انتصار الوطن
انتصار الوطن
أ.د. حلمي محمد القاعود
الحمد لله حمدا كثيرا . انتصرت مصر على الأشرار في الداخل والخارج ، وتم الإفراج عن جنودنا المخطوفين في سيناء دون قطرة دم واحدة وسعد شعب مصر كله عدا الأشرار بنجاح تحريرهم . " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " ( يونس : 58) .
مرت أيام صعبة وكئيبة استغلها الأشرار لإسقاط الدولة بعد أن صدمهم تصريح وزير الدفاع الذي أبلغهم فيه أن الجيش لن ينزل إلى الشارع ولن يحكم وأن مهمته هي حماية الحدود ، وطلب منهم أن يقفوا في طابور الانتخابات إذا أرادوا الوصول إلى الحكم .
كان الأشرار – وما زالوا - يلعبون على وتر الجيش ليقدم لهم الحكم على طبق من ذهب ، وهم نائمون على نغمات موسيقى تصفية الإسلاميين ، واستئصالهم . وفي السهرات الليلية في فضائيات اللصوص والمال الحرام وأرامل مبارك والرائد موافي ، وفي قلب صفحات صحف الضرار والتمويل المشتبه به نسمع الفكر الشرير الذي لم يتورع عن تحريض الولايات المتحدة والكيان الصهيوني للتدخل في سيناء ، لأن مصر خالفت اتفاقيات كامب ديفيد ودفعت بقواتها إلى قلب سيناء لتحرير الجنود المختطفين .
قال أرمل من أرامل مبارك : " لم يبقَ لكم سوى «جيشكم». هو «مهديكم» المنتظر. هو ساعة صفركم، ورقمكم الصعب فى معادلة «ما بعد الإخوان». هو الشوكة التى تقف الآن فى حلوقهم بعد أن زحفوا على أخضر مصر ويابسها كالجراد، لذا يحاولون كسرها بكل الطرق.. فاحذروا: ثمة مؤامرة! ".
هذا الأرمل البائس الذي كان خادما بالقرب من لجنة السياسات وليس عضوا فيها لا يخجل من إعلان العداء للحرية والديمقراطية ولم يمل من دعوة الجيش بوصفه المهدي المنتظر الذي سيعيد مبارك وأرامله إلى سدة الحكم والفساد مرة أخرى .
خدام البيادة تجاهلوا السلطة الشرعية وراحوا ينادون وزير الدفاع ليريق دماء المصريين ويطلبون منه التحرك ويقولون إن اﻟﺸـﻌﺐ ﺳﻮف ﻳﺪﻋﻤﻪ لأن تصريحه ﺑﺮﻓـﺾ ﻧﺰول الجـﻴﺶ ﻟﻠﺸـﺎرع كان ﺻﺎدﻣﺎ ! ويوجهون إليه الحديث قائلين : ﺟﻨﻮدﻧـﺎ أﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻘـﻚ ، ﻛﺮاﻣﺔ ﻣﺼﺮ أﻣﺎﻧـﺔ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻚ، اﻟﺘـﺮاب واﻷﻣـﻦ اﻟﻘﻮﻣـﻲ أﻣﺎﻧـﺔ ﻓـﻲ ﻋﻨﻘﻚ وﺛﻖ أن اﻟﺸـﻌﺐ ﻟـﻦ ﻳﻘﺒﻞ أﻳـﺔ أﻋﺬار، أﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﻏﻀﺒﺘﻚ اﺗﺨﺬ ﻗﺮارك وﺳـﺘﺠﺪ اﻟﺸـﻌﺐ ﻛﻠﻪ ﺧﻠﻔﻚ . سيناء ﺗﻀﻴـﻊ أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻨﺎ ورﺟﺎﻟﻨـﺎ ﻳﻘﺘﻠﻮن وﻳﺨﺘﻄﻔﻮن .. ويواصل خدام البيادة منذ عهد المهزوم دائما الذي سلم سيناء مرتين لليهود الغزاة ومعها القدس والضفة والجولان حديثهم إلى وزير الدفاع لتحريضه على الرئيس : ﻧﺜﻖ أﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﻣﺴـﺘﻬﺪﻓﺎﻋﻦ ﻣﻨﺼﺒﻚ ﻟﻜﻦ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻦ ﻳﻌﻔﻴﻚ ﻣﻦ ﻣﺴئوﻟﻴﺔ ﻛﺒﺮى أﻣﺎم اﻟﺘﺎرﻳﺦ . ﻳﺎ ﺳـﻴﺎدة اﻟﻔﺮﻳﻖ - يقول خدام البيادة - ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ أﻧﺖ «أﻣﻞ ﻣﺼﺮ» أﻧﻘﺬ ﻣﺼﺮ، أﻧﻘﺬ ﺳـﻴﻨﺎء ..
