ثقافة لم يتعود عليها أهلنا!!
ثقافة لم يتعود عليها أهلنا!!
سليمان عبد الله حمد
من حق المسلم علي المسلم ان يعوده اذا مرض فقد جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (اذا مرض فعده) ويمكن ان تعود المريض في بيته او في المستشفى حيث يتلقى العلاج وفي احيان يكون المريض غير محتاج للزيارة وحالته الصحية تقتضي ان يكون هادئاً او قليل الحركة او بعيدا عن الضوضاء وفي بعض الحالات تكون الزيارة ومن عدد كبير من الزائرين سببا في اصابة المريض بالنكسة او حدوث مضاعفات له .
كثيرا من أهلنا يهتمون اهتماماً كبيراً بزيارة المرضى في المستشفيات وفق طقوس معينة كانت في الماضي القريب تعني ان يحضر الزائر طعاماً وما زالت رغم انحسارها في المستشفيات الخاصة وانتشارها في المستشفيات الحكومية وبعض المواطنين يعزون ذلك الي عدم توفر الوجبات المناسبة للمرضي والمرافقين الطعام تحمله الاسرة الى المستشفي حيث تجتمع الاسر اما تحت ظلال الاشجار كما في مستشفى الخرطوم التعليمي او بالفرندات او الممرات واحياناً عند عتبات السلالم .
اتخذت المستشفيات من رسوم زيارة المرضى بالمستشفيات مصدراً للدخل وفتحت لهذه الرسوم ادارات ومحاسبين وعمال تحصيل عند مداخل المستشفيات وهؤلاء يشكون مرّ الشكوى من المشادات مع الزوار ومحاولات البعض التحايل للدخول في غير اوقات الزيارة مما يعرضهم للمساءلة .
وقد لاحظت ان الظاهرة واحدة من المظاهر الاجتماعية بما فيها من سلبيات وايجابيات والتقت بعدد من الاطباء الشباب الذين يتواجدون في المستشفيات اوقات الزيارة و المواطنين والمرضى وأصحاب التجارب ممن تم حجزهم في المستشفيات ...
زائرة ادخلتني في حيرة
نبدأ بلقاء الدكتورة التي قالت انها لها تجارب مع بعض الزائرين وحكت القصة الاتية ( بينما كنت اعد اوراقاً لمريض استدعت حالته حجزه بالمستشفى وكنت هادئة حتى لا ينزعج المريض اذ دخلت وبلا مقدمات امرأة واحتضنت المريض وانكفأت عليه وظلت تبكي وتنتحب وتولول كأنما المريض قد فارق الحياة ولم تجد معها كل محاولاتنا لمنعها من ذلك واستجاب لها المريض وشاركها البكاء حتى صرت في حيرة من امري وهي بذلك افسدت علينا كل الجهد الذي بذلناه مع المريض لرفع روحه المعنوية وتهيئته لتلقي العلاج وبعثنا في نفسه الطمأنينة والأمل في عاجل الشفاء ..
القضية الاخرى تزاحم الزوار في غرف المرض حتى يضيق بهم المكان ولا يغادرون المكان بسرعة وليس في قاموسهم ( بارك الله في من زار وخف) رغم بعض الضوابط التي تحاول المستشفيات وضعها لزيارة المرضي والزوار لا يستجيبون لقرارات الاطباء بمنع زيارة مريض بعينه لان علاجه يحتاج الي هدوء والبعض يحاول دخول حتى غرف العمليات او العناية المكثفة وكثيرون ينسون انهم في مستشفيات فيتحدثون بأصوات عالية مع بعضهم البعض وعبر الهواتف الجوالة ومن اكبر الاخطاء اصطحاب الاطفال وتعريضهم لانتقال عدوي بعض الامراض ...
غرفة المريض مكان خاص
ستتر اجنبية قالت بلغة عربية الزوار هنا ينسون ان غرفة المريض او الغرفة التي تجمع عدداً من المرضي مكان خاص لا يصح الدخول فيه بلا استئذان ليس من المريض بل من الشخص المشرف عليه الطبيب المناوب او السستر او الممرضة احياناً نريد حقن المريض ولا نستطيع ذلك امام الزائرين خاصة للنساء عدد الزوار كبير جداً وبلا مواعيد المريض لا يجد فرصة للراحة ...
