم قتل المدنيين بالمشاركة أو بإعطاء الأوامر أو التحريض إلى هيئة العدالة الانتقالية لمحاكمتهم بشكل عادل.
المادة الثالثة : تقوم قوى الأمن الداخلي بمساعدة أجهزة الأمن والجيش عند الضرورة لإعادة بسط الأمن والقانون وسحب السلاح غير الشرعي.
الباب السادس خاتمة
تقوم الحكومة المؤقتة بتهيئة الاجواء السياسية والاعلامية والامنية لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في جو حيادي ونزيه وتحت رقابة منظمات المجتمع الأهلي المحلي والعربي والدولي حسب مواد الدستور الجديد وتنتهي مهامها بإعلان تشكيل الحكومة الشرعية حسب الدستور الجديد.