هكذا يسعى الأشرار إلى تمزيق مصر وإسالة الدماء لأنهم لا يحكموننا بالحديد والنار والعار كما كانت تحكم مصر في العقود الستة الماضية .
الأشرار يقلبون الحقائق ويكذبون ويشيطنون الإسلام والمسلمين ، من أجل العودة إلى الحكم مستهينين بإرادة الشعب المصري ، ويتهمون المجلس العسكري بأنه أعطي دفعة كبيرة لمن يسمونها التيارات الدينية إبان فترة توليه قيادة المرحلة الانتقالية بمصر، وأنه دفع التيارات الإسلامية إلي الأمام بالقوي نفسها التي أقصي بها التيارات الثورية من المشهد وهو ما أسهم في حرف الثورة المصرية عن مسارها . وتسليمه السلطة علي طبق من فضة للتيارات الإسلامية، وإسهامه في نقض مبدأ المساواة الوطنية بأن أشرك السلفيين والتيارات المتشددة في حل المشكلات الطائفية وغيرها مثل حادثة أطفيح !
ولم يخجل الأشرار من القول علنا وصراحة : "نريد من الجيش أن يصلح غلطته بأن يعيد ما سلمه للتيار الإسلامي للشعب مرة أخري". أي يقصي التيارات الإسلامية بالقوة رغم أنف الشعب !
الأشرار لم يكفوا عن إهانة الرئيس والحكومة طوال فترة اختطاف الجنود ، فضلا عن دعوتهم للجيش كي يسقط الشرعية وقد تباكوا على هيبة الدولة التي تعرضت للعدوان أو التي سقطت على أرض سيناء ، وتناسوا أن عمليات الاختطاف ليست بنت اليوم ولكنها تمت مرارا في عهد المخلوع ولم نسمع لهؤلاء الأشرار كلمة أو نقرأ لهم تصريحا أو تلميحا ، ويكفي أن نشير إلى أنه فى يوم الثلاثاء 11 من نوفمبر 2008 نشر موقع اليوم السابع خبرا يقول : " البدو المعتصمون يحتجزون 25 شرطياً رهائن " ، وفي يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2008 فى العاشرة والنصف صباحًا .. نشرموقع اليوم السابع أيضا .. خبرًا مفاده " اختطاف 51 من رجال الأمن وسط سيناء " والمسألة ليست تهوينا من اختطاف الجنود و لكن ردًا على من يزايد على " هيبة الدولة " و يقارنها بعهد المخلوع ونظامه البائد . لقد نشر الموقع نفسه في اليوم نفسه كلاما لبعض البدو في سيناء يقول : "من النهاردة مفيش حكومة !" .
المفارقة أنه في الوقت الذي كان يجري فيه الإعداد لتحري الجنود المختطفين كان العاملون بفرع الاكاديمية العربية للعلوم والنقل البحري ببوررسعيد، يحتجزون عددا من المسئولين من بينهم الدكتور سمير عنان ، ابن الفريق أول سامي عنان لأسباب إدارية مالية ، وجاءت القوات المسلحة لمكان الأكاديمية للتفاوض مع العاملين للإفراج عن المحتجزين بعد أن منعوهم من مغادرة الأكاديمية إلا بعد تنفيذ مطالبهم . هذا الأمر لم يلفت نظر الأشرار ليعلقوا عليه ويتساءلوا عن هيبة الدولة التي سقطت !
من الأمور المضحكة في المأساة التي رافقت اختطاف الجنود أن الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي اتهم جماعة الإخوان المسلمين بأنها قد دبرت حادث اختطاف الجنود في سيناء لإحراج الجيش مثلما أحرجوه في قتل الجنود في رفح في رمضان وأعقب ذلك إحالة طنطاوي إلى التقاعد ! أرايتم كيف يصل الغل إلى مدى غير مسبوق من الكذب وضحالة الفكر ؟!
إننا نحمد الله أن رئيس الدولة تجاهل كل ثرثرة الأشرار وتحريضاتهم الرخيصة واتهاماتهم الكاذبة للفلسطينيين وخاصة حماس وأهل غزة ، ولم يلتفت إلى تخرصات الكذابين والمنافقين والشجعان في غير زمن الشجاعة ، وكان رابط الجأش ، وهو يخطط مع الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والمعنية لتحرير أبنائنا دون قطرة دم واحدة ، ودون تنازل ، ففرح الشعب كله ، وبقي الخزي والعار للأشرار والمنافقين وخدام البيادة . لقد انتصر الوطن بفضل الله .