الزيارة مهمة
وأفاد الدكتور المعالج بأن الزيارة مهمة للمريض ترفع من روحه المعنوية وتنسيه هموم المرض والزوار يخدمون المريض لكن عندنا المشكلة الاولى عدد الزوار وكلما كان كبيرا اثر على شفاء المريض لأنه محتاج للراحة وعندما يتجمع حوله الزوار نزيد من درجة توتره غير انها تعوق عمل الاطباء والممرضين وعمال النظافة لازدحام الغرف والازقة والفرندات بالزوار. والزوار احيانا ينقلون للمريض اخبارا غير سارة ومن الطرائف ان يحكي احد الزوار ان فلانا كان مريضا بنفس المرض ولكنه لم يشف او توفى ..!!
أثار سلبية فى زيارة المريض :
الزيارة دائما عندما تكون غير منظمة خاصة في الاوقات غير المحددة للزيارة وأحيانا تسبب في تأخير منح المريض الجرعة العلاجية لان الممرض وجد عددا كبيرا من الزوار والمكان غير مناسب لإعطاء الحقنة مثلا او تغيير الجرح والنتيجة احيانا عدم اخذ الجرعة في الوقت المناسب وكثيرون يعتقدون ان وقت الجرعة غير مهم ان يكون منضبطا لكن اخذ الجرعة في وقتها من اساسيات العلاج وكثيرون يعتقدون ان تأخير اخذ العلاج في وقته لمدة ساعة مثلاً لا يؤثر في شفاء المريض والحقيقة ان لذلك اثرا سلبيا كبيرا ...
يتحايلون علي الحرس
ويفيد الدكتور المعالج بأن الزيارة ضرورية للمريض وهي تفيد المريض وتعطيه دفعة معنوية ولكن لها سلبيات كثيرة ومهما يحاول الحرس تحديد الزيارة إلا ان الزوار يعرفون كيف يتحايلون للدخول في اوقات احيانا غير مناسبة مثل اوقات زيارة الاخصائيين والطلاب الجامعيين وأوقات اعطاء جرعات العلاج وتغيير الجروح او في نظافة العنابر مدة الزيارة لابد ان تكون قصيرة ولا داعي لإحضار الاطعمة والفرش للجلوس بالمستشفى اوقات طويلة وتناول الطعام والشاي والقهوة في حدائق المستشفى والممرات والفرندات وتحت ظلال الاشجار ولي تجارب في مرة كنا في مرور والأخصائي وعد بإعطاء المريض حقنة بعد زيارة بقية المرضى الا ان عشرة مرافقين مارسوا ملاحقة الطبيب بصورة مزعجة اخلت ببرنامج الزيارة وبعض الزوار يطلبون من الطبيب اعطاء دواء معين للمريض دون اعتبار للتخصص ...
وأفادت الزيارة بأن ابدأ بفضل زيارة المريض مما لاشك فيه ان زيارة المريض لها محاسن كثيرة ... فعند زيارتنا للمريض يدخل ذلك السرور والطمأنينة والأمل لنفسه خصوصا إذا تحدثنا اليه بكلمات طيبة ورقيقة فيها مودة ورحمة وذكرناه بان هذا بلاء من الله وهو دليل محبة الى آخر تلك الكلمات الطيبة التي تخفف من وجعه وكلنا نعلم ان الحالة النفسية والمعنوية للمريض اذا كانت عالية فهي تساعده على الشفاء بسرعة وبالمقابل هناك اشياء يجب ان ننتبه لها فبعض الناس يسيئون فهم زيارة المريض فيجلسون معه لساعات طويلة حتى بعد انقضاء الفترة المحددة للزيارة بالمستشفى ولقد شاهدت في مرات كثيرة اثناء زيارتي للمستشفى وأنا اعود احد المرضى واجد أن هناك من يتهربون ويتحايلون على الشخص المعني بالنظام والمسئول عن التأكد من خروج الزوار وأحيانا يطلب منهم المسئول ان يخرجوا من الغرفة حتى يتيحوا لغيرهم زيارة المريض ولكن دون جدوى وأحيانا يشتبكون معه وتجد في الغرفة اعداداً كبيرة مع المريض في غرفة مساحتها لا تسمح بهذا العدد وهنا تختل الاسباب التي جاءوا من اجلها ويبقى غير مرغوب فيهم بعد ان كانت زيارتهم فيها تخفيف من الام المريض وحدث ولا حرج اذا بدأ الحوار بينهم وكلهم يتحدثون في وقت واحد بلغط الحديث والاختلاف في امور لا دخل لها بما جاءوا من اجله دون مراعاة للمكان الذي هم فيهم يسببون الازعاج لمريضهم ولجميع المرضى الموجودين فمن اداب زيارة المريض ان تقرع الباب قبل ان تدخل عليهم فقد يكون في وضع لا يجوز ان تراه فيه وان تختصر من زمن الزيارة واختيار الزمن المناسب واعتقد ان جميع المستشفيات تحدد زمناً مقبولاً للزيارة وعادة ما يكون من الثالثة الى السادسة مساء وان لا نتحدث امام المريض بما يزعجه وان نقول فلانا كان له نفس مرضك وحدث له كذا وكذا يجب ان نبعث في نفسه الامل والصبر وان نلتزم بآداب الزيارة ولا نطيل عليه ونكثر عليه الاسئلة فهذا يجعل المريض يضجر.
