نداء ورجاء ...
نداء ورجاء ...
خديجة وليد قاسم
( إكليل الغار )
شلال الدم المتدفق من هنا وهناك .. من كل بلادك يا أمتي .. على أيدي بنيك و على أيدي أعدائك .. أما آن له أن ينضب ؟؟
أما آن له أن يجف و يغادرنا إلى غير رجعة .. أما آن لنا أن نعي الدرس و نفهم مكمن سعادتنا و مصدر عزنا و سؤددنا ؟؟
حتى متى يا أمتي تزغردين على ذبح أبنائك و ترقصين طربا على وقع أسواط جلاديك و تتمايلين نشوة على بكاء أطفالك و أنين نسائك وشيوخك .. حتى متى تبيعين أبناءك لكل مارق طريق ... حتى متى تغطين في نومك العميق . و أبناؤك يلتحفون السماء و يبيتون في العراء ، بلا غذاء و لا كساء ..
متى ستشعرين بهم .. متى ستأخذينهم كما تفعل كل أم رؤوم إلى حضنك... متى سيشعرون بانفاسك تدفئهم .. و بيديك تتلمس أوجاعهم و تمسح همومهم و برائحتك الطيبة تنعش أرواحهم.. متى ستلتقي عيناك بعيونهم الدامعة الحزينة ، لتنشر فيها الحنان و المحبة
متى يا أمتي ستخلعين عنك ثياب الضعف و الهوان .. متى ستعودين لكرامتك التي هدرت .. و عزتك التي سحقت و أبيدت ..
أنا ابنتك يا أمتي .. ابنتك التي لم أشعر بحنانك يوما ما .. و لم أرضع منك سوى الآهات و العبرات .. ولم أذق سوى الحسرة و النكبات ..
ولدت وسط غابة الوحوش .. تربيت تحت وقع الحراب و النبال التي تترصدك هنا و هناك كان طعامي الأسى و شرابي الحسرة و السقم .. لم أشعر بطعم الأمان ولذة السلام
كبرت و كبرت همومي معك يا أمتي .. لم أشعر لذة الطفولة التي أستحق كأي طفلة في هذا الكون الفسيح بل سحقت طفولتي على يد جلاديك و أعدائك .. لم أستكِن لطعم الحب و العشق كما تفعل العذارى و تحلم الصبابا في هذا الكون الممتد ، بل دفنت أحلامي و آمالي في قبور الحزن المحيطة بنا ...
لكم أحبك يا أمتي .. ولكم آمل أن تعودي قوية أبية عزيزة منيعة كما كنت
وددت يا أمتي لو ألقي نفسي بين ذراعيك ، فتحضنيني و تؤازريني و تسانديني .. وددت يا يا أمتي لو توسدت ذراعك لأغفو عليها باستكانة و هدوء .. أحلم أحلاما وردية رقراقة ندية.. وددت يا أمتي أن آكل من يديك الطيبتين .. و أشرب شربة هانئة من كأس حبك و مودتك ..وددت يا أمتي عندما أستفيق أتصبح بوجهك الجميل .. لأقول لك صباح النصر و السؤدد يا أمتي .. صباح الهناء و الحب و الخير ..
أواه يا أمتي .. أنظر إلى عباءتك السوداء القاتمة التي تلبسينها ، لكم أود أن أشقها و أمزقها إربا إربا .. لالبسك بدلا منها عباءة بيضاء صافية تعكس صفاء قلبك و جمال روحك الرائعة ..
أمتي ..مدي إلي يدك و أنا سأمد لك قلبي وروحي .. سأموت فداءك كي تحيي ، لكن ساعديني .. و كوني معي .. أمديني بكل ذخيرة و عتاد لديك .. و سأكون سعيدة إن مت بين ذراعيك بعد أن أحقق لك مكانتك اللائقة ... حينها ستبتسم روحي و هي تطالع سعادتك و سعادة إخوتي من أبنائك .. عندها سأرقد في سلام و هدوء .. و أنا أطالعك ملكة متوجة تختالين بأبهى الحلل و الثياب و تميسين بكل رقة و حب و أمان ..
فهلاّ مددت اليدين ؟؟؟