هناك امر آخر اريد ان ابدي رأي فيه نحن كسودانيين نمتاز بالتعاضد والتكاتف لكن هذا لا يعني ان كان لي مريض في المستشفى ان يحضر كل الناس ويتكبدوا المشاق ويشقوا على اهل المريض فيكفي ان استدعى الامر وكانوا خارج الولاية التي بها المريض ان يأتي شخص واحد يمثل اسرته ويساعد اهل المريض بما تيسر فانا انزعج من منظر النساء والرجال وهم يفترشون الارض خارج اسوار المستشفى وعلى الارصفة وفي احيان كثيرة يعرقلون سير المارة.
زيارة المرضي مصدر دخل للمستشفيات
بلاشك بأن زيارة المريض صارت مصدر دخل للمستشفيات الحكومية فليس هناك حد لعدد الزوار مما يسبب ازدحاماً حول المرضي ويتسبب في اتساخ المستشفيات خاصة ان الزوار يحضرون الاطعمة ليتناولوا طعامهم مع اهل المريض داخل المستشفى .
مجاملة زيادة علي اللزوم
يتميز أهلنا بأنهم يحرصون علي مجاملة اهل المريض وهي مجاملة زيادة عن اللزوم ويأتون في وقت واحد مما يسبب احياناً ازعاجاً للمريض ويبقون معه لمدة طويلة امعاناً في المجاملة ولكن وجود مرافق مع المريض في مستشفياتنا ضروري لحاجة المريض له في احضار الادوية مثلا حيث لا تتوفر في المستشفى في بعض الاوقات .
ضررها اكثر من نفعها
إن زيارة المريض بالشكل الموجود عندنا ضرره اكبر من نفعه لما تسببه ساعات الزيارة من اضطراب في دولاب العمل داخل المستشفيات ومن عدم استقرار المريض الذي يضطر لتحية كل الذين حضروا لزيارته مما يسبب له ذلك من معاناة خاصة الذين تجرى لهم عمليات جراحية ويحتاجون ان يكونوا في وضع معين لا تنفع معه الحركة الكثيرة اضافة الى ان بعض الزوار يتخذون من المستشفيات وممراتها اماكن للحديث وبأصوات مرتفعة خاصة اذا كان الموضوع حول كرة القدم .
ينتظرون مواعيد الزيارة لساعات
هناك بعض الزوار يعلمون ان وقت الزيارة في ساعة معينة ولكنهم يحضرون للمستشفيات من وقت مبكر ويزحمون المكان حول المستشفى ويدخلون في مشادات مع حراس الابواب البعض ينتحلون شخصيات معينة احدهم يحمل زردية ويقول للحارس عامل كهرباء مثلاً ويحكي للأهل كيف استطاع خداع الحارس ..
باقــــــة ورد:
كثيرا من زوار المرضى يحملون للمرضي من اشياء لا قيمة لها خصوصا الأطعمة والمشروبات والحلوى وغيرها ...
فيا حبذا لو حملنا للمريض باقة ورد ربما يكون اثرها اكبر من اي طعام او شراب وهي ثقافة لم يتعود عليها أهلنا !!!...